أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-07-06
859
التاريخ: 2023-07-19
712
التاريخ: 2023-04-06
963
التاريخ: 2023-07-11
630
|
قدم لنا الحسن بن البهلول القرن (4 هـ / 10م) تعريفًا مُبسطًا للبحار، منوهًا إلى الدورة الهيدرولوجية التي تنشأ بين البحار والأمطار والأنهار.
قال ابن البهلول: «إن البحار، إنما هي مواضع عميقة في الأرض. ومن شأن الماء طلب العمق، فتنصبُّ المياه من الأنهار والأودية والسيول، فتستنقع فيه. فما كان من ذلك عذبا؛ فإنه يصير فوقَ لخفّة العذب. وما كان مُرًا أو مالحًا، صار إلى أسفل لثقله. فإذا مرت عليه الشمس، رفعت العذب لخِفَّته. فما كان من ذلك لطيفًا جدًّا، صار هواء. وما كان دون ذلك في اللطافة، صار ندى ومطرًا. وإنما لا تستبين الزيادة في البحر، مع كثرة ما يجري فيه من الأنهار والأودية، لسعته. وإنها لا تبقى، بل ترفع الشمس منها لطيفها، فيصير منه الندى والأمطار. ولا تنقص أيضًا؛ لأن الذي يرتفع منها، يعود إليها في الأودية والأنهار. وربما نقصت البحار في طول الزمان. وربما زاد بعضها ولا يستبين ذلك في قدر عمر إنسان، ولا إنسانين.» 3
أما التعريف الحديث للبحار والمحيطات، فهو يُقدِّر بأن البحار مسطحات مائية صغيرة إذا ما قورنت بالمحيطات التي تُعد مسطحات مائية كبرى. 4
والحقيقة، هناك تقارب كبير بين تعريف ابن البهلول والتعريف الحديث. فالموضع العميق الذي افترضه ابن البهلول في تعريفه، لا يقلُّ أهمية عن الانتشار السطحي للكتلة المائية.
لقد سمي البحر بحرًا عند العرب لاتساعه وعُمقه، ولكثرة الماء فيه، سواء كان عذبًا أو مالحًا، وفي لغة العرب يُوجد عدة مرادفات لكلمة البحر مثل: القميس، والقاموس والعيلم، والطيسل، والطيش، والخضم، واليم. 5 وذكر ابن فارس (توفي 395هـ / 1004م) في كتابه «معجم مقاييس اللغة» في مادة «قَمَسَ» هذا النص: «قَمَسَ: الْقَافُ وَالْمِيمُ وَالسِينُ أَصْلُ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى غَمْسِ شَيْءٍ فِي الْمَاءِ، وَالْمَاءُ نَفْسُهُ يُسَمى بِذَلِكَ مِنْ ذَلِكَ قَمَسْتُ الشيء فِي الْمَاءِ: غَمَسْتُهُ. وَيُقَالُ: إِن قَامُوسَ الْبَحْرِ: مُعْظَمُهُ.» 6 وعلينا ألا نأخذ على العرب خلطهم بين البحر» و«المحيط»؛ لأن ذلك يرتبط بالدرجة الأولى بالكشوفات الجغرافية التي كانت محدودة، وبالجغرافيين المنظرين.
كما أن هذا الخلط كان واضحًا في التراث اليوناني الذي وفد إليهم مترجما. ففي مرحلة ما قبل الإغريق كان هناك تعبير اصطلاحي شائع هو «البحار السبعة»، وهو يشمل المحيطين الهندي والجنوبي، والمحيط المتجمد الشمالي، والمحيط الهادي الشمالي والجنوبي، والمحيط الأطلسي الشمالي والجنوبي، كلها كان يُطلق عليها اسم بحر. وفي مرحلة ما بعد الإغريق، كان هناك تداخل بين تعريف البحر والمحيط، ففي (القرن 5 ق.م) كان لا يزال تعبير البحار السبعة شائعًا، وبدأ يتم تخصيص لفظ المحيط للمحيط الهندي فقط، أما البحار السبعة الأخرى فهي: البحر الأحمر والأسود، وآزوف، والأدرياتي، وقزوين، والخليج العربي. 7
سترد معنا كثيرًا في النصوص العربية أسماء بعض البحار التي عرفوها، وسنورد فيما يأتي قائمةً بها كما وردت عند العلماء العرب مع مقابلاتها الحالية: 8
(1) البحر الأخضر: أُطلق على ثلاثة مسطحات مائية وهي: البحر الأبيض المتوسط، والمحيط الأطلسي والبحر الهندي.
