المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6235 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



التعريف بعدد من الكتب / نهج البلاغة.  
  
1125   12:38 صباحاً   التاريخ: 2023-05-18
المؤلف : أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
الكتاب أو المصدر : قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة : ج2، ص 142 ـ 148.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / علم الرجال / مقالات متفرقة في علم الرجال /

نهج البلاغة (1):

من المعلوم أنّ نهج البلاغة قد تضمّن قسماً من خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) ورسائله ووصاياه وكلماته القصار، ممّا اشتمل على بلاغة متميّزة. وهو كتاب جليل القدر عظيم المنزلة، إلا أنّه قد ذكر غير واحد من الأعلام (قدّس الله أسرارهم) أنّه لا يمكن التعويل على ما ورد فيه لمجرّد اشتماله عليه.

قال السيد الأستاذ (قدس سره) (2): إنّه (لا يمكن الاستناد إلى ما ورد فيه لإثبات حكم فقهيّ؛ لأنّ كلّ ما فيه مراسيل لا تعرف أسانيدها).

وقال بعض الأعلام (طاب ثراه) في مكاسبه المحرمة (3): (إنّ تلقّي الأصحاب نهج البلاغة بالقبول لو ثبت في الفقه أيضاً إنّما هو على نحو الإجمال وهو غير ثابت في جميع الفقرات).

وذكر المحقّق التستري (قدس سره) (4) أنّ السيد الرضي كان معظم مراجعاته إلى مصادر الجمهور، ولذلك فقد يورد أحياناً ما يخالف المنقول في كتب أصحابنا، ثم ذكر بعض النماذج لذلك.

ومن النماذج التي ينبغي التعرّض لها هنا هو ما أورده منسوباً إلى الإمام (عليه السلام) أنّه قال (5): ((لله بلاء فلان لقد قوّم الأود وداوى العمد وأقام السنة وخلف البدعة..))، فقد تمسك به بعض المخالفين دليلاً على أنّ الإمام (عليه السلام) كان يعظم عمر بن الخطاب، ويقدّر له جهوده، خلافاً لما يراه الشيعة الإمامية الاثنا عشرية.

وقد راجعت في سالف الزمان مصادر هذا الكلام في كتب الجمهور (6) وتبيّن لي (7) أنّ قسماً من الكلام المذكور كان في الأصل لامرأة ندبت عمر عند وفاته، ولفظة (بلاء) محرّفة عن (نادبة)، فالصحيح أنّ الإمام (عليه السلام) قال: ((لله نادبة فلان..)).

وأمّا قوله: ((لقد قوّم الأود وداوى العمد وأقام السنة وخلّف البدعة وذهب نقي الثوب قليل العيب)) فهذا كله من كلام تلك النادبة، وقد اشتبه السيد الرضي (قدس سره) في نسبة هذا المقطع إلى الإمام (عليه السلام).

وتختلف المصادر في أنّ الإمام (عليه السلام) هل ارتضى كلام النادبة وصدّقها فيما قالت أو لا؟ فالمستفاد من تاريخ ابن عساكر وابن شبة هو الأول، فيما لم يرد في تاريخ الطبري ما يدلّ على ذلك. بل المستفاد منه أنّه (عليه السلام) إنّما صدّقها في المقطع اللاحق، وهو قولها: (أصاب خيرها واتقى شرها). وظاهر بعض المصادر أنّه من كلام النادبة أيضاً، وظاهر البعض الآخر أنّه كان من كلام الإمام (عليه السلام).

وأمّا قوله: ((أدى لله طاعته واتقاه بحقه)) كما ورد في نهج البلاغة، فقد ورد بدله في تاريخ ابن شبه: ((ولقد نظر له صاحبه فسار على الطريقة ما استقامت)) وبين العبارتين بون شاسع.

والمقطع الذي أضافه الإمام (عليه السلام) إلى كلام النادبة في حق عمر هو قوله (عليه السلام): ((رحل وتركهم في طرق متشعّبة، لا يهتدي إليها الضال، ولا يستيقن المهتدي)) وليس في هذا المقطع ولا في المقطع الذي قبله ــ بنقل ابن شبه ــ دلالة على المدح.

