أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2023
1331
التاريخ: 20-7-2016
14196
التاريخ: 20-7-2016
2095
التاريخ: 7-3-2016
1835
|
استحدث إسحاق نيوتن الفيزياء، وجاءت كل العلوم لتعتمد عليها. ولا شك أن نيوتن قد أسس أبحاثه على أبحاث آخرين غيره، إلا أن نشر قوانينه الثلاثة عن الحركة ونظرية ِ الجاذبية منذ أكثر من ثلاثمائة سنة هو الذي وضع العلم على الطريق الذي أدى إلى انطلاق ٍ رحلات الفضاء، واكتشاف أشعة الليزر، والطاقة الذرية، والهندسة الوراثية، وتكوين فهم للكيمياء، وبقية العلوم كافة. على مدى مائتَي عام، سادت فيزياء نيوتن التي تسمى ٍ الآن «الفيزياء الكلاسيكية» بقوة َّ وتصدرت القمة، وفي القرن العشرين ظهرت آراءٌ ثوريةٌ جديدة أخذت الفيزياء إلى ما هو أبعد كثيرا من نيوتن، إلا أنه من دون هذين القرنين من التقدم العلمي لم يكن لهذه الآراء الجديدة أن تتحقَّق. لا يرصد هذا الكتاب تاريخ العلوم، وهو معني َ بالفيزياء الجديدة — فيزياء الكم — أكثر من تلك الأفكار الكلاسيكية. إلا أنه حتى في أبحاث نيوتن منذ ثلاثة قرون كانت هناك إشارات عن التغيرات التي ستحدث لاحقا، والتي لم تنشأ عن دراساته لحركة الكواكب ومداراتها، ولا عن قوانينه الثلاثة الشهييرة، ولكن عن أبحاثه حول طبيعة الضوء. تُعزى أفكار نيوتن عن الضوء كثيرا إلى أفكاره عن سلوك الأجسام الصلبة ومدارات الكواكب. أدرك نيوتن أن خبراتنا اليومية عن سلوك الأجسام قد تكون مضللة، وأن جسما ما — وليكن جسيما — غير خاضع لأي قوى خارجية لا بد أن يختلف كثيرا في سلوكه عن جسيم موجود في سطح الأرض. وتدلنا خبرتنا اليومية على أن الأشياء تميل إلى البقاء في مكان َّ واحد ما لم تتعرض للدفع وانه بمجرد توقفك عن دفعها فإنها ستتوقف قريبًا. اذن لماذا لا تتوقف اجسام مثل الكواكب أو القمر عن الحركة في مداراتها؟ وهل يدفعها شيء ما؟ أبدا على الإطلاق. الكواكب بطبيعتها لا تكون خاضعةً لأي تدخٍل خارجي، ولكنها تتدخل في الأجسام التي على سطح الأرض. إذا حاولت ً أن أجعل قلما ينزلق على َ سطح مكتبي، فإن دفعي القلم ُ يقاومه احتكاك القلم بسطح المكتب، وهذا ما يجعل القلم يتوقَّف عن التدحرج عندما أتوقَّف عن دفعه. أما إذا لم يكن هناك احتكاك، فإن القلم ٍ يظل في حركة ِ دائمة. وينص القانون الأول لنيوتن على أن الجسم يظل في حالة سكون، أو ٍ يتحرك بسرعة ثابتة، ما لم تؤثِّر عليه قوةٌ خارجية. ويخبرنا القانون الثاني بمدى التأثير الذي تمارسه قوةٌ خارجية — قوة دفع — على جسم ما فهذه القوة تغير من سرعة الجسم. ويسمى التغير الحادث في السرعة (التسارع)؛ وبقسمة القوة على كتلة الجسم الذي تؤثِّر فيه القوة الخارجية، يكون الناتج هو التسارع الناشئ عن تأثير القوة على الجسم. وعادة ما يصاغ القانون الثاني بطريقة ً مختلفة نوعا ما: القوة تساوي حاصل ضرب الكتلة في التسارع. ويخبرنا قانون نيوتن الثالث بشيءٍ عن رد ِ فعل الجسم حال دفعه: لكل فعل رد فعل مساوله في المقدار ومضاد له في الاتجاه. إذا ضربت كرة تنس بمضربي، ً فإن القوة التي يدفع بها المضرب كرة التنس تساوي تماما القوة التي تدفع المضرب إلى ِ الخلف، والقلم الموجود على سطح مكتبي المنجذب لأسفل بفعل الجاذبية تؤثِّر فيه قوة دفع مساوية تماما لرد الفعل الذي يمارسه سطح المكتب نفسه، وقوة المادة المتفجرة التي تدفع الغازات إلى خارج غرفة الاحتراق في الصاروخ تنتج قوة ذات رد فعل مساو في مقداره ومعاكسا في اتجاهه لرد فعل الصاروخ ِ نفسه، مما يدفعه في الاتجاه المضاد .قدمت هذه القوانين، مع قانون الجاذبية لنيوتن، تفسيرا لمدارات الكواكب حول َ الشمس ومدار القمر حول الأرض. وعندما يؤخذ الاحتكاك في الاعتبار، فإن هذه القوانين تفسر كذلك سلوك الأجسام على سطح الأرض، وتكون بذلك قد شكلت أساس الميكانيكا. غير أنها اشتملت أيضا على تضمينات فلسفية محيرة. فتبعا لقوانين نيوتن، يمكن التنبؤ بسلوك جسيم ما بدقة على أساس تفاعلاته مع الجسيمات الأخرى والقوى التي تؤثر عليه. ولو كان من الممكن معرفة موضع كل ُجسيم في الكون وحركته، لأصبح من الممكن عليه. إذن التنبؤ بدقة ٍ تامة بمستقبل كل جسيم؛ ومن ثَم بمستقبل الكون. فهل يعني ذلك أن َ الخالق قد سير الكون بوتيرة منتظمة وأتمه وحركه في مسار يمكن التنبؤ به بدقة تامة؟ أيدت الميكانيكا الكلاسيكية لنيوتن هذه النظرة الحتمية للكون ودعمتها كثيرا، وهي نظرية َ لم تدع للإنسان سوى القليل من حرية الإرادة أو المصادفة. فهل يمكن في الواقع أن نكون جميعا دمى نسير في مساراتنا المحددة سلفا في حياتنا من دون أي اختبار حقيقي على الاطلاق؟ كان معظم العلماء مقتنعين بترك هذه المسألة للفلاسفة يتجادلون بشأنها. غير أن الأمر تغير؛ فعادت هذه المسألة بقوة في صميم الفيزياء الجديدة في القرن العشرين.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|