أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-6-2019
17535
التاريخ: 2024-10-25
33
التاريخ: 2023-08-13
1006
التاريخ: 2023-08-21
1100
|
......................................
من الصعب تعريف الهندوسية بنفس الدقة التي يمكن بها تحديد أو تعريف الديانات الأخرى مثل اليهودية، والمسيحية والإسلام، وذلك لأن مصطلح «الهندوسية» لم يستخدمه الهنود أنفسهم الذين لم يضعوا اسما محددا لدينهم. ويعود ذلك إلى اتساع مفهوم الهندوسية ليشمل العديد من عقائد الهند، وعادتها الدينية، وطرقها المتعددة إلى الخلاص، كما يرجع هذا أيضا إلى تعدد عصور الديانة الهندوسية بحيث أن المسمى لم يعد صالحا لإطلاقه على تاريخ الفكر الديني الهندي منذ بدايته وحتى العصر الحديث. وكلمة «هندي» لم يستخدمها الهنود الآريون الذين طوروا المعتقدات الهندية ووحدوها بالهندوسية. فقد سموا أنفسهم بالآريين، وأطلقوا على دينهم اسم الطريقة فيما يسمى: الآرية (Arya - dharma) (1) وبعد ظهور كتب الفيدا المقدسة وتشكيل الدين حولها أطلقوا على ديانة الفيدا اسم (طريقة الفيدا). ويجب أن نشير هنا أيضاً إلى أن كلمة الهندوسية ليست كلمة هندية أصيلة، ولكنها تمثل النطق الإيراني للمصطلح الهندي. فمنذ الغزو الإيراني للسند تم نطق الكلمة سندو (Sindu) (وهو الاسم السنسكريني لنهر الهند Indus) على أنها هندو Hindu وانتشر هذا النطق الخاطئ، واشتقت منه المشتقات الأخرى مثل الهندوس Hindus والهندوسية "Hinduism ونهر الهند Indus والهند India والهنود Indians (2) وقد امتد هذا الاستخدام الخاطئ ليطلق على السكان الأصليين لشمال ووسط وجنوب الأميركتين. والدليل على صحة هذا الرأي السابق أن البوذا في القرن السادس قبل الميلاد لم يعرف أو يستخدم المصطلح «هندوسية، وقد أطلق على الحقائق الدينية التي علمها مسمى «الحقائق الآرية»، كما أن مؤسس الديانة الجينية مهافيرا اعتقد أيضاً أنه يعلم «الطريقة الآرية الصحيحة (3). ويلاحظ هنا أن مصطلح «الآرية» لا يستخدم بمعناه العرقي المشير إلى الجنس الآري، ولكن يستخدم بالمعنى الديني المشير إلى النموذج أو المثال الديني الآري الذي يعد الأساس الديني الهندي، وقد عرفت دائرة المعارف الجينية الآري بأنه النباتي الذي يلتزم بمبدأ اللاعنف أو عدم الأذى، ويتبع طريق مهافيرا وتعاليمه (4). وهكذا تجد أن كل أديان الهند على مختلف عصورها حاولت ربط نفسها بالطريقة الآرية للحياة في نظرتها إلى الكون والمخلوقات على الرغم من أن هذه الأديان تختلف فيما بينها، ويعتبر بعضها مثل البوذية والجينية من الأديان المعارضة للهندوسية والمنشقة عليها، ويحاول مؤرخ الأديان أ.ل بشام L. Basham. تعريف الهندي تعريفاً جامعاً بقوله الهندي هو الإنسان (الذي يقيم اعتقاداته وطريقة حياته على النظام الديني المركب والممارسات الدينية التي نمت وتطورت عضوياً في شبه القارة الهندية خلال ثلاثة آلاف عام) (5) وواضح أن هذا التعريف يدخل فيه البوذى والجيني وكل أصحاب الديانات والفرق الأخرى التي تطورت داخل الهندوسية منذ بدايتها وحتى الوقت الحالي. فالهندوسية دين قديم احتفظ بجوانب بدائية عديدة بقيت إلى جانب النظم الفلسفية المعقدة