الجغرافيا والانسان:

إذا كانت الجغرافيا، كعلم تهتم بدراسة والإنسان والبيئة والعلاقة بينهما من حيث تأثير كل منهما في الآخر فإن هذا  يعني أنه لا يمكن الفصل بين الإنسان والبيئة الجغرافية التي يعيش فيها، فهذه البيئة تؤثر في الإنسان من حيث استقراره وتوزيع مناطق هذا الاستقرار، ونوع النشاط الاقتصادي والاجتماعي الذي يمارسه وكذلك صفاته الجسمية والنفسية، وهذا ما عبرت عنـه بعـض الاتجاهات الجغرافية بالحتم البيئي Environmental Determinism والذي يتلخص فكرهـا في أن للبيئة الأثر الأكبر في حياة الإنسان الذي يخضع لسلطانها، وتتحدد نظم حياته الاقتصادية والاجتماعية تبعاً لما تمليه عليه ظروفها ومن ناحية أخرى فالإنسان يؤثر في البيئة التي يعيش فيها سواء بتعديل أو بتغيير بعض مظاهرها لتتلاءم مع متطلباته، وهـو مـا عـرف في الفكر الجغرافي بالإمكانية، وهو الاتجاه الذي يرفض أن تكون العلاقة بين الإنسان وبيئته علاقة حتمية، وتؤكد حرية اختيار الإنسان من إمكانيات عديدة يختار منها ما يشاء خدمة لأغراضه.

مما سبق يمكن القول أن الجغرافيا المكان وظروفه الطبيعية والبشرية تؤثر على الإنسان وتفرض عليه ظروف معينه تحدد مكانه ونشاطه وعلاقاته، وكذلك الإنسان نفسه لا يلتزم بالمحددات الجغرافية، ولكنه يسعى دائماً إلى التأثير في هذه البيئة تعديلاً وتغييراً تلبية لمطالبه واحتياجاته التي يريد تحقيقها.