المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6251 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

قصة اكتشاف كوكب المريخ
20-11-2016
الحشوات الجاهزة لفواصل التمدد للهياكل الانشائية
2023-07-31
مدن أمريكا اللاتينية
20-2-2022
صور عيب المحل في القرار الإداري
28-3-2022
Final verdict
2024-01-13
الإدغام
18-02-2015


المجتمع في مثلث الدمار.  
  
1378   08:57 صباحاً   التاريخ: 2023-03-16
المؤلف : الشيخ علي حيدر المؤيّد.
الكتاب أو المصدر : الموعظة الحسنة
الجزء والصفحة : ص 539 ـ 560.
القسم : الاخلاق و الادعية / أخلاقيات عامة /

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): "يا علي أنهاك عن ثلاث خصال: الحسد والحرص والكبر" (1).

 

الأمم بأخلاقها:

لا شك أنّ الأخلاق تميّز المجتمعات الفاضلة عن غيرها؛ لأنّ القيم الأخلاقيّة هي المادة الخصبة لبناء الحضارة وبناء الأفراد معاً. إذ المجتمع إنّما يقاس ويقيم بما يملك من قيم وصفات حسنة رفيعة. وبالعكس فبمقدار ما يفقد المجتمع من قيمه وصفاته الحسنة يكون حينئذٍ أقرب إلى الرذائل؛ لأنّ أخلاق الإنسان وقيمه الحضارية لا تتحجّم ولا تتقيّد بالإطار الجغرافي أو التأريخي بل إنّها تبحث عن قلوب طاهرة تتحلّى بها ونفوس مشرقة تتجلّى بها - وكلّ مجتمع لا يتحلّى بالفضائل فهو مجتمع بعيد عن السعادة يعيش الاضطراب والقلق الدائمين بعكس المجتمع الخلوق.

إذ إنّ الأخلاق الفاضلة تدعو إلى التقدّم والبناء وإشاعة الروح المعنويّة التي تسود الأفراد وبالتالي يكون المجتمع ذا طابع إنسانيّ خيّر تحيط به روح الإيمان والتقوى والخير والإخلاص وهي بمجموعها عوامل وأسباب يصل الإنسان والمجتمع من خلالها إلى الكمال ومن ثم إلى الجنّة.

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: «أكثر ما تلج به أمّتي الجنّة تقوى الله وحسن الخلق» (2).

 

أمّا التخلّي عن الأخلاق الفاضلة فيكون سبباً –عادة - لأنّ يقع الإنسان فى الذنوب، والذنوب تترك خلفها تبعات وآثاراً وضعيّة كما يعبّر عنها علماء الأصول فضلاً عن العقاب الأخرويّ، فكلّما ازدادت اتسعت الخطورة على المجتمع، لأن الأخير إنما يتكون من الأفراد وإذا غرق الأفراد في الرذائل والمعاصي والذنوب معناه بداية اضمحلال المجتمع وانحلاله وتفسّخه.

{فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} [الأنعام: 6].

 أي عندما تتراكم الذنوب وتصبح المعاصي متفشّية في المجتمع عندها تكون سبباً وعلّة تامّة لفناء المجتمع فالظلم يضخّم عدد المحرومين والحسد يذهب النعم والتكبر يعيق العلاقات وهكذا إلى أن ينزل غضب الله وبلاؤه على المجتمع فيهلكه ويستبدل قوماً آخرين.

 

فساد الدين والدنيا:

ومن أشدّ الصفات خطورة على المجتمع والفرد: (الحسد والحرص والكبر) إذ إنّ الحسد هو تمنّي زوال النعم من أيدي الآخرين وعادة الحسد يؤدي إلى الكراهية وعدم الانسجام بين الأفراد ممّا يولّد القلق الاجتماعي واضطراب العلاقات الاجتماعيّة.

وأمّا الحرص فهو يدعو إلى حبّ الذات فقط وربّما يكبر هذا الحب ليصل إلى أخطر مراحله وهو الاعتراض على الله عزّ وجلّ لماذا كتب عليّ الموت الآن؟ لماذا أخذ منّي ولديّ؟ لماذا ...إلخ والعياذ بالله.

والكبر لا يقلّ فساداً وخطورة عن الأوّلين فهو أيضاً يفتّت الوحدة الاجتماعيّة إذ إنّه حالة نفسيّة تجعل المرء يترفّع ويتعالى على الآخرين ولا يختلط بالناس لاعتقاده بعلوّ منزلته وتصوّره مقاماً خاصّاً لنفسه.

