المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تربية الماشية في روسيا الفيدرالية
2024-11-06
تربية ماشية اللبن في البلاد الأفريقية
2024-11-06
تربية الماشية في جمهورية مصر العربية
2024-11-06
The structure of the tone-unit
2024-11-06
IIntonation The tone-unit
2024-11-06
Tones on other words
2024-11-06



متطلبات المتخلفين عقلياً  
  
1317   11:29 صباحاً   التاريخ: 12-1-2023
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة ومتطلبات الطفل
الجزء والصفحة : ص611ــ622
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-6-2022 1542
التاريخ: 7-3-2021 3001
التاريخ: 26-6-2019 1714
التاريخ: 2023-03-30 1244

المتخلفون عقلياً هم أولئك الذين تبلغ درجة ذكائهم نسبة ٦٠ــ٧٥% وفقاً لمقياس استانفورد الخاص لقياس مستوى الذكاء، وكما يلاحظ من هذه النسبة فان مستوى ذكائهم متدني جداً. انهم يتسمون بقدرات ذهنية محدودة للغاية ويفهمون مسائل الحياة العادية بصعوبة بالغة ويتطورون ببطيء شديد. 

وان بعضهم يعاني من اختلالات نفسية أيضاً بسبب صعوبات الولادة والالتهابات الناجمة عن ذلك أو تعرضهم للإصابة بالصدمات الدماغية والذي يشكل بحد ذاته مشكلة اخرى لهم. انهم بحاجة عادة الى اهتمام خاص بهم. وتعليمهم أمر عسير للغاية. ويلحقون الاذى بأنفسهم قبل ايذائهم الآخرين في المجتمع.

ان ضعف ذهنيتهم وفهمهم هي بدرجة متدنية بحيث لو درسوا عدة سنوات في المدرسة لا يجدون في انفسهم القابلية على مواصلة دراستهم لمستوى نهاية المرحلة المتوسطة. وفي الصفوف الابتدائية لا ينجحون من صف الى آخر إلا بعد مضي سنتين أو ثلاث سنين وبدرجات متدنية جداً وبمستوى ضعيف جداً.

وعددهم ليس قليلاً في العالم. وتصل نسبتهم في الكثير من مناطق العالم الى حوالي 5/2ــ3% ولو اخذنا هذه النسبة المئوية بنظر الاعتبار على مستوى العالم لوجدنا انها تصل الى رقم يتجاوز عدة عشرات الملايين من الافراد، وبناءً على هذا الاساس فانهم يمثلون طاقات كبيرة جديرة بالعناية والاهتمام.

عالمهم:

ان عالم المتخلفين عقلياً ليس عالماً سيئاً. انه يعيش في حالة بعيدة عن الهموم، واللامبالاة، وعدم الشعور بالاحداث والوقائع التي تدور حولهم، إذ ان الغم والاضطراب الناجمين عن التخلف العقلي والسقوط لا ينطوي على معنى هام بالنسبة لهم ولا يساورهم القلق والاضطراب بشان بطئهم في الفهم والتطور.

حتى انهم على الاغلب لا يعرفون شيئاً عن وضعهم أيضاً وهم مرتاحون من هذا الجانب أيضاً. والعقوبة والتوبيخ بالنسبة لهم كالتشجيع والثناء لا يؤثران فيهم إلا قليلاً. ولو تعرضوا للابتلاء ببلية أو مصيبة فلا يتألمون إلا قليلاً ولو تخلفوا عن اقرانهم في الدراسة والمناقشة فلا يشكل ذلك شيئاً لهم.

وبناءً على هذا الاساس فان عالمهم يختلف عن عالم الافراد العاديين. وهم راضون عما موجود بين أيديهم. وان كانت لاحدهم مشكلة معينة يعاني منها فإنما هي متعلقة بالمحيطين به بأن كيف يقوم بتطبيع علاقاته معه وكيف يقوم بإيجاد موجبات التطبيع مع العالم الجديد لان الطريق الى التطبيع معهم أصعب من غيرهم بعدة أضعاف.

