المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6234 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31

نشوء القراءات وتطورها
15-11-2020
الشعير في الوطن العربي
24-7-2022
تنكيل عثمان بعمّار بن ياسر
22-3-2016
السيد محمد بن محمد بن إبراهيم بن زين العابدين
4-2-2018
مرض العفن الحلقي في البطاطس
16-3-2016
رواية الأجلّاء.
2024-02-12


بركة الدعاء وفضله.  
  
1284   10:37 صباحاً   التاريخ: 2023-04-21
المؤلف : الحسن بن أبي الحسن محمد الديلميّ.
الكتاب أو المصدر : إرشاد القلوب
الجزء والصفحة : ج1، ص 290 ـ 300.
القسم : الاخلاق و الادعية / أخلاقيات عامة /

قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]

وقال سبحانه: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62]

وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60] يعني عن دعائي.

وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 42، 43].

وقال: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} [الأنعام: 63].

ومدح قوماً على الدعاء فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].

 وقال النبي (صلى الله عليه وآله): "أفضل العبادة الدعاء" (1).

وقال: "الدعاء مخّ العبادة" (2).

وقال: إذا أذن الله لعبد في الدعاء فتح له باب الاجابة بالرحمة، وانّه لن يهلك مع الدعاء هالك (3)، وانّ الله سبحانه وتعالى يغضب إذا ترك سؤاله، فليسأل أحدكم ربّه حتّى شسع نعله إذا انقطع، إنّ سلاح المؤمن الدعاء.

وقال (عليه السلام): "إنّه سبحانه يبتلي العبد حتّى يسمع دعاءه وتضرّعه" (4).

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "ما كان الله ليفتح على العبد باب الدعاء ويغلق عنه باب الاجابة وهو يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} وما كان الله ليفتح باب التوبة فيغلق باب [الرحمة و] (5) المغفرة، لأنّه يقول: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} [الشورى: 25].

وما كان الله ليفتح باب الشكر ويغلق باب الزيادة لأنّه يقول: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] وما كان الله ليفتح باب التوكّل ولم يجعل للمتوكّل مخرجاً فإنّه سبحانه يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 2، 3]

وقال (عليه السلام): "الدعاء يردّ القضاء المبرم" (6).

وقال (عليه السلام): "من سرّه أن يكشف عنه البلاء فليكثر من الدعاء".

وينبغي للعبد أن يدعو بهمّ مجموع، وقلب خاشع، وسريرة خالصة، وبدن خاضع، وجوارح متذلّلة، ويقين واثق بالإجابة ليصدق قوله تعالى: {اُدعوني أستجب لكم}، ولا يكون قلبه متشاغلا لغير الله تعالى.

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "للدعاء شروط أربعة، الأوّل: احضار النيّة، الثاني: اخلاص السريرة، الثالث: معرفة المسؤول، الرابع: الانصاف في المسألة، فإنّه روي أنّ موسى (عليه السلام) مرّ برجل ساجد يبكي ويتضرّع ويدعو، فقال موسى: يا ربّ لو كانت حاجة هذا العبد إليّ (7) لقضيّتها، فأوحى الله إليه: يا موسى إنّه يدعوني وقلبه مشغول بغنم له، فلو سجد حتّى ينقطع صلبه وتتفقّأ عيناه لم أستجب له، وفي رواية اُخرى: حتّى يتحوّل عمّا أبغض إلى ما اُحبّ.

وقال تعالى: "إنّ العبد يدعوني للحاجة فآمر بقضائها، فيذنب فأقول للملك: إنّ عبدي قد تعرّض لسخطي بالمعصية فاستحقّ الحرمان، وانّه لا ينال ما عندي إلاّ بطاعتي" (8).

وقال النبي (صلى الله عليه وآله): "إنّ العبد ليرفع يديه إلى الله تعالى ومطعمه حرام وملبسه حرام، فكيف يُستجاب له وهذه حالته؟!" (9).

وقال: "ثلاث خصال يدرك بها خير الدنيا والآخرة: الشكر عند النعماء، والصبر عند الضرّاء، والدعاء عند البلاء".

وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): "لو أنّ الناس إذا زالت عنهم النعم ونزلت بهم النقم، فزعوا إلى الله بوله من نفوسهم، وصادق من نيّاتهم، وخالص من سرائرهم، لردّ عليهم كلّ شارد، ولأصلح لهم كلّ فاسد، ولكنّهم أخلوا بشكر النعم فسلبوها، وإنّ الله تعالى يعطي النعم بشرط الشكر لها والقيام فيها بحقوقها، فإذا أخلّ المكلّف بذلك كان لله التغيير.