يقول علماء الأخلاق: إنّ الكبر متفرّع عن العجب وهو الإعجاب بالذات وتضخّم الأنا في الأعماق، لأجل ذلك دعا الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) إلى مجانبة هذه الصفات الثلاث لأنّها بالنتيجة تؤدّي إلى فساد دين الإنسان وفساد دنياه ولا يخفى أنّ الحسد غير الغبطة إذ إنّ الأخيرة هي تمنّي النعمة التي عند الغير من دون تمنّي زوالها عن الغير خلافاً للحسد ولذا يعدّها البعض من الفضائل الرفيعة أمّا الحسد فعكسها. وللحسد مراتب مختلفة تختلف في حال المحسود وحال الحاسد، أمّا الأول فمثلاً أنّ يحسد شخصاً له مواهب عقليّة أو خصال حميدة أو ممّا يتمتّع به من أعمال صالحة أو غير ذلك كما ذكر القرآن في قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 54] وجاء في الروايات أنّ المحسودين هم أهل البيت (عليهم السلام) فقد جاء في الخبر عن أبي الصباح قال: سألت أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} فقال: «يا أبا الصباح نحن والله الناس المحسودون» (3).

فالحسد مرض وبيل إذا تفشّى فإنّه يهدّد المجتمع بأسره لأنّ له تبعات ومخلّفات مضرة جداً مثل الكراهية والبغض وزوال النعم والإعراض عن شكر الله فضلاً عن أنه يكون سبباً للخلافات الاجتماعية كما هو الحال في قصة أولاد آدم (عليه السلام) عندما حسد قابيل هابيل على ما أنعم الله عليه، وهو أنّ الله تعالى أمر آدم ع أن يضع مواريث النبوة والعلم عند هابيل، فغضب قابيل من ذلك فحسد أخاه، فسولت له نفسه قتل أخيه فقتله.

الحسد وأسبابه:

ولعلّ أحداً يسأل لماذا الحسد؟ لماذا يتمنّى الإنسان زوال نعمة الغير وما الفائدة التي يحصل عليها جراء عمله هذا؟ وهل هناك أسباب إذا وجدت كان الإنسان بموجبها حسوداً؟

ذكر علماء الأخلاق أنّ للحسد أسباباً منها العجب، بأن يعجب المرء بنفسه فلا يرى للآخرين أي مقام، يتصوّر أنّ جميع الكمالات والنعم لا بدّ أن تكون له وهو الوحيد الذي يستحقها، أمّا الآخرون فلا مجال لهم ولا دور لديهم.

فتراه يحسد كلّ إنسان صاحب جاه أو نعيم أو ولي من أولياء الله.

 وذكروا أيضاً أسباباً أخرى كالخوف وخبث الطينة وغيرها.

ويرى البعض أنّ سبب الحسد هو رؤية ذلّ النفس وضعف إرادتها وتسافلها فإنّ الإحساس بالقصور والذلّ النفسيّ يدعو الإنسان أن يحسد كلّ امرىء. فإنّنا لم نسمع يوماً أنّ أحد الأولياء أو أحد العلماء الأتقياء حسد إنساناً آخر على نعمة أو جاه بل دائماً يكون الحسد من لدن أناس يمتازون بالفقر الروحيّ، ولذلك يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في بيان هذا المورد: «الحاسد مغتاظ على مَن لا ذنب له» (4).

لأنّه يشعر دائماً أنّه في درجة أسفل من الآخرين فيحسدهم من هذا المنطلق أحيانا.

قال الشاعر

أيا حاسداً لي على نعمتي *** أتدري على من أسأت الأدب

أسات على الله في حكمه *** لأنّك لم ترضَ لي ما وهب

فأخزاك ربّي بأن زادني *** وسدّ عليك وجوه الطلب (5)

 

الحرص دوافعه ونتائجه:

الحرص يمكن أن نحكم عليه أنّه من الصفات الرذيلة عندما يكبر ويتضخّم في قلب الإنسان ويتعلّق بكلّ شيء، ولكن الحرص في أصله أمر حسن أي إذا حافظ الإنسان على التوازن العام لا إفراط ولا تفريط، فإنّ الدفاع عن الدين والوطن والعرض والمؤمنين ناشئ عن عدّة أسباب منها شعوره بالحرص على الدين و...إلخ فهنا يكون الحرص أمراً حسناً وجيداً كما هو الحال في صفة الغضب فهو تارة يكون صفة حسنة عندما يغضب المرء لله عز وجل فيدافع عن الدين والمسلمين وتارة يكون صفة قبيحة عندما يكون هناك تفريط في جانبه حيث يغضب المرء لأي أمر ثم لا يرى شيئاً إلا نفسه ومصالحه وعزّته فينسى الله والدين ولذا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الخل العسل"(6).

