المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24



إطاعة أوامر القائد الشاب  
  
1056   10:08 صباحاً   التاريخ: 2023-04-11
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج1 ص22 ــ 24
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-05-20 1077
التاريخ: 2023-04-04 1008
التاريخ: 2023-09-07 1285
التاريخ: 24-1-2023 1362

إن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قد أقدم قبل أربعة عشر قرناً على خطوة عسكرية مهمه دعماً منه للشبان الأكفاء، حيث ولى شاباً في الثامنة عشرة من العمر قائداً لجيش إسلامي عظيم لمحاربة امبراطورية الروم ، ألا وهو أسامة بن زيد .

وكان على كبار القادة الذين خاضوا أصعب المعارك وأشدها اواراً ، ورفعوا راية الإسلام خفاقة فوق أعظم قلاع العدو استحكاماً ، وكذلك كان على أشجع الفرسان وأكثرهم بسالة ممن خبروا شؤون الحرب، وعلى وجهاء العرب والشخصيات الإسلامية البارزة الذين جدوا في أحلك الظروف لياقتهم وكفاءتهم، كان عليهم جميعاً ان يمتثلوا لأوامر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويشاركوا في هذا الحشد العسكري مطيعين أوامر قائد شاب ، وهذا ما كان يصعب عليهم تصديقه وتحمله.

فمثل هذا الاختيار قد أثار الدهشة والحيرة لدى كبار القادة والأمراء الذين تلقوا النبأ بكثير من التعجب والقلق وأخذوا يتبادلون نظرات الحيرة ، وأفصح بعضهم عما يختلج في نفسه وما يضمره قلبه (فتكلم قوم وقالوا: يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين؟!، فغضب رسول الله (صلى الله عليه وآله) غضباً شديداً ، فخرج فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : أما بعد أيها الناس فما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري اسامة ؟ ولئن طعنتم في تأميري اسامة فقد طعنتم في تأميري أباه قبله، وأيم الله إنه كان لإمارة خليقاً وإن أبنه بعده لخليق لإمارة)(1).

إن إصرار النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) على حماية الشباب الأكفاء ودعم مواقعهم كان له الأثر البالغ في أذهان عامة المسلمين ، وجعل الذين كانوا يخطئون في تقييمهم لجيل الشباب يلتفتون إلى جهلهم ويراجعون حساباتهم .

كان أبو أيوب واحداً من كبار شخصيات الأنصار وصحبة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكان وفياً مخلصاً للإسلام مدافعاً عن لوائه وحريمه، شارك طيلة حياته في عدة حروب وغزوات جنباً إلى جنب مع جنود الإسلام ، (ولم يتخلف عن الجهاد إلاً عاماً واحداً فإنه استعمل على الجيش رجل شاب فقعد ذلك العام فجعل بعد ذلك يتلهف ويقول :وما علي من استعمل علي)(2).

الشباب والمناصب المهمة :

ومن هذه القصص التاريخية الثلاث يتبين لنا بوضوح اهتمام الدين الإسلامي بجيل الشباب، وإذا ما شرعت بعض بلدان العالم اليوم بالتفكير في الاعتماد على الطاقات الشابة في إدارة بعض الأعمال المهمة وإشغال بعض المناصب الهامة ، فإن هذه البلدان لم تخطئ في قرارها ومنهجيتها وسلوكها ، لأن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) المعصوم عن الخطأ بفضل رعاية الله سبحانه وتعالى له ومباركته جل وعلا لمنهجيته قد أقدم على هذه الخطوة الأساسية قبل أربعة عشر قرناً وأناط بعض المناصب المهمة عسكرياً وغير عسكري إن على صعيد الداخل أو الخارج في دولة الإسلام الفتية بالشباب.

والجدير بالذكر أن الشرط الأساس لاختيار الشباب هو كفاءتهم ولياقتهم، فالشبان الذين انتخبهم الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وعينهم في مناصب مهمة كانوا أكفاء من حيث العقل والفكر والذكاء والإيمان والعلم والأخلاق والتدبير وما إلى ذلك من الخصال الحميدة ، ولهذا لم يكن احتجاج الكهول ورؤساء القبائل على النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) إلاً بسبب سن الشباب المنتخبين، إذ لم يقل أحد منهم إن من اختار الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ليس بكفوء أو ينقصه العقل أو التدبر أو الإيمان أو الأخلاق أو ما شابه ذلك.

________________________

(1) البحار ج46 ص670.

(2) اسد الغابة ج2 ، (خالد) ص81 .




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.