المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



السلوك المنحرف  
  
2388   09:37 صباحاً   التاريخ: 2023-03-06
المؤلف : د. محمد أيوب شحيمي
الكتاب أو المصدر : مشاكل الاطفال...! كيف نفهمها؟
الجزء والصفحة : ص182 ـ 186
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

السلوك المنحرف هو السلوك المضاد للمجتمع، ويخرق القانون المتعارف عليه في ذلك المجتمع، وبالتالي، فإنه يستحق العقاب، لغايتين، لردع المخالف أولاً، وحماية الآخرين من المتضررين ثانية. هذا هو المفهوم العام للسلوك المنحرف، والذي يعتمد بالنسبة للكبار لكنه بالنسبة للأطفال يرتدي طابعاً أكثر شفافية وأكثر دقة، فالذي يهرب من البيت أو من المدرسة، أو يجرح أخلاق الناس، أو يؤذي صحته، أو صحة الآخرين، فإنه يعتبر طفلاً منحرفاً، ومفاهيم الانحراف تختلف بين مجتمع وآخر، وتحديدها يتم وفق قوانين خاصة بكل بلد.

وتتجه الحكومات الحديثة، بتأثير من التربية الحديثة إلى اعتبار السجون والاصلاحيات بمثابة مدارس يتعلم فيها الأطفال مختلف أنواع العلوم والنشاطات، ويعاد تأهيلهم ليدخلوا المجتمع من جديد، ويساهموا في بنائه ويتفاعلوا من جديد مع الآخرين بطريقة سوية سليمة.

ولقد تغيرت النظرة إلى المنحرف، فبعد أن كان ينظر إليه على أنه متخلف عقلياً فقد تبدلت هذه النظرة، بعد أن أثبتت الدراسات بأن التخلف العقلي ليس هو السبب الدائم في الجنوح، وقد وجد بأن نسبة لا بأس بها من المنحرفين يتميزون بدرجة هامة من الذكاء تفوق المتوسط، ولوحظ أيضاً أن ضعف تكيف الطفل مع الوسطين الدراسي والاجتماعي، هو الذي يؤدي به إلى الجنوح. أما بالنسبة لضعاف العقول من الجانحين فقد تبين أن هؤلاء يرتكبون مخالفاتهم وانحرافاتهم عن غير قصد، وهم يقعون ضحايا سوء التقدير. فهم لا يقدرون تماماً النتائج المترتبة على أعمالهم، ومعظم الانحرافات التي يرتكبونها تتلخص في السرقة والتخريب، والهروب من المدرسة.

ولقد شغلت مسألة الجنوح (وخاصة عند الأطفال)، الحكومات والمهتمين بالأمور التربوية والمنظمات العالمية، فقد أوصت منظمة الصحة العالمية بوضع برامج تربوية وعملية لهؤلاء قبل السجن، وأثنائه، مع النظر الطبي الدقيق في أمر هؤلاء الأطفال ومعالجتهم بدقة، (وفي الولايات المتحدة الأميركية وبحسب إحصائياتها يمثل أمام المحاكم أكثر من 750 ألف طفل سنوياً بتهمة الجنوح)(1)، بحيث ينتج عن ذلك من التكاليف والخسائر وبحسب الاحصائيات نفسها نحو أربعة مليارات من الدولارات سنوياً، وهذه النسبة تزداد سنة فسنة وترجع أسباب هذه الزيادة كما يرى المحللون إلى ضعف الرقابة الأسرية، أو بسبب عمل الأم خارج المنزل .

وفي دراسة خاصة لهذه الظاهرة، أثبت التحليل النفسي أن مرحلة الطفولة الأولى هي المسؤولة دائماً عن ظاهرة التطرف والانحراف، التي تظهر على المرء في المراحل الأخرى من العمر.

ويمكن أن نوجز هذه الأسباب بما يلي:

1- التربية الأسرية، غير السليمة، والناتجة عن الصراع والخصومات بين الأبوين، ولقد ازداد تفسخ الحياة الأسرية بعد خروج المرأة إلى العمل ومساواتها بالرجل. وتضارب الصلاحيات التربوية والبيتية والاجتماعية، فبدأ الطفل الذي عهد به إلى الخادمات يدفع ثمن هذا الانفتاح والرفاه الاقتصادي الذي تحقق بفعل ارتفاع دخل الأسرة.

2- الأجواء المدرسية: حين عهد المجتمع إلى المدرسة لكي تقوم بالنيابة عنه بتعليم الأطفال ومتابعة ذلك طيلة المراحل، كان يعهد إليها بتربية هؤلاء الأطفال وتنميتهم أخلاقياً واجتماعياً ونفسياً وتأهيلهم لدخول المجتمع والمساهمة في إنمائه وتقدمه، بفكر حر، وعقل متفتح واع، وإرادة قوية، وشخصية سليمة، خالية من الاضطرابات.

