المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24
أثر التبدل المناخي على الزراعة Climatic Effects on Agriculture
2024-11-24
نماذج التبدل المناخي Climatic Change Models
2024-11-24
التربة المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
نظرية زحزحة القارات وحركة الصفائح Plate Tectonic and Drifting Continents
2024-11-24



اشتمال خطبة الزهراء على معارف تدلل على سمو مقامها وعظيم حجيتها ( عليها السلام )  
  
1816   05:38 مساءً   التاريخ: 12/12/2022
المؤلف : الشيخ محمد السند
الكتاب أو المصدر : مقامات فاطمة الزهراء ( ع ) في الكتاب والسنة
الجزء والصفحة : ص 109-115
القسم : سيرة الرسول وآله / السيدة فاطمة الزهراء / مناقبها /

لا تزال خطبة السيدة فاطمة ( عليها السلام ) ترن في أسماع الدهر ، وتتجدد على مرّ العصور مؤكدة في الوقت نفسه جوانب شخصيتها الإلهية ومقامات معرفتها الربوبية مشيرة إلى عظيم ما اطّلعت عليه من مكنون علمه ومخزون معارفه ، والتي لا يُطلعها إلا على خاصة أوليائه وأهل صفوته وسدَنَةِ أسراره ، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، ولما كانت فاطمة ( عليها السلام ) أحد مصاديق أهل التطهير وأولي الذكر ، فلا غرابة أن تفتق في خطبتها من بعض خزائن معارفه تعالى .

فهي مع ذكرها البالغ لتمام الحمد على نعمائه ، وسوابغ الشكر على آلائه ، والثناء لربوبيته ، والتوحيد لصفاته ، فهي تسوق البيان للتوحيد بما ليس معهود في الفلسفات البشرية أنذاك من اليونانية أو الفارسية أو الهندية ، ومن ظرائف التوحيد ما لم يُعهد في العرفان المتداول آنذاك ، فانّ بيان معرفة التوحيد ينفي الصفات المشيرة للغيب المطلق ، وأن الصفات الإلهية تجليات أسمائية دون مقام غيب الغيوب ، إذ لم يُعهد قبل الاسلام ، ولم يُبده قبل القرآن الكريم ولم يكن في متناول أفهام المسلمين في الصدر الأول ، ثم شرعت في بيان سلسلة الصوادر عنه تعالى وكيفية الصدور واختلاف النشآت بما هو غير معهود في المعارف البشرية آنذاك الفلسفية والعرفانية مما قد تعرّضت اليه إشارات القرآن الخفية التي لم تنلها أفهام المسلمين حينذاك .

ثم بيّنت ضرورة الشرع والشريعة ، ثم بيّنت مقامات النبي ( صلى الله عليه وآله ) في النشآت السابقة والتعينات الخلفية للأشياء بحسب العوالم المتعاقبة وهذه من المعارف التي لم يُبح بها قبل ذلك .

ثم بيّنت فصول علوم القرآن وجوامع أبوابه فأخذت في بيان علل وحكم الأركان وأحكام الدين ، مما لم تنله الأذهان قبل ذلك ، ثم بيّنت بمجمل سيرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وسننه وعِظم ما عاناه في الدعوة إلى الرسالة ، وما كابده أخاه ووزيره وابن عمّه ووصيه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وانهما صلوات الله عليهما مشيّدا صرحَ الدين والدولة والنظام في الاسلام ، ثم أخذت في تحليل الفتنة التي مُني بها المسلمون بعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) سياسياً واجتماعياً وما سيؤول اليه حالهم لاغتصابهم الخلافة ، كل ذلك بيان جزل والفاظ منمقة وتناسق أنيق تستجيب العبارات لها وتنصاع المعاني لمراداتها والحقائق التي أبرزتها ، وكل ذلك من المعارف مما لم يكن متداولاً بين المسلمين ، لعدم وروده فيما صدر من أحاديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) للعامّة .

فمجمل ذلك برهان على أن ذلك صادر من علم لدني ، وينضح من تلك العين .

