المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6689 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
زكاة الفطرة
2024-11-05
زكاة الغنم
2024-11-05
زكاة الغلات
2024-11-05
تربية أنواع ماشية اللحم
2024-11-05
زكاة الذهب والفضة
2024-11-05
ماشية اللحم في الولايات المتحدة الأمريكية
2024-11-05

النسبة بين التمييز بالصفات والعادة وقاعدة الإمكان
2024-08-29
طرق صناعة الاسمنت – الطريقة الرطبة
2023-02-09
تعريف بمحصول الباذنجان وأهميته
20-9-2020
مصير أهل الجنّة وأهل النّار
8-10-2014
معنى كلمة صنع
4/10/2022
تفسير آية (29-33) من سورة التوبة
7-8-2019


تداعي الوثنية وعقم أديان العرب قبل الإسلام.  
  
927   02:30 صباحاً   التاريخ: 2023-06-17
المؤلف : محمد لطفي جمعة.
الكتاب أو المصدر : ثورة الإسلام وبطل الأنبياء.
الجزء والصفحة : ص 141 ــ 147.
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / السيرة النبوية / سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام /

قد كان دين العرب قبل الإسلام عقيما ومتداعيًا إلى السقوط بعد أن دب إليه الفساد وسرى الضعف والانهيار إلى عناصره، ويقول الواقدي: «لقد عراه البلي، وأخني عليه الدهر.» ولكن أسد قريش لم يسأموا عبادة أربابهم إلا قليلا ولم تحدثهم أنفسهم باستبدال سواها بها؛ لأن خيالهم مهما كان واسعًا، فلم يكن ليدخل في أذهانهم أنه من اليسير عليهم أن يخلقوا نظامًا دينيًّا كاملًا يحل محل هذا النظام العتيق، ولم يكونوا يستطيعون إدراك «الإمكان» في هذه المسألة؛ لأن تكوين الآلهة ليس من صنع البشر، ولا وضع القواعد والشعائر والرسوم في طاعة جنس الإنسان؛ فإذن لا سبيل إلى الاستغناء عن هذه الأرباب وإن ملوها وضجروا منها وزهدوا فيها، فلا بد لهم من الصبر عليها لأنها قديمة، ولأنها معبودة آبائهم من قبل؛ فقد ازدادت بالتقدم شأنا، وأفادت بمضي المدة جلالا ووقارا، وكسبت من كر الأجيال ومر القرون عظمةً واحترامًا وإذنْ فهم يصبرون عليها ولو على مضض، وقد يهفو أحدهم في حقها، أو قد يعتدي عليها فيكون كافرًا بها أو حاقدًا عليها، ولكن جحود الفرد وإلحاده لا يمس عقيدة القبيلة ولا يزعزع إيمانها، ولا يصرف عنها الخير الذي قد تجلبه الآلهة، ولا يجلب الشر الذي قد تصرفه الآلهة. ولكنَّ هناك أفرادًا يُعدُّون على الأصابع، كانوا يشعرون في أعماق أنفسهم أن القبيلة على باطل، ولكنهم لا يستطيعون المجاهرة ولا يقدرون على حياة سلبية في العبادة، لا يملكون أن يعيشوا بدون الاعتقاد في شيء وهم يرون الباطل في دين القوم ويشعرون بالحق في أنفسهم. فكانوا يتلمسون عقيدة فضلى، ويلتمسونها في ماضيهم الروحي، في حنايا ضلوعهم وفي قلوبهم المنطوية على ذرات من الإيمان القديم وأشعة من نور ملة إبراهيم الحنيفية والتوحيد. هذه الفئة تحنفت؛ أي رجعت إلى الحنيفية التي أتى بها إبراهيم؛ ومنهم أمية بن أبي الصلت في الطائف، وزيد بن عمرو في مكة، وأبو قيس بن أبي أنس وأبو عامر في المدينة؛ هؤلاء الأربعة كانوا البقية الباقية من دين