والحاصل: أنّه ليس كلّ ما هو في نهج البلاغة ممّا يقطع بثبوته عن الإمام (عليه السلام). نعم هو على الإجمال يتضمن خطبه وكلامه (سلام الله عليه). وبذلك يظهر الخدش فيما ذكره بعض المخالفين من أنّ نهج البلاغة قطعي الثبوت عند الشيعة، فصار بصدد الاستدلال بما ورد فيه على خلافهم، فإنّ الكتاب الوحيد الذي هو قطعي الثبوت من أوله إلى آخره هو القرآن الكريم.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1.   بحوث في شرح مناسك الحج ج:4 ص:466.
  2.  مصباح الفقاهة ج:1 ص:566. التنقيح في شرح العروة الوثقى (الاجتهاد والتقليد) ص:430.
  3.  المكاسب المحرمة ج:1 ص:320.
  4.   بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة ج:1 ص:20، ج:5 ص:581.
  5.  نهج البلاغة ج:2 ص:222.
  6.  لاحظ تاريخ دمشق ج:44 ص:457، وتاريخ الأمم والملوك ج:3 ص:285، وتاريخ المدينة المنورة ج:3 ص:941.
  7.  ما ذكر في أعلاه هو مختصر ما أورده السيد الأستاذ (دام تأييده) بشأن الكلام المذكور في كتابه غير المطبوع (شبهات وردود في العقيدة والتاريخ). ويجدر إيراد نصه وهو:

(دلالة الثناء):

قيل: إنّ السيد الشريف الرضي (رحمه الله) أورد في نهج البلاعة عن علي (عليه السلام) أنه قال: ((لله بلاء فلان لقد قوّم الأود وداوى العمد وأقام السنة وخلف البدعة. ذهب نقي الثوب، قليل العيب. أصاب خيرها وسبق شرها. أدى الى الله طاعته واتقاه بحقه. رحل وتركهم في طرق متشعبة، لا يهتدي إليها الضال ولا يستيقنّ المهتدي)) (نهج البلاغة ج:2 ص:222).

وقد حذف الشريف صاحب النهج لفظ (أبي بكر أو عمر) وأثبت بدله (فلان)، ولهذا الإيهام اختلف الشراح فقال البعض: هو أبو بكر، والبعض: عمر، ورجح الأكثر الأول، وهو الأظهر. وقد وصفه الإمام من الصفات بأعلى مراتبها فناهيك به وناهيك بها. وقد احتار الإمامية الإثنا عشرية بمثل هذا النص لأنه في نهج البلاغة، وما في النهج عندهم قطعي الثبوت، وغاية ما أجابوا أن هذا المدح كان من الإمام لاستجلاب قلوب الناس لاعتقادهم بالخليفة أشد الاعتقاد.

ولا يخفى على المنصف أنّ فيه نسبة الكذب لغرض دنيوي مظنون الحصول، بل كان اليأس منه حاصلاً قطعاً، وفيه تضييع غرض الدين بالمرة، وأيّة ضرورة تلجئه إلى هذه التأكيدات والمبالغات، وفي هذا المدح العظيم الكامل تضليل الأمة وترويج الباطل (تأملات في كتاب نهج البلاغة ص:18).

أقول: يلاحظ (أولاً): أن اتهام السيد الشريف الرضي (رحمه الله) بحذف اسم الخليفة وتبديله بلفظة (فلان) اتهام باطل لا أساس له، بل الظاهر أنه نقل النص بحذافيره من المصدر الذي اعتمده في نسبة هذا الكلام إلى الإمام (عليه السلام) من غير زيادة ولا نقيصة.

ويدل على ذلك أن ابن الأثير أورد في مادة (ع م د) ما لفظه: (ومنه حديث علي: ((لله بلاء فلان فلقد قوّم الأود وداوى العمد)) (النهاية في غريب الحديث والأثر ج:3 ص:297). فهل يحتمل في حق ابن الأثير أنه حذف اسم الخليفة من نص الحديث وأبدله بلفظ (فلان)؟!

و(ثانياً): أنّ المذكور في عدد من نسخ نهج البلاغة في عنوان الكلام المتقدم، ما لفظه: (ومن كلام له (عليه السلام) يريد به بعض أصحابه) (لاحظ طبعة مؤسسة الأعلمي ص:473، وطبعة صبحي صالح ص:350، وطبعة جماعة المدرسين بقم ص:111)، فإن ثبت اشتمال نسخة الأصل من النهج على العنوان المذكور لم يصح أن يكون المعني بفلان أحد الصاحبين، فإنهما لا يعدّان من أصحاب الإمام (عليه السلام) كما لعله واضح.

ومن هنا رجّح بعض شراح النهج أن يكون المقصود بفلان هو مالك الأشتر (رضوان الله عليه)، والأوصاف المذكورة في النص المتقدم تكاد أن تنطبق عليه بحذافيرها. وأمّا ما رجّحه القائل المشار إليه تبعاً لابن ميثم البحرانيّ من كون المعنيّ بفلان هو أبا بكر فضعيف كما يتضح مما سيأتي.

و(ثالثاً): أنّ الكتاب الوحيد الذي هو قطعي الثبوت عند الشيعة الإمامية هو (القرآن الكريم) الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأما غيره من الكتب فلا يوجد فيها ما يكون قطعي الثبوت بتمامه. وكتاب (نهج البلاغة) وإن كان عظيم القدر جليل الشأن إلا أنّه لم يسلم من بعض الأخطاء ممّا تنبه له المحققون، ومنها ما وقع في هذا الموضع منه.