(2) بحر الخزر أو بحر الأعاجم أو بحر جرجان أو البحر الخرساني: بحر قزوين.
(3) بحر الزنج أو بحر الحبش: المحيط الهندي المجاور لساحل أفريقيا الشرقي.
(4) مجمع البحرين أو بحر الزقاق أو معبرة هرقليس: مضيق جبل طارق.
(5) بحر مايطس أو ماوطس: بحر آزوف (متفرع من البحر الأسود).
(6) بحر هرقند: خليج البنغال (جزء من المحيط الهندي).
(7) بحر بنطس أو بحر البرغر: البحر الأسود.
(8) بحر الروم: البحر الأبيض المتوسط.
(9) البحر المحيط: 9 المحيط الأطلسي.
(10) بحر البنادقة: البحر الأدرياتي.
(11) بحر الهند: المحيط الهندي.
(12) بحر لاوري: البحر العربي.
(13) بحر فارس: الخليج العربي.
(14) بحر القلزم: البحر الأحمر.
(15) بحر أرميه: البحر الميت.
(16) بحر أخلاط: بحيرة وان.
(18) بحر خوارزم: بحر آرال
(19) بحر ورتك: البلطيق.
خريطة توزع البحار والمحيطات كما رسمها ابن الوردي (توفي 852هـ / 1447م). (مصدر الصورة: مخطوطة خريدة العجائب وفريدة الغرائب، مكتبة الدولة برلين، رقم (Sprenger 14)، ص3 ظ -4 و.)
___________________________________________
هوامش
(3) ابن البهلول، الحسن، المختار من كتاب الدلائل، اختيار وتقديم: إياد خالد الطباع، وزارة الثقافة، الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق، 2014م، ص 148 – 149.
(4) عبده، طلعت أحمد محمد، وحورية محمد حسين جاد الله جغرافية البحار والمحيطات، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 1997م، ص96.
(5) محمدين، محمد محمود التراث الجغرافي العربي، ط 3، دار العلوم للطباعة والنشر، الرياض، 1999م، ص459.
(6) ابن فارس، أحمد بن زكريا القزويني الرازي أبو الحسين، معجم مقاييس اللغة، ج5، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، بيروت، 1979م، ص26.
(7) عبده طلعت أحمد محمد، وحورية محمد حسين جاد الله، جغرافية البحار والمحيطات، ص 93-94.
(8) محمدين، محمد محمود التراث الجغرافي العربي، ص 463.
(9) يوجد 20 تسمية أخرى للمحيط الأطلسي جمعها الباحث عباس المسعودي من كل التراث الجغرافي العربي، وهي: أقيانس، وأقيانوس، ولبلاية، وبحر الظلمات، وبحر الظلمة، والبحر المحيط، والبحر الغربي، والبحر الغربي المحيط، والبحر المظلم المحيط، والبحر الكبير المظلم، والمحيط، والبحر المحيط الجنوبي، والبحر الأعظم، والبحر المحيط الغربي، والبحر المحيط بالمغرب، والبحر الأعظم الغربي، وبحر المغرب، وبحر أوقيانوس الغربي، وبحر أوقيانوس الأعظم، والبحر المالح المحيط، والبحر المغربي. عن: المسعودي، عباس فضل حسين، المحيط الأطلسي في التراث الجغرافي العربي الإسلامي مجلة آفاق الثقافة والتراث، السنة ،23، العدد 89، مركز جمعة الماجد، دبي، 2015م، ص137-138.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|