المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 6237 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



الصيام فلسفته وأحكامه.  
  
1453   05:37 مساءً   التاريخ: 2023-02-14
المؤلف : الشيخ علي حيدر المؤيّد.
الكتاب أو المصدر : الموعظة الحسنة
الجزء والصفحة : ص 13 ـ 29.
القسم : الاخلاق و الادعية / أخلاقيات عامة /

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام):

«يا عليّ، صوم الفطر حرام، وصوم يوم الأضحى حرام وصوم الوصال حرام، وصوم الصمت حرام، وصوم نذر المعصية حرام، وصوم الدهر حرام» (1).

الشريعة الإسلامية:

بعث الله تعالى الأنبياء بالتشريع لهداية الناس إلى الطريق المستقيم ولو تركهم بدون تشريع لتحكّمت الأهواء والشهوات في صناعة الحياة الإنسانيّة وسيقت نحو الفساد، ومن هنا كانت الحاجة إلى الشرائع.

والشريعة في اللغة هي الماء الذي يرده الشاربون ولكن نُقل هذا اللفظ إلى الطريقة المستقيمة التي يستفيد منها المتمسّكون بها هداية وتوفيقاً والمناسبة بين المعنيين أنّ كلاً منهما يشفي الغلّة فالماء يشفي غليل العطشان والشريعة غليل الروح.

في كلّ واقعة حكم:

واعلم أنّ الغاية من الشريعة وأحكاها هي إيصال الإنسان وهدايته إلى كماله والفوز بالدنيا والآخرة. فلكلّ واقعة من الوقائع الدنيويّة مع ما يرتبط بها من أفعال لله سبحانه وتعالى فيها حكم؛ وهذا الحكم تابع للمصلحة والمفسدة الواقعيّتَينِ كما يعبر الأصوليّون أي: أن الله سبحانه وتعالى عندما فرض الصلاة أو الصوم أو الحج وأوجبها فذلك لمصلحة، وحرّم الخمر والزنا لمفسدة فيها فما هي المصلحة والمفسدة؟

أمّا المصلحة: فهي جلب المنفعة ودفع المضرّة في حدود المحافظة على الغاية من التشريع المتمثّلة في حفظ الدين والنفس والمال والنسل والعقل ورفع الضرر ومكارم الأخلاق، قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107] أي: أنّ الله سبحانه وتعالى أرسل نبيه (صلى الله عليه وآله) ليرحم به النّاس والرحمة هنا تعمّ المؤمن والكافر فإنّ رضي الكافر بما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) فهو لمنفعته.

ومبنى الشيعة أنّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد في متعلّقاتها سواء علمنا بالمصلحة أم لم نعلم بها فهناك أحكام شرعيّة نعلم المصلحة من وجوبها كالصلاة وعلّتها كما جاء عن الإمام الرضا (عليه السلام): "علّة الصلاة أنّها إقرار بالربوبيّة لله (عزّ وجلّ) وخلع الأنداد وقيام بين يدي الجبّار جلّ جلاله بالذلّ والمسكنة والخضوع والاعتراف، والطلب للإقالة من سالف الذنوب، ووضع الوجه على الأرض كلّ يوم خمس مرّات إعظاماً لله (عزّ وجلّ) وأن يكون ذاكراً غيرَ ناسٍ ولا بطر، ويكون خاشعاً متذلّلاً راغباً طالباً للزيادة في الدين والدنيا، مع ما فيه من الإنزجار والمداومة على ذكر الله (عزّ وجلّ) بالليل والنّهار لئلا ينسى العبد سيّده ومدبّره وخالقه فيبطر ويطغى ويكون في ذكره لربّه وقيامه بين يديه زاجراً له من المعاصي ومانعاً من أنواع الفساد" (2).

وهكذا علّة الصوم ربّما نعلم بعض مصلحته من المساواة بين الفقير والغني وغيرها وهكذا الحج والزكاة وقد ذكرت حكم بعضها في كتاب علل الشرائع للشيخ الصدوق (ره) الذي بذل جهداً كبيراً لبيان الأحكام وحفظ تراث أهل البيت (عليهم السلام).