إبراهيم وأطلقوا على أنفسهم اسم المتحنفين. والحنيف إذن هو المتعبد المتطهر الذي يحاول الخلاص من أدران الحياة لتكون له في الحياة خطة عليا؛ حياة الروح قبل حياة الجسم. وربما كانت هناك علاقة لفظية بين التحنف والتحنث؛ والتحنث هو الذي كان يفعله رسول الله الله في غار حراء، ولعل التحنث أُدخل في باب العبادة من التحنف؛ فالمتحنث هو المتحنف عندما ينقطع عن أهله وذويه لتطهير نفسه أو تكميلها، وليتصل بالقوة العظمى السائدة على الكون حتى يسعفه الله بالوحي والرسالة. لا شك في أن أهل مكة كانوا وثنيين بالفطرة وبالتقليد يقدسون ما كان عليه آباؤهم من العبادة، ولا شك أن أهل مكة والمدينة والطائف - وهي عواصم الحجاز الثلاث اتصلوا باليهود والنصارى، ووقفوا على كثير من معتقداتهم المنزلة، ولعل بعضهم قلب أنظاره في صحف إبراهيم وموسى وعيسى وزبور داود ومزاميره ومواعظ سليمان وأناشيده، ولعل بعضهم قرأ سفر أيوب وحكمة لقمان. ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ). وإذن لا بد من حدوث حركة فكرية - ولو ضئيلة - ترمي إلى البحث في الأديان، وتعليل العبادات والتأمل فيها؛ لأن طبيعة بلاد العرب تدفع أهلها إلى التأمل في جمال الطبيعة، ولا شك في أن مئات من السائحين عادوا من مصر أو من الهند أو الفرس أو كنعان يحملون أخبار آلهة أخرى غير أوثان الكعبة، تُعبد وتُقدس ويتقرب إليها في هياكل ثيبة ومزد وفشنو ... إلخ. ولِمَ نذهب بعيدًا وقد رأينا عمرو بن لحي ينقل الصنم هبل من هيت ببلاد العراق إلى الكعبة بمكة؟ ولكن تلك الوثنية العربية كانت عبادة تقليدية أو سنة ورثها الأبناء عن الآباء، كانت آلهة عدة، ولم تكن لها قيمة في ذاتها بقدر قيمتها في نظر عُبَّادها؛ فكانت الأصنام حماة الأسباط، وفي كل بيت صنم تقام له فرائض العبادة من رب الدار في الغداة وفي العشي. وكان المثال أبو بجرات يصنعها ويبيعها للبدو كما كان يصنع أبو إبراهيم في بابل، وصنع الأرباب لبيعها تجارة رابحة حتى في روسيا القيصرية، ولكن مكانة الأوثان في القبائل كانت أرفع من مكانتها في الدور وفي الخيام؛ لأنها تمثل الوحدة المقدسة التي تجمع بين أفراد الأسرة وتربط بين الماضي والحاضر برباط العقيدة؛ فهي في نظرهم عروة لا تنفصم. وكان فوق رءوس جميع الأصنام «الله» المعبود الأعم الأعظم، والإله الأكبر للكون بأجمعه (1). (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ) (سورة الزُّمَر). وكان بمثابة الوالد لجميع الآلهة، حتى إن أهل مكة دعوا الإناث من آلهتهم «بنات الله» (أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى) (سورة النجم). وكان للعرب ثالوث وأنثى، فحسبوا اللات اسمًا للإلهة التي كانت في عقيدتهم ونظرهم زوجة للإله الأعظم. وجاء القرآن بإنكار ألوهية هذه الكائنات واعتبارها من الجن، وقد جردها القرآن الكريم من صفات الربوبية. وما ورد في الأخبار من خروج جنية من نائلة وغيرها عند كسر صنمها على يد خالد بن الوليد يدل على تأييد هذه الفكرة التي جعلت من هذه الإلهات جنيات؛ أي أرواح شريرة لا خير