وبعبارة أخرى تسوق البيان لمقام النبوّة ومعدن الرسالة وفضلها الذي لا يحصى إذ أخرجهم الله به من ظلمات الجهل إلى نور الهداية ، وطهرهم من دنس الشرك بعد أن كانوا أذلاء ضعفاء يتخطفهم الناس من كل جانب ، وتهوي بهم عواصف الشرك من مكان سحيق ، وبعد أن عرّفتهم بعض مقام أبيها ( صلى الله عليه وآله ) عند الله تعالى وأظهرت فضله وبيّنت برهانه ، وأوضحت حجته ، وأعلمتهم معالم دينهم ، وأركان فرائضهم وبيان حكمة كل ركن أصولها وفروعها فحلّقت بهم إلى كل معرفة ربوبية ، وأخذت بهم عند كل سبيل ، فعرّفتهم تكليف كل قضية في دينهم ودنياهم ، فكأنما كانت تُفرِغُ عن لسان أبيها حكمة ومعرفة ، فصاحة وبياناً ، حتى كانت أول خطبة بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تُلقي عليهم الحجة ، وتنذرهم بعاقبة أمرهم إذا ما هم أقاموا على غيّهم وغوايتهم وباطلهم يرون تراث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد تناهبته الأهواء وهم قابعون ، لا يدفعون يد لامس ، ولا يتناهون عن باطل ، ولا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر ، وليس هذا إلا عن علم الهي لدنّي لا يناله إلا حجة ، ولا يحوزه إلا كل مقرّب مطهر .

اذن فاستطاعت فاطمة ( عليها السلام ) في خطبتها تؤكد على أمور :

أولاً : ان خطبتها كانت أول خطبة بعد خطب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تسجلها محافل المسلمين في ذاكرتها لتولي لها اهتماماً بالغاً يؤكد اهتمام المسلمين بمقامها مما يؤكد حجيتها البالغة في مرتكزاتهم .

ثانياً : تُعد خطبة فاطمة ( عليها السلام ) احدى الملاحم التوحيدية التي تذكر فيها ثناء الله تعالى ووحدانيته وتشير إلى نبوّة محمد ( صلى الله عليه وآله ) وأثرها في حياة المسلمين ، وتستعرض أركان الدين وما يقابلها من حكمة التشريع ، وتثير تساؤلاتها بعد ذلك عن مشروعية البيعة المأخوذة تحت عنوان السقيفة ومدى صلاحية هذه البيعة المدّعاة مما تؤدي بكثير من مدعيات القوم وتعاجل مشاريعهم .

ثالثاً : حاولت السيدة فاطمة ( عليها السلام ) في خطبتها تعرية كل مشروع يُصاغ على النهج السياسي السقيفي مستقبلاً ، وحصّنت من خلال ذلك الصيغة الاسلامية المحمدية في نظام الحكم لئلا تختلط الأوراق وتتشابك الدعاوى وكانت تنطلق في دعوتها لهم من موقعيتها في نفوسهم ومقامها لديهم الذي قد بناه القرآن النازل في حقها وتأكيدات النبي بمقامها وفضلها ، والحجية في جميع ما تلقيه من حكم ومواعظ ونصائح وأحكام ومن ثم تحليل لكل القضايا التي واجهت المسلمين وستواجههم مستقبلاً ، مما يحفظ لخطبتها البليغة مكانة الحجية في مرتكزات المسلمين فضلاً عن حجيتها الثابتة بالدليل القرآني والسنّة النبوية .

رابعاً : الملاحم المستقبلية التي أنبئت المسلمين بها من تفشي الفتنة فيهم والظلم والفرقة ، حيث قالت : " أما لعمري لقد لفخت ، فنظرة ريثما تنتج ، ثم احتلبوا ملأ القعب دماً عبيطاً ، وزعافاً مبيداً ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف الباطلون غب ما أسس الأولون ، ثم طيبوا عن دنياكم أنفساً ، واطمأنّوا للفتنة جأشاً .

وأبشروا بسيف صارم وسطوة معتد غاشم ، وبهرج شامل ، واستبداد من الظالمين يدع فيئكم زهيداً ، وجمعكم حصيداً "[1].

وقد وقع ما أخبرت به إلى حيث نرى ما يجري اليوم من ذلّ المسلمين على كثرتهم الكاثرة أمام فئة اليهود القليلة ، وهم لا يدفعون يد لامس ، فعاد جمعهم حصيد ، وفيئهم زهيد ، وكل ذلك ، فبئس ما أسسه الأولون من نظام حكم جرّ المسلمون إلى ما هم عليه اليوم .

 

[1] البحار 43 : 109 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.