وهناك بعض المصالح قد لا نعلمها وإنّما نتصوّر لها حكمة لا علّة والفرق بينهما أنّ العلّة يدور الحكم مدارها وجوداً وعدماً أي إذا انتفت العلّة انتفى الحكم وإذا وُجدت العلة وجد الحكم إذ استفاد بعض العلماء من بعض الأدلة أنّ الخمر حرام؛ لأنّه مسكر مثلاً فنعرف أنّ علة تحريم الخمر هو الإسكار فيه فيقول: الخمر حرام لأنّه مسكر. فالإسكار هو علّة منصوصة للحرمة بالأدلة الخاصّة؛ من هنا فإنّ حرمة شرب الخمر مثلاً معلولة بالإسكار وتدور مع وجود الإسكار وعدمه وجوداً وعدماً وأمّا الحكمة فلا يدور الحكم مدارها وجوداً وعدماً؛ مثلاً عدّة النساء بعد وفاة زوجها لماذا؟ إذا كان الغرض عدم خلط المياه والأنساب فلماذا الغائب زوجها عنها فترة طويلة وتوفّي أو طلّقها أو بلغت اليأس تعتدّ منه؟ فهنا انتفت العلّة، جماعة من الفقهاء قالوا: إنّها للحكمة أو التعبّد الشرعيّ الصرف فهو أمر اعتباريّ، وجماعة قالوا: لاحترام زوجها وربط المجتمع بالمشاعر المعنويّة حتّى بعد الموت.

إذ يبدو أنّ حكمة اختلاط المياه ليست هي التي يدور الحكم بوجوب العدّة مدارها وجوداً وعدماً وإنّما هي حكمة أي في غالب الأفراد وقد تختلف.

في الحرمة مضرّة بالغة:

المفسدة تعني: المضرّة البالغة ولذا جاءت المحرّمات التى حرّمها الإسلام ومنع من ارتكابها منعاً باتاً؛ لأنّ فيها المضرّة الدنيويّة والأخرويّة وما كان يدور في جانب المصلحة يدور هنا إذ إنّ بعض المحرّمات ربما نعلم علّة تحريمها وربّما نعرف حكمة تحريمها كالقمار مثلاً يوجب خسران المال، والخمرة توجب الأمراض، والغناء يوجب ضعف الأعصاب، والزنا يوجب اختلاط الأنساب.. وقد ذكر بعضها القرآن الحكيم كما في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90].

 وبعضها ذُكر عن طريق المعصوم (عليه السلام) ويمكن مراجعة كتاب علل الشرائع للشيخ الصدوق (ره) لمعرفته والبعض الآخر ربّما لم نعرف علّته وإنّما قد نتصوّر له حكمة أو مضرّة محتملة سواء علمنا بمضرّته الواقعيّة أو لم نعلم، وكذا الأمر في المصلحة؛ فعلينا التعبّد بالأوامر والنواهي الإلهيّة والعمل بالواجبات والابتعاد عن المحرّمات؛ لأنّ القرآن أو الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أو أهل البيت (عليهم السلام) قد نصّوا عليها والنصوص الشرعيّة ترى الواقع وإن كنّا نحن لا نراه.

ومن هنا جاءت وصيّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) في حرمة بعض أقسام الصيام.. فلنتأمّل فيها علّنا نتوصّل إلى العلّة أو الحكمة من تحريمها:

والأقسام هي:

1 - صوم عيد الفطر.

 2 - صوم عيد الأضحى.

 3 - صوم الوصال.

4 - صوم الصمت.

5 - صوم نذر المعصية.

 6 - صوم الدهر.

الصوم لغة واصطلاحاً:

مسائل عن الصوم لا بأس بالتطرّق إليها:

الصوم في اللغة هو الإمساك ومنه يُقال للصمت صوم، لأنّه إمساك عن الكلام، كما في قوله تعالى: {فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} [مريم: 26]. قال ابن دُريد: كلّ شيء سكنت حركته فقد صام صوماً.

وقال النابغة:

خيلٌ صيامٌ وخيلٌ غير صائمة *** تحت العجاج وأُخرى تملك اللجما

فالخيل إذا وقفت عن المشي يُقال: إنّها صائمة.

