أقرأ أيضاً
التاريخ: 12/12/2022
2084
التاريخ: 2023-07-05
1163
التاريخ: 10-12-2021
2858
التاريخ: 19/12/2022
1278
|
ثالثاً: الجدل حول المشتقات المالية :
منذ أن ظهرت المشتقات المالية وحتى الآن وهي تثير الجدل حول مشروعيتها وفائدتها للاقتصاد ، وتتمثل آراء المؤيدين والمعارضين للتعامل بالمشتقات المالية في الآتي :
1- آراء المؤيدين :
تعد المشتقات المالية أداة هامة من أدوات إدارة المخاطر (التحوط) ، إذ تستخدم لنقل المخاطر من الشركات والمؤسسات الإنتاجية التي لا ترغب بتحمل المخاطر الى الوحدات القادرة على تحمل المخاطر التي ترغب بذلك - كالمؤسسات المالية وبيوت السمسرة - دون أن يصاحب ذلك نقل ملكية الأصل, وبذلك تكون المشتقات قد ساهمت في رفع إنتاجية هذه الوحدات التي لا ترغب بتحمل المخاطر.
كما أن المشتقات المالية تشجع الكثير من المستثمرين على التعامل بها, فهي توفر لهم فرصاً كبيرة لجني الأرباح من خلال الاستفادة من مزايا الرفع المالي والذي يتحقق باستخدام ما يعرف بأسلوب الهامش.
كما يفيد أسلوب التغطية بواسطة المشتقات الحد من مخاطر الإفلاس, فمثلاً لو كان مصرف تجاري يقدم قروضاً متوسطة أو طويلة الأجل بأسعار فائدة ثابتة في الوقت الذي تتغير فيه أسعار الفائدة على الودائع, يمكنه أن يتحوط ضد مخاطر ارتفاع أسعار الفائدة على الودائع الى مستوى قد يفوق سعر الفائدة على القروض، ويتم ذلك من خلال اللجوء الي المقايضات لأسعار الفائدة الثابتة بسعر فائدة متغير.
وأخيراً يمكن استخدام المشتقات المالية في أمور أخرى منها:
أ- أداة للتنبؤ بالأسعار المتوقعة: تقوم المشتقات المالية بتزويد المتعاملين بها بالمعلومات حول أسعار الأوراق المالية المتعاقد عليها في السوق الحاضر في تاريخ التسليم.
ب- تخطيط التدفقات النقدية عند العمل في ظروف التأكد التام.
ج- تأمين أفضل الفرص للمضاربة .
د- تيسير وتنشيط التعامل على الأصول محل التعاقد.
هـ- السرعة في تنفيذ الاستراتيجيات الاستثمارية .
و- استخدام المشتقات بهدف الاستثمار طويل الأجل المتمثل في الاحتفاظ بهذه المشتقات لفترة زمنية طويلة .
ز- تشجيع الحكومات المحلية لأسواق المشتقات كعنصر جذب رؤوس الأموال الأجنبية .
2- آراء المعارضين :
يرى المعارضون للمشتقات المالية أنها مرفوضة سواء من الناحية القانونية أو الاقتصادية، فطبقاً للقانون فإن العقود الآجلة والتي لا يراد منها التسليم وإنما التسوية عىي فروق الأسعار تعد من الرهان والقمار الذي لا يعترف به القانون العام . ومن الناحية الاقتصادية فإن هذا التعامل لا يختلف عن القمار لأنه لا يولد أي قيمة مضافة بل مجرد مبادلة يربح منها طرف ويخسر الآخر، بل قد يكون أسوأ أثراً من القمار، لأنه يتعلق بسلع وأصول مهمة ومؤثرة في النشاط الاقتصادي ويتضرر من جراء تقلباتها الكثير من الناس.
وبالرغم من الادعاء أن المشتقات هي أداة للتحوط ، لكن المعارضين يقولون إن المشتقات هي نفسها أدوات للمجازفة والرهان على تقلبات الأسعار . وواقع الأمر أن المجازفة هي الغالبة على المشتقات ، حيث تبلغ نسبة العقود المستخدمة بغرض المجازفة وفق الإحصائيات الرسمية أكثر من 97% من إجمالي العقود بينما تقتصر أغراض التحوط على أقل من 3% . فالمشتقات أدوات للمجازفة والرهان أكثر منها أدوات للتحوط .
