أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-7-2016
2834
التاريخ: 27-6-2016
6845
التاريخ: 19-1-2016
2527
التاريخ: 2023-11-30
1247
|
يقول الله تعالى في محكم آياته: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النساء: 86].
لقد أولى الدين الإسلاميّ مسألة السلام اهتماماً قلَّ نظيره من بين اللياقات الاجتماعيّة حيث وصل إلى أيدينا الكثير والمثير من الروايات الّتي تتحدث عن أهميّته وكيفيّته.
فقد وصف الله تعالى أهل الجنَّة بأنّهم يحيّون بعضهم بالسلام المتعارف بيننا، يقول عزَّ وجلَّ: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس: 10]، ويقول في موضع آخر: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} [إبراهيم: 23].
فكلمة (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، هذه الكلمة الصغيرة، تكاد تكون من أوثق العُرى الّتي تربط المجتمع، فكم بها تصالح متخاصمان، وهي كلمة تُقال وجواب يردُّ، ولأجل هذا الهدف، كان لها هذا النصيب الكبير من الاهتمام في الدين الإسلاميّ الحنيف، فما هو فضل السلام؟ وهل للسلام من ملحقات؟ هذه الأسئلة وغيرها من الأسئلة الأخرى.
فضلُ إفشاء السلام
ورد في الحديث عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إذا لقي أحدكم أخاه فليسلّم عليه وليصافحه، فإنّ الله عزَّ وجلَّ أكرم بذلك الملائكة فاصنعوا صنع الملائكة) (1).
وفي حديث آخر عن الإمام الصادق (عليه السلام): (السلام تحيّة لملّتنا، وأمان لذمّتنا) (2).
وفي الحديث إشارة إلى مدى الأمان الاجتماعيّ النابع من السلام بين المؤمنين، والمُستحب الأكيد في ذلك إفشاء السلام، حيث ورد الكثير من الروايات المؤكدة عليه، ففي الحديث عن الإمام الباقر (عليه السلام): (إنَّ الله يُحبّ إطعام الطعام، وإفشاء السلام) (3).
واعتبرت بعض الروايات إفشاء السلام من أفضل أخلاق أهل الدنيا، ففي الحديث عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (ألا أُخبركم بخير أخلاق أهل الدنيا والآخرة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، فقال: إفشاء السلام في العالم) (4).
كما أنَّ كلمة (السلام)، اسمٌ من أسماء الله تبارك وتعالى، ولذلك ورد في الحديث عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (إنَّ السلام اسمٌ من أسماء الله تعالى، فأفشوه بينكم) (5).
ولشدّة ما أكَّد الإسلام على إفشاء السلام، أوصى المؤمنين بعدم ترك السلام بينهم حتّى ولو كان الافتراق ما بينهم لفترة قليلة، ففي الرواية عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (ينبغي للمؤمنين إذا توارى أحدهما عن صاحبه بشجرة ثمّ التقيا أن يتصافحا) (6).
الابتداء بالسلام
لكي يجعل الله تعالى الحافز لدى المؤمنين لإفشاء السلام فيما بينهم، جعل الفضل الأكبر للمبتدئ بالسلام، ففي الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إنَّ أولى الناس بالله وبرسوله من بدأ بالسلام) (7).
كما اعتبرت رواية أُخرى أنَّ أطوع الناس لله عزَّ وجلَّ هو المبتدئ بالسلام، فعن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (أطوعكم لله الّذي يبدأ صاحبه بالسلام) (8).
وأما الأجر الّذي وعد به الله تعالى المبتدئ بالسلام فتخبرنا عنه رواية أمير المؤمنين (عليه السلام) حيث روي عنه (عليه السلام): (السلام سبعون حسنة، تسعة وستون للمبتدي، وواحدة للرادّ) (9).
متى يكون السلام؟
1- السلام قبل الكلام:
إنَّ للسلام أفضلية على سائر الكلام ولذا أكّد الكثيرُ من الروايات على أن يبتدئ الإنسان بالسلام قبل أي كلام آخر، ففي الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام): (السلام قبل الكلام) (10).
بل إنَّ بعض الروايات نهت عن إجابة من بدأ بالكلام قبل سلامه، ففي الرواية عن رسول الله الأكرم (صلى الله عليه وآله): (من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه) (11).