وقال أمير المؤمنين عليه السلام: التعلّل زكاة البدن، والمعروف زكاة النعم، وكلّ نعمة اُنيل منها المعروف فمأمونة السلب، محصنة من الغير".

وقال: "والله ما نزع من قوم نعماً إلاّ بذنوب اجترحوها، فاربطوها بالشكر وقيّدوها بالطاعة، والدعاء مفتاح الرحمة، وسراج الزاهدين، وشوق العابدين، وأقرب الناس إلى الاجابة والرحمة الطائع المضطر الذي لابدّ له ممّا سأله وخصوصاً عند نفوذ الصبر".

وقال النبي (صلى الله عليه وآله): "فعند فناء الصبر باب الفرج".

وجاءت امرأة إلى الصادق (عليه السلام) فقالت: يا ابن رسول الله إنّ ابني سافر عنّي وقد طالت غيبته وقد اشتدّ شوقي إليه فادع الله لي، فقال لها: عليك بالصبر، فمضت وأخذت صبراً واستعملته، ثمّ جاءت بعد ذلك فشكت إليه فقال لها: عليك بالصبر، فاستعملته.

ثمّ جاءت فشكت إليه طول غيبة ابنها، فقال لها: ألم أقل لك عليك بالصبر؟ فقالت: يا ابن رسول الله كم الصبر، فوالله لقد فنى الصبر، فقال: ارجعي إلى منزلك تجدي ولدك قد قدم من سفره، فمضت فوجدته قد قدم، فأتت به إليه، فقالوا: يا ابن رسول الله أوحيٌ بعد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ قال: لا ولكنّه قد قال: عند فناء الصبر يأتي الفرج، فلمّا قالت قد فنى الصبر عرفت انّ الله قد فرّج عنها بقدوم ولدها.

والدعاء اظهار العبد الفاقة والافتقار إلى الله تعالى مع الاستكانة والتذلّل والمسكنة والخضوع، وإذا فعل العبد ذلك فقد فعل ما عليه من العبوديّة، ولله سبحانه المشيئة في الاستجابة على قدر ما يراه من مصلحة العبد وما يقتضيه العدل والحكمة، لأنّ جوده وكرمه لا يتعدّيان حكمته، فإنّه سبحانه لا يمنع لبخل ولعُدم بل للمصلحة وما تقتضيه الحكمة، لا على سؤال العبد فيما يقترحه ويهواه، ولهذا قال: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 71] لأنّ الداعي يدعو بما يظنّه انّه مصلحة له، والله يعمل على ما يعلم، كمن دعا الله تعالى أن يعطيه مالا وعلم انّه يطغى به فمنعه اشفاقاً عليه ورحمة له، فسبحان من عطاؤه كرم، ومنعه فضل.

ومن أكثر من الدعاء والذكر والشكر والحمد والثناء على الله أعطاه الله أفضل ما يعطي السائلين، فإنّه تعالى يقول في بعض كتبه: "إذا شغل عبدي ذكري عن مسألته أعطيته أفضل ممّا أعطي السائلين".

وينبغي أن يكون الداعي بلسانه راضياً بقلبه فيما يجري له وعليه ليجمع بين الأمرين: الرجاء والرضا، ولا ينبغي للعبد أن يملّ، والتطويل له أفضل ما لم يتضيّق وقت فريضة.

وفي الخبر انّ الله إذا أحبّ أن يسمع صوت عبده ودعاءه أخّر حاجته (10)، يقول: يا جبرئيل أخّر حاجته فإنّي اُحبّ تضرّعه وسماع صوته، وإذا كره سماع صوت عبده قال: يا جبرئيل عجّل حاجته فإنّي أكره أن أسمع صوته (11).

هذا إذا كان عاصياً، وإنّ العبد ليدعو الله تعالى وهو عليه غضبان فيردّه، ثمّ يدعو فيردّه، ثمّ يدعوه فيقول: أبى عبدي أن يدعو غيري فقد استجبت له (12).