والحرص من الصفات المتأصّلة في الإنسان وله مراتب ودرجات في الشدّة والضعف وأشدّ مراتبه وأعظمها وهي المهلكة عندما يحرص الإنسان على الدنيا، فالإنسان ابن هذا التراب وهذا الماء فحبّ الدنيا مغروس في قلبه منذ ولادته وكلّما تقدّم الإنسان في العمر ازداد حبه للدنيا وحرص على عمره وعلى كل الأمور المادية الدنيويّة.

عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «مَن كثر اشتباكه بالدنيا كان أشدّ لحسرته عند فراقها» (7).

وهذه المرحلة من أشدّ مراحل تسافل الإنسان لأنّه سوف يرى الموت قاطعاً لملذّاته فيكره الموت ولعلّه يعترض على الله ويكره حكمه هذا وقد يؤدّي به الأمر إلى الكفر والخروج عن ولاية الله عزّ وجلّ - والعياذ بالله -.

هذه نتائج الحرص على الصعيد الفردي فكيف الحال إذا أصبح المجتمع أو أكثر أفراده يحملون هذه الرذيلة، ولذلك نهى الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) عن تبعاته الخطيرة التي تهدّد مستقبل ومصير المجتمعات والأفراد وقد قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في ذمّ الحرص: «لا اجتناب من محرّم مع حرص» (8).

نقل أنّه كان طفلان أحدهما كان يأكل الخبز مع العسل، والثاني كان يأكل الخبر الخالي فالذي لم يكن له عسل كان ينظر إلى عسل ذاك وهو يطمع به وكان تارة يطلب منه العسل، فقال الطفل صاحب العسل أعطيك بشرط أن تكون كلباً تمشي على يديك ورجليك، فطمعه وحرصه جرّه إلى أن يصنع بنفسه مثل الكلب، فقبل أن يكون كلباً وجعل يمشي على أربع والطفل صاحب العسل يضع أصبعه في العسل ثم يضعه في فم الطفل الذي كان يمثل الكلب. فكلّ إنسان له طمع بالآخرين يكون مثل الذليل وإذا كان الطفل قنوعاً كان مثل الطفل الآخر (9).

فإنّ الحرص هو شدة الطمع ولذا نرى الحريص لا يجتنب عن الوقوع في الحرام - في بعض الأحيان - وأهونه إذلال نفسه عند السؤال الذي هو من أسباب الإذلال فقد جاء عن الرسول (صلى الله عليه وآله)، قال: "قال الله تعالى: قد نابذني من أذلّ عبدي المؤمن" (10).

فكيف بالذي يذلّ نفسه وقلنا إنّ أعظم تبعاته حبّ الدنيا والحرص عليها الذي هو مصدر الذنوب كلّها فقد جاء في الأخبار أنّ «رأس كلّ خطيئة حب الدنيا» (11).

مِن الشعر المنسوب للإمام علي (عليه السلام):

دع الحرص على الدنيا *** وفي العيش فلا تطمع

ولا تجمع من المال *** فلا تدري لمن تجمع

ولا تدري أفي أرضـ *** ـك أم في غيرها تُصرع

فإنّ الرزق مقسوم *** وسوء الظن لا ينفع

فقير كلّ ذي حرص *** غني كلّ مَن يقنع (12)

ومن روائع أهل البيت هذه الرواية التي تمثل لنا حال الحريص.

عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: «مثل الحريص على الدنيا مثل دودة القز كلّما ازدادت من القزّ على نفسها لفاًّ كان أبعد لها من الخروج حتّى تموت غماً» (13).

يفني البخيل بجمع المال مدته *** وللحوادث والأيام ما يدع

 كدودة القز ما تبنيه يهدمها *** وغيرها بالذي تبنيه ينتفع

فعلى الإنسان ألّا يكون أسير رغباته وشهواته بل أن يكون حرّاً كما خلقه الله عزّ وجلّ كما هو الحال مع عمر بن سعد لعنه الله فمن شدّة حرصه على الإمارة وملك الري وتغلغل حب الدنيا في قلبه نراه يقدم على محاربة وقتل سيد شباب أهل الجنة وإمام زمانه وهو يعلم ذلك كله جيداً فقد وضع نفسه أسيرة للحرص والطمع وحب الدنيا وما أعظم قول الإمام الحسين ع حينها عندما خاطب جيش الكفر فقال لهم: «إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم» (14).

