المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

علم الفيزياء
عدد المواضيع في هذا القسم 11470 موضوعاً
الفيزياء الكلاسيكية
الفيزياء الحديثة
الفيزياء والعلوم الأخرى
مواضيع عامة في الفيزياء

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
المصادر الدولية لدراسة جغرافية السكان
2024-06-30
تقويم البيانات السكانية
2024-06-30
النمو السكاني في العالم
2024-06-30
تبدل الخصومة لأسباب موضوعية
2024-06-30
تبدل الخصومة لأسباب شخصية
2024-06-30
امتداد الخصومة مع انتهاء الصفة ( تبدل الخصومة )
2024-06-30

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


عجائب الصدى  
  
740   01:09 صباحاً   التاريخ: 2024-01-13
المؤلف : والتر لوين ووارن جولدستين
الكتاب أو المصدر : في حب الفيزياء
الجزء والصفحة : ص124–135
القسم : علم الفيزياء / الفيزياء الكلاسيكية / الصوت /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-7-2016 1658
التاريخ: 2-8-2019 1277
التاريخ: 21-1-2016 4032
التاريخ: 2024-06-11 185

تلك الظاهرة التي نسميها الصدى هي سبب أشياء كثيرة لم تكن لتوجد لولاه، أو كانت ستصير أقل إثارة للاهتمام. ولا يقتصر الأمر على الموسيقى، بل يمتد أيضًا إلى أجهزة الراديو والساعات والترامبولين والأرجوحات والحواسيب وصفارات القطارات وأجراس الكنائس والتصوير بالرنين المغناطيسي، التي أجريتها على ركبتك أو كتفك (هل كنت تعلم أن حرف الـ "R" في اسم تلك الأشعة يشير إلى كلمة Resonance أي صدى؟).

فما هو الصدى على وجه الدقة؟ يمكن أن تشعر به قليلا بينما تدفع طفلًا على أرجوحة. إنك تدرك بشكل طبيعي أنك تستطيع إنتاج سعات كبيرة للأرجوحة بمجهود قليل جدًّا. يُعزى ذلك إلى أن للأرجوحة – وهي في الأصل بندول – تردد محدد مميز؛ فإذا ضبطت توقيت دفعاتك بدقة بحيث تتزامن مع عندئذٍ دفعة أخرى بسيطة سيكون لها تأثير تراكمي على درجة الارتفاع الذي ستصل إليه الأرجوحة. ومن ثم، يمكنك زيادة الارتفاع الذي يصل إليه طفلك على الأرجوحة بلمسات خفيفة بإصبعين من أصابعك فقط.

عندما تفعل ذلك، فأنت تعتمد على ظاهرة الصدى والصدى في الفيزياء هو نزوع شيء ما – سواء كان بندولا أو شوكة رنانة أو وتر كمان أو ظهر طبلة أو كمرة معدنية أو ذرة أو إلكتروناً أو نواة أو حتى عمود من الهواء – إلى الذبذبة بقوة أكبر عند ترددات معينة أكثر منها في غيرها نسمي تلك الترددات بترددات الصدى (أو الترددات الطبيعية).

فالشوكة الرنانة على سبيل المثال مصنوعة بحيث تتذبذب دائما عند تردد الصدى. لو فعلت ذلك عند 440 هرتز فإنها تخلق النوتة المعروفة باسم كونسرت إيه Concert A، والـ A تعلو الـ C في البيانو. مهما كانت الذبذبة التي تستطيع أن تصنعها بالشوكة فإن أسنانها لن تتذبذب أو تتحرك أمامًا وخلفًا إلا 440 مرة في الثانية.

لكل المواد ترددات صدى، وإذا استطعت إضافة الطاقة إلى نظام ما أو جسم ما فستجده يتذبذب عند هذه الترددات التي عندها تحتاج القليل من الطاقة المدخلة لإحداث نتيجة كبيرة. فمثلا عندما تنقر على كوب فارغ رقيق بملعقة، أو تحك حافته بإصبع مبتل، فستجده يرن بنغمة معينة – وهو ما يعرف بتردد الصدى. ليس الصدى بالأمر المسلم بحدوثه دون مجهود، رغم أنه أحيانًا يبدو كذلك. لكن عند ترددات الصدى، تستفيد الأجسام أيما استفادة من الطاقة التي تدخل إليها.