كما أن تبادل المخاطر يعني أن العملية تصبح مبادلة صفرية ؛ لأنه إذا تحقق الخطر فسيربح أحد الطرفين وسيخسر الآخر، وإن لم يتحقق انعكس الوضع . وهذا ما يجعل المشتقات أهم أدوات المجازفة والرهان على الأسعار، لأن المقصود ليس تبادل الملكية وإنما مجرد المخاطرة.
ولا خلاف بين المؤيدين والمعارضين على أن المشتقات هي مبادلات صفرية ، لكن المؤيدين يقولون إنها - وإن كانت صفرية على مستوى العقد - لكنها على المستوى الكلي إيجابية لأنها ترفع مستوى الإنتاجية للاقتصاد عموماً ومن ثم ينتفع جميع الأطراف ، وهذه الحجة يمكن أن تكون صحيحة لو كانت المشتقات تسير جنباً الى جنب مع النشاط الحقيقي المنتج . لكن واقع الأمر أن أسواق المشتقات تسير في اتجاه بعيد عن النشاط الحقيقي والسبب هو أن المشتقات لا ترتبط تعاقدياً بالنشاط الحقيقي، بل تقصر على تبادل المخاطر . وبما أن تداول المخاطر لا يخضع لضوابط النشاط الحقيقي المولد للثروة فيصبح نمو المشتقات أسهل بكثير من نمو الاقتصاد الحقيقي وهذا هو الحاصل بالضبط ، ويترتب على ذلك تدفق رؤوس الأموال الى المجازفات غير المنتجة على حساب الاقتصاد الحقيقي المنتج مما يعرض الاقتصاد للخسارة مرتين "مرة بحجب رؤوس الأموال عن النشاط الحقيقي" ، و "مرة عند انهيار السوق وانفجار فقاعة المجازفات غير المسؤولة وضياع الثروة تبعاً لذلك".
ومع التضخم الهائل لحجم سوق المشتقات فإن أي انهيار سيكون تهديداً مباشراً للاقتصاد بأكمله، وهذا ما يجعل الحكومات والبنوك المركزية تتدخل لمنع وقوع هذه الانهيارات إلا أن التدخل الحكومي هنا يعد مصدر أساسي لربحية المجازفين ، كما أكد على ذلك جوزيف ستيجلتز Joseph Stieglitz الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد ، إذ أن تدخل الجهات الرسمية يعني من يدفع الثمن الفعلي لهذه المجازفات هو جمهور الأفراد والشركات الذين هم عماد الاقتصاد ؛ وبهذا صار الجمهور في النهاية يتحمل مخاطر المجازفين التي تفوق بأضعاف مخاطر النشاط الحقيقي . فبدلاً من أن تكون المشتقات وسيلة لحماية الجمهور من المخاطر صارت وسيلة لتحميله مخاطر تفوق بأضعاف ما كان يسعى لتجنبه من خلالها.
3- رأي الشريعة الإسلامية من المشتقات المالية :
التحوط كما سبق، يراد به تجنب المخاطر أو تحييدها قدر الإمكان. وهو بهذا المعنى لا يتنافى مع مقاصد التشريع الإسلامي التي اعتبرت حفظ المال من الضروريات . فالتحوط من حيث المبدأ لا غبار عليه، إنما الإشكال في الوسيلة المستخدمة لهذا الهدف. هل تؤدي لتحقيقه فعلاً أم إنها تؤدي الى نقيض ذلك ؟.
الشريعة الإسلامية لا تسمح بالمبادلات الصفرية لأنها بحسب طبيعتها تؤدي الى ربح احد الطرفين على حساب الآخر، فيكون أحد الطرفين قد انتفع بمال الآخر دون أن يحصل الآخر على شيء مقابل ذلك، وهذا هو أكل المال بالباطل الممنوع بالنص والإجماع.
كما أن المشتقات تناقض أيضاً مبدأ حفظ المال والوقاية من المخاطر الذي يفترض أن تكون وسيلة لتحقيقه . ولو فرضنا أن المشتقات تحقق الأمان لأحد الطرفين، فهذا إنما يحصل من خلال نقل المخاطر الى الطرف المقابل . فإن كان الأول يتجنب المخاطر، فالثاني يتعرض لها قصداً واختياراً وهو أمر غير مقبول شرعاً.
أيضاً الشريعة الإسلامية منعت الدين بالدين أو الكالئ بالكالئ، إذ أن التبادل لا بد أن يكون مقصوده الانتفاع الحقيقي بالسلع محل التبادل .
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|