أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-4-2017
2826
التاريخ: 10-4-2017
9104
التاريخ: 13-6-2016
3121
التاريخ: 8-6-2016
10235
|
أن القاعدة العامة في مجال الإثبات هي أن البينة على من ادعى، وهي القاعدة المطبقة أمام القضاء المدني، ولكن ما يثار عن هذه القاعدة هو التساؤل عن إمكانية تطبيقها أمام القضاء الإداري، وذلك نظراً للطبيعة الخاصة للدعوى الإدارية التي يميزها عن الدعوى المدنية، وذلك لأن المدعي في الدعوى الإدارية هو الفرد في أغلب الأحيان، والمكلف بتقديم الأدلة الكافية لإثبات ما يدعيه، وهو المركز الصعب في الدعوى وتقابله الإدارة الحائزة على أغلب الأدلة والمستندات اللازمة لأثبات إدعاءات المدعي، وهي في مركز المدعى عليه، أي المركز السهل، وهذا ما يخلق علاقة غير متوازنة وتقابل غير عادل في الدعوى الإدارية وهذا ما ستوجب معالجته.
وبناء على ذلك يقوم القاضي الإداري بدور إجرائي في الدعوى يؤثر بدرجة كبيرة في صياغة نظرية الإثبات ويعد المحور الرئيسي الذي تقوم عليه، ويتناول هذا الدور تحضير الدعوى وتهيئتها للفصل فيها بما من شأنه جمع عناصر الإثبات وأدلتها ومعاونة الطرف الضعيف وهو الفرد في سبيل الوصول الى الحقيقة (1).
وتتجلى سلطة القاضي الإداري في الإثبات في هيمنته على الدعوى الإدارية، فالقاضي الإداري تقع على عاتقه كفالة التوازن بين المتخاصمين، وذلك من خلال سلطاته وقدرته على إبتداع وسائل الإثبات التي تكفل هذا التوازن، وذلك من خلال دوره الإيجابي المتمثل بسلطات واسعة وبرقابة تحقيق الدعوى وسلطة إستكمال الأدلة، وكفالة التوازن بين الخصوم وذلك في الإثبات، إذ له تحديد طرق الإثبات المقبولة بحرية كاملة، وتقدير مدى قوتها في الإثبات في ظل نظام الإثبات الإداري الحر القائم على مبدأ الإقتناع المطلق أو حرية ،الإقتناع مع الالتزام بمراعاة المبادئ العامة التي تتصل بأصــــــول التقاضي وضماناته وأصول الدفاع (2).
وهنا تظهر خاصية الإجراءات الموجهة من قبل القاضي الإداري، التي سبق بيناها من خلال بحثنا في خصائص إجراءات الدعوى الإدارية، حيث إن القاضي هو الذي يهيمن على الدعوى ولا يتركها لتهيمن عليها أطراف الدعوى، ولا ينتظر مبادرة أطرافها لتقدم دلائلها.
إذن للقاضي الإداري في هذا المجال حرية كبيرة في أمرين أساسيين وهما: الإقتناع بوجود الدليل، والاقتناع بالنتيجة التي يؤدي إليها هذا الدليل، حيث للقاضي أن يتثبت من وجود الدليل، وأن يتثبت من صحته بحيث لا يكون متهاتراً أو مصطنعاً، ويجب أن تكون النتيجة التي يؤدي اليها هذا الدليل مقبولة ومستساغة عقلاً لدى القاضي الإداري (3) ، وكل ذلك في نطاق مراعاة المبادئ العامة التي تتصل بأصول التقاضي وضمانة حقوق الدفاع. (4) ولا تحدد قوانين القضاء الإداري المقارنة سلماً للتراتبية بين وسائل الإثبات أمام المحاكم الإدارية(5)، فالقاضي الإداري غير ملزم بطرق معينة للإثبات محددة سلفاً، بل يحدد وبكل حرية طرق الإثبات التي تتلاءم مع الدعوى المعروضة وظروفها فتكون مقبول ،أمامه، كما يحدد قيمة كل منها في الإثبات ويقدر مدى إقتناعه بها دون قيد أو مراعاة لأسبقيات أو لترتيب بين مخلتف الطرق التي يعتمد عليها من حيث القوة (6).