حبال القفز كذلك تعمل بذات المبدأ. إذا أمسكت بأحد طرفي الحبل فإنك تعلم أن الأمر سيستلزم بعض الوقت كي تتمكن من أرجحة الحبل في شكل قوسي متناسق – على الرغم من أنك تشرع في تدوير يديك وأنت تحمل طرف الحبل محاولا تكوين ذلك القوس، فإن الجزء الأساسي في الحركة هو حينما تقفز إلى أعلى وإلى أسفل أو إلى الأمام وإلى الخلف مذبذبًا الحبل. في لحظة معينة يبدأ الحبل في التأرجح في شكل قوسي بهيج؛ حتى إنك لا تحتاج إلا إلى حركة بسيطة جدا لتجعله يواصل التأرجح، ويستطيع أصدقاؤك أن يبدؤوا القفز في منتصف القوس، بعد أن يضبطوا قفزاتهم على تردد صدى الحبل.

هناك شيء ربما لم تكن على علم به وأنت تلهو في ساحة اللعب، وهو أن واحدًا فقط ممن يمسكان بالحبل هو الذي يتعين عليه تحريك يده – بينما لا يحتاج الآخر إلا إلى أن يمسك بالطرف الآخر فيتأرجح الحبل بشكل مثالي. السر يكمن في أنكما أنتما الاثنان قد وصلتها إلى أقل تردد لصدى الحبل، وهو ما يسمى أيضا بالتردد الأساسي. لولا هذا فإن اللعبة التي نعرفها باسم اللعب على الحبلين والتي يؤرجح فيها شخصان حبلين في اتجاهين متضادين؛ ستكون مستحيلة. أما ما يجعل الحبلين قابلين للحركة في اتجاهين متضادين بينما يمسكهما ذات الأشخاص، هو أن كلا الحبلين لا يحتاجا إلا إلى قدر قليل جدا. من الطاقة ليستمرًا في الحركة بما أن يديك هما القوة المحركة هنا، فإن حبل القفز يصير ما نسميه بالمذبذب المُحَرَك ما إن تصل إلى صدى الحبل حتى تدرك بشكل بديهي أنك تحتاج إلى أن تظل على هذا التردد، ولذلك لا تحرك يديك بمعدل أسرع.

إذا حركت يدك فستجد ذلك القوس الأنيق الدوار ينكسر ويأخذ الحبل في التمايل، مما يزعج القافز. غير أن حبلك إذا كان طويلا بما يكفي وتمكنت أنت من هز طرفه بسرعة أكبر، فسرعان ما سيشكل قوسين أحدهما ينزل إلى أسفل والآخر يصعد إلى أعلى، بينما تظل نقطة الوسط فيه ثابتة. نسمي نحن هذه النقطة الوسطى: نقطة التفرع في تلك اللحظة، يستطيع اثنان من رفاقك القفز كل فوق واحد من القوسين. لعلك قد شاهدت مثل ذلك في السيرك ما الذي يجري هنا؟ إنك في تلك اللحظة قد حققت تردد الصدى الثاني. فالحبل، كأي شيء، يمكن أن يكون له أكثر من تردد صدى، وهو الأمر الذي ما سآتي على شرحه تفصيلا بعد لحظة. فلحبلك ترددات صدى عليا كذلك، وذلك ما سأريك إياه.

إنني أستخدم حبال القفز في قاعة الدراسة لإظهار تتعدد ترددات الصدى، بأن أقوم بتعليق حبل وحيد يبلغ نحو عشرة أقدام طولا بين قضيبين عموديين. عندما أحرك أحد طرفي الحبل لأعلى وأسفل (لبوصة واحدة أو ما نحوها)، مذبذبًا إياه على أحد القضيبين باستخدام محرك صغير أستطيع تغيير تردده، سرعان ما أجده يسير على أدنى مستويات تردده، والذي نسميه التردد الأول المتناغم (ويسمى أيضا التردد الأساسي) ويصنع قوسًا واحدًا كما في حبل القفز. وعندما أقوم بذبذبة طرف الحبل بسرعة أكبر سرعان ما نرى قوسين كما لو كان كل منهما انعكاسًا لصورة الآخر في المرآة. نسمي ذلك التردد المتناغم الثاني، وهو التردد الذي يحدث عندما يصل التذبذب إلى ضعف تذبذب التردد المتناغم الأول. ومن ثم فإذا كان التردد المتناغم الأول يبلغ 2 هرتز أي ذبذبتين في الثانية، فإن التردد المتناغم الثاني سيكون 4 هرتز. وإذا واصلنا زيادة الذبذبة حتى نصل إلى ثلاثة أمثال التردد المتناغم الأول، أي إلى 6 هرتز، فحينها سنكون قد بلغنا التردد المتناغم الثالث. سنرى الوتر ينقسم إلى ثلاثة أثلاث مع نقطتي تفرع لا تتحركان، في حين تتبادل الأقواس الارتفاع والانخفاض بينما يتحرك طرف الحبل لأعلى ولأسفل ست مرات في الثانية.

