أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-22
1129
التاريخ: 19-1-2023
986
التاريخ: 17-9-2019
1619
التاريخ: 2024-09-01
240
|
حتى قبل أن يعرف أحد ماهية جسيم ألفا بدقة، أو كيفية إطلاقه بسرعة هائلة من ذرة بما يجعلها تتحول أثناء هذه العملية إلى ذرة عنصر آخر، تمكن باحثون من أمثال رذرفورد ُ من استخدامه. ذلك حيث يمكن استخدام مثل هذه الجسيمات العالية الطاقة — التي هي نفسها نتاج تفاعلات ذرية — كمجسات لدراسة تركيب الذرات، وقد اكتشف مصدر جسيمات ألفا في المقام الأول في بحث علم ٍ دوري ومثير. انتقل رذرفورد سنة ١٩٠٧ من مونتريال ليصبح أستاذًا للفيزياء في جامعة مانشستر بإنجلترا، وحصل على جائزة نوبل في الكيمياء سنة ١٩٠٨ عن أعماله في مجال النشاط الإشعاعي، وهي الجائزة التي كان لها وقع ساخر في نفسه. فمع أن لجنة نوبل كانت تَعتبر دراسةَ العناصر تندرج تحت الكيمياء، فإن رذرفورد كان يَعتبر نفسه فيزيائيا وليس له علاقة بالكيمياء إلا في أضيق الحدود، وكان يعتبرها فرعا من العلوم أدنى كثيرا. (ومع الفهم الجديد للذرات والجزيئات الذي زودتنا به فيزياءُ الكم، فإن العبارة القديمة التي كان يرددها علماء الفيزياء من أن الكيمياء هي ببساطة فرع من الفيزياء أصبحت صحيحة بنسبة تزيد كثيرا عن ٥٠ في المائة). وسنة ١٩٠٩ أجرى كل من هانز جايجر وإرنست مارسدن، أثناء عملهما في قسم رذرفورد في مانشستر، تجارب وجه فيها شعاع من جسيمات ألفا على طبقة رقيقة من فلز ما ليمر خلالها. وانطلقت جسيمات ألفا من ذرات ذات نشاط إشعاعي طبيعي؛ إذ لم يكن متاحا في ذلك الوقت معجل صناعي للجسيمات. وقد حدد مصير الجسيمات الموجهة على رقاقة الفلز بواسطة العدادات الوميضية، وهي شاشات فلورسنتية تُصدر وهجا عندما يصطدم بها مثل هذا الجسيم. عبرت بعض الجسيمات رقاقة الفلز في خط مستقيم، وانحرف البعض الآخر وخرج مكونًا زاويةً مع الشعاع الأصلي، والمفاجأة كانت أن البعض ارتد ً من الرقاقة عائدا إلى الوراء على الجانب نفسه الذي تسقط منه الأشعة، فكيف يمكن حدوث ذلك؟!
