أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-9-2020
10790
التاريخ: 8-4-2021
2566
التاريخ: 2023-03-06
2388
التاريخ: 27-3-2019
2729
|
يجب مواجهة ظاهرة عجز الأطفال بواقعية، والعجز ليس كل شيء في الحياة، فالطفل العاجز، متشابه مع غيره في كثير من النقاط، فهو مثلهم يريد أن يُحب ويُحَب، أن يتجنب الألم، ويميل إلى ما يفرح ويُسر، وأخطر ما في الأمر هو الاهتمام التعويضي الزائد للطفل العاجز، من قبلنا نحن الأهل، ونحن إذ نفعل ذلك كأهل وكمربين فنحن نقوم بطريقة إسقاطية، (وهي أننا نضع أنفسنا مكان شخص آخر ونفرض انفعالاتنا عليه)(1).
ثم لا داعي للقلق أو الظن بأن الذي يفقد جزءاً او أكثر من جسمه قد فقد كل شيء وعندما تسخر جميع الجهود للتغلب على عاهة ما، فقد يكون ذلك عاملاً عن عوامل نجاح الفرد المصاب. لذا يجب مواجهة الموقف بطريقة واقعية دون قلق، أو آمال لا يمكن تحقيقها، بل وتقبل الواقع دون غيره، وأن يعطى للطفل الشعور بالأمن والشعور بالنجاح، ثم إن الطفل العاجز الواثق من مشاعر أبويه وأخوته، والذي يشعر أن له دوراً هاماً في الأسرة مثل أي شخص آخر لا يفقد الشعور الحيوي بالأمن والطمأنينة.
بعض آباء الأطفال العاجزين يعانون من شعور بالذنب فيتساءلون: (ماذا فعلت في دنياي، وماذا جنيت حتى يصبح طفلي كذلك؟!، أو هل أهملت لدرجة جعلته عرضة للإصابة ؟!)(2).
لكن الوالد المؤمن المتمسك بدينه، وبربه تمسكاً عميقاً وصحيحاً يجد فيه عوناً ويستمد منه إلهاماً لمواجهة هذه الأزمة، ولا بأس من مجالسة علماء الدين، وهم - أطباء القلوب - والغالبية العظمى منهم أصبحوا اليوم على قدر عال من المعرفة والثقافة العصرية العالية إلى جانب علومهم الدينية، مما يتيح لهم الفرص في الغوص في القرآن الكريم من النواحي النفسية والاجتماعية، لاستلهام الدر، واستخلاص ما يشفي الصدور المكلومة.
والشفقة - وإن كنا لا نشك في صدقها - فهي غير ذات جدوى سواء للصحيح أو للعاجز المشوه، فكثرة الشفقة أو زيادتها تثبت عقدة النقص وتؤدي إلى زيادة الشعور بالضعف، وتبعد الطفل عن إخوانه أكثر نتيجة شعوره بالاختلاف عنهم، ويجب أن ينصب الاهتمام على تنمية شخصيته، وليس على عجزه الجسمي.
والأجدر بالأهل في مثل هذه الحالة أن يجعلوه مثل غيره، يتعلم طريقة الحياة، والاختلاط مع الأقران، وتكوين علاقات معهم، وإبعاده عن أجواء اليأس، وزرع روح التفاؤل وقبول الواقع، دون أن يعيش الشعور بالمرارة بشكل دائم.
والإفراط في العناية الزائدة بمثل هذا الطفل هو من الأخطاء التربوية الشائعة، ولا بأس من تشجيعه على عمل ما يمكن عمله، بما يتناسب مع حالة عجزه وبقدر ما ينتج فهو سيشعر أنه أصبح أقرب إلى الآخرين، وأقرب إلى الواقع.
ويرى بعض الأخصائيين التربويين أنه من المستحسن تكليفه ببعض الأعمال المنزلية التي لا تمنعه حالته من القيام بها، كالأعمال اليدوية البسيطة فهذه أيضاً من الوسائل التربوية التي تدعمه نفسياً كالأعمال الكتابية، والأشغال اليدوية، وتحضير بعض المآكل.
أما بالنسبة للطفل المصاب بالحمى الروماتيزمية، والتي تطول فيها فترة المرض، فيجب في مثل هذه الحالة تزويد الطفل بمعلومات واقعية عن حالته ومرضه، دون أن تتضمن شيئاً من الرثاء أو التشاؤم لأن ذلك يسبب له المزيد من القلق. وتطول فترة النقاهة، وغالباً ما تمضي هذه الفترة في البيت، لذلك يجب أن تنظم أجواء البيت بشكل طبيعي، حيث يعتنى بصحة الطفل الجسمية دون الإفراط في ذلك كما هو سائد في معظم الأسر، وذلك على حساب الصحة النفسية، فالإفراط في المحافظة على الصحة البدنية يؤثر سلباً على الصحة النفسية، فيتدلل الطفل، ويتشدد في مطالبه، ونحن لا نشك بأن الطفل في مرحلة النقاهة هذه يحتاج إلى قدر كبير من الاهتمام العاطفي، حتى يعود إلى حالته العادية، ومن بعد ذلك يجب الانتباه ففترة النقاهة قد تستغرق وقتاً طويلاً، وبتطور الطفل بتطور حاجاته فما كان يصلح له بالأمس، قد لا يصلح له اليوم، فمن البديهي أن ينال الطفل قسطاً من العناية والمحافظة، لكن على الا تتحول إلى إحاطته بسياج من القلق والإفراط في الحماية، لأن المبالغة في الرعاية تجعل الطفل - لا شعورياً - يفقد الرغبة في التحسن ، حيث يحس أن أمه وأباه أكثر حباً وملاطفة له عند المرض.