فيها ولا ربوبية لها، ولكن الوثنيين غضبوا لذلك، كما غضبوا لسب آبائهم وتسفيه أحلامهم واحتقار عقولهم، وقالوا في احتجاجهم إنهم إذا عبدوا الجن فقد عبدوا الشيطان، وهم لم يعبدوا الشيطان أبدًا. ولكن احتجاجهم هذا يمنع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يقول في حجة الوداع: «إن الشيطان يئس أن يُعبد هنا.» لأن دينهم كان حافلا بالأوهام والخرافات وسخافات المعتقد. غير أن دينهم كان لا يقل شأنا عن غيره من أديان الوثنية. المعاصرة والمجاورة – ولعله يفوق بعضها برسومه ومناسكه وكعبته التي جمعت فأوعت أربابا من كل عقيدة ولون! وكانت ذات كهنة وسدنة ورهبان وقرابين ونذور وعهود ونبوءات ومشاركة دائمة في حياة المجتمع في الحرب والسلم والحلال والحرام والزواج والطلاق والنعيم والبؤس، ولكن هؤلاء الوثنيين ما فتئوا يعتقدون بالله؛ وهو الإله الأكبر، زعيم الآلهة، ويُقسمون أحرج الأيمان به، وباسمه (باسمك اللهم) تُفتتح المعاهدات والمحالفات وتُختم العقود والتعهدات، ولكنه اعتقاد شرك؛ لأنه لم يكن وحيدًا ولا منفردًا في تدبير العالم فهو صورة مصغرة أو مشوهة من زفس إله الإغريق الأكبر، بَيْد أنها وثنية سامية وشرك شرقي، وإذا أقسم أحد به فلا يخطر بباله أن يحنث في يمينه ولا يخطر ببال أحدهم أن يستغني بإله صغير عن هذا الإله الأكبر ؛ لأن الإله الصغير كان معبودًا لفريق دون فريق ومقدسًا في سبط دون الآخر، ولكن «الله» كان مقدسًا عند الجميع، وكان الرجل إذا حدثته نفسه باقتراف إثم أو قسوة وحشية ذُكِّر بالله ليخشاه أو يصده عن الإسراف في الأذى، وأكبر سبة تلحق المرء أن يقال عنه «عدو الله». ولكن الله هذا كان حاكمًا ومسيطرًا أعلى على الجميع، فلا يحق لفرد أن يتصل به لحساب نفسه، ويحتل في العبادة المكان الأعلى والذروة الرفيعة، والقمة التي لا تنال والمحل الأقصى كما كان نفس رب أرباب اليونان يعتلي صهوة أولمب؛ فكان على كل فردٍ أن يلجأ في شئونه الخاصة إلى إلهه الخاص، ويطلب إليه في ذل وانكسار – قضاء حاجته التي لا تبلغ درجة المطالب الكبرى التي تلتمسها الجماعات في أوقات الاضطرار، كالنصر في الحرب أو النجاة من خطر محقق، فكان كل إله من هذه الآلهة قادرًا على نفوذ أغراض عابديه في دائرة اختصاصه؛ فلا يتعدى الحدود المعينة له؛ فهو استقلال داخلي في العقيدة! وقد تناول مؤرخو الأديان العربية البحث فيما إذا كان العرب يقيمون مواسم الحج إكراما «الله» ذلك المعبود الأكبر، أو للآلهة الصغرى ولكن الثابت أن هُبل كان يُعبد في الكعبة، وقزح في مزدلفة (الواقدي، ص 248)، ويمكن أن نتصور أن هبل كان الله بمثابة «إيل» بالنسبة إلى «ياهوفا» عند العبريين، وكانت القرابين تقدَّم لكل إله باسمه، وباسم الله، أو «باسمك اللهم» ... وهكذا تخيل العرب الجاهليون أربابهم على صورة البشر، وجعلوا لها طبقات ودرجات بعضها فوق بعض، وقسموا الاختصاص والنفوذ بينها. ولكن هذا الدين وقوامه عبادة الأوثان، وعلى رأسها الله - لم يظهر أن هذه الأوثان عبدت لذاتها، أم على أنها بمثابة الوسطاء والشفعاء بين