المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
أنـواع اتـجاهـات المـستهـلك
2024-11-28
المحرر العلمي
2024-11-28
المحرر في الصحافة المتخصصة
2024-11-28
مـراحل تكويـن اتجاهات المـستهـلك
2024-11-28
عوامـل تكويـن اتـجاهات المـستهـلك
2024-11-28
وسـائـل قـيـاس اتـجاهـات المستهلـك
2024-11-28

الوزارة في أيام المهتدي بالله
10-10-2017
علامة البلوغ في نظر الشرع
4-6-2019
Conjugation
27-11-2018
أذريون مخزني، كحلة Calendula officinalis
26-8-2019
Radioactive isotopes of the group 15 elements
15-2-2018
William Brash
19-6-2017


بذاءة الاطفال  
  
1368   08:04 صباحاً   التاريخ: 8/12/2022
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : الأسرة والطفل المشاكس
الجزء والصفحة : ص211ــ219
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-7-2018 1993
التاريخ: 15/10/2022 1560
التاريخ: 2023-02-15 1190
التاريخ: 1-10-2021 2472

من جملة المسائل التي تتعرض لها الاسرة هي الكلمات البذيئة التي تصدر من الطفل، وكثيراً ما يشعر الأب أو الأم بالحرج من جراء تفوهه بكلمات بذيئة امام الآخرين. فهو قد يتلفظ بمثل هذه الكلمات في كل مجلس دون تمييز بين القريب والغريب بمجرد ان يرى شيئاً يجري خلافاً لإرادته، وقد يقترن ذلك بالبكاء أيضاً مما يتسبب في ازعاج الآخرين وسلب راحتهم. اما الجذور الاساسية لمثل هذا التصرف، والتي سنشير إليها ضمن بحثنا هذا، فهي متباينة وتنم عن سوء الوضع التربوي والأخلاقي للطفل، وتسبب الخجل للوالدين والمربين. ولهذا يبدو من الضروري المسارعة لايجاد حل لها واجتثاثها من سلوك الطفل.

سلوك مثل هؤلاء الاطفال 

يتسم الطفل البذيء في كلامه بانعدام الصبر وقلة التحمل والحساسية المفرطة وسرعة الاستثارة والانهيار لأدنى سبب، والمبادرة الى افراغ ما في جعبته على شكل سُباب وشتائم. وفي الظروف الطبيعية يخفي مثل هذا الطفل مشاعره العدائية الا انه عندما تنفد طاقته يزيح عن وجهه قناع الحياء ويفصح كما شاء عما يكن في نفسه.

وطفل كهذا لا يظهر سلوكه في جميع الحالات على صورة سباب بل ويعمد عند الاستطاعة الى تعجيز خصمه وارغامه على الخضوع لرأيه. واذا ما حانت له الفرصة يهاجم ويضرب ليكون بعدها في راحة وسكينة، ولكن اذا حالت دون ذلك الظروف تراه يلجأ الى الشتائم والكلام االفاحش.

وفي بعض الحالات تنتابه نوبة من الغضب فيركل الارض برجله ويصرخ ويشتم نفسه والآخرين بصوت مرتفع. وهو على كل الاحوال لايتمتع بوضع طبيعي من حيث الهدوء والاستقرار.

الطفل واستعمال الالفاظ

ان طبيعة البحث تتطلب منا تسليط المزيد من الضوء على بعض أبعاده، ولهذا فاننا نلقي في ما يلي نظرة على مستوى معلومات الطفل ومدى معرفته بمداليل الكلمات والالفاظ المتداولة.

من المسلمات ان الطفل في مطلع أمره عاجز عن الكلام الا انه وبالتزامن مع نموه يسمع شيئا فشيئا بعض الكلمات من ابويه فيتكون في ذهنه مفهوماً اجمالياً عنها. وخلال السنة الاولى من عمره يصبح الطفل قادراً على فهم الكثير من معاني الكلمات من خلال الاصوات التي تصدر عن ابويه والاشخاص المحيطين الا انه يبقى عاجزاً عن الافصاح عنها، وعندما يبدأ بالنطق يقوم بتلفظ بعض الكلمات بشكل متقطع. وبعد هذه المرحلة، أي عند حوالي سن الثالثة من عمره يبدأ باصطياد الكلمات والمصطلحات.

يقترن تعلم الكلمات في بعض الاحوال بنوع من التأثير والاثارة التي تتركها هذه الكلمات حين استعمالها على السامع، ويطلع من خلال ذلك على حسن وقبح الكثير من المفاهيم فيجعل منها سلاحاً يشهره في سبيل بلوغ مقاصده وتحقيق مطاليبه.

