المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الحديث والرجال والتراجم
عدد المواضيع في هذا القسم 6197 موضوعاً

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

أسرة تحتمس الثالث.
2024-04-22
التعارض بين أكثر من دليلين
9-8-2016
Stimulon
29-3-2020
عودة إلى المناجاة
2024-09-15
اليعقوبي
30-4-2020
الجميع يرجون السعادة
2023-03-30


أحوال عدد من رجال الأسانيد / سماعة بن مهران.  
  
1168   10:10 صباحاً   التاريخ: 2023-04-06
المؤلف : أبحاث السيّد محمّد رضا السيستانيّ جمعها ونظّمها السيّد محمّد البكّاء.
الكتاب أو المصدر : قبسات من علم الرجال
الجزء والصفحة : ج1، ص 280 ـ 289.
القسم : الحديث والرجال والتراجم / اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني /

سماعة بن مهران (1):

وهو أحد كبار رواة الحديث من الطبقة الخامسة، ولا اشكال في وثاقته ولكن هناك خلاف في كونه واقفياً أو لا.

وتوضيح الحال: أن الصدوق (قدس سره) نص في موضعين من الفقيه (2) على أن سماعة واقفي، تارة بمفرده وأخرى مع زرعة الراوي عنه.

واحتمال كون التثنية في الموضع الثاني من طغيان القلم ــ كما ذكره المحدّث النوري (3) ــ في غير محله، ولاسيما بقرينة المورد الأول.

ونصّ الشيخ على كون سماعة من الواقفة في كتاب الرجال عند عدّه في أصحاب الكاظم (عليه السلام) وفي كتاب العدة في موضعين منه (4)، وقد أورده في أحد الموضعين في عداد كبار الواقفة كابن أبي حمزة البطائني وعثمان بن عيسى مما يقتضي كونه مشهوراً بالوقف أيضاً.

ولكن قال المحقق البهبهاني (قدس سره) (5): (إن رمي الشيخ سماعة بالوقف ناشٍ من رمي الصدوق). ومثله ما ذكره السيد الأستاذ (قدس سره) (6).

إلا أنّ هذا غير محرز ولعل الشيخ اعتمد على مصدر آخر، نعم لو كان ما نصّ عليه الصدوق مذكوراً في فهرسته وذكره الشيخ في فهرسته أو رجاله لأمكن أن يقال: إن منشأ ما ذكره الشيخ هو الصدوق، كما نجد ذلك في تضعيفه لبعض من ضعّفهم الصدوق تبعاً لابن الوليد من رجال نوادر الحكمة. وأمّا ما ذكره الصدوق في ثنايا الفقيه فلا شاهد على أنه مما اعتمده الشيخ (قدس سره) في كتاب رجاله أو في كتاب أصوله، بل يمكن أن يستبعد هذا من عرف طريقة الشيخ (قدس سره) في التأليف والتصنيف.

ومهما يكن فإن نسبة سماعة إلى الوقف وردت في كلام علمين هما الصدوق والشيخ ولم ترد في كلمات غيرهما كالكشي والنجاشي.

وقد رجح جمع من الرجاليين المتأخرين منهم الوحيد البهبهاني والمحقق التستري والسيد الأستاذ (رضوان الله عليهم) عدم صحة النسبة المذكورة.

قال السيد الأستاذ (قدس سره) (7): (إن ظاهر كلام النجاشي من تكرير كلمة الثقة وعدم التعرض لوقفه هو عدم وقفه. وهذا هو الظاهر، فإن سماعة من أجلّ الرواة ومعاريفهم فلو كان واقفياً لشاع وذاع، كيف ولم يتعرض لوقفه البرقي والكافي والكشي وابن الغضائري، ولم يُنسب القول به إلى غير الصدوق).

أقول: أما توثيق النجاشي إياه مرتين فهو لا يدل بوجه على نفي كونه واقفياً، فقد وثق النجاشي عبد الكريم بن عمرو الخثعمي مرتين مع تنصيصه على كونه من الواقفة، حيث قال: (وقف على أبي الحسن (عليه السلام) )

ثم قال: (كان ثقة ثقة عيناً)، فتكرار كلمة الثقة في كلام النجاشي (قدس سره) لا يقتضي أن يكون الشخص صحيح المذهب.

