ذات يوم؛ وبينما أجوب السوق التجاري قررت أن أسمح لابنتي - التي تبلغ عاماً واحداً - أن تسير بجانبي بدلاً من حبسها في عربة المشتريات التي كانت تثير ضيقها. ولقد كان خطا فادحاً!، فهي لم تكتفِ بإحداث الفوضى فقط، وإنما توقعت أن يحدث نفس الشيء على مدى الرحلات الأربع التالية إلى السوق. إن الطفل يتمتع بذاكرة حديدية!.

أحيانا قد نؤثر الطريق الأسهل، غير أن هذا لا يعلم الطفل سوى المزيد من المطالبة والمزيد من النواح. فكر في الأمر من وجهة نظر طفل الثانية. لقد كان - على مدار العام الأول - المركز الأوحد لاهتمام العالم من حوله. لقد كان يحصل على كل ما يريد، لكن مطالبه الآن قد أصبحت متنوعة ومبالغ فيها. إن مطالبه لم تعد تقتصر على الطعام والتدليل وتغيير الملابس، بل أصبح يريد أن يلبس الكلب سراويل والديه، وأن يمزج الشامبو الخاص بالشعر مع البلسم ويترك أرض الحمام زلقة، يعبث في طريق السيارات. حينئذ يجب عليك أن تمنعه إيثاراً لسلامته الشخصية على الأقل.

بل إن الأمر كذلك بالفعل، إنه لسلامته الشخصية، إن أهم ما يتلقاه الطفل من دروس في هذه السن أنه في الوقت الذي يحظى فيه بحب الآخرين واحتفائهم، يظل على الرغم من ذلك شخصاً واحداً ضمن العديد من الأشخاص وهو ما يفرض عليه التواؤم معهم.