حالاتهم وسلوكياتهم :

الحالات التي يتسمون بها هي حالات ناجمة عن الجهل، والسلوك الذي يتحلون به هو سلوك هادئ ولكن من الممكن ان يكون مؤذياً في نفس الوقت أيضاً وهذا الايذاء لا يعود الى قصدهم ونيتهم بهذا الشأن، بل أنهم وبسبب جهلهم يقومون بعمل معين تجاه الآخرين يؤدي بنا الى ان نحكم عليهم بأنهم يقومون بأعمال مؤذية ويلحقون الضرر والاذى بالآخرين.

نعم، من الممكن ان يكون سلوك الذين يعانون من اختلالات نفسية

سلوكا غير عادي، إذ انه في هذه الحالة يشكل هذا السلوك نقصا لديهم.

وللمتخلفين عقلياً الكثير من الحركات والسلوكيات الطائشة والغير مبررة حسب رأينا. فمن الممكن مثلاً ان يدور حول نفسه، وينشغل باللعب والدعى ويستأنس بها بشكل عجيب وغريب، وطريقة العابهم وحركاتهم مدهشة. واغلب العابهم ذات طابع فردي تقتصر عليهم وفي اطار عالمهم الخاص. ويتهربون كثيراً من الجماعة والحياة الجمعية ويبدو عليهم وكأنهم لا يرغبون بالتآلف مع الجمع والمجتمع. كما ان السكون والهدوء، والانبهات، والاندهاش، والتحملق والنظر الثابت تعد من الحالات التي تلاحظ عليهم كثيراً لدرجة قد يحكم عليهم من لا يعرفهم بأنهم افراد مؤدبون هادئون.

حقوق الطفل واستعداد الابوين :

انه لخطأ عظيم ان يشعر بعض الآباء بالحياء من امتلاكهم لهؤلاء الاطفال أوان يعمدون الى اخفائهم أو يشعرون بالتقصير تجاههم وينظرون الى انفسهم وكأنهم مذنبون. وبناءً على هذا النوع من التفكير يطردون أبنائهم عن انفسهم أو يرسلونهم الى بيت هذا الشخص أو ذاك أو الى دور الحضانة والنقاهة.

وقبل كل شيء يجب الانتباه الى هذه الملاحظة وهي ان هؤلاء الاطفال كغيرهم ودائع الله وأماناته وآبائهم هم المؤتمنون عليهم. وعدم الاهتمام بهذه الامانات نوع من الخروج على الله تعالى ومخالفته. ان ابراز عدم الحرص والتنفر والاشمئزاز والبغض تجاه هؤلاء الاطفال يعد ظلماً صارخاً بحقهم ذلك ان الطفل ليس مقصراً في هذا المجال.

ولهؤلاء الاطفال حقوق معينة كغيرهم من الاطفال واحترامهم واجب دينياً وتربوياً وانسانياً. ويجب على الآباء اعداد أنفسهم لقبولهم وتحمل مصاعب تربيتهم. إذ ان عدم قبولهم أو الشعور بالاضطراب والتطيّر من رعايتهم والاحتفاظ بهم ليس فقط لا يمثل حلاً للمشكلة، بل انه يزيد من حدة مشاكلكم ويضاعفها. انهم بحاجة الى رعايتكم وحمايتكم لهم اكثر من غيرهم ومن الضروري لكم القبول بهم كما هم عليه وتوفروا لهم الحماية اللازمة.

ضرورة التربية وصعوباتها :

ان مسألة تربيتهم تعد مسألةً ضرورية بناءً على حاجتهم للحياة الفردية والاجتماعية خاصةً وان بإمكان الكثير منهم ان يتمتعوا في ظل التربية السليمة بوضع أفضل بل وحتى بإمكان البعض منهم معالجة ما يعانون منه. خاصة اذا شملناهم برعايتنا واهتمامنا منذ السنين الأولى للعمر.