وصامت الريح أي: ركدت، وصامت الشمس إذا استوت في منتصف النهار، وصام النهار أيضاً بمقدار، قال امرؤ القيس:

فدعها وسلّ الهمّ عنك بجسرة *** ذمول إذا صام النّهار وهجّرا

والصوم في الاصطلاح الشرعيّ: الإمساك عن مفطّرات الصوم من أذان الفجر إلى المغرب امتثالاً لأمر الله تعالى، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 183 - 185].

حكمة وجوب الصوم:

الأحكام الشرعيّة تنقسم إلى عبادات ومعاملات، والصوم من العبادات. والأحكام الفقهيّة بصورة عامّة تتناول حياة الفرد والمجتمع والدولة. فالعبادات الغرض منها التقرّب إلى الله تعالى كالصلاة والصوم والحج والزكاة.. وهي علاقة بين العبد وربّه، ولها جوانب أخرى، منها فرديّة لترويض النفس على الطاعة واحتمال المشاق فوق ما فيها من شكر للنعمة، ومنها اجتماعية لتقوية أواصر المحبّة والتساوي كما في صلاة الجماعة والصوم والحج.. والإيثار كما في الزكاة والخمس.. أمّا المعاملات فالغرض منها تنظيم شؤون المجتمع الإنسانيّ كالعلاقات الدوليّة في الحرب والسلم وتنظيم الشؤون الماليّة والاقتصاديّة والسياسيّة للأمة، وقد ألبس الفقه الإسلامي كلّ واقعة فيه ثوب التشريع كما قلنا إنّ لله في كلّ واقعة حكم..

ومن هنا كان الصيام فرضاً له جانب اجتماعيّ وآخر فرديّ؛ أمّا الاجتماعيّ فلأنّ الله تعالى فرضه ليتساوى في هذا الزمن المخصوص - وهو شهر رمضان - الغني والفقير وليحصل التقارب بين طبقات المجتمع.

 سأل هشام بن الحكم أبا عبد الله الصادق (عليه السلام) عن علّة الصيام فقال: "إنّما فرض الصيام ليستوي به الغني والفقير وذلك الغني لم يكن ليجد مسّ الجوع فيرحم الفقير فأراد الله سبحانه أن يذيق الغني مسّ الجوع ليرقّ على الضعيف ويرحم الجائع" (3).

وأمّا الجانب الفردي، فإنّه رياضة للنفس وقمع لشهواتها وتعليمها الصبر..

فضل الصيام:

أمّا فضل الصيام فقد حدّده رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله:

"ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتساباً إلاً أوجب الله له سبع خصال: يذيب الحرام في جسده، ويقرب من رحمته، ويكون قد كفّر خطيئة أبيه، ويخفّف الله عنكم سكرات الموت، وأمان من الجوع والعطش يوم القيامة، ويعطيه الله براءة من النار، ويطعمه الله من ثمرات الجنة" (4).

ولا نريد التفصيل هنا في مسائل الصيام ومتعلّقاته وإنّما ما يهمّنا هو أن نعرف أنّ الصيام واجب مفروض من الله تعالى لا ينبغي تركه وفيه مصالح واقعيّة تنفع الإنسان في الدنيا وفي الآخرة.

صوم الفطر والأضحى حرام:

هنا سؤال يقول: لماذا ورد في وصيّة الرسول (صلى الله عليه وآله) لأمير المؤمنين (عليه السلام) بأنّ صوم عيد الفطر وعيد الأضحى حرام؟

يبدو أنّ العيد يوم منفعة وفائدة والفائدة هنا لا تعود على النفس وحدها بأن يفرح الصائم مثلاً بالإفطار فقط وإنّما الفائدة اجتماعيّة أيضاً فاعتبر هذا اليوم يوم تزاور بين الأهل والأقرباء والأصدقاء والجيران.. وهذا التزاور يخلق روحاً وديّة وتآلفاً بين الناس ولعلّ هذا الجو العاطفي يساعد على نبذ الكثير من العداوات والمشاحنات بين الأقرباء وكذلك الأصدقاء وكثير من الناس تصالحوا من خلال هذا الجوّ النفسيّ اللطيف والإسلام ينهى عن التخاصم والشحناء ومقاطعة الإخوان ويمكن أن يكتسب الفرد من خلال العيد أصدقاء خيّرين وعادات إسلاميّة واجتماعيّة صحيحة وما شابه.. أمّا لو صام الفرد في هذا اليوم فربّما سيمنعه الصوم من اقتحام هذه الأجواء كونها تكون عامرة بالطعام وما شابه أو أنّ الصائم يحتاج إلى الخلوة والمناجاة وتحاشي الكلام الكثير الذي ربّما يتنافى مع كمال الصوم وبالتالي سيفقد المنفعة الاجتماعيّة أو الترابط الروحي بين أبناء المجتمع، وكما أشرنا سابقاً، إنّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد فلذا أمر سبحانه وتعالى بحرمة صيام الفطر الأول من شوال والأضحى العاشر من ذي الحجة لما فيه من خسائر اجتماعيّة ومعنويّة.

