أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-11-14
1139
التاريخ: 2023-10-27
1068
التاريخ: 2024-07-01
515
التاريخ: 2023-11-19
1062
|
وأدت الحروب الطاحنة التي دارت رحاها في القرن السابع إلى تغييرٍ أساسيٍّ في أساليب إدارة الولايات، وكانت القاعدة الأساسية المتبعة في تنظيم إدارة الولايات منذ عهد قسطنطين الكبير توجب الفصلَ بين السلطتين العسكرية والمدنية في ولايات الدولة وذلك خوفًا من تمرُّد الوُلاة أو قادة الجيش على السلطة المركزية، لكن هذه القاعدة انقلبتْ عند نهاية القرن السابع رأسًا على عقب؛ إذ لجأ الأباطرةُ إلى دمج السلطتين في يد قائدٍ عسكريٍّ في كل ولاية، فحُوِّلت الولايات إلى ثيمات أو بنود كما أسماها العرب (1). وكان يوستنيانوس الكبير قد لجأ إلى مثل هذه الخطة في إدارة ولايتي قرطاجة ورابينة؛ وذلك لتكرُّر هجمات اللومبادريين في إيطالية والمور في أفريقية، فأنشأ وظيفة الإكسرخوس وجعله قائدًا عسكريًّا وحاكمًا مدنيًّا في آنٍ واحدٍ. إلا أن العلامة الألماني الدكتور إرنست اشتاين يرى أن هرقل درس عن كثب نظام الحُكم عند أعدائه الألداء الأكاسرة فأخذ عنهم دَمْج السلطتين العسكرية والإدارية في يد قائدٍ عسكريٍّ يقوم على رأس جيشه في منطقة معينة، فكان أَنْ أنشأ نظام الثيمات (2)، ويرى غيره من رجال الاختصاص أن هذا النظام الجديد لم يعمم دفعةً واحدةً، بل نشأ بالتدريج في أرمينية أولًا ثم في سائر آسية الصغرة فأوروبة (3). والواقع الذي لا سبيل فيه إلى جدالٍ هو أن آسية الصغرى عند نهاية القرن السابع كانت قد قسمت إلى أربع ثيمات أو بنود: (1) ثيمة أرمينية في شمالي شرقي آسية الصغرى، (2) ثيمة أناتوليكة (4)، (3) ثيمة الأبسيق «أوبسيكيون» عند بحر مرمرا، (4) ثيمة القبريوت وكانت هذه تضم شاطئ آسية الصغرى الجنوبي والجزر المجاورة له؛ وذلك للصمود في وجه الأسطول العربي، وكان قد نشأ أيضًا نظامٌ مماثلٌ في أوروبة، فظهرتْ ثيمة تراقية لِدَرْءِ خطر الصقالبة، وثيمة هيلاس للغرض نفسه في بلاد اليونان، وثيمة في صقلية للدفاع ضد العرب (5) . والأساس في نظام الثيمة كان — فيما يظهر — إقامة جيشٍ دائمٍ في منطقة معينة يسهر على الدفاع عنها، ويُقطِعُ ضباطه وجُنُودَه أراضيَ معينة في المنطقة نفسها يستثمرونها، وتمتزجُ هذه العناصر العسكرية بِسُكَّان المنطقة فتبث فيهم روح الشجاعة والجرأة وتدرِّبهم على حمل السلاح والقتال (6). وثمة ما يدل على أَنَّ هرقل لم يهمل التشريع، فهنالك قوانينُ أربعةٌ سَنَّهَا في الفترة بين السنة 612 والسنة 629 عُنِيَ فيها ببعض مشاكل الإكليروس، وتوجدُ كذلك بقايا شرائع سنها هذا الفسيلفس لِلْحَدِّ مِنْ تزوير النقود والأختام والوثائق الرسمية، وقد كان لهذه الشرائع — فيما يظهر — أثرٌ في ما شرعه الألمانُ في الغرب والعرب في الشرق (7) في هذا الموضوع نفسه.
...........................................
1- والبند لفظٌ فارسيٌّ معربٌ معناه: العلم الكبير. وقال المسعودي في كتابه التنبيه والإشراف: أرض الروم واسعةٌ في الطول والعرض مقسومةٌ من قديم الزمن على أربعة عشر قسمًا أعمال مفردة تسمى البنود كما يقال أجناد الشام، ص150، وممن عُني بهذه الناحية من كتَّاب العرب: ابن خرداذبه المتوفَّى سنة 912 ميلادية في كتابه المسالك والممالك الذي طبع في ليدن سنة 1889، وقدامة في كتابه الخراج، وهو من أعيان النصف الأول من القرن العاشر.
2- Stein, E., Byzantinisch-Neugriechische Jahrbucher, I, (1920), 84-85.
3- Kulakovsky, J., Byzantium, III, 287–431; Bréhier, L., Journal des Savants, XV, 412–505.
4- من اللفظ اليوناني أناتولي، ومعناه الشرق، ومنه اللفظ العربي التركي: الأناضول.
5- Constantinus Porphyrogenitus, De Thematibus, Crop. Script Hist. Byzant. ed. Bekker, 1840
6- Diehl et Marçais, Monde Oriental, 223
7- Lopez, R., Byzantine Law in the Seventh Cent. and its Reception by Germans and Arabs, Byzantion, XVI, (1944), 445–461.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|