المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05

موقف الفقه الدولي من تطور فكرة إنشاء السلطة الدولية خارج إطار الأمم المتحدة
7-4-2016
Colors of Transition-Metal Complexes
23-6-2019
إذا كان موسى نبياً فلم لا يملك أسورة من ذهب ؟
10-10-2014
Germanic in England
2024-01-20
Zearalenone
5-10-2020
الأمر من الشيطان
2-06-2015


ترجمة أبي الحسن ابن نزار  
  
1146   09:12 صباحاً   التاريخ: 21-1-2023
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرَّطيب
الجزء والصفحة : مج3، ص: 492-497
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 7/11/2022 1491
التاريخ: 24-3-2016 4612
التاريخ: 2024-01-08 972
التاريخ: 28-1-2023 1222

ترجمة أبي الحسن ابن نزار

ولما انتشر سلك نظام مثلك لمتونة تفرق مثلك الأندلس رؤساء البلاد وكان من جملتهم الأمير أبو الحسن ابن نزار لما له من الأصالة في وادي آش ، فحسده أهل بلده ، وقصدوا تأخيره عن تلك المرتبة ، فخطبوا في بلدهم لملك شرق الأندلس محمد بن مردنيش ، ووجه لهم عماله وأوصاهم أن يخرج هذا الأسد من غيله ، ويفرق بينه وبين تأميله ، ورفعوا له أشعاراً كان يستريح بها على كاسه ، ويبثها بمحضر من يركن إليه من جلاسه ، ومنها قوله ، وقد استشعر من نفسه أنها أهل للتقديم ، مستحقة لطلب سلفه القديم :

الآن أعرف قدر النفع والضرر            فكيف أصدر ما للملك من صدر

وكيف أطلع في أفق العلا قمراً            ويستهل بكفي واكف الدرر

وكيف أملأ صدر الدهر من رعب                وأستقل بحمل الحادث النكر

وأستعد لما ترمي الخطوب به                 وأستطيل على الأيام بالفكر

لكني ربما بادرت منتهزاً                      لفرصة مرقت كاللمح بالبصر

في أم رأسي ما يعيا الزمان به                شرحاً فسل بعدها الأيام عن خبري

فعندما وقف ابن مرد نيش على هذا القول وجه إلى وادي آش من حمله إليه وقيده ، وقدم به إلى مرسية أسيراً ، بعدما كان مرتقباً أن يقدم أميراً ، فلما وقعت عين ابن مـرد نيش عليه قال له : أمكن الله منك يا فاجر ، فقال :

 

٤٩٢

أنت ـ أعزك الله ـ أولى بقول الخير من قول الشر ، ومن أمكنه الله من القدرة على الفعل فما يليق به أن يستقدر بالقول، فاستحيا منه، وأمر به للسجن ، فمكث فيه مدة ، وصدرت عنه أشعار في تشوقه إلى بلاده، منها قوله:

لقد بلغ الشوق فوق الذي                            حسبت فهل للتلاقي سبيل

فلو أنني مت من شوقكم                             غراما لما كان إلا قليل

تعللني بالتداني المـنى                          وينشدني الدهر : صبر جميل

فقل لبثينة إن أصبحت                        بعيداً فلم يسأل عنها جميل

أغض جفوني عن غيرها                     وسمعي عن اللوم فيها يميل

ولم يزل على حاله من السجن إلى أن تحيل في جارية محسنة للغناء حسنة الصوت وصنع موشحته التي أولها :

نازعتك البدر اللياح                 بنت الدنان

فلم يدع لك اقتراح                   على الزمان

 

وفيها يقول :

يا هل أقول للحسود                           والعيس تحدى

يا لائمي على السراح                          كانت أماني           

أخرجها ذاك السماح                           إلى العيان

وجعل يلقيها على الجارية حتى حفظتها ، وأحكمت الغناء بها ، وأهداها إلى ابن مردنيش بعدما أوصاها أنها منى استدعاها إلى الغناء وظفرت به في أطرب ساعة وأسرها غنته بهذه الموشحة ، وتلطفت في شأن رغبتها في سراح قائلها ، فلعل الله تعالى يجعل في ذلك سبباً ، واتفق أن ظفرت بما أوصاها به ، وأحسنت غناء الموشحة ، فطرب ابن مردنيش لسماع مدحه ، وأعجبه مقاصد قائلها ،

 