ومن الواضح أنّ الشريعة الغرّاء أولت العلاقات الاجتماعية والإنسانية اهتماماً بالغاً لما فيها من علاقة وثيقة بسعادة الإنسان في الدنيا والآخرة. وقد أكّدت الآيات الشريفة والروايات على الاجتماع وتبادل المنفعة.

قال تعالى: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون: 52]. وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]. وقال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13].

ولعل من النقاط المهمة والرئيسة التي يحصل عليها المجتمع الإسلامي من خلال ترابطه وتآلفه هو قيام الدين والوقوف أمام الأعداء والمؤامرات الغربية، وكلّما تآلف المجتمع الإسلامي أكثر يكون مرور المؤامرات صعباً عليه وهذا ما يغيظ الكفار بالطبع.. ولذا قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام): "إيّاكم والفرقة فإنّ الشاذ عن أهل الحق للشيطان كما أنّ الشاذ من الغنم للذئب" (5).

وقال (عليه السلام) أيضاً: "مِن نكد الدنيا تنغيص الاجتماع بالفرقة والسرور بالغصّة" (6).

وعلى أيّ حال فلعلّ ممّا تقدّم من فوائد الإفطار في العيد وفوات العديد من المصالح الاجتماعية والفردية على الأفراد في صوم ذلك اليوم أو لغيرها من الأسباب، نهى الإسلام عن صوم العيدين بعد أن ثبت أنّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد في متعلقاتها.

صوم الوصال حرام:

صوم الوصال محرّم في الشريعة وهو صوم يوم وليلة إلى السحر أو صوم يومين بلا إفطار مع قصد الصوم بذلك والظاهر أنّ وجه التحريم بسبب العسر والآلام الشديدة على البدن أو الجسم نتيجة الوصال. نعم الصوم أو الجوع يولّد آثاراً صحيّة جيّدة على الجسم إذ بالإضافة إلى كون الصوم يقوّي ملكة الصبر عند الإنسان فإنّه يزيل كثيراً من آلام المعدة أو أعضاء الجهاز الهضميّ التي تكون على مدار السنة في حالة استنفار قصوى للعمل على الهضم وتجهيز الجسم بما يفيده من الغذاء وإخراج الفضلات إلى الأمعاء وإفراز أنزيمات خاصّة في المعدة لإنجاح العملية وتوفير المناعة في الجسم من الضعف والمرض. فكما يحتاج الإنسان إلى راحة سنويّة من عمله ليبتدىء نشاطه من جديد، فكذلك الجهاز الهضمي إذ أعطاه الله تعالى الفرصة المناسبة في شهر رمضان ليكون في راحة من العمل المتواصل خلال هذا الشهر. وقد جاء في قوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185].

ولكنّه منع من الوصال في الإمساك عن الأكل والشرب لئلا يعسر على المسلم المتابعة في إتمام الشهر المبارك. أو من الناحية العلميّة لو استمر الصيام ليوم وليلة أو يومين لنتج عنه ضعف في الجهاز الهضميّ أو في مناعة الجسم (وكلّ شيء تجاوز عن حده انقلب إلى ضده) كما أثبت العلم الحديث ذلك، هذا مضافاً إلى أنّ صوم الوصال ربّما نقض الحكمة من الصوم وذلك لأنّ من أسباب تشريع الصيام هو تحصيل صحّة البدن وجلاء النفس، أمّا صوم الوصال فهو يهدم البدن وشتان ما بين الصحة والهدم..

وقد ورد في الآية الكريمة قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [البقرة: 187]

ومن الملاحظ أنّ الآية الشريفة لا تعني أنّ صوم الوصال كان واجباً وإنّما كان الصائم يحرم عليه الأكل في شهر رمضان بعد النوم قبل الإفطار وكانت مقاربة النساء حراماً بالليل والنهار في شهر رمضان. وفي أسباب نزول الآية الكريمة، ورد أنّ رجلاً من أصحاب الرسول يُقال له مطعم بن جبير وهو شيخ ضعيف وكان صائماً فأبطأت عليه أهله بالطعام فنام قبل أن يفطر فلمّا انتبه قال لأهله قد حرم عليّ الأكل في هذه الليلة فلمّا أصبح حضر حفر الخندق فأغمي عليه فرآه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فرقّ له. وكان قوم من الشباب ينكحون بالليل سرّاً في شهر رمضان فأنزل الله تعالى هذه الآية، فأحلّ النكاح بالليل في شهر رمضان والأكل بعد النوم إلى طلوع الفجر تسهيلاً على العباد (7).

إذن جعل الله تعالى النكاح جائزاً في ليالي شهر رمضان والأكل حتّى مع النوم قبل الإفطار؛ لأنّه يريد اليسر بالعباد ولا يريد بهم العسر {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]. و{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78].

 فمن باب التسهيل ولئلّا يتخّذه بعض الناس الذين يتصوّرون أنّهم يقدرون على صوم الوصال، لوجود مناعة كافية في أجسامهم تتحمّل ذلك، أو لأسباب أخرى كبدعة، أو يفرضونه بحجج موضوعة فيتعسّر ذلك على الكثيرين بل يتعطّل الكثير من أعمال الناس نتيجة الإعياء، قطع الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله) الطريق أمام المبتدعين بالنصّ الواضح في حرمته وقد ورد في الروايات الشريفة النهي عن صوم الوصال منها، عن حسان بن مختار قال: "قلتُ لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام) ما الوصال في الصيام؟ فقال: إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لا وصال في صيام" (8).

صوم الصمت حرام:

ومِن أقسام الصوم المحرّم أيضاً صوم الصمت، وذلك بأن ينوي في صومه السكوت عن الكلام في تمام النهار أو بعضه ويعتبر الصمت جزءاً من الصيام. أمّا لو صمت الإنسان في نهار شهر رمضان بدون القصد والنيّة فلا بأس بذلك والصمت معناه السكوت عن الكلام وهو بحدّ ذاته لا بأس به ولكن قيمته تختلف حسب الوجوه والاعتبارات، فالصمت عند الخير خسارة أمّا عند الشر فهو ربح وسعادة؛ ومثال الأوّل لو سبّب الصمت ضياع حق إنسان آخر متوقّف على شهادة الصامت بأنّه رأى الحادثة أو أقرّ المجرم أمامه فالصمت هنا أضاع حقاً من حقوق الآخرين ولذا يصبح مذموماً هنا وأحياناً يصبح حراماً أيضاً.

ومثال الثاني لو كان الإنسان جالساً في مجلس واغتيب فيه الناس أو ما شابه الغيبة من الرذائل الكلاميّة أو العمليّة فلعلّ في الصمت هنا فوزاً ونجاحاً.

فالأفضل ألّا يُصام صوم الصمت مع القصد والنيّة بذلك؛ لأنّه محرّم. وأمّا لو أراد الصائم الصمت بدون نيّة فهو ممدوح إلّا إذا استوجب الكلام إعادة حقّ مغصوب أو أمر بمعروف ونهي عن منكر وما شابه ذلك. وقد جاء في مدح الصمت روايات منها قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): "ألا أخبركم بأيسر العبادة وأهونها على البدن: الصمت وحسن الخلق" (9).

وقال (صلى الله عليه وآله): "رحم الله عبداً تكلّم خيراً فغنم، أو سكت عن سوء فسلم" (10).

وقيل للسيّد المسيح (عليه السلام): "دلّنا على عمل ندخل به الجنة. قال: لا تنطقوا أبداً. قالوا: لا نستطيع ذلك. قال: فلا تنطقوا إلاً بخير" (11).

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): "الصمت كنز وافر، وزين الحليم، وستر الجاهل" (12).

