أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-12-2019
1665
التاريخ: 25-9-2020
1461
التاريخ: 2024-01-24
963
التاريخ: 11-7-2016
8160
|
من السهل تفهم ما شعر به رجلنا دقيق الحجم الموجود داخل قطعة المغناطيس؛ لأن التناظر في هذا المثال - التناظر الدوراني - مألوف في الحياة العادية. لكن التناظر الذي من شأنه أن يؤدي لوجود بنية النطاقات الكونية مختلف. إنه في الواقع، تناظر «مجرد»، وليس هندسيًّا. دعني أوضح ذلك من خلال أحد الأمثلة من عالم الاقتصاد: الأمر هنا يدور عن التضخم، لكن التضخم المالي وليس ذلك الكوني. يُعرف عن التضخم أنه يقلل من القدرة الشرائية للأموال، مع ذلك فإن القيمة «الجوهرية» للبضائع والخدمات لا تتأثر به في أيام ثبات أسعار الصرف، أحيانًا ما تلجأ الحكومات لإعادة تقييم أسعار عملاتها بالمقارنة بالعملات الأخرى. إلا أن هذا لا يؤثر على قيمة الأموال داخل الدولة التي تقوم بهذا، وهكذا يكون لدينا نوع من التناظر هنا؛ فقيمة المنتجات والخدمات المحلية لا تتغير بتغير سعر صرف العملة. في عام 1967 خفض رئيس الوزراء البريطاني هارولد ويلسون قيمة الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي، وتعرض للانتقاد بسبب تصريحه الذي أكد فيه أن هذا التعديل لن يؤثر على «الجنيه الموجود في جيب أي شخص». لكنه كان محقا من ناحية أن القيم النسبية للمنتجات والخدمات والأموال داخل المملكة المتحدة لم تتأثر بالفعل. لكن بالطبع كانت المشكلة تكمن في أن المنتجات المستوردة هي التي ارتفعت أسعارها، وهو ما جعل حال الناس إجمالاً أسوأ يحدث نوع مشابه من التغير حين يزول التضخم، ويكون لزامًا التعبير عن الأسعار بأرقام كبيرة لدرجة السخافة. في بعض الأحيان تعيد الحكومات ضبط ميزان العملة بشكل إجمالي، كما حدث حين قدم الفرنسيون «الفرنك الجديد» عام 1960. كان الفرنك الجديد يساوي مائة من الفرنكات القديمة، لكن القيمة الفعلية للمنتجات والخدمات ظلت دون تغيير.
توجد في الفيزياء أمثلة عديدة على هذا التناظر المجرد، منها الشحنتان الكهربيتان الموجبة والسالبة. هذا التناظر يشبه تناظر اليمين اليسار السابق ذكره؛ فلو حدث أن حلت جميع الشحنات الكهربية الموجبة محل السالبة والعكس بالعكس، فلن تكترث قوانين الكهرومغناطيسية لهذا التحول مثال آخر: وفق قوانين نيوتن للميكانيكا فإن الطاقة المطلوبة لرفع ثقل ما من قاعدة مبنى إلى قمته تعتمد على ارتفاع المبنى، لكن ليس على ما إذا اخترنا قياس الارتفاع من مستوى سطح البحر أم من مستوى الأرض (إذ تعتمد الطاقة فقط على «الفارق» في الارتفاع، وليس الارتفاع المطلق). ولن تتأثر الطاقة أيضًا بما إذا استخدمنا المتر كوحدة قياس بدلًا من السنتيمتر، كما حدث في حالة الفرنك الجديد. (في الواقع يعمل التناظر بشكل أكبر مما وصفت لأن الطاقة المبذولة في رفع الثقل لا تعتمد على المسار المحدد الذي تتخذه كذلك؛ فقد تسير في خط مستقيم أو متعرج، كل هذا لا يحدث فارقًا في الجواب) النوع الأخير من التناظر؛ الذي لا تتغير فيه الكمية مع تغير نظام القياس، يشيع وجوده في الفيزياء ويطلق عليه مصطلح «التناظر القياسي». للمجالات الكهربية تناظر قياسي متشابه؛ إذ يمكن إعادة ضبط الفولتات من خلال طرح أو إضافة عدد ثابت من الفولتات في كل مكان دون التأثير على تغير فارق الطاقة الحادث عند نقل الشحنات الكهربية من مكان لآخر، كما لا يعتمد تغير الطاقة على المسار المتخذ. وهكذا لا تتأثر قوانين نيوتن وقوانين الطاقة الكهربية بمثل هذه التحولات القياسية، وهذه سمة أساسية في تلك القوانين وجد علماء الفيزياء أن تعميم مثل هذه التناظرات القياسية يكشف إلى حد بعيد عن الخصائص الأساسية لقوى الطبيعة الأربع. بل في الواقع تُصنف القوى بأكبر قدر من الدقة من خلال تعيين تناظراتها، باستخدام فرع من الرياضيات يعرف بنظرية المجموعات.
تقدم لنا القوة الكهروضعيفة واحدًا من الأمثلة الكلاسيكية على الفكرة السابقة. توحد نظرية جلاشو - عبد السلام - واينبرج القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة بنجاح، وأنه في درجة الحرارة المناسبة تمتزج هاتان القوتان معًا. تمتزج التناظرات القياسية في هاتين القوتين، لكن ما يؤدي إلى التباين بين هاتين القوتين على مستوى الطاقات المنخفضة هو الانكسار التلقائي لواحد من تلك التناظرات. وفي سياق الانفجار العظيم سارت الأمور على النحو التالي: في درجات حرارة أعلى من 1015 (ألف تريليون) درجة، كان التناظر الكامن الموحد متجسدًا. كانت القوة النووية الضعيفة تتمتع بمدى واسع، شأن القوة الكهرومغناطيسية. عندئذ، مع انخفاض درجة الحرارة، كانت هناك حالة تحول طوري انكسر فيها التناظر القياسي للقوة النووية الضعيفة بشكل تلقائي، ونتيجة لذلك صارت القوة النووية الضعيفة قصيرة المدى للغاية، وأضعف بكثير من القوة الكهرومغناطيسية. وهذا هو ما نجده في عالم فيزياء الطاقات المنخفضة الذي نعيش فيه الآن. لعدد من السنوات افترض الفيزيائيون أنهم كانوا يتعاملون مع قوتين منفصلتين؛ لأن التناظر الذي يصل بينهما كان منكسرا. في الواقع طور الفيزيائي إنريكو فيرمي نظرية للقوة النووية الضعيفة مبنية على سوء الفهم هذا، وقد احتوت النظرية على قانون مختلف اختلافا كبيرًا عن ذلك الموجود في نظرية جلاشو - عبد السلام - واينبرج. لكنا نعرف الآن أن مرحلة انكسار التناظر للقوة النووية الضعيفة لا تعكس أي قانون فيزيائي أساسي، بل هي انعكاس لحالة مجمدة، ونظرية فيرمي ما هي إلا نظرية ثانوية صالحة فقط في الطاقات المنخفضة.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|