ان القاء حبلهم على غاربهم، يؤدي الى المزيد من عدم جدارتهم ويصبح السبب في مضاعفة تبعيتهم للآخرين وزيادة حدة مشاكلهم. لذا يجب الاهتمام بأمر تربيتهم قدر المستطاع لكي يصبح بإمكانهم الاعتماد على أنفسهم وينظمّون حياتهم نسبياً ويطبّعون انفسهم مع حالتهم.

ويعاني اولياء الاطفال طبعاً من مشاكل كثيرة فيما يتعلق بأمر تربيتهم، إذ ان رعاية احد المتخلفين عقلياً ومتابعته لا يعد عملاً بسيطاً. ولكن ما الحيلة. انها المحافظة على امانة الله واداء الواجب. وانه لمن صلب التزامنا الانساني والابوي ان نرعى هؤلاء الاطفال ونهيئ لهم اسباب الحياة قدر المستطاع. ولا تقتصر الصعوبات على ما ذكرناه، فمن المسلم به ان الاولياء يعانون من مشاكل اخرى كثيرة تتعلق بأمر تربيتهم وتوجيههم ولابد من تحملها والقبول بها.

الحاجة الى برنامج خاص :

يشكل المتخلفون عقلياً شريحة خاصة في الحياة الاجتماعية. ومن الطبيعي ان يكون لهم برنامج خاص واستثنائي بشأن تربيتهم. ويُصار الى وضع البرامج التربوية والتعليمية لهم بما يتناسب وحاجاتهم وقدراتهم وامكانياتهم. والاساس في ذلك ان نأخذ بنظر الاعتبار الجوانب المتعلقة بنموهم الذهني، والفكري وما يتعلق بها من جهة وان نفكر بمستقبلهم من جهة اخرى.

وعلينا ان نعمل على بنائهم وتربيتهم بشكل يمتلكون معه القدرة على تطبيع انفسهم مع المجتمع. وطبعاً الخدمات التي تؤخذ بنظر الاعتبار بشأنهم تختلف باختلاف السن ودرجة تخلفهم العقلي بشكل كامل. إذ يؤخذ بنظر الاعتبار برنامج معين لكل مجموعة منهم يمكن من خلاله ان يصار الى نقل الطفل من المرحلة التي هو عليها الى مرحلة اعلى مع مراعاة مستوى فهمهم واستعدادهم.

ويرافق هذا التخطيط عادة توضيح اساليب وفنون التعليم. إذ ان تعلم المسائل والفنون المعقدة للاستدلال، والفصل، والمنطق من قبل هؤلاء الاطفال غير ممكن اطلاقاً. الشيء المهم لهؤلاء اختيار النماذج والاستفادة من التكنولوجيا، والمشاهدة، والاستماع، وللمس.

ان عالم التكنولوجيا عالم مفيد يمكنه الاسراع في تعليمهم واغنائه اكثر فأكثر. كما يمكن للقصص، والاشعار، والكتب المصورة، والمتون المكتوبة بخط واضح وبسيط ان تغني معلوماتهم وتقوي تعليمهم اكثر.

التعليم المهني :

من اهم البرامج التي يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار لهؤلاء الاطفال هو التعليم المهني. اذ باستطاعتنا ومن خلال اتباع برامج وخطط خاصة في هذا المجال ان نربي الاطفال بشكل لا يصبحون معه في المستقبل مجرد افراد مستهلكين بل يصح بمقدورهم الاعتماد على انفسهم من خلال المحافظة على استقلالهم الاقتصادي ويديرون حياتهم بشكل او اخر.

وما اكثر التعليمات المهنية الخاصة المعدة لهذه المجموعة من الافراد والقابلة للعمل بها وتطبيقها في المعامل. فمن الممكن لهم تعلم الحرف والمهارات البسيطة مثل قطع الاخشاب. واستخدام المنشار، وقياس طول الاقمشة، والعمل في حدود الاعمال نصف الفنية.