وقد نُقل أنّ أربعة من أذكياء الملوك تلاقوا في وقت، فاجتمعوا على ذم الكلام ومدح الصمت. فقال أحدهم: أنا أندم على ما قلت ولا أندم على ما لم أقل. وقال الآخر: إنّي إذا تكلّمت بالكلمة ملكتني ولم أملكها، وإذا لم أتكلّم بها ملكتها ولم تملكني. وقال الثالث: عجبتُ للمتكلّم إن رجعت عليه كلمته ضرّته، وإن لم ترجع لم تنفعه. وقال الرابع: أنا على ردّ ما لم أقل أقدر منّي على ردّ ما قلت.

وعلى هذا يتبيّن أنّ تحريم صوم الصمت له حكم وفوائد منها:

1- إنّه بالصمت أحياناً تضيع بعض الحقوق أو تترك بعض الواجبات الشرعية كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو يستغل الصمت من قبل الظالمين فلا يجد الظالم من يقف أمام ظلمه وجوره واستبداده فيطغى ويتجبر. وهنا يحرم على الإنسان الصمت إذ إن صمته يسبّب ضياع حقوق الناس أو يعد إعانة للظالم في ظلمه.

2- أداء التكاليف الإلهيّة التي تتطلّب الكلام كالصلاة وأداء الشهادة الحقّة ونصرة المظلوم.. فإذا صمت الإنسان كيف يؤدّي تكاليفه المتوقّفة على الكلام وعدم الصمت. قال الإمام الصادق (عليه السلام): "يجب للمؤمن على المؤمن أن يناصحه" (13).

وكذلك إرشاد الجاهل وبثّ الوعي بين أفراد المجتمع للوقوف أمام مؤامرات الأعداء..

فلو صمت الإنسان بنيّة الصوم لفقد المنافع المذكورة فيسبب المضرّة البالغة للمجتمع، في حين أنّ الصوم جاء بفوائد فرديّة تعود على النفس وفوائد اجتماعيّة ربّما تكون أهم من الفرديّة وبصوم الصمت ستفوت على المجتمع المسلم هذه الفوائد.

صوم نذر المعصية حرام:

ومِن أقسام الصوم الحرام صوم نذر المعصية، بأن ينذر الصوم إذا تمكّن من فعل الحرام كأنّ يكون شرب الخمر أو الزنا بامرأة.. أو ترك واجب كترك الصلاة أو ترك نصرة المظلوم..

ومن الواضح أنّ حكمة حرمة هذا الصيام قد تنشأ من التناقض:

إذ إنّ الصيام كما قلنا من العبادات والعبادة لا بدّ فيها من قصد القربة إلى الله تعالى والعبادة ينبغي أن تكون مقربة من الله تعالى وغير مبعدة عنه، أمّا الحرام فإنّه معصية ولا يتقرّب إلى الله تعالى به فكيف يتعلّق الواجب المقرّب إلى الله تعالى بواسطة النذر الواجب - بفعل مبغوض عند الله سبحانه وتعالى وحرام فهذا ممّا لا يُعقل ولا يقرّه شرع. مثلا: الغيبة من الأمور المحرّمة شرعاً. ومحرّم يعني مبغوض من قبل له تعالى مبعد عنه سبحانه فإذا نذر إنسان أن يغتاب الناس وقلنا إنّ هذا النذر ينعقد في ذمته فإنّ هنا يحصل تناقض بين، كيف؟ الغيبة من جهة أنّها معصية مبغوضة له سبحانه ومبعدة عنه سبحانه؛ لأنّها محرّمة، ومن جهة تعلّق النذر بها صارت واجبة أي محبوبة لله سبحانه ومقرّبة له سبحانه فكيف يُعقل أن يكون العمل الواحد - وهو الغيبة - طاعة ومعصية ومقرّباً ومبعّداً عن الله سبحانه في آن واحد؟

وهكذا الأمر إذا نذر الإنسان شرب الخمر فإنّه يجري فيه نفس الكلام.

إذن الأعمال لا يمكن التقرّب بها إلى الله تعالى إلاً إذا كانت محبوبة عند الله تعالى، وإذا كانت مبغوضة فلا يمكن التقرب بها إلى الله تعالى ولعلّ من هنا كان سبب حرمة صوم نذر المعصية وقد جاء في الأخبار عن الإمام السجاد (عليه السلام): "صوم نذر المعصية حرام" (14).