وأما عدم تعرضه لمذهب سماعة مع توثيقه إياه فهو أيضاً لا يدل على عدم وقفه وإن استند إليه المحقق الشيخ محمد حفيد شيخنا الشهيد الثاني (قدس سره) قائلاً (8): (قد علم من طريقة النجاشي عدم اقتصاره على توثيق من هو واقفي أو فطحي ونحوهما). ولذلك بنى على وقوع التعارض بين كلام النجاشي وكلامي الصدوق والشيخ.

ولكن هذا غير تام، فإنه لم يثبت أن طريقة النجاشي قائمة على عدم توثيق فاسدي المذهب إلا مع الإشارة إلى ذلك.

ومما يمكن أن ينقض به عليه (قدس سره) هو أن النجاشي ترجم لعمار بن موسى الساباطي ووثقه ولم يذكر أنه من الفطحية مع أن كونه منهم مسلّم.

وأما ما ذكره السيد الأستاذ (قدس سره) من أن سماعة من أجلّ الرواة ومعاريفهم فلو كان واقفياً لشاع وذاع فيلاحظ عليه بأنه لم يظهر اقتضاء ذلك أن يذكر في جميع المصادر الموجودة بأيدينا، ألا يكفي أنه ذكر في الفقيه وفي رجال الشيخ وفي عدته؟!

وأما عدم تعرض البرقي له فالوجه فيه ظاهر، فإن كتاب البرقي كتاب طبقات ولا يتعرض فيه عادة لحال الرواة ومذاهبهم.

وأما الكافي فلم أدرِ لماذا ذكره (قدس سره) في المقام فإنه ليس معنياً بهذا الأمر، ولعل لفظ الكافي مصحف النجاشي، ولكن كتاب النجاشي إنما هو فهرس لكتب الأصحاب كفهرست الشيخ (قدس سره) فلا غرابة في عدم التعرض فيه لمذهب سماعة كما لم يتعرض فيه لمذهب عمار الساباطي.

وأما الكشي فالواصل من كتابه إلينا هو ما اختاره الشيخ (قدس سره) ويشتمل في الغالب على ذكر الروايات الواردة بشأن الرواة، ولعله لم ترد رواية تدل على كون سماعة من الواقفة فلذلك خلا من التعرض له.

وأما كتاب ابن الغضائري فما وصل إلينا منه يقتصر على ذكر الضعفاء والمجروحين، وسماعة ممن لا شك في وثاقته وأمانته في نقل الأحاديث، فلا محل لذكره فيه كما لم يذكر فيه غيره من ثقات الواقفة وهم كثيرون.

والحاصل: أن ما أفاده السيد الأستاذ (قدس سره) وجهاً لعدم الاعتماد على ما نص عليه الصدوق والشيخ (قُدِّس سرُّهما) من كون سماعة واقفياً غير وجيه ولا يمكن القبول به.

نعم قد يقال: إن هناك شواهد على أن سماعة الذي كان من أصحاب الإمامين الصادق والكاظم (عليهما السلام) لم يبق إلى زمان الرضا (عليه السلام) ليكون واقفياً.

وأهم تلك الشواهد ما يأتي:

1 ــ قال النجاشي (9): ذكر أحمد بن الحسين رحمه الله ــ يعني ابن الغضائري ــ أنه وجد في بعض الكتب أنه ــ أي سماعة ــ مات سنة خمس وأربعين ومائة في حياة أبي عبد الله (عليه السلام)، وذلك أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال له: ((إن رجعت لم ترجع إلينا)) حيث كان سماعة في المدينة المنورة فالإمام (عليه السلام) قال له: إن رجعت إلى بلدك ــ أي الكوفة ــ لم ترجع إلينا، فأقام عنده فمات في تلك السنة وكان عمره نحواً من ستين سنة.

ثم عقّب النجاشي على ما ذكره أحمد بن الحسين بقوله: (وليس أعلم كيف هذه الحكاية، لأن سماعة روى عن أبي الحسن (عليه السلام)، وهذه الحكاية تتضمن أنه مات في حياة أبي عبد الله، والله أعلم).

ويمكن أن يستفاد من هذا التعقيب أن سماعة لم يبق إلى زمان الإمام الرضا (عليه السلام)، لأنه لو كان قد بقي ووقف على الإمام الكاظم (عليه السلام) لكان الأولى أن يستشهد النجاشي به على عدم وفاته في حياة الإمام الصادق (عليه السلام) لا بروايته عن الإمام الكاظم (عليه السلام) لأن روايته عنه يحتمل أنها كانت في حياة أبيه (عليه السلام) فلا تنافي عدم إدراكه لأيام إمامته.