2- السلام عند دخول البيوت:
إنَّ استحباب السلام مؤكد عند دخول البيت وهو من الآداب الاجتماعيّة الّتي يُعاب تاركها، وقد أكّد عليها الله تعالى حيث يقول عزَّ من قائل: {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [النور: 61].
كما أنَّ البيوت هُنا ليس المقصود منها بيت الإنسان فقط، بل أي بيت يريد دخوله، والسلام عند دخول البيت له أثرٌ معنوي خاص، ففي الرواية عن رسول الله الأكرم (صلى الله عليه وآله): (إذا دخل أحدكم بيته فليسلّم، فإنّه ينزله البركة، وتؤنسه الملائكة) (12).
ردُّ السلام
ردُّ السلام من الواجبات الشرعية الّتي يُعاقب الله تعالى تاركها، يقول الله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النساء: 86]، وفي الرواية عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (السلام تطوّع والردُّ فريضة) (13).
وقد أدّبنا الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل البيت (عليهم السلام) على ردِّ التحية والسلام بلسان طيّب، وأفضل الردود قول الإنسان: (وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته).
وينقل لنا سلمان المحمّدي (رضوان الله عليه)، قصّة لطيفة حدثت على عهد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) فيقول:
جاء رجلٌ إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال: (السلام عليك يا رسول الله)، فقال (صلى الله عليه وآله): (وعليك ورحمة الله)، ثم أتى آخر فقال: (السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله)، فقال (صلى الله عليه وآله): (وعليك ورحمة الله وبركاته)، ثم جاء آخر فقال: (السلام عليك ورحمة الله وبركاته)، فقال (صلى الله عليه وآله): (وعليك)، فقال له الرجل: يا نبيّ الله بأبي أنت وأمي أتاك فلان وفلان فسلّما عليك فرددت عليهما أكثر ممّا رددت عليّ؟! فقال (صلى الله عليه وآله): إنَّك لم تدع لنا شيئاً، قال الله: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا} [النساء: 86]، فرددناها عليك (14).
أدب السلام
لقد ذكرت الأحاديث الشريفة لنا مواضع يحسن فيها البدء بالسلام من قوم دون آخرين، وفي حالة دون حالة وهي:
1- أنْ يسلِّم الصغير على الكبير إجلالاً له واحتراماً وتوقيراً لكبره.
2- أنْ يسلِّم الواحد على الاثنين.
3- أنْ يسلِّم القليل على الكثير.
4- أنْ يسلِّم الراكب على الماشي.
5- أنْ يسلِّم المارّ على الشخص الواقف.
6- أنْ يسلِّم الشخص الواقف على الشخص الجالس.
ويجمع هذه الآداب جميعاً حديث مرويّ عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): (يسلِّم الصغير على الكبير، ويسلِّم الواحد على الاثنين، ويسلِّم القليل على الكثير، ويسلِّم الراكب على الماشي، ويسلِّم المارّ على القائم، ويسلِّم القائم على القاعد) (15).
أدبُ الوداع
كما أنَّ للقاء أدباً وهو السلام، فإنَّ للوداع أدباً خاصّاً وهو عبارةٌ عن دعاءٍ ورد في الرواية تقول: إنَّ الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) كان إذا ودّع المؤمنين قال: (زوّدكم الله التقوى، ووجّهكم إلى كلِّ خير، وقضى لكم كلّ حاجة، وسلّم لكم دينكم ودنياكم، وردّكم إليّ سالمين) (16).
المصافحة
كما اهتمّ الإسلام بمسألة السلام، فإنَّه اهتمّ أيضاً بالتصافح الّذي يكون مع السلام، ففي الحديث عن رسول الله الأكرم (صلى الله عليه وآله): (إذا التقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح، وإذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار) (17).
وقد جاء في فضل المصافحةِ الكثيرُ من الروايات، منها:
ما روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (إذا صافح الرجل صاحبه فالّذي يلزم التصافح أعظم أجراً من الّذي يدع، ألا وإنَّ الذنوب ليتحات فيما بينهم حتّى لا يبقى ذنب) (18).