أتذكر حين قلنا إن أخفض نوتة نستطيع سماعها يبلغ ترددها 20 هرتز؟ ولذلك لا تستطيع سماع أي موسيقى من العزف على حبل قفز؛ إذ إن تردده خفيض جدا. لكنك إذا عزفت على وتر من نوع آخر – كوتر كمان أو وتر تشيللو – فسترى أمرًا آخر بالكلية. فلتعزف على الكمان؛ صدقني أنت لا ترغب في أن أعزف أنا؛ فعزفي لم يتحسن خلال الستين عاما السابقة.

كي يتسنى لك أن تستمع إلى نوتة جنائزية عذبة طويلة على آلة كمان، هناك قدر كبير من الفيزياء لا بد أن يتحقق إن الصوت الذي ينبع من وتر كمان أو تشيللو أو قيثارة أو جيتار – أو أي وتر أو حبل – يعتمد على عوامل ثلاثة، ألا وهي: طوله، وانشداده، ووزنه كلما زاد طول الوتر قل توتره، وكلما ثقل الوتر قلت حدته. والعكس بالطبع صحيح؛ كلما قصر الوتر زاد توتره وكلما خف وزنه زادت حدته. لذلك فكلما عاد الموسيقيون إلى آلاتهم بعد طول توقف عن العزف، يتعين عليهم أن يعيدوا تعديل انشداد أوتارها؛ حتى يتمكنوا من إنتاج الترددات الصحيحة، أو النوتات الصحيحة. لكن هنا يكمن السحر. عندما تمسد عازفة الكمان وتر آلتها بقوسها تسلط عليه حينئذ طاقة، وذلك الوتر يقوم بشكل أو بآخر بانتقاء ترددات صداه بنفسه (من بين جميع الذبذبات الممكنة). والأكثر إثارة للعجب أيضًا أن الوتر يتذبذب على أكثر من تردد بشكل متزامن (أكثر من تناغم). لا يشبه الأمر حالة الشوكة الرنانة التي لا تتذبذب إلا بتردد واحد.

هذه التناغمات الإضافية (ذات) الترددات الأعلى من نظيراتها الأساسية تسمى عادة النغمات الزائدة ذلك التبادل بين ترددات الصدى المتنوعة، الأضعف منها والأقوى – خليط التناغمات – هو الذي يمنح نوتات الكمان أو التشيللو ما يعرف تقنيا بلونه أو طابعه الذي نعرفه نحن باسم الصوت المميز. ذلك هو الفارق بين الصوت الذي ينتجه تردد وحيد نابع من شوكة رنانة أو جهاز لقياس السمع أو رسالة طوارئ تُبث من المذياع، وذلك الصوت الأكثر تعقيدًا الذي تنتجه الآلات الموسيقية، التي تتذبذب بترددات متعددة متناغمة بشكل متزامن وتلك الأصوات المميزة لآلات الترومبيت والأوبوي والبانجو والبيانو والكمان مردها إلى خليط الترددات المتناغمة التي تتفرد كل آلة بإنتاجها. لكم أحب أن أتخيل ساقيًا كونيا غير مرئي خبيرا في تخليق المئات من الأخلطة المتناغمة المختلفة، والذي يستطيع أن يقدم لأحد زبائنه البانجو ويقدم لآخر الطبلة ولثالث الإرهو أو الترومبون.