العابدين والمعبود الأكبر، وهذا الغموض لم يكن له أثر معنوي في أخلاق هذه الأمة المغرقة في الجهالة والقصور الذهني. ولم يكن منهم من يخاف الله أو يخشى الآلهة الأخرى إلا في النَّدَرَى، ولم يكن لهذا الدين من ثمرة نافعة سوى الاتفاق على حرمة بعض الأماكن وبعض الأشهر؛ فنظام كحلف الفضول - كان سياسيا واقتصاديًا قبله العرب لفائدته العملية؛ لأن فترة السلم والأمان في وسط الزعازع لا تُقدَّر بمال للقبائل المشتغلة بالتجارة ونقل البضائع من أقصى الجزيرة إلى أقصاها. وقد دلت البحوث التاريخية على انه لم يكن عند عرب الجاهلية وازع ديني، ولا رادع خلقي، ولا آداب اجتماعية بالمعنى الذي نفهمه في زمننا هذا أو في أي زمن، بل كانت حياتهم مادية أرضية محضة، لا تحكمها شريعة ولا تكبح جماحها سُنَّة ولا فضيلة، ولا يضبطها ضابط من خصال الاستقامة ولا قاعدة من قواعد الأخلاق التي كانت لليونان والرومان والمصريين والبابليين من الوثنيين؛ فكانت الخمر والخيل والخيلاء، والعشق والثأر والفخر والطغيان والميسر والحرب والسلب والاعتداء؛ جماع ما يشغل أذهان شعرائهم الذين يمثلون أفكار الشبان والشيوخ. وكان - قلة يخضعون لمبادئ الشرف - وهو «العرض» (2) بتأثير الأسرة، أو دفاعًا عن «العرض» وحسن السمعة، حتى يكاد الأدب الجاهلي – نثرًا وشعرًا – يخلو من ذكر أربابهم؛ فهم في غير حاجة إلى تخليدها، وقد يذكرونها ليشتموها، كما فعل امرؤ القيس، أو ليعبروا عن الزهد فيها. وقد يرد اسم أحدها على لسانهم في عرض التغني بانتصار أو التفجع على هزيمة، أو استنجادًا في موقعة كما فعل أبو سفيان عندما هتف: «اعل هبل!» في موقعة أحد، فأسقطه محمد رسول الله. كان العربي الجاهلي الوثني يعتمد على نفسه ويثق بها ويعول في كل أموره عليها. وقد تجلت هذه الثقة العمياء في حياتهم، يمتطي أحدهم صهوة جواده أو يعلو ظهر ناقته ويتمنطق بسيفه أو يتقلد رمحه ويتوغل في الصحراء القفرة بمفرده، لا أنيس له إلا الاعتماد على شخصه وشجاعته واعتقاده في قوة بدنه وثبات جنانه، فإذا وقع في محظور فسيفه ورمحه منقذه، فلا إله يقف بجانبه، ولا ولي يحميه من الشر؛ لأنه لا يعرف التوكل على إله ولا تسليم أمره لكائن خفي عن عينه أو ظاهر لحواسه، ولا يخضع لأحكام القضاء والقدر، بل لا يدرك عقله تلك الأحكام ولا يسلم بوجودها فيثور عليها؛ وتلك نفسية جبارة هوجاء قوامها الأثرة والمجازفة، وغريزة البقاء التي توحي إليه الاحتفاظ بالذات، والخوف من الأخطار، وقد تتغلب عليها روح المجازفة والمغامرة فيضحي بنفسه في سبيل الأسرة أو القبيلة أو القوت الضروري أو سبي امرأة يهواها أو يسترقها، أو ناقة تعقر (حرب البسوس). ولكن هذه التضحية وتلك النخوة والحمية والعصبية، بل تلك البطولة، لم يكن فيها أثر للعاطفة الدينية، ولا للمستور النفساني (3) الذي يسيطر على المؤمنين بما وراء الطبيعة؛ وإذن لم يكن للعقيدة الدينية أثر كبير في النفسية العربية الجاهلية؛ لأنها كانت ذات طبيعة قاسية مستقلة على الرغم خضوعها أحيانًا للأهواء القوية التي تعصف بالنفوس، كالعشق والفخر والأخذ بالثأر، ولعل العربي الجاهلي لم يشعر بالعاطفة الدينية إلا بعد أن يبرد بركان شخصيته الذي كان يفور ويغلي فتهبط حرارة حيويته إلى الصفر؛ أي بعد ذهاب الشباب وحلول المشيب محله؛ فيُحس الرجل دنو أجله فيعتريه الندم على سعادة الحياة وجمال الأيام التي ذهبت ولن تعود، وحينئذٍ تخرج من أعماق هذه النفس المحترقة النادمة على الشباب والغرام والمطوحات والخمر والمنافرة والموسيقى ونور القمر وحرارة الشمس صرخة طويلة، بل أنه محزنة كالأغنية الأولى والأخيرة التي يودع بها «الأردف» هذه الحياة، وقد تفرغ هذه الصرخة في قالب شعري فتكون قصيدة كالتي نظمها امرؤ القيس في التفجع على الماضي والشباب، فيذكر الموت وفرقة الأحباب ويندب حظه بعد فراق الحارث وحجر(4) ويترقب اليوم الذي تنشب المنية فيه أنيابها وأظفارها، والقصيدة لا تنطوي على حكمة ولا فن سوى عظمة الندم على عهد انقضى وقدرته على وصفه، ولعل المقيمين في مكة كانوا أكثر اكتراثا للدين؛ لأنه كان يدر عليهم أرزاقًا، ولأنهم مقيمون بجوار الكعبة، على مرأى ومسمع من الأصنام والسدنة والكهان، وحياة الاستقرار تورث مخاوف وآمالا لا يعرفها الراحل والظاعن الشارع رميًا أو المجرد سيفًا في كل المواطن للدفاع عن الحياة أو الذود عن العرض أو الهجوم للسلب والغنم واقتناص الفريسة واستردادها (5). وفي اعتقادنا كان الفرق بين البدو والحضر في هذه المسألة يسيرًا؛ فكلاهما قليل الدين غير مكترث للأرباب ولا يُخد عن أحد الباحثين المحدثين فيحسب سراب العبادة المكية ماء؛ فقد كانوا يقيمون الحج ويحشدون الأصنام ويزينون الكعبة بتهاويل الآلهة وتصاوير الأنبياء، ويقدمون القرابين، ويطعمون الحجيج ويسقونهم ويرفدونهم ويحمونهم لا حبا في دعج أعين الأرباب والأصنام، ولا إيمانًا بقوتها، ولا ثقةً باستجابتها للدعاء، ولكن فعلوا ذلك وغيره بقصد التجارة بالدين، وجلبًا للمنافع المادية؛ لأن تجارتهم تدور حول موسم الحج، والأعياد التي تسبقه وتلحقه والأسواق التي تصحبه أو تتلوه؛ فقد كان في مكة الجاهلية أربعون سوقًا، عظماها عكاظ، وكانت من أعظم الأسواق التي شهدها العالم أشبه شيء بالمعارض الدولية التي تقام في العواصم الحديثة؛ لترويج المتاجر والصناعات القومية، واجتذاب السائحين والمستهلكين من كل فج عميق. ولولا الأشهر الحرم التي لا تقع فيها حرب، والمكان الحرام الذي يكون كلٌّ من يدخله آمنا فلا يُسفك فيه دم؛ ما تمكنت تلك القبيلة من الحياة المطمئنة والتجارة النافعة.

 

..................................................

1- هذا ينقض زعم كايتاني بأن المسلمين أطلقوا على والد محمد –. عليه الصلاة والسلام - اسم عبد الله بعد موته بأعوام بديلًا من اسم وثني كان يُعرف به.

2- العرض هو جماع الفضائل والمروءات، ولم يكن مقصورًا على المعنى الحديث الذي يتوجه به إلى الدفاع عن العفة وحدها.

3- اخترنا كلمة مستور لتعريب. Mystere

4- ديوان امرئ القيس، نشر سلين Slane، ص33.

5- انظر عنترة وقصته الشهيرة.




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).