ولكن يمكن أن يقال: إن المتعارف من روايات الأصحاب عن الأئمة (عليهم السلام) ولا سيما فيما هو مثبت في الأصول والمصنفات أن تكون في زمن إمامتهم لا قبل ذلك إلا في موارد نادرة يشار فيها إلى ذلك عادة.

ولذلك فإن استشهاد النجاشي برواية سماعة عن الإمام الكاظم (عليه السلام) على نفي وفاته في حياة أبيه (عليه السلام) في محله، وليس الاستشهاد بكونه من الواقفة ــ لو كان منهم ــ بأولى منه بالذكر، فليتأمل.

2 ــ روى الكشي (10) بإسناده عن الحسن بن قياما الصيرفي أنه قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) وقلت: جعلت فداك ما فعل أبوك؟ قال: ((مضى كما مضى آباؤه (عليهم السلام) )). فقلت: كيف أصنع بحديث حدثني به زرعة بن محمد الحضرمي عن سماعة بن مهران أن أبا عبد الله (عليه السلام) قال: ((إن ابني هذا فيه شبه من خمسة أنبياء: يحسد كما حسد يوسف (عليه السلام)، ويغيب كما غاب يونس، وذكر ثلاثة أخر)).

 قال: ((كذب زرعة ليس هكذا حديث سماعة، إنما قال: ((صاحب هذا الأمر ــ يعني القائم (عليه السلام) ــ فيه شبه من خمسة أنبياء، ولم يقل: ابني)).

ووجه الاستشهاد بهذه الرواية هو أن الإمام (عليه السلام) قد نسب إلى زرعة ــ الذي لا إشكال في كونه من الواقفة ــ تحريف حديث سماعة بما يوافق مذهب الوقف، ولو كان سماعة واقفياً أيضاً لكان الأنسب أن يقول (عليه السلام): (ليس الحديث هكذا..) ولا ينسب الكذب إلى زرعة بخصوصه.

وأيضاً يظهر من جواب الإمام (عليه السلام) أن سماعة لم يكن حياً في ذلك التاريخ، وإلا لكان من المناسب أن يرجع (عليه السلام) السائل إليه ليسمع منه لفظ الحديث الذي رواه عن الصادق (عليه السلام).

ولما كان الظاهر أن السؤال المذكور إنما وجه للإمام (عليه السلام) في أوائل تصديه للإمامة حيث لم تتضح بعد وفاة أبيه لدى كثير من الشيعة أمكن أن يستشهد بالرواية المذكورة على عدم إدراك سماعة لإمامة الرضا (عليه السلام).

ولكن يمكن أن يقال ــ مضافاً إلى ضعف سند الرواية ــ: إن نسبة الكذب في كلام الإمام (عليه السلام) إلى زرعة لا تقتضي بوجه عدم كون سماعة واقفياً، إذ لعله كان كذلك ولكن لما كذب عليه زرعة فيما رواه عنه فإن الإمام (عليه السلام) نسب الكذب إلى قائله ولم يجد المصلحة في أن يجمل الأمر.

وأما عدم إشارته (عليه السلام) للسائل بالرجوع إلى سماعة ليعرف كذب زرعة فإن أقصى ما يستشعر منه هو عدم كون سماعة حياً في زمان السؤال، ولكن لا سبيل إلى استظهار أن ذلك كان في أوائل تصديه (عليه السلام) للإمامة، فإن الجدل حول وفاة أبيه (عليه السلام) استمر سنوات طويلة. ويشهد لذلك أن الحسن بن قياما (11) نفسه قد روى أنه حج في سنة ثلاث وتسعين ومائة وسأل أبا الحسن الرضا (عليه السلام) قائلاً: ما فعل أبوك؟ قال: ((مضى كما مضى آباؤه)) قال: قلت: فكيف أصنع بحديث حدثني به يعقوب بن شعيب عن أبي بصير.

ولا يبعد أن سؤاله عن حديث زرعة عن سماعة كان في نفس هذا التاريخ.

وعلى ذلك فمن المؤكد أنه كان بعد وفاة سماعة فلم يكن محل لإرجاع الإمام (عليه السلام) إليه فيما رواه عنه زرعة.

