المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

صمام صاد buffer tube
23-2-2018
Human lexeme-inators?
2023-12-18
تجارب الدول المتقدمة في تحقيق التنمية البشرية (ماليزيـا) 2
20-11-2020
اليوم والسنة التي يقوم فيها القائم
3-08-2015
سلبيات دار الحضانة والايتام
30-4-2017
عوّد ابنك أن يصارحك
12-5-2022


نشأة الرمزية  
  
7754   08:28 صباحاً   التاريخ: 30-09-2015
المؤلف : عبد الرزاق الأصفر
الكتاب أو المصدر : المذاهب الأدبية لدى الغرب
الجزء والصفحة : ص102-105
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد الحديث /

نشأت الرمزية في أواخر القرن التاسع عشر نتيجة ردّ فعل على الرومانسية والبرناسيّة، واستمرت حتى أوائل القرن العشرين معايشةً البرناسيّة والواقعية والطبيعيّة، ثم امتدت حتى شملت أمريكا وأوربا.
لم تكن الرمزية واضحة المعالم في البدء، فقد ذكرنا سابقاً أن جماعة (البرناس) انقسمت على نفسها وانفصل عنها فيرلين ومالارميه ليكوّنا اتجاهاً سيعرف بالرمزية ولم يعرف اصطلاح (الرمزية ورمزيّ) إلاّ في عام 1885. حتى إن فيرلين كان يكره هذه التسمية بعد ظهورها. وقد ورد هذا الاصطلاح للمرة الأولى في مقالة كتبها الشاعر الفرنسي جان موريس رداً على الذين اتهموه وأمثاله بأنهم شعراء الانحلال أو الانحدار. فقال: إن الشعراء الذين يُسمّون بالمنحلين إنما يسعَون للمفهوم الصافي والرمز الأبدي في فنهم قبل أي شيء آخر ثم اقترح استخدام كلمة رمزي بدلاً من كلمة منحدر أو منحل الخاطئة الدلالة. وفي عام 1886 أنشأ جريدة سماها (الرمزيّ) ونشر في العام نفسه، في جريدة الفيغارو، بيان الرمزية وفي عام 1891 أعلن أن الرمزية قد ماتت...! ولكنها خلافاً لما رآه استمرت وقويت وانتشرت وأصبحت ذات شأن عظيم في مجالات الأدب والفن بقيت آثاره خلال القرن العشرين على الرغم من تعرضها لكثير من الهجمات والتقطعات والتداخلات.. وبقيت معايشةً للمدارس الجديدة كالسرياليّة والمستقبلية والدّادائية والوجوديّة وغيرها من الحركات... ولئن مالت إلى التلاشي في فرنسا فقد قويت في غيرها ولقيتْ رواجاً كبيراً، حتى قيل إن الأدب الأمريكي في القرن العشرين كان كلّه رمزياً...!
كان رواد الرمزية الأوائل قد أخذوا على الرومانسية مبالغتها في الذاتية والانطواء على النفس بحيث غدت غير آبهة بما يجري خارج الذات، وإفراطها في التهاون اللغوي والصياغة الشكليّة. ثم أخذوا على البرناسية بالمقابل المبالغة في الاحتفاء بالشكل ولا سيما في الأوزان مما قد يحرم الشاعر من إمكانية التلوين والتنويع ومواءمة التموجات الانفعالية وأخذوا عليها أيضاً شدة الوضوح والدقّة بينما توجد في عالم الشعر مناطق ظليلة واهتزازات خفية يصعب التعبير عنها بدقة ووضوح فالوضوح والدقة والمنطق والوعي والقيود اللغوية والفنية كلّها شروط تخنق الإبداع وتكبح تيار الانفعال. ولا بدّ من الانطلاق مع العفوية والحرية الكاملة ليجري الإبداع في أجواء خالية من القيود والسدود..! ولا بد من التماس أدوات لغوية جديدة هي الرموز للتعبير عن الحالات النفسية الغائمة بطريقة الإيماء لا بالطريقة المباشرة الواضحة.
فالرمزية إذن مدرسة جديدة عملت على محورين أولهما محاولة التقاط التجربة الشعرية في أقصى نعومتها وارتعاشها ورهافتها، وثانيهما التماس الإطار الفنّي الحرّ المرن الذي يستطيع التعبير عن التجربة الشعرية ونقل أحوالها إلى القارئ بخلق نوع من المغناطيسية التي تسري إليه من الشاعر، تماماً كما هو الأمر في الموسيقا والفنون التشكيلية.
ولئن كان الرمز عماد هذه المدرسة فالرمزية الفنية الجديدة تختلف عن الرمزية التي كانت معروفة في العصور السابقة، فالتعبير بالرمز كان مألوفاً في كثير من المدنيات، تجده في العصور الوسطى وأدب التصوّف وفي روائع الرواية الواقعية، وكان الرومانسيون والبرناسيون يستخدمون الرمز أحياناً ولنذكر مثلاً (بردوم وكوبيه..) فالرمز أداة تعبير عالمية قديمة. واللغة في حدّ ذاتها مجموعة من المنظومات الرمزية وكان الناس، ولا يزالون يعبرون بالرموز عن مقاصدهم سواءٌ بالإشارة أو بالرسم أو بالألفاظ. وكان مألوفاً التعبير بالنار عن الإحراق وبالطير عن السرعة وبالريح عن القوة مع السرعة وبالصليب عن التخليص وبالبحر عن الإتساع وبالراية عن سيادة الأمة وبالجماعة عن السلام وبالمقصّ عن الرقابة الصحفيّة.. فهذه كلها رموز، لكن المدرسة الرمزية شيء آخر، لقد أصبحتْ منهجاً فنيّاً متكاملاً ذا مواصفات عديدة وأصبح الرمز فيها قيمة فنيّة وعضوية ودخلت في نطاقه الرموز التاريخية والأسطورية والطبيعية والأشياء ذات الدلالة الموحية كما تميّزت بالاستفادة من المقومات الموسيقية واللونيّة والحسيّة والمشابكة بينها في لغةٍ تعبيرية جديدة




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.