مرّنوا ايديهم وابصارهم وآذانهم منذ مرحلة الطفولة لكي تترسخ لديهم عادات معينة في نهاية مرحلة الطفولة ولا يشعرون بالسأم والارهاق جراء عملهم وتعاملهم مع ادوات العمل المختلفة. ويجب ان لا نؤكد على توجههم للاهتمام بالأعمال المعقدة والهامة والتي ليس لهم فيها حظ كبير. إذ من الصعب جداً عليهم ادراك مسألة العلة والمعلول وكيفية التعامل مع الازرار المتعددة ومن العسير عليهم جداً التنسيق بين استخدام العين والأذن والدماغ.

محيطهم التربوي:

يجب ان يكون محيطهم التربوي محيطاً بنّاءً ومفيداً. ويجب ان تفوح رائحة التعليم من كل حدب وصوب منه. وكلما تضاعف الاهتمام بمحيطهم التربوي فقد ازدادت فرصة نجاحهم في مسألة التعليم المهني تبعاً لذلك وكلما كانت نتيجة التعليم اكثر نفوذاً وتأثيراً فيهم.

وفيما يتعلق بشأن المكان الذي ينبغي جمعهم وتعليمهم فيه؟ وهل يجب ان نشرع بتربيتهم في مكان منفصل وبين من هم على شاكلتهم أم مع الافراد العاديين؟

الاجوبة متفاوتة بهذا الشأن: إذ يقول البعض بوجوب تربيتهم في مكان منفصل، وطائفة أخرى تقول بضرورة تربيتهم مع الاطفال العاديين.

ونرى عدم وجود الضرورة اللازمة لفصل صفوفهم الدراسية عن الآخرين إلا إذا كانت درجة تخلفهم العقلي حادة جداً، ويصبح حضور احدهم في صفوف الافراد العاديين ظلماً مرتكباً يحقه وبحق الآخرين. وبشكل عام فانهم بحاجة الى اجواء تؤمن متطلبات تكاملهم ورشدهم بأفضل ما يمكن. إذ يجب ان يمارسون حياتهم بين افراد المجتمع بشكل طبيعي وان لوحظ وجود نقص في عملهم ووضعهم العام أو لم يكن بمقدورهم مسايرة الآخرين في المضي قدماً نحو الامام فلا ينبغي توبيخهم ومؤاخذتهم على ذلك.

الاهتمامات اللازمة بشأنهم :

وفيما يتعلق بشأن هؤلاء الاطفال، ينبغي على الأولياء والمربين أن يأخذوا بنظر الاعتبارات متابعة مجموعة من الاهتمامات والأمور، وسنشير الى موارد منها فيما يلي:

١ـ في الصحة والتغذية:

يعيش هؤلاء الاطفال في وضعٍ لا يمكنهم من المحافظة على صحتهم وسلامتهم. حتى انهم غير قادرين على الاهتمام بمسألة تغذيتهم وما اكثر الذين يعانون الجوع ولا يجدون حلاً لمعضلتهم. وبشكل عام فانهم بحاجة الى الاهتمام بهم في هذه الامور ولا بد من وجود من يتابع شؤونهم ويخدمهم دائماً.

٢- في اسلوب التعامل :

انه لمن الخطأ الفاحش ان يشعر بعض الآباء بالقلق من مواجهات الطفل المتخلف عقلياً. إذ يجب ان يتسم اسلوب التعامل مع هؤلاء الاطفال بشكل يشعر معه هؤلاء بالحماية والحنان وليس امام الآباء والمربين من سبيل في هذا السياق سوى توسيع آفاق المحبة والحنان تجاه هؤلاء التعامل مع شؤونهم بوجهٍ يطفح بالمحبة والمودة.