ولتوضيح ذلك لا بدّ من مقارنة ما ذكر في النهج منسوباً إلى الإمام (عليه السلام) بما ورد في المصادر الأخرى بشأن الفقرات التي يشتمل عليها النص المذكور.

وما عثرت عليه في مصادر الجمهور من ذلك هي النصوص الآتية:

أخرج ابن عساكر بإسناده عن ابن بحينة قال: لما أصيب عمر. قلت: والله لآتينّ علياً فلأسمعنّ مقالته، فخرج من المغتسل فأطم ساعة فقال: ((لله نادبة عمر عاتكة وهي تقول: واعمراه مات والله قليل العيب، أقام العوج وأبرأ العمد، واعمراه ذهب والله بحظها ونجا من شرها، واعمراه ذهب والله بالسنة وأبقى الفتنة))، فقال علي: ((والله ما قالت ولكنّها قوّلت)) (تاريخ مدينة دمشق ج:44ص: 457ــ458).

أخرج الطبري بإسناده عن المغيرة بن شعبة قال: لما مات عمر بكته ابنة أبي حثمة فقالت: واعمراه أقام الأود وأبرأ العمد، أمات الفتن وأحيا السنن، خرج نقي الثوب بريئاً من العيب. قال: وقال المغيرة بن شعبة: لما دفن عمر أتيت علياً وأنا أحب أن أسمع منه في عمر شيئاً فخرج ينفض رأسه ولحيته وقد اغتسل وهو ملتحف بثوب لا يشك أن الأمر يصير إليه. فقال: ((يرحم الله ابن الخطاب، لقد صدقت ابنة أبي حثمة، لقد ذهب بخيرها ونجا من شرها، أما والله ما قالت ولكن قوّلت)) (تاريخ الطبري ج:3 ص:285).

وروى ابن عساكر بإسناده عن أوفى بن حكيم قال: لمّا كان اليوم الذي هلك فيه عمر خرج علينا عليّ مغتسلاً فجلس فأطرق ساعة ثم رفع رأسه فقال: ((لله در باكية عمر قالت: واعمراه قوّم الأود وأبرأ العمد واعمراه مات نقي الثوب قليل العيب واعمراه ذهب بالسنة وأبقى الفتنة)) (تاريخ مدينة دمشق ج:44 ص:457). وروى ابن شبة بإسناده عن عبد الله بن مالك بن عيينة الأزدي حليف بني مطلب قال: لما انصرفنا مع علي من جنازة عمر دخل فاغتسل، ثم خرج إلينا فصمت ساعة، ثم قال: ((لله بلاء نادبة عمر، لقد صدقت ابنة أبي حثمة حين قالت: واعمراه أقام الأود وأبرأ العمد، واعمراه ذهب نقي الثوب قليل العيب، واعمراه أقام السنة وخلف الفتنة))، ثم قال: ((والله ما درت هذا ولكنّها قوّلته وصدقت، والله لقد أصاب عمر خيرها وخلف شرّها، ولقد نظر له صاحبه فسار على الطريقة ما استقامت، ورحل الركب وتركهم في طرق متشعبة لا يدري الضال ولا يستيقن المهتدي)) (تاريخ المدينة ج:3ص:941ــ942).

ويؤكد كون المقطع المذكور من كلام ابنة أبي حثمة ما رواه البلاذري عن المدائني أنّه قال: (لما مات عمر.. ندبته ابنة أبي حثمة فقالت: واعمراه أقام الأود وأبرأ العمد وأمات الفتن وأحيا السنن، واعمراه خرج من الدنيا نقي الثوب بريئاً من العيب) (أنساب الأشراف ج:10 ص:430).

ويلاحظ اتفاق المصادر المتقدمة على أنّ جملة من المقاطع الواردة في النص المنسوب إلى الإمام (عليه السلام) في نهج البلاغة إنّما كانت من كلام نادبة عمر، فعدّها من كلام الإمام (عليه السلام) خطأ واشتباه.

وفيما يلي جدول للمقاطع الواردة في نهج البلاغة مع ما يوافقها أو يقابلها مما ورد في المصادر الأخرى:

1 ـ لله بلاء فلان

ابن عساكر (1): لله نادبة عمر.

الطبري: ـــــ

ابن عساكر (2): لله درّ باكية عمر.

ابن شبة: لله بلاء نادبة عمر.

2 ـ قوّم الأود

ابن عساكر (1): أقام العوج.

الطبري: أقام الأود.

ابن عساكر (2): قوّم الأود.

ابن شبة: أقام الأود.