ماذا يعني صوم نذر المعصية؟

يعني أنّ الإنسان ينذر بأنّه لو تحقّق له فعل المعصية الفلانيّة فإنّه يصوم لله قبالها.

مثلاً يقول: إذا تحقّق لي الزنا بامرأة محرّمة فإنّي أنذر أن أصوم لله صوماً.

أو يقول: إذا تحقّقت لي المعاملة الربويّة الفلانيّة فإنّي أصوم لله نذراً وهكذا.

صوم الدهر حرام:

ومن أقسام الصوم المحرّم أيضاً صوم الدهر أي تمام العمر، والظاهر أنّ ما جاء من أسباب منع صوم العيدين فهو يأتي هنا لأنّه تفويت للمنافع الاجتماعيّة؛ لأنّ كثرة الصوم ليست محرّمة، بل حثّت الشريعة عليها كالصيام من كلّ شهر ثلاثة أيام أو أكثر وبعض الأيّام يستحبّ فيها الصيام كيوم الخميس من كلّ أسبوع وما شابه ولكن صوم الدهر محرّم إمّا:

1- لاشتماله على صيام العيدين وقد تقدّم سبب منعه.

2- لنقض الغرض إذ تقدّم أيضاً بيانه؛ لأنّ بعض الناس لا يستطيع بدنه تحمّل هكذا عمل شاق ودين الله دين اليسر لا العسر.

3 - قد يشتمل على مضرّة للجسم ولصحته ويكون الإضرار هنا متعمّداً.

ومن الواضح أنّه لا يجوز إلقاء النفس في الضرر والتهلكة أو غير ذلك من الأسباب، ومع ذلك فالنصّ الذي ورد عن الرسول (صلى الله عليه وآله) يجعلنا وإن لم نصل إلى السبب من حرمته، نقول إنّ فيه المفسدة لثبوت القاعدة الكليّة عندنا من أنّ الأحكام تابعة للمصالح والمفاسد الواقعة في متعلقاتها. وقد جاء عن الإمام السجاد (عليه السلام): "صوم الدهر حرام" (15).

والخلاصة:

فإنّ الفرائض والأحكام الشرعيّة التي وردت من قبل الله سبحانه أو الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أو الأئمة (عليهم السلام) الواجبات منها والمحرّمات سواء علمنا بدوافعها ومصالحها أو مضارها أم لم نعلم ينبغي العمل بها والالتزام بشرائطها؛ لأنّها جاءت عن لسان الشارع الحكيم الذي لا ينطق عن الهوى.. هذا هو مقتضى التعبّد والعبوديّة للمولى (عزّ وجلّ).  وأمّا التي لم ينصّ عليها الشارع وإنّما جاءت بتصوّرات البشر وتشريعاتهم فهي بدعة محرّمة حرام وضعها على الناس وحرام أيضاً العمل بها حتّى لو كانت تشبه بعض الفرائض والأحكام الواجبة عندنا كصوم الوصال وصلاة النوافل المستحبّة جماعةً وغيرها.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مدينة البلاغة: ج1، ص 419.

(2) علل الشرائع: ص 317.

(3) مجمع البيان: المجلّد الأوّل، ص 490.

(4) روضة الواعظين: ج2، ص 340.

(5) تصنيف غرر الحكم: ص 466 (ط ـ الأولى).

(6) تصنيف غرر الحكم: ص 466 (ط ـ الأولى).

(7) راجع: تفسير مجمع البيان: ج1، ص 503 (سورة البقرة).

(8) وسائل الشيعة: ج7، ص 389، باب 4، ح8.

(9) جامع السعادات: ج2، ص 345.

(10) جامع السعادات: ج2، ص 345.

(11) جامع السعادات: ج2، ص 345.

(12) جامع السعادات: ج2، ص 345.

(13) وسائل الشيعة: ج11، ص 594، باب 35، ح1.

(14) وسائل الشيعة: ج7، ص 391، باب 6، ح1.

(15) وسائل الشيعة: ج7، ص 392، باب 7، ح2.

 

 




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.