وخلال الاستخدام المتكرر للكلمات يدرك الطفل تدريجياً ما هي الكلمات التي تترك تأثيرات سلبية، الكلمات التي تسر السامعين، وما هي الكلمات التي يستخدمها ليلفت اليه نظر أبويه، والكلمات التي يستثير بها حفيظتهما .

عدم الاطلاع التام

ومع هذا فهو ليس على تلك الدرجة من النضج بحيث يدرك كل معاني الكلمات، فقد يستخدم كلمة لايعرف معناها ويستشف حسنها وقبحها من خلال مواقف الوالدين منها وردود افعالهما، ويخطط على اساس ذلك لحياته المقبلة.

ومعنى هذا ان حساسية الوالدين والمحيطين تعتبر بالنسبة للطفل بمثابة المؤشر الذي يدرك من ورائه ما ينبغي له علمه. وهذا ما يتيح المجال للوالدين والمربين لاستخدام نفس هذه المسألة في معالجة هذا السلوك وذلك من خلال التظاهر بعدم بداء أي نوع من التأثر أو الحساسية ازاء الكلمات التي يتفوه بها لأن هذا الاسلوب يرغم الطفل على تناسي تلك الكلمات او تركها. وسيأتي بيان ذلك في موضع آخر. أما ما يجب التركيز عليه في هذا الموضع فهو ضرورة التفات الابوين الى اقوالهما وافعالهما لأنها تمثل بالنسبة للطفل درساً مؤثراً بحكم كونها من اغنى المصادر التربوية والتعليمية التي يستمد منها معلوماته.

هدف البذاءة

وهنا تبدو لنا هذه المسألة جديرة بالذكر وهي لماذا تصدر البذاءة من الطفل؟ ولماذا يشتم الآخرين ومنهم ابواه واخته واخوه ولماذا تتفاقم هذه الظاهرة أحياناً حتى تطاله هو شخصياً أي أنه لايعفي منها احداً حتى نفسه؟

ان دراسة نمط التفكير الذي يحكم سلوك مثل هؤلاء الاشخاص تظهر لنا جملة من النقاط التي يمكن من خلالها التعرف على بعض مقاصد الطفل واهدافه من هذا التصرف، ونشير في ما يلي الى نماذج منها.

١ -البغض: تظهر التجارب ان احد اسباب البذاءة الصادرة من الاطفال هو البغض والخصام, فكما ذكرنا سابقاً أي فيما لو كانت لدى الطفل قدرة التصدي لمن يعلم منه البغضاء فهو لا يتورع عن مواجهته بالضرب والعنف، الا انه حينما يفتقد مثل هذه القدرة يلجأ الى التعبير عن بغضه باستخدام السباب والشتائم والكلام البذيء.

الطفل يسمع هذه الالفاظ النابية من الآخرين وقد لايفقه معناها لكنه يعلم انها اذا قيلت للآخرين تثير غضبهم وعلى هذا الاساس يستخدم هذه الكلمة السيئة انطلاقاً مما تحمله من معان مؤذية.

٢ -التعبير عن الغضب: تعتري الطفل حالة من الغضب احياناً عند سماعه لكلام أو رأي أو حين رؤيته لموقف ما ولايرى سبيلاً يعبر به عن غضبه سوى التلفظ بالكلام البذيء. وهذا التصرف يختلف عن موضوع العداوة ذات الابعاد المسبقة والكراهية القديمة، بينما لا تمثل هنا الا ظاهرة فورية ودفاعية.

يتميز مثل هؤلاء الاطفال بالكتمان واخفاء الكلمات والتعابير النابية الى ان يحين موعدها المناسب. فاذا تمكن من خصمه اثناء فورة الغضب عضه وضربه واذا لم يتمكن منه شتمه.

٣ ـ الاحتقار والسخرية: يلاحظ أحياناً ان أب الطفل أو أمه يثنون على طفل اخر ويحمدون خصاله، ومن طبيعة الطفل انه يعتبر مثل هذه الثناء نوعا من الاهانة له، ولا يرى في مدح سواه الا احتقاراً لشخصيته. ولهذا السبب نراه يركن الى احد الزوايا ويكثر من شتم الشخص المذكور. أو قد يقوم الأب أو الأم بمكاشفته بمحاسن الطفل الآخر، فيأخذ هو بشتمه حتى في حالة غيابه ويستعمل في ذلك أقذع الالفاظ والشتائم لغرض النيل منه وتحطيم شخصيته.

كما ونلاحظ أيضاً أن التلاميذ الكسالى يصوغون مختلف التعبيرات التي يؤذون بها التلاميذ الأذكياء ويسخرون منهم أيضاً، والغرض النهائي هو تسكين الانفعال الداخلي الشديد في نفوسهم.