 

متكلّم من عالم البرزخ:

يُنقل أنّ عيسى بن مريم (عليهما السلام) مرّ على قرية قد مات أهلها وطيرها ودوابّها فقال: أما إنّهم لم يموتوا إلّا بسخطة ولو ماتوا متفرّقين لتدافنوا، فقال الحواريّون: يا روح الله وكلمته أدع الله أن يحييهم لنا فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها فدعا عيسى (عليه السلام) ربّه فنودي من الجو أن: نادهم فقام عيسى (عليه السلام) بالليل على شرف من الأرض فقال: يا أهل هذه القرية فأجابه منهم مجيب: لبيك يا روح الله وكلمته، فقال: ويحكم ما كانت أعمالكم؟ قال: عبادة الطاغوت وحبّ الدنيا مع خوف قليل وأمل بعيد وغفلة في لهو ولعب فقال: كيف كان حبكم للدنيا؟ قال : كحب الصبي لأمه إذا أقبلت علينا فرحنا وسررنا وإذا أدبرت عنا بكينا وحزنا قال: كيف كانت عبادتكم للطاغوت؟ قال: الطاعة لأهل المعاصي. قال: كيف كان عاقبة أمركم؟ قال: بتنا ليلة في عافية وأصبحنا في الهاوية، فقال: وما هي الهاوية؟ قال: سجّين، قال: وما سجّين؟ قال: جبال من جمر توقّد علينا إلى يوم القيامة، قال: فما قلتم وما قيل لكم؟ قال: قلنا ردّنا إلى الدنيا فنزهد فيها قيل لنا كذبتم قال: ويحك كيف لم يكلمني غيرك من بينهم؟ قال: يا روح الله إنّهم ملجمون بلجام من نار بأيدي ملائكة غلاظ شداد وإنّي كنت فيهم ولم أكن منهم.

 فلمّا نزل العذاب عمّني معهم فأنا معلّق بشعرة على شفير جهنّم لا أدري أكبكب فيها أم أنجو منها فالتفت عيسى (عليه السلام) إلى الحواريّين فقال: يا أولياء الله أكل الخبز اليابس بالملح الجريش والنوم على المزابل خير كثير مع عافية الدنيا والآخرة (15).

وكفى عبرة للإنسان أنّه يخرج من هذه الدنيا وليس معه شيء سوى عمله وإيمانه.

الكبر أدنى الإلحاد:

فهو شعور نفسي بموجبه يتعالى الإنسان على الآخرين وهو من أخطر الصفات الرذيلة التي تهدد مستقبل الإنسان وفي بعض الأخبار أنه أدنى الإلحاد.

عن الإمام الصادق سئل عن أدنى الإلحاد؟ فقال: إنّ الكبر أدناه (16).

ربّما لأنّه يقود الإنسان لأن يتكبر على الله عزّ وجلّ - والعياذ بالله -حيث يتوهّم صاحبه بأن عنده صفات لا توجد عند الآخرين فيراهم أدنى منه درجة وهكذا إلى أن يكبر هذا الشعور فيبدأ بالتكبر عليهم والترفع عنهم والابتعاد والخروج من أجوائهم ممّا يربك ويولد الكراهية في صفوف المجتمع.

 ومن جهة أخرى قد يكون التكبر ناشئاً من حقارة النفس وتسافلها أي لكونها فاقدة للصفات الكمالية وليس عندها سوى الصفات البهيميّة ضمن شعور صاحبها بالنقص الذي يعشعش في أعماقه حيث يشعر أن الآخرين أفضل منه في كلّ شيء فيبدأ بتصنّع التعالي والترفّع عنهم رفعاً للإحساس النفسيّ بالذل والحقارة.

يقول الإمام الصادق (عليه السلام): «ما من رجل تكبّر أو تجبّر إلّا لذلّة وجدها في نفسه» (17).

وهذه الرواية تبيّن لنا كيف ينشأ الكبر من الشعور بالذلة والحقارة، وفي حياتنا العامّة نشاهد الكثيرين من هؤلاء إذ ترى البعض لا يملك من القدرات والمؤهلات ما يدعوه إلى الترفع ولكن مع ذلك يتكبر على الناس ويتعالى عليهم، بل إنه يتكبّر حتى على العلماء والمفكرين فلا يسمع منهم ولا يجتمع معهم ولا يجالسهم.

يروى أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) مرّ في بعض طرق المدينة وكان في الطريق امرأة سوداء تلقط السرقين (18) فقيل لها: تنحّي عن طريق رسول الله فقالت: إنّ الطريق لمعرض أي أنّه عريض، فهمّ بها بعض أصحاب رسول الله. فقال رسول الله دعوها فإنّها جبّارة (19).