٤٩٣

فسألها : لمن هي ؟ فقالت : لمولاي عبدك ابن نزار ، فقال : أعيدي علي قوله «يا لائمي على السراح ، فأعادته ، فداخلته عليه الرأفة والأريحية بما أصابه ، فأمر في الحين بحل" قيده ، واستدعى به إلى موضعه في ذلك الوقت ، فلما دخل خلع عليه وأدناه وقال له : يا أبا الحسن ، قد أمرنا لك بالسراح على رغم الحسود فارجع إلى بلدك مباحاً لك أن تطلب الملك بها وبغيرها إن قدرت ، فأنت أهل لأن تملك جميع الأندلس ، لا وادي آش ، فقال له : والله يا سيدي بل ألتزم طاعتك والإقرار بأنك بعثتني من قبر رماني فيه الحساد والوشاة ، ثم شربا حتى تمكنت بينهما المطايبة ، فقال له : يا ابن نزار ، الآن أريد أن أسألك عن شيء ، قال : وما هو يا سيدي ؟ قال : عما في أم رأسك حين قلت:

في أم رأسي ما يعيا الزمان به                شرحاً فسل بعدها الأيام عن خبري

فقال له : يا سيدي لا تسمع إلى غرور نفس ألقته على لسان نشوان لعبت بأفكاره الأماني وغطت على عقله الآمال ، والله لقد بقيت في داري أروم الاجتماع بجارية مهينة قدر سنة فما قدرت على ذلك ، ومنعتني منها(1) زوجتي فكيف أطلب ما دونه قطع الرؤوس ونهب النفوس ؟ فضحك ابن مردنيش ، وجدد له الإحسان ، وجهزه إلى بلده ، وأمر عماله أن يشاركوه في التدبير ، ويستأذنوه في الصغير والكبير ، فتأثل به مجده ، وعظم سعده .

ومن شعره قوله :

انظر إلى الروض سحيرا وقد               بث به الطل علينا العيون

ترقب منا يقظة للمنى                                   فقل لها أهلا بداعي المجون

وحثها شمساً إلى أن ترى                    شمس الضحى تطرق تلك الجفون

 

 

٤٩٤

وقوله :

تنبه لمعشوق وكأس وقينة                             وروض ونهر ليس يبرح خفاقا

فقد نبهت هذي الحدائق ورقتها                    وفتح فيها الصبح بالطل أحداقا

ومهما تكن في ضيقة فادر لها                كؤوس الطلا فالسكر يوسع ما ضاقا

وقوله :

تركته أعطاف الغصون مظللا             ولنا عن النهج القويم مضللا

أمسى يغازلنا بمقلة أشهل                            والطرف أسحر ما تراه أشهلا

وقال بعضهم استدعاني أبو الحسن ابن نزار لمجلس أنس بوادي آش فلما احتفل مجلسنا ، وطابت لذتنا ، قال والله ما تمام هذه المسرة إلا حضور أبي جعفر ابن سعيد وهو الآن بوادي آش ، فوافقناه على ذلك لما نعلم من طيب حالتنا معهما ، وأنهما لا يأتيان إلا بما يأتي به اجتماع النسيم والروض ، فخلا في موضع وكتب له:

يا خير من يدعى لكاس دائر                         ووجوه أقمار وروض ناضر

إنا حضرنا في الندي عصابة                          معشوقة من ناظم أو ناثر

كل مخلي للذي يختاره                           في الأمن من ناه له أو زاجر

ما إن لهم شغل بفن واحد                             بل كل ما يجري بوفق الخاطر

شدو ورقص واقتطاف فكاهة             وتعانق وتغامز بنواظر

وهم كما تدري بأفقي أنجم                           لكن لنا شوق لبدر زاهر

سيدي، لا زلت متقدماً لكل مكرمة ، هل يجمل التخلف عن ناد قام فيه

 