أولئك الذين صنعوا أولى الآلات الموسيقية كانوا عباقرة؛ لأنهم أبدعوا ميزة حيوية أخرى تتيح لنا الاستمتاع بأصواتها. ولكي يسمع المرء الموسيقى فعلى الموجات الصوتية أن تكون ضمن نطاق الترددات التي يستطيع المرء سماعها، ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل لا بد أن تكون تلك الموجات عالية كذلك حتى يمكنك من سماعها. للتعبير عن الامر ببساطة نقول إن نقر الوتر على سبيل المثال لا ينتج صوتا عاليا يجعلك تسمعه من بعد. تستطيع أن تسلط قدرًا أكبر من الطاقة (ومن ثم الموجات الصوتية التي ينتجها) عن طريق نقر الوتر نقرًا أقوى، لكنك قد لا تنتج صوتًا قويًّا. لكن لحسن الحظ أدرك البشر منذ أعوام عديدة، قبل ألف عام على الأقل، كيفية صنع أوتار آلات صوتها مرتفع بما يكفي ليكون مسموعا خلال أرض واسعة أو عبر الغرفة.

وبإمكانك إعادة تمثيل تلك المشكلة التي واجهها أسلافنا ثم حلها. فلتأخذ وترا طوله قدم واحد، ثم اعقد أحد طرفيه بمقبض باب أو بمقبض أحد الأدراج، واجذب الطرف الآخر حتى يصير الوتر مشدودًا، ثم انقره بإصبعك. لا يُصدر صوتا مرتفعًا، أليس كذلك؟ صحيح أنك تستطيع سماعه، وتستطيع كذلك بناء على طول الوتر وسمكه ومدى توتره أن تُصدر نوتة جيدة. لكن الصوت لا يكون بتلك القوة، أليس كذلك؟ لن يسمعه أحد من الغرفة المجاورة. الآن فلتأت بكوب بلاستيكي وتمرر الوتر من داخل الكوب البلاستيكي، ثم أمسك بالحبل بزاوية بعيدة عن المقبض (حتى لا ينزلق ناحية يدك) ثم انقر الوتر، حينها سوف تسمع صوتاً أقوى. لماذا؟ لأن الوتر ينقل بعضًا من طاقته إلى الكوب الذي صار الآن يتذبذب بذات التردد، إلا أنه ذو سطح أكبر بكثير فتنقل من خلاله الذبذبات إلى الهواء. ونتيجة لذلك تسمع صوتًا أعلى.

إنك بكوبك ذلك قد برهنت على مبدأ لوحة الرنين وهو مبدأ جوهري فيما يتعلق بجميع الآلات الوترية من الجيتار إلى الكونترباص إلى الكمان والبيانو. عادة ما تصنع تلك اللوحات من الخشب وهي تلتقط ذبذبات الأوتار وتنقل هذه الترددات إلى الهواء مما يعظم صوت الأوتار.

تسهل رؤية لوحات الصوت في آلات الجيتار والكمان. وفي آلات البيانو الضخمة نجد لوحة الصوت مسطحة أفقية مستقرة تحت الأوتار الموضوعة بشكل رأسي على قائم يعتلي لوحة الصوت. وفي القيثارة نجد لوحة الصوت عادة هي القاعة التي تتصل بها الأوتار.

في قاعة الدرس، أقدم عرضًا عمليا لأعمال لوحة الصوت بطرائق مختلفة. في واحدة من طرقي الإيضاحية أستخدم آلة موسيقية صنعتها ابنتي إيما في روضة وهي تتألف من وتر عادي متصل بصندوق ورق مقوى من صناديق دجاج الأطفال. كنتاكي المقلي. تستطيع تغيير انشداد الوتر عن طريق استخدام قطعة من الخشب. هو أمر ممتع للغاية؛ لأنني كلما غيرت انشداد الوتر ترتفع حدة الصوت. لقد كان صندوق دجاج كنتاكي المقلي لوحة صوت مثالية وكان بإمكان طلابي سماع نقراتي على الوتر من مسافة بعيدة واحدة أخرى من تجاربي المفضلة كنت أجريها باستخدام صندوق موسيقى ابتعته منذ سنين عديدة من النمسا وهو صندوق لا يتعدى حجمه حجم علبة ثقاب ولا تتصل به أي لوحة صوت عندما تدير ذراعه تصدر الموسيقى من أسنانه المتذبذبة. ما أفعله هو أنني أدير ذراع صندوق الموسيقى في قاعة الدراسة، لكن لا أحد ممن في القاعة. يسمع شيئًا، ومن بينهم أنا لكنني بعدها أضعه على طاولة المعمل وأديره مرة أخرى. الآن صار الجميع يسمع صوت الموسيقى ومن بينهم أولئك الطلاب الجالسين في مؤخرة قاعة الدرس الكبيرة. لا يفتأ ذلك الأمر يدهشني، فحتى أبسط لوحات الصوت لها تأثير كبير.

