أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-1-2016
3082
التاريخ: 9-11-2017
3037
التاريخ: 19-1-2016
3003
التاريخ: 19-1-2016
2286
|
ليس لأحد أن ينكر بأن استمالة الصالحين والطيبين أمر يستحق الثناء، وليس للمرأة أن يزيغ بصرها إلى رجل غريب بصفته أفضل من زوجها ولذا وجب عليها أن تتزين لزوجها فقط ولزم منه أن يلبّي طلبها.
أمّا لماذا لا ينبغي للمرأة أن تنظر إلى غريب باعتباره أفضل من زوجها؟ ولماذا لا ينبغي للرجل أن يكون اهتمامه بزوجته أقل من اهتمامه بغيرها؟.
بإلقاء نظرة على تصنيف الحيوانات، نلاحظ بأن قوة الاختيار في النوع الواحد تتناسب طردياً مع سلّم رقي الخلقة ولذا كانت القدرة على الاختيار والانتخاب لدى الإنسان في أوجها بل هي واحدة من أبرز ما يميزه عن الحيوان، ويتجلّى هذا الاختيار في أهم مصاديقه عبر اختيار الزوج. إن الحشرات والديدان لا تختار لنفسها زوجاً فكلما تقابل ذكر وأنثى منها فعلا فعلهما وانصرفا أما الأسماك والطيور والثدييات فلها على التوالي قدرة أكبر على الاختيار الذي يكون ضمن صلاحيات الأنثى، وهكذا إلى أن نصل إلى الإنسان إذ نجده يمتلك قدرة استثنائية على الاختيار، وإلى الحد الذي يسعى الرجل فيه وعبر اختياره للزوجة إلى تحسين صفات الأولاد الذين هم ثمرة مباشرته لها. الرجل القصير تكمله الزوجة الطويلة والمرأة الجبانة تفضل الزوج الشجاع، ولهذا فإن الاختلاف الشديد بين سجايا وصفات كل من الزوج والزوجة هو في الحقيقة سبب لتكميل أحدهما الآخر.
في الوقت الذي تتقدم عجلة عالم الفيزياء والديناميكية نحو الأمام، يحث العالم المعنوي غير الديناميكي الخطى باتجاه التوحيد والسير على الخط الإلهي، وانطلاقاً من كون الإنسان يقف عن أعلى درجة من سلم الخلقة ويمتلك أعلى مراتب القدرة على الاختيار فإنه لا ينبغي للمرأة أن تنظر لغير زوجها أو الرجل لغير زوجته على أنها الأفضل، والفطرة تقضي بأن الرجل حتى لو غرق في حب امرأة جميلة فإنه لن يرضى عنها إذا ما أرادت أن تسيء لأم أطفاله.
لا شك أن الرجل يحب المرأة التي تكون بمثابة المكمل لشخصيته وهي أيضاً تحمل نفس الشعور، لكن هذا الحب لا يدرك دوماً لوجود قوى أخرى أكثر تحكماً بالإنسان ويطلق عليها أسماء الثواب والعقاب أو الصواب والخطأ حيث تلقي هذه بظلالها على المشاعر الخاصة بحب من يكمله. فقد يحب الرجل فتاة تكمل سجاياها سجاياه لكنه يقدم على الزواج من أخرى كان له معها الاحتضان الأول - والرجل لا ينسى أبداً الاحتضان الأول - رغم أنها لا تتمتع بسجايا أو خصال الفتاة، ومن هنا ندرك معنى تركيز الإسلام الحنيف على عامل التدين لدى الشاب والشابة دون عامل الثروة علماً أن الشباب الأثرياء أغلبهم يبحث عن فتيات من عوائل ثرية.
تبلغ الحيوانات ذروة غريزتها في فصل تكون ولادة الاناث منها في وقت يكثر فيه الغذاء ويسهل الحصول عليه. تبيض العصافير في وقت يكون تفقيسها وخروج صغارها متزامنا مع حرث الأرض وتوفر الديدان - غذاء العصافير- بمقدار كاف على سطحها. ويباشر فحل الغزال الأنثى في وقت بحيث تكون ولادتها متزامنة مع اخضرار الأرض وتوفر الأعشاب الطرية والمناسبة لصغار الغزال.
لكن الزمان الأمثل لتمتع المرأة من زوجها وبالتالي الانجاب يكون عندما يسود الهدوء بين عوائل الجانبين وتربطها علاقات ودية وحميمة. وإن وجد رجل ذو همة وأبيٌ كالنبي زكريا (عليه السلام) ووالدة كالسيدة مريم (عليها السلام) فعندها سينزل للحبلى غذاء من فصل آخر في المحراب وسيتساقط للوالدة ثمر شجرة يابسة في غير فصل إثمارها ولذا لا بد من أن تحاط الحبلى بالرعاية فلا اضطراب تشعر به ولا قلق يساورها وهذا الوضع ينبغي توفيره لها أيضاً في فترة الرضاعة.