٤٩٥

السرور على ساق ، وضحك فيه الأنس ملء فيه ، وانسدل(2) به ستر الصون ، وفاء عليه ظل النعيم ، وسفرت فيه وجوه الطرب ، وركضت خيل اللهو ، وثار تتام الند ، وهطلت سحاب ماء الورد، وطيبت الكؤوس، كالعرائس على كراسي العروس(3) ، المثقلة بالعاج والآبنوس ، وكأن قطع النهار ممتزجة بقطع الظلام ، أو بني حام قد خالطت بني سام ، وعلى رؤوس الأقداح ، تيجان نظمها امتزاج الماء بالراح ، فطوراً تستحيي فيبدو خجلها ، وطوراً تمتزج(4) فيظهر وجلها ، والعود ترجمان المسرة قد جعلته أمه في حجرها ، كولد ترضعه بدرها ، وسافي الشرب كالغصن الرطيب ، أوراقه أردية الشرب ، وأزهاره الكؤوس ، التي لا تزال تطلع وتغرب كالشموس ، ساق يفهم بالإشارة ، حلو الشمائل عذب العبارة ، ذو طرف سقيم ، وخد كأنه من خفره لطيم ، ولدينا من أصناف الفواكه والأزاهر ، ما يحار فيه الناظر، وهل تكمل لذة دون إحضار خدود الورد، وعيون النرجس ، وأصداغ الآس ، ونهود السفرجل ، وقدود قصب السكر ، ومباسم قلوب الجوز ، وسرر التفاح ، ورضاب ابنة العنب ، فقد اكتمل بهذه الأوصاف المختلسة من أوصاف الحبائب الطرب :

فطير بجناح الشوق عند وصولها                  إليك ولا تجعل سواك جوابها

فلا عين إلا وهي ترنو بطرفها             إليك فيسر في المطال حسابها

فقد أصبحت تعلو عليها غشاوة                   لبعدك فاكشف عن سناها ضبابها

قال أبو جعفر : فجعلت وصولي جواب ما نظم ونثر ، وألفيت الحالة يقصر عن خبرها الخبر ، فانغمسنا في النعيم ، انغماس عرف الزهر في

 

٤٩٦

النسيم ومر لنا يوم غض الدهر عنه جفنه ، حتى حسبناه عنوانا لما وعد الله تعالى به في الجنة.

وشرب يوما مع أبي جعفر ابن سعيد والكتندي الشاعر في جنة بزاوية غرناطة ، وفيها صهريج ماء قد أحدق به شجر نارنج وليمون وغير ذلك من الأشجار ، وعليه أنبوب ماء تتحرك به صورة جارية راقصة بسيوف وطيفور رخام يصنع في أنبوبة الماء صورة خباء ، فقالوا: نقتسم هذه الأوصاف الثلاثة ، فقال أبو جعفر يصف الراقصة :

وراقصة ليست تحرك دون أن              يحركها سيف من الماء مُصلَت

يدور بها كرها فتنضى صوارما             عليه فلا تعيا ولا هو يبهت

إذا هي دارت سرعة خلت انها            إلى كل وجه في الرياض تلفت

 

 

وقال ابن نزار في خباء الماء :

رأيت خباء الماء ترسل ماءها               فنازعها هب الرياح رداءهـا

تطاوعه طوراً وتعصيه تارة                           كراقصة حلت وضمت قباءها

وقد قابلت خير الأنام فلم تزل           لديه من العلياء تبدي حياءها

إذا أرسلت جودا أمام يمينه                          أبى العدل إلا أن يرد إباءها

وقد قيل : إن هذه الأبيات صنعها بمحضر الأمير أبي عبد الله ابن مردنيش ملك شرق الأندلس ، وإنه لما ألجأته الضرورة أن يرتجل في مثل ذلك شيئا ، وكانت هذه عنده معتدة ، فزعم أنه ارتجلها ، قال أبو عمرو ابن سعيد : هو الصحيح ، فإنه ما كانت عادته أن يخاطب عمي أبا جعفر بخير الأنام . وهذا فإن كل واحد منهما كفؤ الآخر

 

وقال الكتندي :

وصهريج. تخال به لجينا            يذاب وقد يذهبه الأصيل

 

٤٩٧

كأن الروض يعشقه فمنه                     على أرجائه ظل ظليل

وتمنحه أكف الشمس عشقاً                          دنانيراً فمنه لها قبول

إذا رفع النسيم ال... عنها                            فحينئذ يكون لها سبيل

وللنارنج تحت الماء لما                          تبدى عكسها جمر بليل

ولليمون فيه دون سبك                      جلاجل زخرف بصبا تجول

فيا روضا به صقلت جفوني                          وأرهف متنه الزهر الكليل

تناثر فيك أسلاك الغوادي                            وقبل صفح جدولك القبول

ولا برحت تجمع فيك شملا                         من الأكياس والكاس الشمول

بدور تستدير بها نجوم                                 مع الاصباح ليس لها أفول

يهيم بهم نسيم الروض إلفا                           فمن وجد له جسم عليل

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- ب : من ذلك

2- ب : فاندل.

3- ب : العرائس.

4- م ودوزي : يخلف

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.