لكن ذلك لا يعني هذه اللوحات لا تنطوي أحيانًا على فن حقيقي. فصناعة لوحات الصوت ذات الجودة العالية التي تستخدم في الآلات الموسيقية يحوطه قدر كبير من السرية؛ فشركة ستاينواي آند سانس لن تفصح لك أبدا عن طريقة صناعة لوحات صوت آلات البيانو ذائعة الصيت التي تنتجها لعلك قد سمعت عن عائلة ستراديفاريوس التي اشتهرت في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وهي العائلة التي كانت تصنع أروع آلات الكمان وأكثرها طلبًا. حاليا هناك حوالي 540 آلة من آلات ستراديفيروس فقط موجودة في العالم، واحدة منها بيعت عام 2006 في مقابل 3.5 مليون دولار. قام عدد من الفيزيائيين ببحوث موسعة على هذه الآلات محاولين إماطة اللثام عن أسرار ستراديفيروس آملين أن يستطيعوا صناعة آلات زهيدة الثمن لها ذات الصوت الساحر.

من مصادر الإمتاع في سماع بعض النوتات شطر كبير يتعلق بالترددات والتناغمات. ولعل أشهر أنواع المزاوجة بين النوتات في الموسيقى الغربية على الأقل، هي تلك النوتات التي تكون إحداها ذات تردد يبلغ ضعف تردد النوتة التي تزاوجت معها بالضبط. نقول إن هذه النوتات يفصل بينها الأوكتاف. لكن هناك كثير من التوليفات الممتعة بخلاف ما سبق على غرار التآلفات والأثلاث والأخماس وهلم جرا.

منذ عهد فيثاغورس في زمن الإغريق والرياضيون والـ «الفلاسفة الطبيعيون» مغرمون بالعلاقات الرقمية بين الترددات المختلفة. يختلف المؤرخون فيما بينهم حول قدر ما اكتشفه فيثاغورس وقدر ما اقترض من البابليين وقدر ما اكتشفه أتباعه. ورغم ذلك، نُسب إليه القدر الأكبر من الفضل في اكتشاف كيف أن الأوتار المختلفة الأطوال والمختلفة في درجات التوتر تُصدر درجات مختلفة من الحدة بنسب متوقعة وممتعة. والكثير من الفيزيائيين يحبون أن يطلقوا على فيثاغورس لقب مُنظر الأوتار الأول.

ولقد استفاد صانعوا الآلات أيما استفادة من هذا الإدراك. فمثلا لأوتار الكمان المختلفة أوزان ودرجات انشداد مختلفة، مما يمكنها من إنتاج ترددات وتناغمات عليا ودنيا، رغم أن لها جميعًا ذات الطول. يغير عازفوا الكمان أطوال هذه الأوتار من خلال تحريك أصابعهم صعودا وهبوطا على عنق الكمان. فعندما تجري أصابعهم في تجاه ذقونهم فإنهم يقصرون طول الوتر مما يعلي تردد التناغم الأول (ومن ثم حدته) وكذلك بقية التناغمات العليا الأخرى. قد يصير ذلك الأمر معقدًا جدًّا. فبعض الآلات الوترية كالسيتار الهندي لها ما يسمى بالأوتار المساعدة التي هي أوتار إضافية موازية أو تقع تحت الأوتار التي يعزف عليها، وهي أوتار تتذبذب عند العزف على ترددات الصدى الخاصة بها.

إنه من العسير إن لم يكن من المستحيل للمرء أن يرى ترددات تناغمية متعددة على أوتار الآلة الموسيقية، لكنني أستطيع أن أظهرها وأعرضها عرضًا دراماتيكيا عن طريق توصيل مايكروفون براسم إشارة، وهو الجهاز الذي لعلك قد شاهدته على شاشة التلفاز إذا لم تكن قد رأيته على الطبيعة. يظهر راسم الإشارة التذبذب وزمنه على شاشته في شكل خط يعلو ويهبط عن خط أفقي مركزي تعج غرف العناية المركزة وغرف الطوارئ بالمستشفيات بمثل هذه الأجهزة التي تقيس معدل ضربات قلب المريض.