٤ -الانتقام: وقد يكون هدف الكلام البذيء في بعض الموارد هو الانتقام. فاذا تعرض الطفل للضرب من قبل ابيه مثلاً قد لا يجرؤ على مقالته بالمثل، ولايمكنه فعل شيء سوى البكاء والأنين، ولكن ما ان يخرج الأب من البيت حتى يتحول الى اسد على امه ويبدأ باطلاق الشتائم واللعنات عليه انتقاماً مما لقيه منه. وهكذا الحال أيضاً بالنسبة للطفل الذي يلقى العقوبة من المعلم أو المدير.

4- التنفيس عن العقد: ان الطفل الذي يستشعر الحرمان في حياته، كأن يكون مثلاً قد عجز عن الفوز في مسابقة، أو تعرض للاحتقار بين الآخرين ولم تكن له قدرة الدفاع عن نفسه، او ان وضعه العام لايتيح له مجاراة الآخرين، يحاول التعويض عن ذلك باستخدام العبارات النابية. أو أنه حينما يعجز عن التغلب على المعاناة المتواصلة التي يقع فيها يضطر لاستخدام الكلمات البذئية لكي ينفس عن معاناته.

٦ -الضغط على الآخرين واخضاعهم: الطفل يدرك عادة الوضع الذي يعيشه أبويه ويعلم مدى مكانتهما بين الآخرين. وحينما تكون لديه مطاليب يحاول طرحها أمامهم واذا رأى انها لاتلبى يعمد الى الضغط والكلمات القبيحة لغرض تلبية مطاليبه.

أي ان الكلمات البذيئة تستخدم من قبل الطفل في بعض الحالات كأداة للضغط على الآخرين، واخضاعهم؛ فهو يريد من خلال التفوه بهذه الكلمات ارغام المقابل على تنفيذ رأيه.

٧ -الاختبار: في بعض الحالات يحاول الطفل اختبار والديه ليرى مدى حساسية كل واحد منهما، وما هي الامور التي تثيرهما. فيبادر عن قصد للتلفظ ببعض الكلمات النابية ليغضبهما واذا نجح في مسعاه يظل يتخذ من هذا الاسلوب سلاحاً يشهره وقت الحاجة.

٨ -الشغب وسوء الاخلاق: واخيراً قد تحيط بالطفل ظروف يلمس فيها انعدام الأمن ويشعر بالخوف من امر مبهم فيندفع لاشعورياً نحو توفير مستلزمات الأمن لنفسه، ولهذا يأتي بالكلمات والافعال التي من شأنها اثارة غضب الآخرين من اجل وضع حد للقلق الذي يعاني منه. وهو يعكس في حقيقية امره المقولة الشائعة «جلده يحكه» لأنه يسعى من خلال الكناية والاستخفاف بوالديه والتلفظ بالكلمات القبيحة اثارة غضبهما ليقوم احدهما اليه ويشبعه ضرباً، فيشعر من بعدها بالراحة.

مواضع الاستعمال

وبناء على هذه الحالة التي صورناها تتبين لنا المواضع التي يحاول فيها الطفل استخدام الكلمات النابية لتحقيق اهدافه. الا ان ما تم التركيز عليه يختص بالغايات والمطاليب التي يستغلها لمثل هذه الكلمات، اما في ما يلي فسيكون التركيز على الموارد والحالات التي يستخدم فيها الطفل كلامه القبيح.

يتبين من خلال الدراسات ان مواضع استعمال الكلمات القبيحة اكثر ما تكون في الحالات والظروف التالية، وعلى اولياء الامور الحد جهد الامكان من حصول مثل هذه الظروف، والمواضع هي:

١ -عدم القدرة على بلوغ الهدف: يركز الطفل كل جهوده احياناً لتوفير المستلزمات الأولية لبلوغ هدف يصبوا إليه الا ان الظروف تحول دون ذلك فيظل محروماً منه، وتراه يضطر في مثل هذه الحالة الى افراغ كل ما لديه من شتائم وكلام قبيح، لينفس عن عقدته.

قد يكون الهدف الذي يسعى نحوه الطفل كبيراً في نفسه بحيث يكون على استعداد للبذل في سبيله، ولكن حينما يتعسر عليه بلوغه يصير تافهاً في نفسه الى درجة انه يصب عليه كل الشتائم واللعنات.