فمثل هذه النماذج كانت ولا تزال وستبقى في صفوف المجتمعات لا تخلف وراءها سوى المتاعب والمشاكل واضطراب العلاقات والأواصر الإنسانية. وفي الواقع أنّ المتكبر بهذا البيان هو ذلك الإنسان الذي يعيش - عادة - انحصاراً وضيقاً وتحجّماً في فكره وانحطاطاً في شخصيّته فيحاول أن يرفع هذا الانحطاط والشعور بالهزيمة النفسيّة بوضع هالة حول نفسه ولعلّه يستعين ببعض الأشخاص الذين يعيشون الأزمات النفسيّة مثله ليجعلهم حوله ظاناً أنه بذلك سيرفع من ضعته وذلته.

 

سمات المتكبر:

وقد وضع أهل البيت (عليهم السلام) العلامات البارزة لمعرفة المتكبّر وأهمها العلامات التي لها مساس بالحياة العامة للمجتمع، فعن محمد بن عمر بن يزيد عن أبيه قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إنّني آكل الطعام الطيب وأشم الريح الطيّبة وأركب الدابّة الفارهة ويتبعني الغلام فترى في هذا شيئاً من التجبر فلا أفعله؟ فأطرق أبو عبد الله ثم قال: إنّما الجبار الملعون من غمص الناس وجهل الحق.

قال عمر: فقلت أمّا الحق فلا أجهله والغمص لا أدري ما هو؟ قال: مَن حقّر النّاس وتجبّر عليهم فذلك الجبّار (20).

فهنا الإمام (عليه السلام) يعطي علامتين للمتكبّر الأولى جهل الحق والثانية التجبّر على الناس؛ أمّا الأولى فإنّها تكون سببا لظهور الباطل والانحرافات وأنواع الضلالة وأمّا الثانية فإنّها تمنع من تفاعل الناس معه وتفاعله معهم ممّا يؤدّي إلى حرمان كلا الطرفين وظهور حالات التنافر والاشمئزاز والكره. وعادة الإنسان المتكبّر لا ينصاع إلى الحق والكلمة الطيّبة أو السلوك المهذّب إمّا لتوهّمه وتصوّره أنّه أفضل من الآخرين، كما هو الحال مع بعض مشركي قريش عندما كان الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) يدعوهم إلى الإسلام فكانوا يقولون: {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزخرف: 31] إذ كان عروة بن مسعود يرى أنّه أفضل من الرسول وأنّ لديه لياقات النبوة فلماذا لا ينزل عليه القرآن؟ وكما هو الحال مع إبليس لعنه الله حينما أمره الله أن يسجد لآدم فأبى وقال: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ} [الأعراف: 12] وإمّا أنّ المتكبّر لا ينصاع إلى الحق لوجود عقدة نفسيّة وشعور بالنقص في أعماقه فلا يسمع من أي أحد كما هو

الحال في المرأة السوداء التي اعترضت طريق الرسول، وإما لوجود مصالح ومنافع ومكانة فيخاف الإنسان أن تذهب من يده كما هو الحال مع كفار قريش عندما دعاهم الرسول الأعظم إلى الإسلام والإيمان فأبوا واستكبروا، بل إنهم حاربوه وحاولوا قتله خوفاً وحرصاً على مصالحهم ومكانتهم الاجتماعية وإلاً فإنهم كانوا يدركون ويعرفون صدق الدعوة وواقعية الرسالة ولكن أبوا استكباراً منهم وتعالياً. {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان: 60] وأحياناً كانت قريش من شدة تكبّرها وتعاليها على الرسالة المحمديّة تطالب الرسول العظيم بأمور مستحيلة وممتنعة {وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا} [الفرقان: 21].

 فالآية تصفهم بالاستكبار أي أنّهم بدا من أن يقولوا كلمة الكفر علناً أو يعلنوا تعاليهم على الرسالة فقد كانوا يطالبون الرسول بأمور مستحيلة لا تتحقق لكي يضعوه في موقف حرج.

فأحياناً يكون التكبر سبباً لعدم الإيمان كما هو حال قريش.

{فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} [النحل: 22] وهؤلاء بعملهم هذا وبما يحملون من نفسية ضيقة سوف لن يوفقوا للإيمان أبداً لأنهم غير قادرين على استقبال الفيض الإلهي والهداية الإلهية.

{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: 146]

أمّا الخاتمة الأخرويّة للمتكبّرين فهي كما يخبرنا عنها القرآن:

{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].

{فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [النحل: 29]. أمّا خاتمتهم في الدنيا فمثلهم كمثل رجل يقف على جبل يرى الناس صغاراً والناس تراه صغيراً فيحرم من المنافع التي بأيدي الناس وخاتمته الحرمان والذل والحط من قدره في أعينهم. وهنا يمكن القول إنّ للكبر مراتب:

1- التكبّر على الله تعالى وعدم الاعتبار بآياته.

2- التكبّر على الأنبياء والاستهزاء بهم.