وهناك رأى يتفق مع هذه الرؤية الشاملة لمصطلح «الهندوسية»، وهو أن هذه التسمية أطلقها المسلمون على كل سكان شبه القارة الهندية الذين لا ينتمون إلى الإسلام أو المسيحية أو أي دين آخر محدود. ويحتفظ بعض مؤرخي الأديان بالتسمية «هندوسية» لإطلاقها على الديانات التي تطورت في الفترة بين القرنين التاسع الميلادي والحادي عشر الميلادي. ويطلق اسم البراهمانية على الديانة من القرن الثامن قبل الميلاد إلى القرن التاسع الميلادي، وهذا يعنى أن الهندوسية اسم للدين في عصر واحد فقط من عصور الفكر الديني الهندي (6) والهندوسية ديانة أثنية عرقية، فهي دين وحدة ثقافية وجماعة دينية لا تحاول جذب غيرها إلى ديانتها، وهي في هذا تشبه اليهودية كديانة جماعة ذات ثقافة محدودة لا تهتم بالتبليغ والدعوة. وتختلف الهندوسية في هذا عن البوذية في اهتمام الأخيرة بالانتشار خارج إطار المجموعة الثقافية التي نشأت فيها، وتتميز الهندوسية من بين الديانات بعقيدة التناسخ والتي تقول بأن الروح تنتقل في عدة أجسام خلال رحلتها في الوجود حتى تصل إلى غايتها النهائية وأن كل الأشياء الحية لها أرواح متساوية تختلف من خلال قانون الكرما، وهو تأثير الأعمال السابقة والتي تؤدى إلى تناسخ الروح في عدة أشكال من الجسم. وتعرف الهندوسية أيضاً بالاعتقاد في وحدة الوجود والقول بأن الله في كل شيء وأن الوجود هو الله. Monism (7) وتتميز الهندوسية أيضاً بأنها ربطت الدين بالمجتمع من خلال نظام للطبقات اتخذ شكلاً دينياً أعطاه ثباتا وجعله غير قابل للتغيير إذ أن التغير في النظام الطبقي الاجتماعي يعد تغيرا في الدين نفسه وفى النظام الديني، الأمر الذي جعل التغير في النظام الاجتماعي من أعقد المشاكل الدينية التي تواجه المجتمع الهندي عبر العصور ويعطى أبو الريحان البيروني فكرة عن كيفية الربط بين الطبقات والدين بقوله: « وهذه الطبقات في أول الأمر أربع علياها البراهمية ، قد ذكروا في كتبهم أن خلقتهم من رأس براهم وأن هذا الاسم كتابة عن القوة المسماة طبيعة والرأس علاوة الحيوان فالبراهمة نقاوة الجنس ولذلك صاروا عندهم خير الناس، والطبقة التي تتلوهم ،کشتر، خلقوا بزعمهم من مناكب براهم ويديه ورتبتهم عن رتبة البراهمية غير متباعدة جداً ودونهم «بيتش» خلقوا من رجلي براهم وهاتان المرتبتان الأخيرتان متقاربتان ، وعلى تميزهم تجمع المدن والقرى أربعتهم مختلف المساكن والدور، ثم أصحاب المهن . ويسمون أنتز وهم ثمانية أصناف (8). وتمثل الطبقات في الفكر الهندي جزءا من القانون الكوني الأزلي. ويعتقد جازنب Glasnapp .H أن نظام الطبقات الهندي يعود بأصله إلى رغبة الغزاة الأريين - الذين عبروا إلى الهند عبر الممرات الجبلية في شمال غرب البنجاب فيما بين 1500 - 150 ق.