٣- في المحافظة على ارواحهم وسلامتهم :

انهم عرضة للعديد من الاخطار. اذ هناك احتمال كبير في سقوط احدهم من الشباك الى الارض داخل البيت، وان يكونوا عرضة للدهس والحوادث في الشارع، وتتعرض ارواحهم للخطر خلال لمس الكهرباء أو تداول الآلات الجارحة أو يضطرون الى الاشتباك في حادثة معينة ولا يوجد من يدافع عنهم وغيرها، وكل هذه الامور محتملة الوقوع ويجب على الآباء الاهتمام بهم من هذا الجانب.

٤- في الاستماع الى كلامهم:

نعم، من الممكن ان لا تجد لهم كلاماً نافعاً ومفيداً ولكن يجب ان لا ننسى بانهم يستحقون الاحسان، ويريدون ان يفصحوا عما بداخلهم. ويتحدثون، ويعبرون عن انفسهم امام أبويهم ويبرزون وجودهم وكيانهم، ويقرأون لهم الشعر، وبعض الترنيمات و... ومن الضروري لنا ان نستمع الى هذه الامور ونقبلها منهم حفاظاً على سلامتهم وتربيتهم.

٥- احترام شخصيتهم:

من الممكن ان لا تستصحبونهم معكم في دعوات الضيافة حفظاً على ماء وجوهكم واعتباركم. وهذا تصور خاطئ. أو من الممكن ان لا تزجونهم في المجتمع أو لا تعيرون أهمية لهم. وهذا خطأ آخر أيضاً. اذ يجب عليكم احترامهم لكي يرتقون بأنفسهم ويتخلصوا من الحدود التي يعيشون فيها. وعلينا مراعاة الحق والعدالة بشأنهم وبأنهم بشر مثلنا اذ ان شعورهم بالسعادة يكمن في هذا المجال.

المحاذير :

من الضروري أيضاً ان يجتنب الآباء الكثير من السلوكيات والمواقف بشأن رشدهم وتربيتهم، لأنها تشكل مخاطر محدقة بهم. ومن هذه الموارد :

١- الجفاء وعدم المحبة:

يعاني الطفل المتخلف نقصاً وعيباً في عقله. ولا يمكن لهذا الامر ان يكون سبباً في ان تبخلوا عليهم بمحبتكم وحنانكم أو ان لا تعيروا أهمية لشخصيتهم. ان الجفاء وعدم المحبة وعدم الاعتناء بل وحتى عدم مراعاة اصول العدالة بحقهم سيكون السبب في استيلاء الكدورة والامتعاض عليهم.

٢- حالات اللوم والمؤاخذة:

من الممكن لهؤلاء الاطفال وكغيرهم من أقرانهم ان يرتكبوا خطأً معيناً. وفي هذه الحالة لا ينبغي ان نؤاخذهم بحدة، وخاصة في الامور التي تعرفون بانها ناجمة عن ضعفهم الذهني وعدم اداركهم. واعلموا بأن لومكم اياهم لن يصلحهم بل على العكس من ذلك فانه يؤدي بهم من سيء الى أسوأ.

٣- العقوبة البدنية:

بسبب استحواذ الذهنية الجاهلية على تفكير بعض الآباء فانهم يقومون بضرب الاطفال المتخلفين. وقد يظنون بحلول الشيطان في أجسامهم ويريدون طرده من أبدانهم!! وهل يعقل زوال التخلف العقلي بالضرب؟ وماذا سنجيب الله تعالى أمام ظلامة هؤلاء الاطفال؟ أما نخشى الله تعالى؟.

4- التوقعات المفرطة:

توقعوا من هؤلاء الاطفال الشيء الذي يليق بشأنهم، فلا يصح تكليفهم فوق طاقتهم وتوقع الشيء الذي يفوق قابليتهم وشأنهم. ويجب ان تبعدوا عن اذهانكم أي توقعٍ بشأن قدرتهم على ان يقوموا بالشيء الذي يقوم به غيرهم من الاطفال في المضيء قدماً الى الامام أو مسايرة أقرانهم في قدراتهم، فهذا التوقع ليس في محله ابداً.