لكن وبكل أسف، فقد اقتصر دور المدرسة في غالب الأحيان على التعليم دون الاهتمام بالنواحي الأخرى، وساعد على هذا التقصير، نقص المدرسين، أو عدم تأهيلهم تأهيلاً جيداً وندرة وجود النشاطات اللاصفية، وتردي أوضاع البناء المدرسي، وانصراف المدرسين إلى العمل خارج الاطار المدرسي بسبب نقص أجورهم أو لرغبتهم في زيادة مداخيلهم عن طريق إعطاء الدروس الخصوصية خارج مدارسهم، لذلك فقد أهمل التلامذة مما جعل ظاهرة الانحراف والتطرف تشق طريقها وسط هذا الفراغ إلى صفوف التلامذة ومن المعروف أن الجريمة أو الجنوح، يعشش حيث الأرض الخصبة، وحيث الفراغ.

يضاف إلى ذلك طرق التدريس التقليدية التي ما زالت معتمدة في المدارس، وهزال المكتبات أو ندرتها. كل ذلك يضعف من دور المدرسة في وقاية التلامذة من الانحراف أضف إلى ذلك أيضاً نظام الامتحانات العقيم، والدور التسلطي الذي تلعبه الإدارة المدرسية. كل ذلك يشكل تأثيراً خطيراً على جنوح الأطفال.

ويستمر الأمر كذلك - وبشكل مأساوي - حتى الجامعة، حيث يقبل الطالب على أساس درجاته التي حصل عليها دون أية دراسة لملفه الشخصي (سلوكه، سيرته، قدراته، هواياته)، فمعظم الطلاب الذين يدرسون في مختلف الفروع هم شبه مجبورين على ذلك وهم غير مقتنعين بهذا الاختيار. وهم يعترفون صراحة لدى سؤالك لهم عن سبب اختيارهم لهذا الفرع من الدراسة فيجيبون: أنها الظروف. ونتيجة لعدم التكيف هذا، والذي هو مقدمة لعدم التكيف الاجتماعي بشكل عام، يصاب التلامذة بالإحباط والانسحاب، ويجنحون.

3- حملة الشهادات وأزمة العمل: هناك أزمة متفاقمة في معظم الدول النامية، ونحن منها، وهي أزمة بطالة المثقفين، الذين يتخرجون من الجامعة، ثم لا يجدون فرص العمل فيصدمون أمام هذا الواقع، ويُجهض الحلم الذي كان يراود مخيلتهم بأن الشهادة الجامعية ستحقق لهم المكانة المادية والمعنوية، وتبدأ المأساة الرهيبة التي تقود الشباب إلى الرفض والسلبية والتمرد، والمناداة بمعارضة السلطة فما حال الأطفال أمام هذا الواقع؟، إن أطفالنا في المدارس ينظرون ويراقبون ويستنتجون بأن مصيراً مشابهاً ينتظرهم فتتضاءل دافعيتهم وقابليتهم للإقبال على العلم، أو قد يجنحون، إلا إذا زودوا بقدر هائل وثابت من القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية التي تحصنهم ضد الوقوع في براثن الانحراف والجريمة.

هذه الصورة القاتمة للواقع يراها الأطفال من بعيد، ويشعرون أنهم قادمون إليها مما يجعل الكثيرين منهم يتهربون من تجرع (هذا الكأس المر) حسب تعبيرهم فيتركوا المدرسة قبل إتمام تعلمهم بقصد القيام بعمل آخر، ومع ضعف الرقابة الأسرية ينحرفون عن الطريق القويم.

4- وتلعب النظم السياسية والاجتماعية دوراً هاماً في حدوث هذه الظاهرة، فإبعاد الشباب عن التعبير عن آرائهم والمشاركة في صنع القرار المصيري، والنقد السياسي البناء تجعلهم يحجمون عن المشاركة، فيتحولون إلى حالة العداء للمجتمع، من أجل ذلك يجب أن نبدأ وفي سن مبكرة في خلق مناخات سياسية واجتماعية ليقوم الأطفال بالتعبير عما في صدورهم وأخذ آرائهم بعين التقدير فيشعرون أن لهم شأناً في بناء مجتمعهم، فترتاح نفوسهم، وتتحصن ضد الانحراف والجنوح.

5- تتحمل أجهزة الإعلام هي الأخرى دوراً في تفاقم أزمة الانحراف، وهي التي يفترض أن تقوم بدور التوعية والتوجيه مكملة دور الأسرة والمدرسة، في عملية احتواء الناشئة وتبصيرهم بسبل الحق والخير والفضيلة وإعدادهم للمجتمع الفاضل.

ولكن نرى وبكل أسف - أن الدور الذي تقوم به أجهزة الإعلام هو دور سلبي للغاية، فليس من إشراف فعلي من قبل الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين والتربويين على النشرات والبرامج. حتى إن بعض البرامج والكتابات المعدة للأطفال تمادى أصحابها في خدش الحياء إلى درجة أنها أصبحت هي المشكلة بحد ذاتها، ويعمل علماء الاجتماع والتربية على وقاية الناس من هذه الأجهزة التي انحرفت عن الغاية التي وجدت من أجلها.

ويمكن أن نوجز باختصار أن الفرد لا يولد متطرفاً أو جانحاً، وإلا لكان جميع البشر جانحين لكنه يولد وهو يحمل استعدادات معينة، والبيئة الاجتماعية هي التي تساعد على تنمية أو عدم تنمية الجنوح وظهوره.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ د. عبد الرحمن العيسوي، الإرشاد النفسي، ص 326. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.