أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-21
1035
التاريخ: 3-7-2016
10431
التاريخ: 2024-10-01
200
التاريخ: 2023-07-22
1710
|
ليس ثمة من شك في أن عنصر الكربون C، الذي يدخل في تكوين نحو 19% من كتل أوزان أجسامنا، يعد عنصرا أساسيا ومهما ترتبط به حياتنا على سطح هذا الكوكب، فهو يدخل في تركيب البروتينات، والكربوهيدرات والدهون والأحماض النووية Nucleic Acids. وتوجد ذرات الكربون في كل مكان من حولنا، وفي ملايين من جزيئات المواد المختلفة التي نستخدمها في كل لحظة من لحظات حياتنا اليومية، في الغذاء الذي نتناوله، والملابس التي نرتديها، والأقلام التي نكتب بها، وأيضا في الوقود الذي يحرك مركباتنا في البر والبحر والجو.
وتوجد مركبات الكربون في الصور الثلاث للمادة، فهي قد تكون في الصورة الغازية (مثل غاز البروبان Propane)، والسائلة (مثل البنزين) والصلبة (مثل الغرافيت والماس). وتتميز مركبات الكربون بتنوع خواصها وبتباين سماتها، وذلك يرجع إلى ثلاثة عوامل رئيسية هي:
– لذرة الكربون القدرة على الارتباط مع معظم ذرات المواد، وذلك من خلال روابط قوية تعرف باسم الروابط التساهمية Covalent Bonding والتي من خلالها ترتبط ذرة واحدة من الكربون مع أربع ذرات أخرى لمادة واحدة أو مواد مختلفة، كما هو مبين في (الشكل 7– 1 «أ») الذي يوضح نموذجا شهيرا للرابطة التساهمية الناشئة بين ذرة كربون وأربع ذرات هيدروجين لتكوين جزيء غاز الميثان Methane CH4.
– حين ترتبط ذرة الكربون بذرة كربون أخرى، والذرة الأخرى ترتبط بذرة ثالثة من الكربون، فتتكون شبكة من ذرات الكربون Carbon Network لها بنية ماسية Diamond–like Structure (الشكل 7 – 1 «ب»).
– لكل ذرة من ذرات الكربون المؤلفة لسلاسل شبكة الكربون الحرية، لأن ترتبط بأربع ذرات لمواد أخرى، ليست بالضرورة أن تكون من الكربون، لتكوين سلسلة Chain متشابكة مؤلفة من ذرات مواد مختلفة (الشكل 7 – 1 «ج»). ويؤدي هذا التعدد النوعي في الذرات المنتسبة لمواد مختلفة الخواص، إلى تكون مركبات تحمل في خواصها صفات جامعة لكل خواص وصفات ذرات المواد الداخلة في تكوينها، مما يؤدي إلى اتساع رقعة تطبيقاتها في قطاعات كثيرة ومتنوعة.
الشكل (7 – 1) ترتبط ذرة الكربون بذرات الكربون المماثلة لها أو بذرات مواد أخرى عن طريق الرابطة التساهمية لتكوين ملايين من المركبات مثل (أ) غاز الميثان، (ب) الماس (ج) الكحول الإيثيلي (1).
وفي إطار تلك الخواص الفريدة والمتميزة لهذا العنصر، لم يكن من الغريب أن يستأثر الكربون بشغف واهتمام علماء تكنولوجيا النانو، وأن يخصصوا له مساحة بحثية واسعة منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، وحتى يومنا هذا، خاصة بعد ما تحقق من إنجازات تكنولوجية في مجال تخليق المواد الجديدة خلال الفترة السابقة، والتي تبلورت في توظيف الكربون في إنتاج مواد شديدة القوة والبأس، مثل ألياف الكربون Carbon Fibers التي تم استخدامها كمواد مقوية وداعمة للبلمرات والمواد الفلزية، وذلك بغرض تأليف مواد متراكبة Composite Materials تجمع في خواصها الصلادة والقوة، بجانب تمتعها بالمتانة، اللدانة والقابلية للتشكل وبعد تحقيق تلك الإنجازات – التي مازالت مستمرة حتى اليوم – المرتبطة بعلم المواد وتخليق مواد كربونية متقدمة تتلاءم مع المتطلبات الملحة والكثيرة لتكنولوجيات إنتاج المعدات والأجهزة الحديثة، خرج الكربون من تلك الدائرة المغلقة والضيقة التي ارتبط بها خلال القرون السابقة، فلم يعد فقط مصدرا من مصادر الوقود، بل وجد لنفسه وظائف مرموقة في قطاعات صناعية كثيرة مثل صناعة السيارات والطائرات والمركبات الفضائية، وصناعة الإلكترونيات، وصناعة الأدوات والأجهزة الرياضية. فلم يعد غريبا اليوم أن نسمع عن استخدام الكربون، كمادة رئيسية لإنتاج العديد الأجهزة المحمولة من الحواسب، والهواتف، وغير ذلك من الأجهزة الحديثة والمتقدمة التي تعبر عن روح هذا القرن الذي نعيش به وأحسب أن ذرة الكربون سوف تلقى الاهتمام البحثي نفسه والتقدير التطبيقي، وربما أكثر مما هو عليه الآن، خلال المراحل المتعاقبة لحقبة تكنولوجيا النانو من هذا القرن.
___________________________________
هوامش
(1) تم تصميم وتنفيذ الشكل بواسطة مؤلف هذا الكتاب.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|