دائما ما أحث طلابي على أن يحضروا آلاتهم الموسيقية إلى قاعة الدرس؛ حتى يتسنى لنا جميعا أن نرى خليط التناغمات المتنوع الذي تنتجه كل آلة منها. عندما أرفع شوكة رنانة ذات تردد كونسرت A قرب ميكروفون، تظهر الشاشة منحنى جيبيا بسيطًا يشير إلى 440 هرتز. نجد الخط غير مشوش، ومعتادًا جدا وذلك لأن الشوكة الرنانة لا تنتج إلا ترددًا واحدًا. لكنني عندما دعوت إحدى الطالبات كي تأتي بكمانها لتعزف نفس نوتة الـ A وجدتُ ما يرتسم على الشاشة أمرًا أشد إثارة للاهتمام. ما زال التردد الأساسي موجودًا – تستطيع أن تراه على الشاشة بصفته المنحنى الجيبي البسيط المهيمن – لكن المنحنى الآن صار أكثر تعقيدًا بسبب التناغمات العليا، وكذلك يختلف الأمر عندما تعزف الطالبة التشيلو. لك أن تتخيل ما سيحدث عندما تعزف الطالبة نوتتين في نفس الوقت.

عندما يشرع المطربون في استعراض فيزياء الصدى عن طريق تمرير الهواء من خلال أحبالهم الصوتية (مصطلح «الطيات الصوتية» هو المصطلح الأدق وصفا لها)، تتذبذب الأغشية، مولدة موجات صوتية. حتى إنني أطلب من أحد الطلاب أن يغني، فأرى جهاز راسم الاهتزاز المهبطي يُبين شكل موجات صوته مع تراكم منحنيات معقدة بالمثل على شاشته.

حين تعزف على البيانو، ذلك المفتاح الذي تضغطه يعمل عمل مطرقة تطرق وترا – أو سلكا – مصمما بطول ووزن وتوتر بحيث يتذبذب على تردد من ترددات التناغم الأول المحدد مسبقا. لكن بشكل ما، وكما هو الحال مع أوتار الكمان وأحبال الإنسان الصوتية، تتذبذب أوتار البيانو بشكل متزامن بتناغمات عليا.

والآن لنقفز قفزة فكرية هائلة إلى عالم ما دون الذرة، ونتخيل فيه أوتارا غاية في الضآلة تشبه أوتار الكمان تصغر كثيرًا جدًا جدًّا عن نواة الذرة، وتتذبذب بترددات مختلفة وبتناغمات مختلفة. بعبارة أخرى نقول لك تخيل أن المكونات الأساسية للمادة هي تلك الأوتار الصغيرة المتذبذبة التي تنتج ما يسمى بالجسيمات الأولية – مثل الكواركات والجلوونات والنيوترينوات والإلكترونات – والتي تتذبذب بترددات تناغمية مختلفة وفي أبعاد عديدة. إذا استطعت تخيل هذا الأمر، تكون قد أدركت الأطروحة الأساسية لنظرية الأوتار والتي هي الملخص لجميع جهود الفيزيائيين النظريين على مدى الأربعين عاما الماضية، الرامية للخروج بنظرية واحدة لتفسير جميع الجسيمات الأولية وجميع القوى في الكون. فهي بشكل أو بآخر نظرية «كل شيء».

لا أحد لديه أدنى فكرة عما إذا كانت نظرية الأوتار ستنجح أم لا، بل إن الفيزيائي الأمريكي الحائز على جائزة نوبل، شيلدون جلاشو يتشكك فيما إذا كانت تلك النظرية «فيزيائية أم فلسفية». لكن إذا صحت فكرة أن أكثر وحدات الكون أساسية هي مستويات الرنين المختلفة لأوتار لا يمكن تخيل صغرها، فإن الكون، وقواه وجسيماته الأولية، يمثل نسخة كونية من ألحان موزارت المكررة الرائعة بالغة التعقيد في أنشودة الأطفال «Twinkle. Twinkle. Little Star».

لجميع الأجسام ترددات رنينية، سواء أكان ذلك الجسم زجاجة الكاتشب في ثلاجتك أم أطول مبنى في العالم؛ والكثير من هذه الترددات غامضة ومن الصعب التنبؤ بها. فلو كنتَ تمتلك سيارة فإنك قد سمعت بعض الرنين وهو رنين لم يسعدك. لقد مررت بالتأكيد، بتجربة سماع صوت صادر من السيارة أثناء القيادة، لكن هذا الصوت يختفي عندما تزيد سرعة قيادتك.

