القرآن الكريم هو بمنزلة دستور للعلوم والمعارف الدينية ورسالته هي رسم الخطوط العريضة للدين وإفاضة الأصول الجامعة له. أما الاجتهاد في التفريع بالاستمداد من التحليلات العقلية والاستدلالات الروائية والتاريخية فيقع على عاتق المحققين من ذوي الفن وفرع التاريخ هو من أهم فروع العلوم الإسلامية حيث يشتمل القرآن الكريم وسنة المعصومين الله على الكثير من مباحثه وهو يعد السير فى الآفاق والأقطار بغية دراسة ومناقشة العلل وراء رقي الملل والأقوام وانحطاطها أمراً ضروريا.

ومن بين الملل السالفة فقد استفاض الحديث عن بني إسرائيل. ولو كان في متناول المحقق الباحث تاريخ تحليلي مدون وموثق عن أقباط مصر، وبني إسرائيل المهاجرين إلى مصر في زمان النبي يوسف (عليه السلام)، والمهاجرين منها في زمان النبي موسى (عليه السلام)، لاتضح السبب من وراء حلول نزعة سفك دماء المحرومين من بني إسرائيل في قلوب آل فرعون محلّ الشعور بالحزن والأسى عليهم فعمد إلى تذبيحهم وتقتيلهم وتعبيدهم، ولتجلى هل كان الجانب الأكبر من الأعمال الشاقة لتشييد الضخمة وأبنيتها التاريخيّة، وحمل الأحجار من مسافات شاسعة، والنصب المضني لأدوات البناء على عاتق مستضعفي بني إسرائيل؟ وهل كان نبوغهم السياسي وبلوغهم على صعيد المجابهة هو الباعث على خوف الملوك الطغاة الغاشمين؟ أم إن كل ما أصاب آل فرعون من هلع وذعر كان جراء حلم فرعون أو إخبار المنجمين؟

تنويه: لقد جاء القسم الأعظم من وقائع قصة بني إسرائيل في السور المكية التي تغلب عليها، أكثر من غيرها، صبغة مقارعة الظلم ونشر التوحيد والحث على التحرر والاستقلال.