3 ــ ما ذكره المحدث النوري (قدس سره) (12) من أن البرقي في رجاله يقول: أصحاب فلان ــ يعني أحد الأئمة (عليهم السلام) ــ فيذكر أولاً من أدركه من أصحاب جده ثم من أدركه من أصحاب أبيه (عليهما السلام) ثم يذكر من نشأ في عصره من غير ترتيب، فقال في أصحاب أبي الحسن موسى (عليه السلام): (سماعة بن مهران مولى.. ــ إلى أن قال: ــ أصحاب أبي الحسن علي بن موسى (عليهما السلام): من أدركه من أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) حماد.. ــ وعدّ جماعة إلى أن قال: ــ ومن أصحاب أبي الحسن علي بن موسى (عليهما السلام).. ــ وعدّ جماعة إلى أن قال: ــ.. ومن نشأ في عصره إسحاق بن موسى بن جعفر (عليهما السلام).. ــ وعدّ جماعة كثيرة ــ). ولو كان سماعة من أصحاب ــ أي الرضا (عليه السلام) ــ لذكره في إحدى الطائفتين وهو من الرواة المعروفين الذين لم يكن لينساهم.

ويلاحظ على ما أفاده (طاب ثراه) ــ نقضاً ــ بعلي بن أبي حمزة البطائني وعثمان بن عيسى وزياد بن مروان القندي، فإنهم من عمد الواقفة، والأول من أصحاب الصادق والكاظم (عليهما السلام) ولم يذكره البرقي في أصحاب الرضا (عليه السلام) ممن أدرك أباه وجده، والأخيران من أصحاب الكاظم (عليه السلام) ولم يذكره في أصحاب الرضا (عليه السلام) ممن أدرك أباه.

وــ حلاً ــ بأن من المحتمل أن البرقي لم يكن يعدّ الواقفة من أصحاب الرضا (عليه السلام)، لعدم إقرارهم بإمامته، فلا يمكن أن يستكشف من عدم عدّه سماعة بن مهران من أصحاب الرضا (عليه السلام) وفاته قبل ذلك، إذ ربما أدركه ولكن لما وقف على أبيه لم يعدّه من أصحابه.

هذا مع أن كتاب البرقي مختصر لا يشتمل إلا على نزر يسير من أصحاب الأئمة (عليهم السلام) ولم يطبق الطريقة المتقدمة في عدّ أصحابهم (عليهم السلام) بالنسبة إلى كثير ممن أورد أسماءهم.

4 ــ ما ذكره أيضاً المحدث النوري (13) من (أنا لم نقف على أحد من أصحاب الرضا (عليه السلام) ومن بعده يروي عنه ــ يعني سماعة ــ كأحمد بن محمد بن عيسى وابني سعيد وعلي بن مهزيار والعباس بن معروف ومحمد بن عيسى وإبراهيم بن هاشم وأضرابهم من الرواة المكثرين، بل رووا عنه بتوسط عثمان بن عيسى).

ويلاحظ عليه بأن المذكورين وأمثالهم إنما هم من الطبقة السابعة وسماعة من الخامسة فلا يروون عنه إلا مع الواسطة، كما أنهم لم يرووا عن علي بن أبي حمزة البطائني ــ الذي هو من الخامسة أيضاً ــ إلا مع الواسطة مع أنه ممن أدرك الرضا (عليه السلام).

وبعبارة أخرى: ليس كل من كان من أصحاب الجواد (عليه السلام) وأدرك الرضا (عليه السلام) ولو في أخريات أيامه يروي عمن كان من أصحاب الكاظم (عليه السلام) وأدرك الرضا (عليه السلام) ولو في أوائل أيام إمامته ليستدل بعدم رواية المذكورين وأضرابهم عن سماعة على عدم إدراكه للرضا (عليه السلام).

وبالجملة: الشواهد التي ذكرت لعدم إدراك سماعة عصر الرضا (عليه السلام) ليست تامة بل قد يستشهد على خلافه بأنه ورد في بعض الموارد رواية سماعة عن أبي الحسن الماضي (14) وفي بعض الموارد عن أبي الحسن الأول (15)، والتعبير بالماضي لا يكون إلا بعد الوفاة، كما أن الظاهر أن تقييد أبي الحسن بالأول لم يكن في زمن الكاظم (عليه السلام) بل في زمن الرضا (عليه السلام) تمييزاً له عن أبيه (عليه السلام).

 

ولكن يلاحظ على هذا الاستشهاد بأنه لا يتعين أن يكون التعبيران المذكوران من سماعة بل لعلهما من بعض الرواة المتأخرين عنه فلا يصلحان شاهداً على ما ذكر.