في سيارتي السابقة، كانت العدادات تبلغ التردد الأساسي على ما يبدو لي عندما أبطئ سرعتي وأنا أقترب من إشارة المرور. لكن إذا ضغطت بقدمي دواسة الوقود مسرعا المحرك، حتى دون تحرك السيارة، يغير ذلك من تردد ذبذبات السيارة فتختفي الضوضاء. أحيانًا كنتُ أسمع ضوضاء جديدة لبعض الوقت، فيما أُزيد سرعة السيارة أو أبطئها. تُصدر السيارة – وما بها من آلاف القطع، والتي لم تكن بعضها محكمة الربط، للأسف – عند انطلاقها بمختلف السرعات أو لعلنا نقول بمختلف ترددات الذبذبة، تردد رنين صادر من كاتم صوت السيارة مثلا أو متاريس ربط المحرك، مما يجعل تلك الأجزاء تتكلم معي وتخبرني بماهية العطل كل تلك القطع جميعًا تُردد ذات الشيء: «خذني إلى الميكانيكي؛ خذني إلى الميكانيكي». الأمر الذي كثيرا ما كنتُ أتجاهله، إلى أن اكتشفتُ لاحقا كم الضرر الذي أحدثته هذه الترددات الرنينية. لكنني عندما ذهبتُ بالسيارة إلى الصيانة لم أستطع بعدها إعادة إنتاج تلك الأصوات المريعة، وشعرتُ بشيء من الحمق.

أذكر وأنا طالب أننا حين كان يأتينا بعد العشاء متحدث لا يروق لنا في رابطة الأخوية التي كنتُ عضوًا فيها، كان كل منا يمرر إصبعه المبتل على حافة كأس العصير، وهو أمر تستطيع القيام به في المنزل بكل سهولة، مما يُنتج صوتا. ذلك الصوت هو التردد الأساسي لكؤوس العصير التي نحملها. وعندما أقنعنا مئة طالب بفعل هذا الأمر في آن واحد، كان الصوت مزعجًا بحق (لكنه ليس بالأمر الغريب في دور الأخويات)، لكنه كان تصرفًا سليمًا؛ إذ فهم المتحدث الرسالة.

سمعنا جميعًا بأن مغني الأوبرا الذي يغني على النوتة الصحيحة بصوت مرتفع بما يكفي، بإمكانه تهشيم كأس العصير. والآن وقد صرت تعرف الرنين، ففي رأيك كيف لذلك أن يحدث؟ الأمر بسيط من حيث النظرية على الأقل، أليس كذلك؟ فإذا جئتَ بكأس نبيذ وقست تردده الأساسي، ثم قمت بإنتاج صوت على ذات التردد، فماذا سيحدث حينها؟ من واقع خبرتي لا يحدث شيء على الإطلاق عادة. فلم يسبق لي أن رأيتُ أي مغني أوبرا يفعلها. ومن ثم فإنني لا أستعين بمغني أوبرا في قاعة الدراسة. ما أفعله هو أنني أنتقي كأسًا وأطرقه بإصبعي ثم أقيس تردده الأساسي عن طريق راسم الإشارة، فأجده بالطبع يتباين من كأس لآخر، لكنه يتراوح في الكؤوس التي أستخدمها ما بين 440 و480 هرتز. ثم أقوم، إلكترونيا، بإنتاج صوت له ذات التردد الأساسي لكأس العصير بالضبط (إنتاج صوت بذات التردد بالضبط هو أمر غير ممكن، لكنني أحاول أن أقترب منه جدا). ما أفعله هو أنني أصل الكأس بمكبر صوت، ثم أشرع في رفع الصوت ببطء. لماذا أرفع الصوت؟ لأنه كلما ارتفع الصوت زادت طاقة الموجة الصوتية التي ترتطم بالكأس. وكلما زادت سعة الذبذبات في كأس العصير، ينثني قدر أكبر من الكأس إلى الداخل والخارج حتى ينكسر (كما نأمل).