م - في عزل أنفسهم عن الجنس الهندي الذي غزوه (9) وقد تلقت ديانة الهند قبل الآريين تغيرات وتوضيحات مفصلة في النصوص البراهمانية من بعد الألف الأولى قبل الميلاد. وتحولت هذه الديانة بعد هذه التفاصيل التي دخلتها إلى ديانة طقوس منظمة نتج عنها نظام معقد للكهنوت تمخض عن زيادة عظيمة في قوة الكهنة وبخاصة لأن الإنسان الهندي العادي فقد القدرة على الإحاطة بكل التفاصيل والتفاسير التي أضيفت إلى الديانة ، وأصبح عاجزا عن فهم كل الطقوس والشعائر المرتبطة بالقرابين وكيفية تأديتها على النظام الصحيح، وأصبح الاعتماد على الكهنة في تأدية الطقوس اعتماداً كلياً ، وأصبحت وظيفة الكهنوت وظيفة وراثية يرثها الابن عن الأب فتكونت طبقة رجال الدين الكهنة التي احتلت قمة النظام الطبقي في المجتمع الهندي ، وتأتي بعدها في المرتبة طبقة المحاربين التي ينتمي إليها الملوك ، وطبقة الفلاحين والحرفيين ، وفي النهاية تحتل طبقة اجتماعية منبوذة وتعتبر طبقة نجسة ولذلك يسمى أفرادها « المنبوذون» ، وهم يعملون في كل الأعمال غير النظيفة أو التي تسبب النجاسة ، ولهذا النظام الطبقي اعتبرت الهندوسية نظاما دينيا اجتماعيا وهناك فرق تنسب نفسها إلى الآلهة مباشرة، وتعتبر نفسها سليلة الألوهية ، وهناك حدود اجتماعية ودينية فاصلة بين هذه الطبقات فالزواج يكون من نفس الطبقة ، والانتقال من طبقة إلى طبقة أخرى غير ممكن، وغالبا ما يمارس الأفراد من الطبقة الواحدة نفس المهنة والتي تعتبر وراثية، ولكل طبقة عادتها الاجتماعية وتقاليدها الخاصة بها (10) . ويبدو أن نظام الطبقات بدأ معتمدا على اختلاف اللون والجنس والوظيفة ثم تطور ليرتبط بالدين ارتباطا عضويا، فهو من الناحية التاريخية لا يعد معلما أساسيا في الديانة الهندوسية. وقد اكتسب هذه الصفة في وقت متأخر ربما يرتبط بظهور الأريين واختلافهم في الجنس واللون والوظيفة عن الهنود الذين تم غزوهم، ويلاحظ أن الطبقات الأولى تحتوي على البيض من حيث اللون، وعلى الكهنة والملوك والتجار والفلاحين ملاك الأراضي من حيث الوظيفة أو العمل (11). أما الملونون فقد وضعوا في طبقة تخصهم دون البيض، وهم يتكونون أصلا من السكان الأصليين السابقين على الأريين وقد خصصت لهم العمالة مثل الزراعة والخدمة، أما الذين لا ينتمون إلى هذه الطبقات فهم المنبوذون أو الأنجاس الذين لا يجوز لمسهم خوفا من الوقوع في النجاسة. وقد تفرعت عن هذه الطبقات الرئيسية مئات الطبقات الفرعية ونتج بعضها من اختلاط الطبقات رغم الحدود الفاصلة بينها. وقد حرمت الطبقتان الرابعة والخامسة (الملونون والمنبوذون) من قراءة كتب الفيدا المقدسة أو تعليمها للأفراد، وسمح لهم بفهم تعاليمها من خلال كتب فرعية شارحة لها. وقد انتهى هذا التحريم في الوقت الحالي وسمح بتعليم الفيدا لهاتين الطبقتين في المؤسسات التعليمية (12).
……………………………………
1- P.T.Raju, Religion of India, In the Great Asian Religion, an
Anthology P.I.
2- Ibid, P.1.
3-Ibid, P.1.
4- A. L. Basham, Hinduism, In, The Concise Encyclopeedia of Liv-ing Faiths, Ed. By R.C. Zaehner, Beacon Press, Boston, 1959.P.255.
5- Helmuth Von - Glasenapp, Non-Christian Religions, A to Z,
6- Grosset and Dunlap Inc., N.T., 1963, p. 104. Basham, Hinduism, p. 225.
7- وانظر أيضا د. رؤوف شلبي. التفكير الديني في العالم قبل الإسلام. دار الثقافة الدوحة، 1983 ص 179.
8-البيروني. ص 76- 77.
9- Von Glasenapp, P. 107.
10- Ibid, P. 123.
11- Raju, P. 6.
12- Ibid, P. 6.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|