٥- اطلاق الالقاب القبيحة :

انه لأمرٌ قبيح ان يخاطب بعض الآباء والأمهات الطفل بالقاب قبيحة كالمجنون، والاحمق، والأبله، والغبي وغيرها لغرض تفريغ عقدهم وتحقير الطفل. والله اعلم مبلغ الجروح التي تحدثونها في قلب الطفل ونفسيته وحجم تسببكم في تأخير واعاقة نموه رشده من خلال هذه الالقاب القبيحة التي تطلقونها عليه.

٦- الاهمال:

لا توجهوا حياته كيفما اتفق وتلقوا حبله على غاربه، ذلك ان هذا العمل يعد نوعاً من التملص والتهرب من عبء المسؤولية ونوعاً من قصر النظر. إذ انكم مكلفون كأب أو أم مسلمين بالاهتمام بشؤونهم بكل ما تملكون. وتغلقون عليه المنافذ التي من الممكن ان تلحق به المزيد من الضرر.

انه أمانة الله بأيديكم وانتم المؤتمنون عليه.

التخطيط لمعالجتهم :

في سياق تربية هؤلاء الاطفال من الضروري لكم الاستفادة من تجارب الافراد الذين لهم اطفال متخلفون عقلياً والاستعانة بهم في هذا المجال. وبشكل عام فان ارتباطكم الصحيح والمسؤول مع هؤلاء الاطفال يهيئ بحد ذاته الارضية المناسبة لتنفيذ بعض الاصلاحات ويصبح السبب في معالجتهم ورشدهم.

ونبشّر الكثير من الآباء والأمهات الذين لهم اطفال متخلفون عقلياً بأن الكثير من هؤلاء الاطفال وفي ظل اهتمام الابوين ورعايتهم تحت معالجتهم وتحقق شفاؤهم او ان الكثير من مشكلاتهم عولجت بشكل مناسب، حيث ان المتابعات الطبية، مضافاً إليها متابعاتكم واهتمامكم بشكل حلاً للكثير من المشاكل. ومن خلال مضاعفة مراقبتكم ومتابعتكم لشؤونهم بإمكانكم القيام بالإسراع في الاعتماد على أنفسهم وبشكل أفضل وان لا يضطروا في المستقبل الى الاستجداء ومد يد العوز والحاجة الى الآخرين. وفي هذا السياق من الضروري طبعاً تحديد حالتهم بشكل مبكر وان تقدموا على وضع الخطط اللازمة بشأنهم منذ مرحلة الطفولة ذلك ان علاقة العمر بإمكانية الاصلاح علاقة عكسية. إذ كلما كان العمر أقل، ازدادت امكانية الاصلاح وهذا الأمر صحيح تماماً فيما يتعلق بشأن ذهنيتهم وتفكيرهم ومستوى تحصيلهم وتخلفهم العقلي.

ضرورة التقييم المستمر :

الاستمرار في مواصلة التعليم يعتبر أمراً ينبغي على الآباء والمربين الاهتمام به دائماً، ويجب ان يستمر هذا الأمر لغاية بلوغ الطفل مرحلة الرشد ويصبح قادراً على الوصول الى مرحلة لاستقلال الاقتصادي والاجتماعي. وتقع مسؤولية هذا الامر على الابوين وهم ملزمون بذلك.

ومن جهة أخرى من الضروري لنا الاهتمام بالتقييم المستمر للطفل وشؤونه لنرى الحالة التي بلغها، وما هي نسبة نجاح خططنا بشأنه وكم عادت علينا وعليه بالنفع وما هي الخطوات الواجب اتخاذها لاحقاً. إذ تساعد تلك الرقابة والمتابعة وهذا التقييم على خلق الاجواء المناسبة لرشدهم والحؤول دون استمرار تدهورهم. ومن الممكن ان يتم هذا التقييم من قبل الابوين، والمربين، والمتخصصين النفسانيين أيضاً. ويجب ان يكون كذلك أيضاً. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.