والأهم من ذلك أن الكثير من الأطفال رغم تقدم الحالة الصحية لديهم وشفائهم شبه التام، من المرض، يعودون إلى النكوص، إلى الأفعال الطفلية، فسرعان ما يشعرون بالعجز عن القيام بالأعمال التي كانوا يقومون بها كارتداء الملابس والاغتسال وتناول الطعام، فيحتاجون إلى والديهم من جديد، بعد أن كانوا قد تجاوزوا هذا الأمر - وليس من داع للقلق - فهذه ظاهرة كثيرة الحدوث، إذ لابأس من إعادة تدريب الطفل من جديد على الاعتماد على نفسه، شرط ألا يبالغ كثيراً في الأمر، لأن ذلك يؤخر عودة الطفل إلى الحالة الطبيعية، لأن هذه العناية الشديدة، تشعره بأن الأمر هام وخطير فلندعه يخالط الآخرين حتى لا يشعر بالاختلاف عنهم.
وإذا كان الطفل لطيفاً هادئاً سهل الانقياد، فهو يفقد القدرة على اتخاذ القرارات بنفسه، أو يفقد المبادأة، وإذا كان على العكس من ذلك معتداً بنفسه، فإن ذلك يتجلى في التخريب والعصبية والطلبات غير المعقولة ولتعديل هذين الاتجاهين المتناقضين عند الطفل، لا بد من رسم حدود معقولة لتصرفاته وسلوكه، حيث يصبح أكثر طواعية للعمل بها.
ونفاجأ أحياناً بالطفل وهو يخالف التعليمات المعطاة من الأهل، أو من الطبيب بخصوص وضعه الصحي، ويجب التنبه هنا إلى أمر سيكولوجي هام مؤداه: (إن الطفل وهو يفعل ذلك فهو لا يتحداك بل إنه يجرب نفسه ليختبرها)(3)، وينصح بالابتعاد عن الذين يكثرون من الحديث عن مشكلاتهم الصحية وعن آلامهم ويأسهم من الأطباء والعلاجات، لأن مثل هذه الأحاديث على مسمع الطفل المريض من شأنها أن تعيد إليه حالة الاضطراب والبلبلة.
ولما كان الطفل (أي طفل سليماً كان أو مريضاً)، يتقمص شخصية الكبار ويقلدهم فهو لا شك سيقلد هؤلاء في شكواهم وتذمرهم، وذلك يزيد من حالته سوءاً وهذا الأمر مضر بالأطفال أكثر من ضرره بالكبار. ومن المفضل في مثل هذه الحالة أن نقي الطفل من الوقوع فيما يقلقه ويشغل باله.
وهناك بعض الأمور التي تقلق الأهل في هذا المجال، وهي نسيان الأطفال المصابين بمثل هذه الأمراض لكثير من المعلومات التي سبق لهم واطلعوا عليها في المدارس. وهنا أيضاً يجب مواجهة الأمر بشيء من الصبر والروية، والاتزان وعدم القلق. فالظاهرة هي الأخرى عادية، حتى إنه في بعض البلدان المتطورة، بدأت تقوم فصول خاصة في المدارس، لإعادة تعليم مثل هؤلاء الأطفال أو إعادة تأهيلهم لمسايرة بقية رفاقهم في الفصل. ولا يجب أن ينظر إلى هذا الأمر بالتشاؤم، أو بالعطف الزائد، لأنه أمر طبيعي وحتمي يحدث عادة في مثل هذه الحالات، ويمكن مواجهته بموضوعية، مع تقدم بعض الهوايات وإتاحة الفرص لممارستها.
والحقيقة أن الأهل أيضاً - في مثل هذه الحالة - هم الذين يحتاجون إلى العلاج النفسي نتيجة لقلقهم وخوفهم الزائد، وتشاؤمهم، وارتباكهم في طريقة معاملة الطفل المريض، وحيرتهم في أمرهم، بين تركه يقضي فترة النقاهة في المستشفى أم يصطحبونه إلى المنزل توفيراً للجهد والتكاليف؟!.
ولا ضرر في أن يستمع الأهل إلى الأخصائي الاجتماعي أو المرشد النفسي، ليتزودوا بالنصائح والإرشادات اللازمة التي تساعدهم على كيفية التعامل الواعي والمقنن مع طفلهم المريض وفي بعض البلدان تقوم دور حضانة للنقاهة، وفرت فيها جميع الوسائل اللازمة لتمضية هذه الفترة بإشراف أطباء وممرضات ومرشدين نفسيين وتربويين. وفي ظروف بيئية وسكنية ممتازة، تساعد على توفير الأجواء الصحية السليمة والصحة النفسية السوية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ أدث سترن، الزا كاستنديك، الطفل العاجز، ص14.
2ـ المصدر السابق، ص15.
3ـ المصدر السابق، ص237.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|