3 ـ داوى العمد

ابن عساكر (1): أبرأ العمد.

الطبري: أبرأ العمد.

ابن عساكر (2): أبرأ العمد.

ابن شبة: أبرأ العمد.

4 ـ أقام السنة وخلّف البدعة.

ابن عساكر (1): ذهب بالسنة وأبقى الفتنة

الطبري: أمات الفتن وأحيا السنن.

ابن عساكر (2): ذهب بالسنة وأبقى الفتنة.

ابن شبة: أقام السنة وخلّف الفتنة.

5 ـ ذهب نقي الثوب قليل العيب

ابن عساكر (1): مات قليل العيب.

الطبري: خرج نقي الثوب بريئاً من العيب.

ابن عساكر (2): مات نقي الثوب قليل العيب.

ابن شبة: ذهب نقي الثوب قليل العيب.

6 ـ ذهب بحظها ونجا من شرها.

ابن عساكر (1): ذهب بحظها ونجا من شرها.

الطبري: ذهب بخيرها ونجا من شرها.

ابن عساكر (2): ـــــ

ابن شبة: أصاب خيرها وخلّف شرها.

7 ـ أدى لله طاعته واتقاه بحقه

ابن عساكر (1): ـــــ

الطبري: ـــــ

ابن عساكر (2): ـــــ

ابن شبة: ولقد نظر له صاحبه فسار على الطريقة ما استقامت.

8ـ رحل وتركهم في طرق متشعبة لا يهتدي إليها الضال ولا يستيقن المهتدي

ابن عساكر (1): ـــــ

الطبري: ـــــ

ابن عساكر (2): ـــــ

ابن شبة: ورحل الركب وتركهم في طرق متشعبة لا يدري الضال ولا يستيقن المهتدي

ويتضح بملاحظة الجدول المذكور:

ــ أنّ المقطع الأول الوارد في النهج وهو قوله: (لله بلاء فلان) كان في الأصل: (لله نادبة عمر)، أو ما يقرب منه.

ــ أنّ المقاطع الأربعة التي بعده، أي من المقطع الثاني إلى الخامس كانت من كلام نادبة عمر.

وتختلف المصادر في أنّ الإمام (عليه السلام) هل ارتضى كلامها وصدّقها فيما قالت أو لا، فالمستفاد ممّا ورد في تاريخ ابن عساكر وتاريخ ابن شبة هو الأول، فيما لم يرد في تاريخ الطبري ما يدلّ على ذلك، بل المستفاد منه أنّه (عليه السلام) إنّما صدّقها في المقطع السادس الآتي. ويلاحظ اشتمال المصادر الثلاثة على تأكيد الإمام (عليه السلام) على أنّ ما صدر من النادبة بشأن عمر لم يكن ممّا قالته بل قوّلته، والمقصود أنّه قد ألقي على لسانها التكلم به، أي لقّنت إياه، قال الزمخشري (الفائق في غريب الحديث ج:1 ص:59) وغيره: أن (المعنى أنّ الله أجراه على لسانها)، ولكن لعلّ الإمام (عليه السلام) استخدم هذا التعبير وأراد به معنى آخر تورية، أي أراد أنّ بعض الإنس أو الجنّ أجراه على لسانها.

ومهما يكن فلا إشكال في أنّ المقاطع الأربعة المذكورة لم تكن للإمام (عليه السلام) فنسبتها إليه ــ كما في نهج البلاغة ــ خطأ محض.

ـ أمّا المقطع السادس فالمستفاد ممّا ورد في تاريخ ابن عساكر عن ابن بحينة وفي تاريخ الطبري هو أنّه كان من كلام النادبة، ولكن ظاهر المذكور في تاريخ ابن شبة أنّه كان من كلام الإمام (عليه السلام) عقّب به على كلام النادبة

ـ أمّا المقطع السابع فلا يوجد إلا في نهج البلاغة وتاريخ ابن شبة وبينهما اختلاف تام فيه.

ـ أمّا المقطع الثامن فيكاد يتفق ما ورد في نهج البلاغة وما ورد في تاريخ ابن شبة بشأنه، ولا يوجد هذا المقطع في سائر المصادر..

والملاحظ أنّ كلا المقطعين ليس صريحاً في مدح (فلان)، بل يحتملان الذم أيضاً، بل هما إلى الذم أقرب منه إلى المدح، والظاهر أنّ الإمام (عليه السلام) اختار التورّي بهما.

وكيف يمدح (عليه السلام) من قال عنه بعد سنوات: ((صيّرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ويخشن مسها ويكثر العثار فيها والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم وإن أسلس لها تقحّم، فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس، وتلوّن واعتراض. فصبرت على طول المدة وشدة المحنة. حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنّي أحدهم)) (نهج البلاغة ج:1 ص:33).

 




علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)