3- التكبّر على عباد الله. وكلّها قبيحة بل من أشدّ القبائح.

 

بين أهل البيت (عليه السلام) والظالمين:

إنّ ما كان يتمتع به أهل البيت (عليه السلام) من كمالات ومكانة اجتماعية مرموقة وفضل قد صرّح القرآن والسنة به كان سبباً لأن يكونوا عرضة لحقد السلاطين. ومن جهة أخرى كان حرص السلاطين على الملك وحسدهم لأهل البيت وتكبرهم وتجبرهم على الأمة، من الأمور التي تدفعهم للفتك بالأئمة وقتلهم، لأنّ خلفاء بني أمية وبني العباس كانوا يتّسمون بعدم كفاءتهم لإدارة الدولة بعد أن أغرقوا أنفسهم بالملذّات وزخارف الدنيا وأهملوا مصلحة الناس ومتطلباتهم فكانت الأمة لا سيما الواعين منها يلتفّون حول أئمة أهل البيت (عليه السلام) لأنّهم كانوا قد صبّوا بالغ اهتمامهم في المحافظة على الدين ووحدة المسلمين وهدايتهم إلى الطريق المستقيم وتقويتهم روحيّاً هذه الأمور وغيرها كانت تجعل العدو والصديق محباً لأهل البيت (عليهم السلام).

 وبذلك كان الأئمة يحتلّون قلوب الناس ويؤثرون على سيرهم فكان خلفاء الجور يعملون كلّ ما بوسعهم لإضعاف وتحجيم الدائرة التي يتحرك فيها الأئمة ع حسداً وحرصاً على عروشهم مع علمهم أن آل محمد ع هم أولى منهم بهذه المناصب الحساسة.

 

من واقع الظلمة:

يُروَى أنّ المأمون قال: حججت مع هارون في أحد الأعوام فلمّا صار إلى المدينة تقدم إلى حجابه وقال: لا يدخلنّ عليّ رجل من أهل المدينة ومكة من أبناء المهاجرين والأنصار وبني هاشم وسائر بطون قريش إلّا نسب نفسه (وهنا نلحظ روح العنصريّة التي كان يتّسم بها هارون في سياسته مع الناس) فكان الرجل إذا أراد أن يدخل عليه يقول: أنا فلان ابن فلان حتى ينتهي إلى جده من هاشم أو قريش وغيرها فيدخل ويصله هارون بخمسة آلاف وما دونها إلى مائتي دينار على قدر شرفه وهجرة آبائه. فبينما أنا ذات يوم واقف إذ دخل الفضل بن الربيع فقال: يا أمير المؤمنين على الباب رجل زعم أنّه موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام) فأقبل علينا ونحن قيام على رأسه والأمين والمؤتمن وسائر القواد وقال: احفظوا على أنفسكم ثم قال لآذنه: ائذن له ولا ينزل إلاً على بساطي فأنا كذلك إذ دخل شيخ قد أنهكته العبادة كأنّه شنّ بال قد كلم السجود وجهه وأنفه فلمّا رأى هارون رمى بنفسه عن حمار كان يركبه فصاح هارون: لا والله إلا على بساطي فمنعه الحجاب من الترجّل ونظرنا إليه بأجمعنا بالإجلال والإعظام فما زال يسير على حماره حتّى سار إلى البساط والحجاب والقواد محدقون به فنزل وقام إليه هارون واستقبله إلى آخر البساط وقبّل وجهه ورأسه وأخذ بيده حتّى جرّه في صدر المجلس وأجلسه معه وجعل يحدثه ويقبل عليه ويسأل عن أحواله ولما قام قام هارون لقيامه وودعه ثم أقبل عليّ وعلى الأمين والمؤتمن وقال: يا عبد لله ويا محمد ويا إبراهيم سيروا بين يدي عمّكم وسيّدكم وخذوا بركابه وسووا عليه ثيابه، فاستغرب المأمون من أبيه هذا الصنيع وسأله بعد أن انفرد به عن سبب هذا التقدير والإجلال؟ فقال له: يا بني إنّه صاحب الحق - أي بالخلافة - فقال المأمون: إذا كنت تعلم ذلك فرد عليه حقّه فقال: إنّه الملك والله لو نازعتني فيه لأخذت الذي فيه عيناك (21).