ومن السلطات الأخرى التقديرية له في الإثبات هو إعفاء الأحكام الصادرة بالأمر بإجراءات الإثبات من التسبيب والاكتفاء بمنطوق الحكم وحده لإتاحة مزيد من السرعة، وتخويله سلطة الحكم من تلقاء نفسه بسبق الفصل في الدعوى، إضافة الى سلطة الإحالة من تلقاء نفسه على التحقيق، وإستدعاء من یری فائدة في سماع شهادتهم، والأمر بإخراج من يرى إخراجه من الخصوم في أثناء تأدية الشهادة على أن تتلى عليه بعد ذلك (7)
ومع كل هذه السلطات الإيجابية للقاضي الإداري في مجال الإثبات وإمكانياته في تقصي الحقيقة، فالثابت أنه لا يتحمل بنفسه عبء الاثبات الذي لا يزال يقع على المدعي، وإنما يلعب دوراً كبيراً وبارزاً في مجال الموازنة والترجيح بين الأدلة المختلفة ليصبح ميزان عدل بين الطرفين من غير أن يفقد حياده بينهما، فهو لا يحل محل أحدهما ولا يتجاوز أحدهما (8) ، علماً أنه لا يستطيع الامتناع عن الأمر بوسائل الإثبات اللازمة لفهم وقائع الدعوى وبيانها وتقديم المعلومات التي تجعلها صالحة للفصل فيها، ويلتزم بعدم الأمر بالوسائل غير المجدية للتحضير أو الإثبات بحيث تقتصر حريته على الوسائل المنتجة في الإستيفاء فتستبعد بذلك الوسائل الزائدة عن الحاجة. (9) ولكن نصل الى نتيجة أن القاضي الإداري هو القائم بقيادة الدعوى الإدارية، وهو الذي يبحث بدوره عن الحقيقة، فلا ينتظر أطراف الدعوى لتقوم بما في مصلحتها حتى يحكم به، وإنما يبحث ويكلف ويأمر في بعض الأحيان لاستيفاء الدعوى، إضافة الى إعتبار النكول لتقديم الدليل حجة على الناكل.
ونرجع فنقول أن هذه السلطات والدور الذي يمارسه القاضي الإداري سندهما الإتجاهات الفقهية والقضائية الإدارية، وذلك لعدم تقنين قواعد الإجراءات أمام القضاء الإداري وخاصة ما يتعلق منها بنظام إثبات الدعوى الإدارية، وعليه فإن كانت هذه الإجراءات منظمة بنصوص تشريعية بما يتلائم مع طبيعة هذه الدعوى، فإن القاضي يباشر دوراً أكثر فعالاً لإعادة التوازن المفقود في الدعوى الإدارية ويصل بها الى أقرب حكم للواقع والحقيقة.
____________
1- د. زكريا محمود رسلان إجراءات دعوى الإلغاء أمام مجلس الدولة، ط1، دار أبو المجد القاهرة، 2013 ، ص373.
2- د. إبراهيم المنجي، إلغاء القرار الإداري، طا ، منشأة المعارف ، الأسكندرية، 2004، ص 381.
3- د. زكريا محمود رسلان إجراءات دعوى الإلغاء أمام مجلس الدولة، ط1، دار أبو المجد القاهرة، 2013، ص375.
4- ألياس جوادي، الإثبات في المنازعات الإداري، طا، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2018 ، ص29
5- د.صادق محمد علي الحسيني و محمد حسين جاسم الظالمي، خصوصية الإثبات أمام القضاء الإداري، بحث منشور، مجلة الكوفة للعلوم القانونية والسياسية مجلد 12 العدد ،39 شباط 2019، ص198.
6- د.محمد يوسف علام، شهادة الشهود كوسيلة إثبات أمام القضاء الإداري، ط1، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، 2012، ص78.
7 - د. ابراهيم المنجي، المرافعات الإدارية، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1999 ، ص 381.
8- د برهان خلیل زريق، نظام الإثبات في القانون الإداري، ط1، مطبعة الداودي، دمشق، 2009 ، ص 86.
9- د. خالد خلف القطارنة، إثبات دعوى الإلغاء، ط1، دار قنديل للنشر والتوزيع، عمان، 2006 ، ص 115
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|