جاء رذرفورد بالإجابة. كتلة كل جسيم من جسيمات ألفا أكبرُ بمقدار ٧٠٠٠ مرة من كتلة الإلكترون (في الحقيقة جسيم ألفا يماثل ذرةَ هليوم أزيل منها إلكترونان)، ويمكنه أن يتحرك بسرعة تقارب سرعة الضوء. إذا اصطدم هذا الجسيم بأحد الإلكترونات، فإنه يزيحه جانبًا ويستمر في مساره دون أن يتأثَر. ولا بد أن السبب وراء حدوث الحيود هو وجود شحنات موجبة في ذرات رقاقة الفلز (تتنافر الشحنات المتشابهة، وكذلك الأقطاب المغناطيسية المتشابهة)، ولكن إذا كان نموذج البطيخة لطومسون صحيحا لما ارتدت بعض الأشعة إلى الخلف. وإذا كانت كرة الشحنة الموجبة تملأ الذرة، فإن جسيمات ألفا ً كانت حتما ستمر خلالها دون أن تنحرف، بما أن التجربة قد أثبتت أن معظم الجسيمات قد مرت في خطوط ِ مستقيمة خلال الرقاقة. وإذا كان نموذج البطيخة قد سمح بمرور جسيم واحد، فلا بد أن يسمح لكل الجسيمات بذلك. ولكن إذا تركزت كل الشحنة الموجبة في حيز صغير جدا وأصغر كثيرا من الذرة ككل، فإن جسيم ألفا سيصطدم في بعض الأحيان فقط بهذا التركيز الدقيق للمادة وترتد الشحنة مباشرةً إلى الخلف، بينما ستمر معظم جسيمات ألفا سريعا خلال الفراغ الموجود بين هذه التركيزات المتناهية الصغر للمادة. وهذه هي الحالة الوحيدة التي يمكن أن تتنافر فيها أحيانًا الشحنةُ الموجبة للذرة ِ مع جسيمات ألفا الموجبة الشحنة بما يجعلها ترتد في مساراتها، وفي بعض الأحيان تجعلها تحيد قليلا ٍ عن مسارها الأصلي، وفي أحيان أخرى تتركها تعبر دون اعتراض مسارها تقريبًا. وهكذا اقترح رذرفورد سنة ١٩١١ نموذجا جديدا للذرة، وهو النموذج الذي أصبح َ أساس فهمنا الحديث لتركيب الذرة. أشار رذرفورد إلى ضرورة ِ وجود ٍ منطقة مركزية صغرية في الذرة، وأطلق عليها اسم النواة. تحتوي النواة على كل الشحنة الموجبة للذرة وهي ذات مقدار مساو تماما ومضادة في شحنتها للشحنة السالبة الموجودة في سحابة الإلكترونات التي تحيط بالنواة؛ ومن ثم تصنع النواة والإلكترونات معا ذرةً متعادلةً كهربيا. وقد أثبتت التجارب لاحقً أن حجم النواة يساوي واحدا على مائة ألف جزء من حجم الذرة؛ إذ يبلغ قطر النواة عادةً حوالي −13^10 سم داخل سحابة إلكترونية
يبلغ قطرها عادة −8 ^10 سم. ولتصور هذه الأرقام، تخيَل رأس دبوس يبلغ قطره حوالي مليمتر واحد وموجود في منتصف كاتدرائية سان بول ومحاط بسحابة من دقائق الغبار الميكروسكوبية تملأ قبَة الكاتدرائية، ولنقل مثلا إنها تمتد مسافة ١٠٠ متر من رأس الدبوس. يمثل رأس الدبوس هنا نواةَ الذرة وتمثل دقائق الغبار ما يحيط بها من ِّ الإلكترونات. يوضح ذلك كم الفراغ الموجود في الذرة، ومن هذا الفراغ تتشكل كل الأجسام الصلبة في ظاهرها في العالَم املادي، ويتماسك بعضها مع بعض بواسطة الشحنات الكهربية. وقد حصل رذرفورد، لو نذكر، على جائزة نوبل عندما توصل إلى هذا النموذج الجديد للذرة (وهو نموذج مبني على التجارب التي صممها). غري أن مسيرته المهنية لم تكن قد بلغت نهايتها بعد؛ ذلك أنه أعلن سنة ١٩١٩ أول تحول صناعي للعنصر، وفي ِ العام نفسه خلف جيه طومسون في منصب مدير مختبر كافنديش. وقد منح لقب فارس (سنة ١٩١٤) أولا، ثم منح لقب البارون رذرفورد من نيلسون سنة ١٩٣١. ومع هذا كله، بما في ذلك جائزة نوبل، فإن أعظم إسهام له في العلم كان بلا شك َ النموذج النووي للذرة. وكان مقدرا لهذا النموذج أن ينقل الفيزياء، ويؤدي كما حدث بالفعل إلى سؤال بادي الوضوح: بما أن الشحنات المختلفة تتجاذب فيما بينها بنفس شدة تنافُر الشحنات المتشابهة، فلماذا إذن لا تسقط الإلكترونات السالبة إلى داخل النواة الموجبة؟ وقد جاءت ِ الإجابة من تحليل الطريقة التي تتفاعل بها الذرات مع الضوء، وهو ما أشار إلى قدوم ِ عصر النسخة الأولى من نظرية الكم.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|