فهم كانوا يعرفون حق المعرفة مقام الأئمة ودورهم ومكانتهم الواقعية عند الله وعند الناس ولكن مع ذلك كانوا يمارسون ضدهم كل أنواع المحاربة والتعذيب والقتل لأنّه حريص على الملك.. الملك الذي يستعد الأب لأنّ يقتل ويذبح ابنه من أجله. وأي ملك هذا؟

بين الظلمات والنور:

رُويَ أنّ السماك دخل على هارون يوماً فاستسقى فأتي بكوزه فلما أخذه قال: على رسلك يا أمير المؤمنين لو منعت هذه الشربة بكم كنت تشتريها؟ قال: بنصف ملكي قال: اشرب هنّأك الله تعالى. فلمّا شربها قال: أسألك لو منعت خروجها من بدنك بماذا كنت تشتري خروجها قال: بجميع ملكي قال: إنّ ملكاً قيمته شربة ماء وبوله لجدير ألّا ينافس فيه (22).

 ولكنّ السلاطين عادة يغفلون عن هذه الحقيقة فينسون أو يتناسون ذلك فيحسدون ويتكبّرون ويحرصون حتّى يحين يومهم فيسقطون ولا أحد يحزن لرحيلهم ولا أحد يفرح بقيامهم.

قال الشاعر:

خليفة مات لم يحزن له أحد *** وآخر قام لم يفرح به أحد

فسمات الملوك الحسد والكبر والحرص *** وتبعاتها وخيمة ليست عليهم

فقط بل على مواطنيهم ومجتمعاتهم فعندما ينهى النبي ص عنها فكأنه ينهى عن أسباب وعلل تهلك المجتمع وتدمر ملوكه وجماهيره لأنها تفتك بالإنسان إذ ليس لها حد أبداً بل على العكس إنها مع تقدم الإنسان في العمر وإذا لم يعمل على مجاهدتها تزداد رسوخاً في القلب ولذا جاء في الأخبار: «وإيّاكم واستشعار الطمع فإنّه يشوب القلب بشدة الحرص ويختم على القلب بطابع حب الدنيا وهو مفتاح كل معصية» (23).

فقد عرفت خطر هذه الصفات وما تخلفه من تبعات ومن أجل ذلك يوصي لقمان الحكيم ابنه بمجانبة هذه الرذائل والقرآن الحكيم يذكر لنا وصايا لقمان لحرصه على الإنسان وتقويمه وتهذيبه، قال تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18] فالتعال ي والكبرياء والعزة كلها لله عزّ وجلّ فقط ولا يحق للإنسان الضعيف أن ينازع الله رداءه ومكانته.

فعن الإمام الباقر (عليه السلام): «العزّ رداء الله والكبر إزاره فمَن تناول شيئاً منه أكبّه الله في جهنم» (24).

كتب الإمام الصادق (عليه السلام) إلى جماعة من شيعته: «إيّاكم والعظمة والكبر فإنّ الكبر رداء الله فمَن نازع رداء الله قصمه الله وأذله يوم القيامة» (25).

قال تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83].

وكان ديدن السلاطين والملوك الكبر والظهور بمظهر الإنسان الخالد بل والآلهة فلشدة حبهم للدنيا وحرصهم على الملك ينسون الموت وكأنّه لا يعرف طريقاً إليهم فيتعالون على العلماء ولربّما يستمتعون بقتلهم ويفرحون بموتهم لأنّهم لا يسعهم أن يستمعوا إلى موعظة أو كلمة حق، ولهذا كانت الحرب سجالاً بين سلاطين بني أمية وبني العباس وبين أئمة الهدى من آل محمد (صلى الله عليه وآله) فالأئمة (عليهم السلام) كانوا يعملون على زرع القيم الفاضلة في الناس وتذكيرهم بالآخرة دوماً وإيقاظهم بعد السبات لكي يعيشوا فكرة الإيمان دائماً فيكون المجتمع أقرب إلى التقوى. بينما يعمل السلاطين الطغاة ولا زالوا على زرع القيم الفاسدة والأخلاق الذميمة وزرع الروح الانهزامية والخوف من بطش السلطان وإشاعة الرعب والإرهاب وبذلك يكون المجتمع قد وصل إلى حالة من الفساد التي تدمره في نهاية المطاف. ولذلك كانت هناك صراعات بين هذين التيارين فالأول يدعو إلى الأخلاق الفاضلة التي تلهم المجتمع نوراً ويقيناً وتزيده معرفة ووعياً وسعادة. والثاني يعمل على العكس مضافاً إلى سياسة التجهيل لكيلا تطلع الجماهير على مساوئ الدولة والسلطان فتسقطهما. فكانت معركة النور مع الظلام والحق مع الباطل والفضائل مع الرذائل وما تزال هذه المعارك إلى يومك هذا في كل مكان من العالم، بل وفي كيان الفرد الواحد أيضاً - كما يعبّر علماء الأخلاق - فالقلب يدعوه إلى الخير والفضيلة والهوى يدعوه إلى الملذات التي وراءها الرذائل والخيبة...