هذا ثم إنه قد ورد في بعض الأخبار أن سماعة (16) روى عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: ((نحن اثنا عشر مُحَدَّثاً))، قال المحدّث النوري (17): (وأنى للواقفي أن يروي هذا الحديث). يعني أن الحديث الذي يدل على أن عدد الأئمة اثنا عشر لا يرويه الواقفي، فرواية سماعة له تدل على أنه لم يكن من الواقفية. وقد أشار السيد الأستاذ (قدس سره) أيضاً إلى هذا المعنى في المعجم (18).

ولكن يلاحظ عليه أولاً: بأن الراوي للحديث المذكور عن سماعة هو عثمان بن عيسى الذي كان من رؤوس الواقفة وأركانهم، فكيف إذاً روى هذا الحديث إذا كان الواقفي لا يروي مثله؟!

وثانياً: أنه ليس في الحديث المذكور ما ينافي مذهب الواقفة، ولذلك روى علي بن أبي حمزة (19) عن أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) مثله مذيلاً بقوله: (السابع من بعدي ولدي القائم)، فليتدبر.

ومهما يكن فقد اتضح مما سبق أنه لا يوجد هناك وجه يمكن الاستناد إليه في مقابل تصريح العلمين الصدوق والشيخ بكون سماعة واقفياً.

تبقى الإشارة إلى أن المحقق البهبهاني (قدس سره) بعد أن بنى على عدم كونه منهم قال (20): لعل منشأ رمي الصدوق لسماعة بالوقف هو أن الواقفة رووا عن زرعة عنه حديث الوقف ولم يقف على خبر تكذيب الرضا (عليه السلام) زرعة في نسبة ذلك إلى سماعة، أو أن منشأه إكثار زرعة الواقفي في الرواية عنه.

وقال المحقق التستري (قدس سره) (21): (إنه لما كان ابن سماعة واقفياً وكان ذلك في بال الصدوق توهم في فقيهه ــ لما لم يراجع ــ أنّه سماعة).

ولكن كلا الكلامين ضعيف، فإن مجرد ورود خبر عن شخص عن الإمام (عليه السلام) بمضمون يدل على الوقف لا يبرّر أبداً أن ينسب ذلك الشخص إلى هذا المذهب حتى لو لم يرد خبر تكذيب روايته له، ولا سيما إذا كان بعض رواة ذلك الخبر من الواقفة كما هو الحال في الخبر المروي عن سماعة كما تقدم.

وأيضاً إكثار زرعة الواقفي عن سماعة لا يقتضي كون سماعة منهم ــ ولا سيما أن له العديد من الرواة الآخرين من غيرهم ــ ومن أين يعلم أنه روى عنه أحاديثه بعد اعتناقه القول بالوقف ــ ليتوهم المعنى المذكور ــ ولعله رواها عنه في حياة الإمام الكاظم (عليه السلام) بل لا يبعد أن يكون هذا هو واقع الحال.

وأما دعوى أن الصدوق (قدس سره) قد اختلط عليه سماعة بابن سماعة فهي من غرائب الدعاوى ولا تليق بمكانة الصدوق أصلاً، فإن ابن سماعة هو حسن بن محمد بن سماعة وكان من الطبقة السابعة، وقد مات في عام 263 هـ (22) فكيف يشتبه الصدوق ويتوهم أنه هو سماعة بن مهران الذي كان من الطبقة الخامسة ومات قبل ابن سماعة بعشرات السنين؟!

والمتحصل مما سبق أنه لا يوجد دليل على اشتباه الصدوق والشيخ فيما

ذكراه من كون سماعة بن مهران من الواقفية، فمقتضى الصناعة هو البناء على ذلك وإن لم يكن له أثر يذكر بناءً على ما هو الصحيح من عدم الفرق بين حجية خبر الثقة ــ على القول بها ــ بين صحيح المذهب وغيره.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