٢ -مواجهة الموانع والمعوقات: وهذه أيضاً حالة أخرى من حالات الاخفاق في بلوغ الهدف، فالطفل الذي يخصر عليه تناول الحلوى أو أي شيء آخر يحبه، يسعى للتعبير عن استيائه بكل اسلوب ممكن، كالسخط والغضب وركل الارض برجليه ويحتمل أيضاً ان يسب ويشتم.

وربما لايخلو الأب أو الأم من التقصير في هذا المجال؛ فقد يصدر منهما ومن غير سبب وجيه ما يؤذي الطفل ويجعلون في طريقه بعض الموانع والمعوقات التي تؤديبه الى التضحية بعزة نفسه والاستهانة بشخصيته.

٣ -الشعور بانعدام الموازين: ان الشعور بضياع الموازين يجعل الطفل في حالة اضطراب وشعور بالضغط. والطفل الذي يعيش في ضياع وحيرة يشعر بالألم، وهذا ما يدفعه للتلفظ ببعض الكلمات المستهجنة لانه يرى في ذلك راحة لنفسه. وتتجلى مظاهر سوء سلوكه بضرب الأبواب وركل الارض برجله والتمرد والعصيان. وكذلك يرى وجوب ان يعاقب على بعض تصرفاته السيئة ولكنه حينما لايلقى العقوبة يبقى في وضع بعيد عن الاستقرار ويريد ان يتحدد موقفه بشكل قطعي وان يلقى العقوبة جزاء عصيانه، والا فانه يواصل شتائمه وكلماته البذيئة.

٤ -الشعور بالفشل: قد يلجأ الطفل الذي يتعرض لظروف الفشل والهزيمة الى انتهاج اسلوب الكلمات النابية ويكثر من البذاءة في القول على سبيل مواساة نفسه، فهناك الكثير من الناس الذين لم يحققوا أي امتياز في الحياة ولم ينجحوا في امر من الامور، وانما تعرضوا لظروف ذاقوا فيها طعم الفشل وشعروا باليأس، ومن البديهي ان لا يعيش مثال هؤلاء الاطفال حياة طبيعية، بل هم كثيرو التذمر والشتم، وكثيراً ما يلعنون الاخرين.

٥ -وجود الضغوط: هنالك إطفال يجدون انفسهم في مواجهة ضغوط هائلة وضربات قاتلة، وقد يعيشون ظروفاً تجعل الآخرين يلقون عليهم باللوم والتقريع باستمرار اضافة الى ما يحيط بهم من مصاعب. ومما يزيد الطين بلة التشدد المتزايد من قبل الابوين بحيث يبدو وكأنهم لا يستطيعون التحرك الا باذنهما، ومن الطبيعي ان لايجد مثل هؤلاء الاطفال امامهم من سبيل لتخفيف وطأة الضغوط لا من خلال المجابهة التي لا تتيسر لهم على الدوام، أو عن طريق الشتائم واللعنات الخفية والمعلنة.

٦ -التهريج: الكلام البذيء الذي يصدر من الطفل له في بعض الأحيان دوافع من التهريج واثارة ضحك الآخرين لتكون له وجهة مقبولة عندهم.

تنبثق اسس هذه الظاهرة منذ وقت الطفولة المبكرة حينما يتلفظ الطفل وهو لايزال صغيراً ببعض الكلمات البذيئة فيثير استحسان الأبوين والمحيطين به بسبب جذابية كلامه ويلقى منهم التشجيع. وحينما يلمس الطفل طعم النجاح من جراء هذا الفعل ولا يستطيع بعد ذلك ان يتركه أو يكف عنه. ولغرض الشعور بمزيد من النجاح والحصول على تشجيع اكثر حرارة نراه يكرر ذلك التهريج في مواضع أخرى. ومن الطبيعي انه يصبح لاحقاً في وضع يكون قد كبر ولم تعد تلك الكلمات قبيحة بالنسبة له، هذا من جهة، ومن جهة اخرى لايمكنه ترك هذه العادة بسهولة. وبهذا يكون الوالدان والمحيطون هم السبب في ايجاد مثل هذا التصرف الطفولي الشاذ.

7ـ الوصول إلى طريق مغلق: قد يجد الطفل نفسه في بعض الظروف وقد انسدت جميع طرق الخلاص بوجهه ولم يعد امامه من مفر سوى سبيل الشتم والكلام القبيح، اذ يجد فيه المهرب الوحيد من حيرته وهو الاسلوب الوحيد الذي يعيد إليه الاستقرار والسكينة.

يصدق هذا الامر على الكبار أيضاً؛ فالإنسان يدافع عن نفسه ما وجد الى ذلك سبيلاً. ولكن حينما تضيق به سبل الدفاع لهذا السبب او ذاك تراه يتخذ أساليب أخرى ومنها اسلوب الشتم. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.