فلا تيأسوا من تأخير الاجابة، وقد كان بين اجابة موسى وهارون في فرعون أربعين سنة من حين قال الله لهما: {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس: 89] وروي انّ تاجراً كان في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) يسافر من المدينة إلى الشام ولا يصحب القوافل توكّلا على الله، فعرض له لصّ في طريقه وصاح به، فوقف فقال له: خذ المال ودعني، فقال: لا غنى لي عن نفسك، فقال: دعني أتوضّأ واُصلّي أربع ركعات، فقال: افعل ما شئت، فتوضّأ وصلّى ثمّ رفع يديه إلى السماء وقال: "يا ودود يا ودود، يا ذا العرش المجيد، يا مبدئ يا معيد، يا ذا البطش الشديد، يا فعّالا لما يريد، أسألك بنور وجهك الذي ملأ أركان عرشك، وأسألك بقدرتك التي قدّرت بها على جميع خلقك، وبرحمتك التي وسعت كلّ شيء، لا إله إلاّ أنت، يا مغيث أغثني، يا مغيث صلّ على محمّد وآل محمد وأغثني".

فإذا هو بفارس على فرس أشهب عليه ثياب خضر وبيده رمح، فشدّ على اللص فطعنه طعنة فقتله، ثمّ قال للتاجر: اعلم إنّي ملك من السماء الثالثة حين دعوت سمعنا أبواب السماء قد فتحت، فنزل جبرئيل عليه السلام وأمرني بقتله، واعلم يا عبد الله انّه ما دعا بدعائك هذا مكروب ولا محزون إلاّ فرّج الله عنه وأغاثه، فرجع التاجر إلى المدينة سالماً، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك فقال له: لقد لقّنك الله أسماءه الحسنى التي إذا دُعي بها أجاب وإذا سُئل بها أعطى.

قال مصنّف هذا الكتاب شمله الله تعالى بواسع رحمته: إنّ من شرائط الدعاء وآدابه استحضار العبد ذهنه وفطنته، وألّا يكون قلبه متشاغلا بغير الله، فإنّ النبي صلى الله عليه وآله قال: إنّ الله لا يستجيب دعاء عبد وقلب لاهٍ (13).

ومن شرائطه أن يكون مطعم العبد وملبسه من حلال، فإنّ الله سبحانه قال: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]، وقال رجل للصادق عليه السلام: إنّا ندعو الله فلا يستجيب لنا، قال: إنّكم تدعون من لا تهابونه وتعصونه، فكيف يستجيب لكم؟!

وروى عثمان بن عيسى عمّن حدّثه، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: آيتين في كتاب الله أطلبهما ولا أجدهما، قال: ما هما؟ قلت: قول الله عز وجل: {اُدعوني أستجب لكم} فندعوه فلا نرى اجابة، قال: أفترى الله أخلف وعده؟ قلت: لا، قال: فممّ ذلك؟ قلت: لا أدري، فقال: ولكنّي اُخبرك، من أطاع الله فيما أمره ثمّ دعاه من جهة الدعاء أجابه. قلت: وما جهة الدعاء؟ قال: تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك، ثمّ تشكره ثمّ تصلّي على النبي صلى الله عليه وآله، ثمّ تذكر ذنوبك فتقرّ بها، ثمّ تستغفر الله منها، فهذا جهة الدعاء، قال: وما الآية الاُخرى؟ قلت: قول الله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39] وانّي أنفق ولا أرى خلفاً، قال: أفترى الله أخلف وعده؟ قلت: لا، قال: فممّ؟ قلت: لا أدري، قال: لو أنّ أحدكم اكتسب المال من حلّه وأنفقه في حقّه، لم ينفق رجل درهماً إلاّ أخلفه الله عليه (14).

وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "ما من عبد دعا الله سبحانه دعوة ليس فيها قطيعة رحم ولا اثم إلاّ أعطاه الله بها احدى خصال ثلاث: أما أن تعجّل دعوته، وأما أن تؤخّر له، وأما أن تدفع عنه من السوء مثلها، قالوا: يا رسول الله إذن نُكْثِر، قال: الله أكثر، وفي رواية: الله أكثر وأطيب ـ ثلاث مرّات" (15).

وفيما أوحى الله إلى موسى (عليه السلام): "ما خلقت خلقاً أحبّ إليّ من عبدي المؤمن، وانّي إنّما ابتليته لما هو خير له، وعافيته لما هو خير له، وأنا أعلم بما يصلح عبدي، فليصبر على بلائي وليشكر على نعمائي أثبته في الصديقين عندي إن عمل برضائي وأطاع أمري" (16).

وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يقول الله عز وجل: يا عبادي أطيعوني فيما أمرتكم ولا تعلموني بما يصلحكم، فإنّي أعلم به ولا أبخل عليكم بمصالحكم" (17).

وقال النبي (صلى الله عليه وآله): "يا عباد الله أنتم كالمرضى وربّ العالمين كالطبيب، فصلاح المرضى فيما يعلمه الطبيب ويدبّره، لا فيما يشتهيه المريض ويقترحه، ألا فسلّموا الله أمره تكونوا من الفائزين" (18).

وعن الصادق (عليه السلام): "عجبت للمؤمن لا يقضي الله بقضاء إلاّ كان خيراً له، وإن قرض بالمقاريض كان خيراً له، وإن ملك مشارق الأرض ومغاربها كان خيراً له" (19).

وفيما أوحى الله إلى داود (عليه السلام): "من انقطع إليّ كفيته، ومن سألني أعطيته، ومن دعاني أجبته، وإنّما اُؤخّر دعوته وهي معلّقة وقد استجبتها حتّى يتمّ قضائي، فإذا تمّ قضائي أنفذت ما سأل.

قل للمظلوم: إنّما اُؤخّر دعوتك وقد استجبتها لك على من ظلمك لضروب

كثيرة غابت عنك، وأنا أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، امّا أن يكون قد ظلمت رجلا فدعا عليك فتكون هذه بهذه لا لك ولا عليك، وامّا أن تكون لك درجة في الجنّة لا تبلغها عندي إلاّ بظلمه لك، لأنّي أختبر عبادي في أموالهم وأنفسهم وربّما أمرضت العبد فقلّت صلاته وخدمته، ولصوته إذا دعاني في كربته أحبّ إليّ من صلاة المصلّين.

ولربما صلّى العبد فأضرب بها وجهه، وأحجب عنّي صوته، أتدري من ذلك يا داود؟ ذلك الذي يكثر الالتفات إلى حرم المؤمنين بعين الفسق، وذلك الذي حدّثته نفسه لو ولّي أمراً لضرب فيه الرقاب ظلماً.

يا داود نح على خطيئتك كالمرأة الثكلى على ولدها، لو رأيت الذين يأكلون الناس بألسنتهم وقد بسطتها بسط الأديم، وضربت نواحي ألسنتهم بمقامع من نار ثمّ سلّطت عليهم موبخاً لهم يقول: يا أهل النار هذا فلان السليط فاعرفوه، كم من ركعة طويلة فيها بكى وخشيته ما تساوي عند الله فتيلا، حين نظرت في قلبه فوجدته إن سلّم من صلاته وبرزت له امرأة وعرضت عليه نفسها أجابها، وإن عامله مؤمن خاتله (20).

وقال (عليه السلام) في صفة رفع اليدين بالدعاء: "هكذا الرغبة، وبسط راحتيه باطنهما إلى السماء، وهكذا الرهبة وجعل ظهرهما إلى السماء، وقال: هكذا التضرّع ورفع اصبعيه السبابتين وحرّكهما يميناً وشمالا، وقال: هكذا التبتّل ورفع سبابتيه عالياً ونصبهما، وقال: هكذا الابتهال وبسط يديه رافعاً لهما، وقال: من ابتهل منكم فمع الدمعة يجريها على خدّيه، وينبغي للداعي أن يكون متطهّراً مستقبل القبلة" (21).

ومن آداب الدعاء المواضع الشريفة، والأوقات الشريفة، وعقيب الصلاة، وأن يكون في يده خاتم عقيق أو ذي فص عقيق، فقد روي انّه لا ترد يد فيها عقيق، وقال: ما رفع إلى الله كفّ أحبّ إليه من كف فيها عقيق، وانّه لا يفتقر كفّ فيها عقيق، وهو أمن في السفر (22).

وقال الصادق (عليه السلام): "صلاة ركعتين بخاتم عقيق أفضل من سبعين ركعة بغيره".

وقال (عليه السلام): "العقيق أوّل جبل أقرّ لله تعالى بالعبوديّة والوحدانيّة، ولمحمّد صلى الله عليه وآله بالنبوّة، ولعليّ بالولاية، آلى (23) الله على نفسه أنّه لا يرد كفّاً رفعت إليه بالعقيق ولا يعذّبها.