صحيح أنه يكفي المرأة هماً وغماً أن تخضع وتقبل الظروف والضرورات القاسية للحياة الزوجية ومنها النهوض بمسؤولية إدارة حياة عائلة بكاملها إلا أن عدم زواجها يعني في أحد أوجهه أنها لم تؤمن بأهليتها لتقبّل المسؤولية، ولهذا السبب تجد أن الرجل قد خلقها لممارسة دور المسؤولية والرئاسة أو بتعبير أكثر ظرافة لحماية المرأة أو ليكون في أفضل التعابير قواماً عليها. لا بد من توفير الحماية وتسيير أمور المرأة وهي وعاء الذرية وهي الوالدة. إن شخصية هذا الحامي والمسؤول بل وحتى تفكيره يترك أثره على المرأة وبالتالي على المجتمع باعتبارها الحاضن والمربي لأجيال الغد، بل وكأن القرن قد لبس حلة جديدة.. نفس هذه القدرة في الرجل تجعله بمستوى المسؤولية والنهوض بها، القدرة التي بإمكانها دفع عجلة مجتمع بكامله أو جعله يراوح في مكانه، القدرة التي بإمكانها سوق الآخرين باتجاه الله سبحانه وتعالى أو الانزلاق بهم في مستنقع الفساد.
إن الرجل بحاجة إلى أن يحب شخصاً ويحبه شخص وكذلك المرأة تشعر بنفس الحاجة وليس هناك ما يلبي هذه الحاجة لدى الاثنين على أكمل وجه سوى الزواج فتبلور هذا الاحساس عبر الزواج هو نفسه الثمرة التي أخبر عنها القرآن الكريم قبل خمسة عشر قرنا حينما قرر بأن تكون المودة والرحمة هدية تقدم لكل ذكر وأنثى ارتبطا بعقد الزواج المقدس، علماً أنهما لم يعرفا في هذا اليوم سوى المودة وصورها ولم يدركا بعد معنى الرحمة الناجمة عن هذا الارتباط.
لاحظ الدين الإسلامي إلى أي مدى تعمّق في علم النفس واهتمامه به فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في ضرورة تحلي الزوج بثلاثة أمور منها (... واستعماله استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها،..)(1)، لكننا نعلم بأن الرجل إذا زاد وقوفه أمام المرآة لتحسين مظهره استفزّ زوجته ودفعها للقول بصوت عال: مسكينات هن النساء، لقد ذاع صيت سيء لهن على أنهن يطلن الجلوس أمام المرآة!.
والأدهى من ذلك إن المرأة المتزوجة برجلٍ وسيم تتمنى بأنه لو كان قبيحاً أو لا يرتدي ملابس أنيقة، ولو كان زوجها دقيقاً في اختيار ملابسه كالنساء فعندها تتمنى أنه لم يكن لديه ما يجعله أنيقاً لأنها تفكر في الحالتين باحتمال وجود امرأة أخرى أو نسوة أخريات يتقربن منه أو يتقرب هو منهن، وهو واحد من أنواع الحسد لدى المرأة(2).
على الرجل أن لا يكثر الحديث في البيت عن عدم استقلاليته أو تأخره عن الدائرة أو توبيخه أو تشجيعه من قبل المدير العام أو احتمالات نقله من قسم في الدائرة إلى قسم آخر وما إلى ذلك من الأمور التي تمس باستقلالية الزوج لأن الزوجة التي هي في الواقع تنشد الاستقلالية أيضاً ولا تجدها تلجأ للبحث عنها في زوجها لتعوض النقص الذي تشعر به في هذا الباب، فإن لم تعثر عليها عند زوجها زاد همها وتضاعف ألمها مما قد يتسبب لها بالإصابة بأمراض عصبية.
ينبغي للرجل الذي استطاع برهنة استقلاليته لزوجته والفوز بمكانة له في نفسها وللرجل الذي لا استقلالية له ولا مكانة له عند زوجته، أن يعرفا أنهما في مجموعتين مختلفتين وتنظر النسوة إليهما من زاويتين وبأملين مختلفين. إن النساء يحببن أن يقضي النموذج الأول جل وقته في البيت أو الخروج للترفيه مع الزوجة والأولاد ويظهر عملياً بأنه لزوجته وأولاده ويكون وسيلة لتعريفهم للمجتمع بأنهم عائلة الرجل المستقل والمكين الذي لا يحب سوى عائلته.