وقد اهتمَّ الأئمّة (عليهم السلام) بمسألة المصافحة، وينقل لنا التاريخ قصَّة تبيّن مدى اهتمامهم بهذه السنَّة العظيمة، فعن إسحاق بن عمّار قال: دخلت على الإمام الصادق (عليه السلام)، فنظر إليّ بوجه قاطب فقلت: ما الّذي غيّرك لي؟
قال (عليه السلام): (الذي غيّرك لإخوانك، بلغني يا إسحاق أنّك أقعدت ببابك بوّاباً، يردُّ عنك فقراء الشيعة).
فقلت: جعلت فداك إنّي خفت الشهرة، فقال (عليه السلام): أفلا خِفتَ البليَّة، أو ما علمت أنّ المؤمِنَيْن إذا التقيا فتصافحا أنزل الله عزَّ وجلَّ الرحمة عليهما فكانت تسعةً وتسعين لأشدّهما حبّاً لصاحبه. فإذا توافقا غمرتهما الرحمة، فإذا قعدا يتحدّثان قال الحفظة بعضهم لبعض: اعتزلوا بنا فلعلّ لهما سرّاً وقد ستر الله عليهما، فقلت: أليس الله (عزَّ وجلَّ) يقول: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]، فقال (عليه السلام): (يا إسحاق إن كانت الحفظة لا تسمع فإنَّ عالم السرِّ يسمع ويرى) (19).
وإنَّ للمصافحة أثراً كبيراً على النفوس، حيث تُذهب الشحناء والحقد بين المختلفين، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (تصافحوا فإنّها تُذهب بالسخيمة) (20).
كيفيّة المصافحة
وردت في الروايات الشريفة كيفيّة خاصّة للمصافحة حيث أكّد بعض الروايات على أن لا ينزع المؤمن يده من يد أخيه حتّى ينزعها الآخر، وهكذا كان يفعل الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (ما صافح رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ رجلاً قطّ فنزع يده حتّى يكون هو الّذي ينزع يده منه) (21).
المعانقة
إنَّ المعانقة تعبيرٌ من التعابير العملية الّتي تدلّل على الودِّ والحبِّ بين المؤمنين، وقد ورد في الحثِّ على المُعانقة وما تحويه من الأجر والثواب العديد من الروايات منها:
ما روي عن الإمام الباقر والإمام الصادق (عليهما السلام) قالا: (أيُّما مؤمن خرج إلى أخيه يزوره عارفاً بحقّه كتب الله له بكلِّ خطوة حسنة، ومُحيت عنه سيّئة ورُفعت له درجة، وإذا طرق الباب فُتحت له أبواب السماء، فإذا التقيا وتصافحا وتعانقا أقبل الله عليهما بوجهه، ثمّ باهى بهما الملائكة، فيقول: انظروا إلى عبديّ تزاورا وتحابّا فيّ، حقٌّ عليّ ألّا أُعذّبهما بالنار بعد هذا الموقف، فإذا انصرف شيّعه الملائكة عدد نفسه وخطاه وكلامه، يحفظونه من بلاء الدنيا وبوائق الآخرة إلى مثل تلك الليلة من قابل، فإنْ مات فيما بينهما أُعفي من الحساب) (22).
وللمعانقة أثر على النفس الإنسانيّة، فهي تزرع الرحمة في القلوب وتُحرّك العواطف النبيلة، ففي الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (إنَّ المؤمِنَيْن إذا اعتنقا غمرتهما الرحمة، فإذا التزما لا يريدان بذلك إلّا وجه الله، ولا يريدان غرضاً من أغراض الدنيا قيل لهما: مغفوراً لكما فاستأنفا) (23).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 181.
2ـ ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج 2، ص 1348.
3ـ المصدر السابق.
4ـ المصدر السابق، ص 1349.
5ـ المصدر السابق.
6ـ الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 181.
7ـ ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج 2، ص 1349.
8ـ المصدر السابق.
9ـ المصدر السابق.
10ـ ميزان الحكمة، محمدي الريشهري، ج 2، ص 1348.
11ـ المصدر السابق.
12ـ المصدر السابق، ص 1349.
13ـ المصدر السابق.
14ـ المصدر السابق، ص 1350.
15ـ المصدر السابق.
16ـ المصدر السابق، ص 1351.
17ـ الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 181.
18ـ المصدر السابق.
19ـ المصدر السابق.
20ـ المصدر السابق، ص 183.
21ـ المصدر السابق، ص 182.
22ـ المصدر السابق، ص 183.
23ـ المصدر السابق، ص 184.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|