وكان قد أضرّ رجل فشكى إلى الله تعالى، فرأى في منامه قائلا يقول له: قل يا قريب يا مجيب يا سميع يا بصير يا لطيف يا خبير يا لطيفاً لما يشاء، صلّ على محمد وآل محمد وردّ عليّ بصري، فردّ الله تعالى عليه بصره.

وروي أنّ شاباً تعلّق بأستار الكعبة باكياً وقال: الهي ليس لك شريك فيؤتى، ولا وزير فيرشى، ولا حاجب فينادى، إن أطعتك فلك الحمد والفضل، وإن عصيتك فلك الحجة، فبإثبات حجّتك عليّ وقطع حجّتي اغفر لي، فسمع هاتفاً يقول: أنت معتوق من النار، وخير الدعاء ما هيّجته الأحزان، وحرّكته الأشجان، وشفيع المذنبين دموعهم (24).

وقال النبي (صلى الله عليه وآله): "عليكم بالبكاء من خشية الله، يبنى لكم بكلّ دمعة ألف بيت في الجنّة، وما من شيء أحبّ إلى الله من قطرة دمع من خشية الله، وقطرة دم جرت في سبيل الله، وإذا أراد الله بعبد خيراً نصب في قلبه نائحة من الحزن، وانّ الله يحبّ كلّ قلب حزين، وخير الدعاء الخفي، قال الله تعالى: {اُدعوا ربّكم تضرّعاً وخفيةً}" (25).

وقال النبي (صلى الله عليه وآله): "خير العبادة أخفاها" (26).

وقال: "خير الذكر الخفي" (27).

وقال: "دعاء السرّ يزيد على الجهر سبعين ضعفاً" (28).

وأثنى الله سبحانه على زكريا (عليه السلام) بقوله: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا} [مريم: 2، 3]، وسمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) أقواماً يجاهرون بالدعاء، فقال: "أربعوا (29) بأصواتكم فإنّ ربّكم ليس بأصمّ" (30).

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1. كنز العمال 2: 64 ح3134.
  2. كنز العمال 2: 62 ح3113.
  3.  إلى هنا في البحار 93: 302 ح39 عن عدّة الداعي.
  4. مجموعة ورام 1: 4 نحوه.
  5. أثبتناه من "ب".
  6.  البحار 93: 289 ضمن حديث 5; عن الخصال، حديث الأربعمائة.
  7. في "ج": بيدي.
  8. الكافي 2: 271 ح14; عنه البحار 73: 329 ح11 باختلاف.
  9. كنز العمال 2: 81 ح3236 نحوه.
  10. في "ج": اجابته.
  11. كنز العمال 2: 85 ح3261; جامع الأخبار: 370 ح1025; عدة الداعي: 31.
  12. مجموعة ورام 1: 7 نحوه.
  13. راجع الكافي 2: 489 ح5; والآية في سورة يونس: 89.
  14.  الدعوات: 30 ح61; عنه البحار 93: 313 ضمن حديث 17.
  15. الكافي 2: 486 ح8; عدّة الداعي: 21.
  16.  كنز العمال 2: 70 ح3171; دعوات الراوندي: 19 ح12; عنه البحار 93: 366 ح16; جامع الأخبار: 369 ح1022.
  17.  أمالي المفيد: 63; عنه البحار 67: 235 ح52; وأمالي الطوسي: 238 ح13 مجلس 9.
  18. مجموعة ورام 2: 108; عدة الداعي: 37.
  19. الاحتجاج 1: 85، احتجاجه في تحويل القبلة; عنه البحار 84: 61 ضمن حديث 12; مجموعة ورام 2: 117.
  20. الكافي 2: 62 ح8; عنه البحار 72: 331 ح15; مجموعة ورام 2: 184.
  21. البحار 14: 42 ح34; عن عدة الداعي: 38.
  22. مكارم الأخلاق: 272 في الأوقات المرجوّة لإجابة الدعاء.
  23. عدة الداعي: 129.
  24. في "ج": قدر.
  25. هكذا وفي "الف": ذنوبهم.
  26. قرب الاسناد: 135 ح475، وفيه: أعظم العبادة أجراً.
  27. كنز العمال 1: 417 ح1771.
  28. البحار 93: 312 ضمن حديث 17; عن الدعوات: 18 ح7.
  29. في "ج": لا ترفعوا.
  30. كنز العمال 2: 82 ح3243 نحوه.

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.