  1.   بحوث في شرح مناسك الحج ج:13 (مخطوط).
  2. من لا يحضره الفقيه ج:2 ص:75، 88.
  3. مستدرك الوسائل (الخاتمة) ج:4 ص:345.
  4.  رجال الشيخ الطوسي ص:337. العدة في أصول الفقه ج:1 ص:134، 150.
  5. تعليقة على منهج المقال ص 196.
  6. معجم رجال الحديث ج:8 ص:300.
  7. معجم رجال الحديث ج:8 ص:300.
  8. استقصاء الاعتبار في شرح الاستبصار ج:1 ص:111.
  9.  رجال النجاشي ص:193ــ194.
  10. اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:774.
  11.  اختيار معرفة الرجال ج:2 ص:773.
  12. مستدرك الوسائل (الخاتمة) ج:4 ص:350.
  13.  مستدرك الوسائل (الخاتمة) ج:4 ص:350.
  14. تهذيب الأحكام ج:5 ص:133.
  15. لاحظ الكافي ج:6 ص:208، ج:8 ص:162.
  16. الخصال ج:2 ص:478. الكافي ج:1 ص:534.
  17. مستدرك الوسائل (الخاتمة) ج:4 ص:349.
  18. معجم رجال الحديث ج:8 ص:301.
  19. الغيبة للنعماني ص:96.
  20.  تعليقة على منهج المقال ص 196.
  21. قاموس الرجال ج:5 ص:304.
  22.  رجال الطوسي ص:335.



علم من علوم الحديث يختص بنص الحديث أو الرواية ، ويقابله علم الرجال و يبحث فيه عن سند الحديث ومتنه ، وكيفية تحمله ، وآداب نقله ومن البحوث الأساسية التي يعالجها علم الدراية : مسائل الجرح والتعديل ، والقدح والمدح ؛ إذ يتناول هذا الباب تعريف ألفاظ التعديل وألفاظ القدح ، ويطرح بحوثاً فنيّة مهمّة في بيان تعارض الجارح والمعدِّل ، ومن المباحث الأُخرى التي يهتمّ بها هذا العلم : البحث حول أنحاء تحمّل الحديث وبيان طرقه السبعة التي هي : السماع ، والقراءة ، والإجازة ، والمناولة ، والكتابة ، والإعلام ، والوجادة . كما يبحث علم الدراية أيضاً في آداب كتابة الحديث وآداب نقله .، هذه عمدة المباحث التي تطرح غالباً في كتب الدراية ، لكن لا يخفى أنّ كلاّ من هذه الكتب يتضمّن - بحسب إيجازه وتفصيله - تنبيهات وفوائد أُخرى ؛ كالبحث حول الجوامع الحديثية عند المسلمين ، وما شابه ذلك، ونظراً إلى أهمّية علم الدراية ودوره في تمحيص الحديث والتمييز بين مقبوله ومردوده ، وتوقّف علم الفقه والاجتهاد عليه ، اضطلع الكثير من علماء الشيعة بمهمّة تدوين كتب ورسائل عديدة حول هذا العلم ، وخلّفوا وراءهم نتاجات قيّمة في هذا المضمار .





مصطلح حديثي يطلق على احد أقسام الحديث (الذي يرويه جماعة كثيرة يستحيل عادة اتفاقهم على الكذب) ، ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين : لفظي ومعنوي:
1 - المتواتر اللفظي : هو الذي يرويه جميع الرواة ، وفي كل طبقاتهم بنفس صيغته اللفظية الصادرة من قائله ، ومثاله : الحديث الشريف عن النبي ( ص ) : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) .
قال الشهيد الثاني في ( الدراية 15 ) : ( نعم ، حديث ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) يمكن ادعاء تواتره ، فقد نقله الجم الغفير ، قيل : أربعون ، وقيل : نيف وستون صحابيا ، ولم يزل العدد في ازدياد ) .



الاختلاط في اللغة : ضمّ الشيء إلى الشيء ، وقد يمكن التمييز بعد ذلك كما في الحيوانات أو لا يمكن كما في بعض المائعات فيكون مزجا ، وخالط القوم مخالطة : أي داخلهم و يراد به كمصطلح حديثي : التساهل في رواية الحديث ، فلا يحفظ الراوي الحديث مضبوطا ، ولا ينقله مثلما سمعه ، كما أنه ( لا يبالي عمن يروي ، وممن يأخذ ، ويجمع بين الغث والسمين والعاطل والثمين ويعتبر هذا الاصطلاح من الفاظ التضعيف والتجريح فاذا ورد كلام من اهل الرجال بحق شخص واطلقوا عليه مختلط او يختلط اثناء تقييمه فانه يراد به ضعف الراوي وجرحه وعدم الاعتماد على ما ينقله من روايات اذ وقع في اسناد الروايات، قال المازندراني: (وأما قولهم : مختلط ، ومخلط ، فقال بعض أجلاء العصر : إنّه أيضا ظاهر في القدح لظهوره في فساد العقيدة ، وفيه نظر بل الظاهر أنّ المراد بأمثال هذين اللفظين من لا يبالي عمّن يروي وممن يأخذ ، يجمع بين الغثّ والسمين ، والعاطل والثمين)