تود المرأة تعويض وحدتها في البيت بعودة الزوج إليه فترغب أن تسمع منه ما شاهده وسمعه في الخارج ثم تحب أن تتحدث هي له عن الأماكن التي ذهبت إليها للتسوق أو التي تزينت فيها أو المجالس التي حضرتها والدعوات التي لبّتها ثم تستطلع رأيه في كل ذلك. أما إذا قل تواجد الزوج في البيت أو أنه لا يأبه بما تقوله فإنها ستلجأ للأب أم الأم أو الأخ وإن توفر خط هاتفي في البيت فسيكون وسيلتها لإيصال صوتها للآخرين وعلى الزوج أن يتحمل تكاليف مكالماتها الهاتفية الباهظة. والظريف أن الزوجة بنفس المقدار الذي تحب فيه إنفاق الزوج عليها لشراء الثياب والذهاب للصالون، تحب أن يقتصد في الانفاق على غيرها حتى لو كانت أمه أو أخته. بل تتوقع أن ينفق عليها أكثر مما ينفق على الأولاد معتبرة ذلك صورة من صور الطاعة لها، فسبب التباين بين صفات وسجايا الزوج والزوجة يسعى كل منهما إلى جعل الآخر مطيعاً له والزوج يرى في تمكين الزوجة نفسها منه والاهتمام به أثناء تواجده في البيت صورة من صور الطاعة له.
إذا لم يضحك الرجل في البيت فإنه غالباً ما يعوض ذلك في خارجه أما إذا غابت الضحكة عن محياه فمعنى ذلك أنه يمر بظروف غير مريحة. تتسقط الزوجة التي تغيب الضحكة عن فم زوجها مع العائلة أخباره خارج البيت فإن عرفت عنه أنه لا يتورع عن الضحك عند لقائه بأصدقائه فستقوم بإكالة اللوم له وتأنيبه على أنه يقضي أوقاته المرحة مع الغرباء لا مع عائلته وما إلى ذلك، ولذا بات من الأفضل لهذا النموذج من الرجال أن يمارس اللطيفة ولا يخلو سلوكه من الممازحة أثناء تواجده في البيت خاصة وأن لذلك أثرا ايجابياً على الأولاد. وعلى كل حال من الأفضل للزوج أن يتمثل بقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام): (المؤمن بشره في وجهه، وحزنه في قلبه)(3).
يجب على الرجل، وكما يأمر بذلك القرآن الكريم، أن يبدي بين حين وآخر محبته لزوجته كي تطمئن نفسها ويرتاح بالها وتلتفت إلى شؤون البيت وإن انصرف الزوج عن إظهار مشاعر الود والحب لزوجته فترة من الزمن فسيثير قلقها ويصيبها الفتور والتقاعس ازاء أعمال البيت وشؤونه.
تقضي الفتاة في بيت أبيها عادة أياماً تتسم بالهدوء والراحة بحثاً عن حياة جديدة، حتى تتزوج. ويلاحظ أنها ستكون فاترة الطبع إذا لم تطرق بابها وتسحب للعش الذهبي وكأنها لم تستطع بلوغ الاستقلالية التي كانت تحلم بها معتبرة ذلك هزيمة لها.
لاحظ كيف أن القرآن المجيد يمنح المرأة الحق في أن يكون لها بيت حتى لو كانت تعيش في بيت زوجها، فعيشها مع زوجها تحت سقف واحد يجب أن يكون مصحوباً بحرية الحياة الصحيحة المتفقة الفطرة فزوجة فرعون الصالحة رغم أنها كانت في بيت الشخص الأول لتلك الامبراطورية إلآ أنها بقيت تسأل الله تعالى حتى آخر يوم في حياتها بأن يرزقها بيتاً يتناسب مع فطرتها السليمة ويمتاز بالقرب من الخالق (جل وعلا): {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [التحريم: 11]، فبيتها الذي ضمّها مع فرعون لم يكن فيه استقلال للفطرة.
على الرجل أن يهيأ بيتاً لائقاً ويتناسب وشأن زوجته وهي وصية الإسلام العزيز.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ ميزان الحكمة: ج4 - باب الزواج ـ ص285.
2ـ الزوجة تحب عادة أن تكون ملابس زوجها نظيفة ومرتبة لكنها لا تحب أن تكون كثيرة الألوان كالملابس النسائية.
3ـ نهج البلاغة - حكم أمير المؤمنين (عليه السلام)، في صفة المؤمن.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|