ولكي أظهر الكأس وهو يتذبذب أصوره بكاميرا مع تقريب الصورة، وأسلط عليه ضوء مصباح اضطرابي مضبوط على تردد يختلف اختلافًا طفيفا عن تردد الصوت. يا له من مشهد مذهل؛ إذ إنك ترى قاع كأس الزجاج يبدأ يتذبذب؛ ويبدأ جانباه المتقابلان في التقلص، ثم التباعد، ثم يتزايد التباعد بينهما أكثر فأكثر مع قيامي برفع درجة مكبر الصوت، وأحيانًا أحتاج إلى زيادة التردد قليلا ثم – على حين غرة – نجد الكأس يتهشم. يحب طلابي هذه المرحلة كثيرًا، فهم لا يطيقون الانتظار حتى يتحطم الكأس.

كما أحب أن أعرض لطلابي شيئًا آخر يسمى بألواح كلادني، وهي التي توضح، بأغرب الطرق وأجملها تأثيرات الرنين تلك الألواح المعدنية يبلغ عرض الواحد منها قدما واحدا، ويمكن أن تجدها مربعة أو مستطيلة أو حتى دائرية، لكن أفضلها المربعة. تثبت هذه الألواح عند مركزها على قضيب أو على قاعدة ننثر مسحوقا ناعمًا على اللوح، ثم نمرر قوس كمان بكامل طوله على أحد جانبي اللوح. حينها نجد القوس يشرع في التذبذب على واحد أو أكثر من ترددات رنينه. عند قمم الموجات الصوتية التي ترتطم باللوح وقيعانها نجد المسحوق ينتفض مبتعدا عن المعدن ويتركه مكشوفا ونجده يتراكم عند نقاط التفرع حيث لا يتذبذب اللوح أبدًا. (للأوتار نقاط تفرع، لكن الأجسام ذات البعدين مثل ألواح كلادني، لها خطوط تفرع).

وفقًا للكيفية التي «تعزف» بها على اللوح، وكذلك النقطة التي تعزف عندها بتمرير القوس منها سوف تقوم بإثارة ترددات رنين مختلفة وستصنع أنماطا مذهلة غير متوقعة بالكلية على سطح اللوح. في صف الدراسة أستخدم أسلوبًا أكثر كفاءة – لكنه أقل رومانسية بكثير – إذ إنني أصل اللوح بجهاز هزاز Vibrator. طريق تغيير تردد الهزاز نرى أنماطاً مذهلة تظهر وتختفي.

في المحاضرات العامة التي ألقيها على الأطفال والعائلات، أحث الصغار على أن يمرروا قوسًا على حواف اللوح – ولكم يحبون أن يصنعوا مثل هذه الأنماط الجميلة الغامضة. ذلك هو ما أحاول إيصاله إلى الناس عن الفيزياء.




هو مجموعة نظريات فيزيائية ظهرت في القرن العشرين، الهدف منها تفسير عدة ظواهر تختص بالجسيمات والذرة ، وقد قامت هذه النظريات بدمج الخاصية الموجية بالخاصية الجسيمية، مكونة ما يعرف بازدواجية الموجة والجسيم. ونظرا لأهميّة الكم في بناء ميكانيكا الكم ، يعود سبب تسميتها ، وهو ما يعرف بأنه مصطلح فيزيائي ، استخدم لوصف الكمية الأصغر من الطاقة التي يمكن أن يتم تبادلها فيما بين الجسيمات.



جاءت تسمية كلمة ليزر LASER من الأحرف الأولى لفكرة عمل الليزر والمتمثلة في الجملة التالية: Light Amplification by Stimulated Emission of Radiation وتعني تضخيم الضوء Light Amplification بواسطة الانبعاث المحفز Stimulated Emission للإشعاع الكهرومغناطيسي.Radiation وقد تنبأ بوجود الليزر العالم البرت انشتاين في 1917 حيث وضع الأساس النظري لعملية الانبعاث المحفز .stimulated emission



الفيزياء النووية هي أحد أقسام علم الفيزياء الذي يهتم بدراسة نواة الذرة التي تحوي البروتونات والنيوترونات والترابط فيما بينهما, بالإضافة إلى تفسير وتصنيف خصائص النواة.يظن الكثير أن الفيزياء النووية ظهرت مع بداية الفيزياء الحديثة ولكن في الحقيقة أنها ظهرت منذ اكتشاف الذرة و لكنها بدأت تتضح أكثر مع بداية ظهور عصر الفيزياء الحديثة. أصبحت الفيزياء النووية في هذه الأيام ضرورة من ضروريات العالم المتطور.