المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

عبء اثبات عيوب الارادة
2024-06-04
ما هو المراد من الرجس ؟
25-11-2014
أضرار عدم التشجيع في تربية الفرد
29-12-2022
حادثة نجيب باشا
22-5-2019
هل تلعب رائحة الأزهار دورا في جذب الحشرات؟
15-3-2021
تقيم فعالية الحملات الإعلانية
13-7-2022


ملامح الرواية في النصف الثاني من القرن العشرين  
  
5303   08:23 صباحاً   التاريخ: 30-09-2015
المؤلف : عبد الرزاق الأصفر
الكتاب أو المصدر : المذاهب الأدبية لدى الغرب
الجزء والصفحة : ص199-201
القسم : الأدب الــعربــي / النقد / النقد الحديث /

مهما كان إطار الرواية فهي تنطلق من واقعٍ خارجيٍ أو نفسيّ يريد الكاتب معالجته لهدفٍ يريد بلوغه. وقد رأينا أن واقع ما بعد الحرب كان مأساوياً مملوءاً بالمشكلات؛ وأن نعماءه أصابت فئة ضئيلة من ذوي المال والسلطة وبأساءه عمّت الجميع الذين وجدوا أنفسهم أمام السّراب. وقد عكف الروائيون على تصوير هذا الواقع وتحليله في قالب منسوج من الحقيقة والتخييل؛ إنه واقعهم بقدر ما هو واقع القراء، لكنه مرئيٌّ من زاوية الكاتب وتأمله. وليست الرواية للإمتاع بقدر ماهي مُرْصدة للتغيير. إنها -كما يقول الروائي روب غرييه-عملٌ يضع العالمَ موضع البحث والتساؤل(1).
على أن الروائي لا يستطيع تغيير شيءٍ في المجتمع إلاّ بعد أَنْ يتغيّر هو؛ فبينه وبين المجتمع علاقة جدليةً. يقول الروائي الفرنسيّ ألبير ميمي: نحن حملة ردّ الفعل، ونحن المترجمون لكلّ اهتمامات معاصرينا(2).
أما شكل الرواية الحديثة فقد شهد تفجّراً لا حصر لأنواعه؛ فمن العودة إلى أشكال القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، إلى التجريب في ظل الحريّة المطلقة. وبين هذين القطبين سقطت بعض الأنماط كالنمط السّارتريّ، الذي يقوم على الوعظ والإرشاد كما يقول بعض نقاده؛ وظهرت نظريات وأشكال جديدة نذكر منها الحركة التي تألفت حول روب غرييه باسم (الرواية الجديدة). وقد بلغ التسارع في التغيير أن شمل الكاتب نفسه الذي صار يطوّر أشكاله بين الحين والآخر بل بين الرواية والتي تليها. إن روايات روب غرييه السابقة أصبحت جزءاً من التراث... ولم تعد تمثل أسئلة مطروحة، وروب نفسه أخذ يرود آفاقاً جديدة ويتحدث عن أشياء أخرى...(3) وهذا التسارع ناشئٌ عن سرعة تغير العالم الذي سرعان ما تلف دوّامته الكتّاب وتؤدي إلى تغيّر في الشكل والمضمون.
لقد ألغى بعضهم الأشخاص وألغي بعضهم الآخر (مثل سولرز) كل مقومات القصّة: الحَدَث والبطل والزمان والمكان. ثم بالغ فجردها من الفواصل والنقاط وجعلها كتابة مسترسلة وألفاظاً لا تحدها حدود أو أُطر معينة(4). وسمي هذا الاتجاه بالشيئية. وقد أصبح القارئ يجد عسراً في قراءة أمثال هذا النمط.
وعلى الرغم من هذا التطوّر لاتزال بعض ملامح الرواية السابقة التي عهدت عند بروست ماثلة بل هنالك ردّة إلى تلك الأشكال وهوادة في التجريب وميلٌ إلى التراخي لدى الكتاب والقراء في جميع أنحاء العالم الغَرْبيّ(5). وخفّت الفروق الحادة بين الأشكال المتطرفة.
لقد بهتت ألوان الواقعية الجديدة والوجودية وظهرت روح مغايرة وتقنيات جديدة، وبرزت الرواية الغرائبية والسحريّة والفانتازية التي لا تنتمي أبداً إلى الواقعية، ورواية الذعر والكوارث المرعبة ورواية الألغاز والمفاجآت والرعب والكوابيس والأشخاص الغامضين (شيكلس وبورغيز) وسميت بالرواية السّوداء. وظهرت رواية الخيال العلمي التي اتبعت مدرسة جول فيرن (نهاية القرن التاسع عشر) وبرز فيها كتاب (كالبريطاني ك.س. لويس-1963) من خلال أدب الأطفال والناشئة والمسلسلات التلفزيونية، وروايات العنف والإبادة وروايات غزو الفضاء (عظيموف وفرانك هربرت) واكتشاف المجهولات وتصورات القرن الحادي والعشرين من خلال محطات الفضاء المزوّدة بالعقول الالكترونية. وكثير من هذه الروايات الجديدة عالجت التمييز العنصري والحرب الباردة وهموم المجتمعات المعاصرة، وندّدت بالجوع والظلم والحروب ودعت إلى السّلام والمحبّة...
هذه هي باختصار ملامح رواية ما بعد الحرب. وهذا يكفي لتبيان انطلاقها من إطار المذاهب ودخولها مرحلة الإبداع التجريبي الحر المتنوع. إنها (الحداثة) المناسبة لطبيعة عصر القلق والسّأم والسرعة والبحث عن الجديد.
__________
(1) الإبداع الروائي اليوم. دار الحوار 1988، ص74و 118.
(2) المصدر نفسه: 61.
(3) المصدر السابق: 80.
(4) المصدر السابق: مطاع صفدي 55.
(5) المصدر السابق: روبرتس: 79، 110، 118-




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.