 

الشعوب هم الضحايا:

وأمّا الضحايا في عصورنا المتأخّرة فحدّث ولا حرج فهتلر كان يحمل مجموعة من مساوئ الأخلاق والصفات الذميمة التي كانت تحركه نحو تدمير الشعوب وسحقها فقد كان الحرص عنده قد وصل إلى أعلى مستوياته فكان كلما فتح أرضا واستغلها سعى إلى الأخرى ثم إلى الأخرى وهكذا إلى أن أشعل فتيل الحروب التي راح ضحيتها بنو الإنسان ورملت النساء ويتمت آلاف من الأطفال. وكذا الحال مع نابليون والاستعمار الفرنسي الذي راح ضحيته في الجزائر فقط ما يقارب مليون شهيد فسمي بلد المليون شهيد عدا عن ترميل النساء وتيتيم الأطفال ودمار الحياة الطبيعية وانهاك الروحية الفعالة وتدمير التراث والثقافة هناك. ولقد دمّرت الحرب العالمية الأولى نصف حضارة وحياة أوروبا وآسيا وافريقيا لتأتي الحرب العالمية الثانية فتكمل ما تبقى وزادت عليها بأن استخدمت اميركا السلاح الذري ضد اليابان وأحرقت مدينتين يابانيتين بقنبلتين ذريتين - هيروشيما وناكازاكي - وحوّلتهما إلى رماد خلال ثوان ولا زال اليابانيّون يعانون من ويلاتها وقد قدّروا عدد ضحايا الحرب الثانية بحوالي 60 مليون قتيل فضلاً عن الجرحى والمعوقين والأزمات النفسية والاقتصادية التي تعد من الآثار السلبيّة غير المباشرة للحروب.

ولو تأمّلنا اليوم في سياسة الاستعمار في العالم لرأينا أكثر مخططاته وسعيه الدائب لتحطيم الشعوب ونهب خيراتها ناشئة من هذه الدوافع الثلاثة التي ابتدأنا بها البحث: (الحسد، والتكبّر، والحرص).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) في ذم الحرص:

"مَن تعلّق قلبه بالدنيا تعلّق قلبه بثلاث خصال: هم لا يفنى، وأمل لا يدرك، ورجاء لا ينال" (26).

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كلمة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): ص 160.

(2) الكافي: ج 2، كتاب الإيمان والكفر، باب حسن الخلق، ص 82، ح6.

(3) الكافي: ج 1، كتاب الحجة، ص 186.

(4) مائة كلمة لأمير المؤمنين (عليه السلام): للبحرانيّ ص 42، ح 52.

(5) المستطرف: ج 1، ص 459.

(6) الكافي: ج2، كتاب الإيمان والكفر، الغضب ج 1، ص 302.

(7) الكافي: ج 2، كتاب الإيمان والكفر، باب الحرص، ص 241، ح 16.

(8) مائة كلمة لأمير المؤمنين (عليه السلام): للبحرانيّ شرح عبد الوهاب ص 16، ح 1.

(9) عنوان الكلام: ص 63.

(10) الوسائل: ج 8، ص 592، باب العشرة، ح 6.

(11) الكافي: ج2، باب حب الدنيا والحرص عليها، ص 238، ح 1.

(12) ديوان الإمام علي (عليه السلام).

(13) الكافي: ج2، باب حب الدنيا والحرص عليها، ص 238 و 239، ح 7.

(14) مقتل الإمام الحسين (عليه السلام) للمقرّم، ص 275.

(15) الكافي: ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب حب الدنيا والحرص عليها، ص 240.

(16) الكافي: ج 2، كتاب الإيمان والكفر، باب الكبر، ص 233، ح 1.

(17) الكافي: ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب الكبر، ص 236، ح 17.

(18) السرقين: كلمة فارسيّة الأصل وتعني الزبل والزبالة نقلاً عن المنجد في اللغة ص 330. وتعني أيضاً مدفوع الحيوانات نقلاً عن كتاب (فرهنك جامع) فارسي ويصطلح عليه باللغة العراقية الدارجة (سرجين).

(19) الكافي: ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب الكبر: ص 233 و 234، ح 2.

(20) الكافي: ج 2، كتاب الإيمان والكفر باب الكبر: ص 235، ح13.

(21) سيرة الأئمة الإثني عشر: ج 2، ص 331.

(22) تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 293، ط ـ يران.

(23) البحار: ج 69، ص 199، باب جوامع مساوي الأخلاق.

 (24) الكافي: ج2، كتاب الإيمان والكفر باب الكبر: ص 234، ح 3.

(25) شجرة طوبى: ج 2، ص 190، ط ـ لبنان.

(26) الكافي، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب الحرص، ص 241، ح17.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.