أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-6-2016
4528
التاريخ: 2023-09-20
1880
التاريخ: 3-8-2022
2800
التاريخ: 28-6-2020
4398
|
أولى الإسلام إهتماماً كافياً بشؤون المجتمع البشري، فأوصى بالبذل والعطاء كثيراً كي يحكم بذلك أسس المودة والرحمة بين الأغنياء والفقراء، وكذلك كره إلى الناس البخل واللؤم بشدة متناهية.
إن الإسلام أقر وعمق أصول المحبة والوداد في المجتمع المسلم بتربية العواطف الإنسانية وتقوية روح التعاون والمساعدة بينهم، ولم يأذن لمسلم غني ثري أن يغفل عن أحوال الفقراء منهم، أو أن يميل إلى جانب صفة اللؤم والخسة، إذ أن البخل واللؤم يمهد لهم أن يبخلوا عما خصص الإسلام من الحقوق في ثرواتهم للمحرومين من المسلمين.
يصرح القرآن الكريم بهذه الحقيقة إذ يقول: {وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[آل عمران: 180].
يجب على المسلمين أن يتقيدوا بأصول المودة والمحبة والمواساة وأن يشيدوا حياتهم على أساس العون والمساعدة بينهم، وأن تزخر قلوبهم بالعواطف والإحساسات. وحيث أن البخل واللؤم يحطمان العواطف فقد حاربهما الإسلام بشدة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (ما محق الإسلام محق الشح شيء)(1).
إن البخل صفة ذميمة تسلب صاحبها راحته وهناءه وتجعل روحه في عذاب وألم.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (أقل الناس راحة البخيل)(2).
ويقول أحد علماء الغرب: (أن الشخص الذي يفقد المحبة وينشدها - ولو لا شعورياً - يلوم نفسه غالباً ولا يرضى عنها. ولهذا ترى أكثرنا يتحسرون على حياة الآخرين ويشعرون ببخل شديد على غيرهم، ولا ينحصر هذا في الفقراء بالنسبة إلى الأغنياء ولا العكس، بل كل أحد منا مهما كان من حيث الفقر أو الغنى حينما يشاهد حياة غيره يجد منها مستمسكاً يحسبه شاهداً على سعادته وبؤس نفسه، مثلا صاحب البيت والمقام والزوجة والأولاد والأعزاء يبخل بمثلها على غيره الذي ليس له من هذه الأمور بمقدار ما لهذا ويجد من ملابسه مثلا شاهداً على أفضلية حالته على حال نفسه فيقول إن لم يك هو أسعد مني فلماذا يلبس ملابس أفضل وأجمل من ملابسي؟ أو يقول: فلماذا بقي شاباً وأنا قد ظهرت في علائم الشيب؟، وإذا لم يكن له أي شيء من هذا يحسده ويقول ما أسعده إذ لا يحيط به ما يحيط بي من ثقل العيال والأولاد والأملاك والمقام ومشاكلها، وهكذا يضع فاقد المحبة وناشدها لنفسه من هذه الأمور مستمسكاً يحسبه دليلاً على بؤسه وسعادة الآخرين، وهكذا يلوم نفسه وحظه ويحقرها ويتألم من حقارتها الموهومة، ويحسد الآخرين ويبخل عليهم بشرفهم)(3).
ويسأل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، من ربه الرحمة لأولئك الذين لا يحبون المال للمال بل ينفقون ما زاد عن حاجاتهم إلى المعوزين إذ يقول: (رحم الله امرءاً أمسك الفضل من قوله، وأنفق الفضل من ماله)(4).
وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (اتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم وحملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم)(5).
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (عجبت للشقي البخيل يتعجل الفقر الذي منه هرب، ويفوته الغنى الذي إياه طلب، فيعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء)(6).
ويقول العالم الانجليزي آويبوري: (بعض الناس أثرياء في الظاهر فقراء في الواقع، يملكون أموالاً ولا يتمكنون من صرفها حتى على أنفسهم. أصبحت أموالهم كسلسلة من الذهب في رقابهم ولا يحصلون منها إلا على العذاب والألم والتعب والعناء. وهنا يصبح المال وبالاً والثروة نكبة ونكسة)(7).
إن البخل صفة ذميمة من يصاب بها يتذمر منه حتى أولاده كما قال أمير المؤمنين (عليه السلام): (جود الرجل يحببه إلى أضداده، وبخله يبغضه إلى أولاده)(8).
وقال (عليه السلام) أيضاً: (على الشك وقلة الثقة مبنى الحرص والبخل)(9).
ويقول الدكتور فارمر: (إن صفتي السخاء والثقة بالنفس الناشئتين من الإطمئنان والإعتماد على النفس والغير، حينما تتحدان تكملان الأخلاق الاجتماعية وتوجبان التمتع الكامل بالحياة الإجتماعية واللذة منها، والعكس صحيح أيضاً، فما لم تتحد هاتان الصفتان لا تكتمل فينا الأخلاق الإجتماعية ولا نتمتع من المجتمع تمتعاً كاملاً)(10).
ويشرح لنا الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، قيمة صفة السخاء فيقول: (السخي الحسن الخلق في كنف الله لا يستخلي الله منه حتى يدخله الجنة، وما بعث الله ـ عز وجل ـ نبياً ولا وصياً إلا سخياً، وما كان أحد من الصالحين إلا سخياً. وما زال ابي يوصيني بالسخاء حتى مضى)(11).
بينما كان علي (عليه السلام) يحارب في ساحة الجهاد، بارزه رجل وسأله سيفه، فناوله علي (عليه السلام)، سيفه فوراً فتعجب الرجل من علو همته (عليه السلام) وقال له: (إن البخيل بحاجة ماسة إلى هداية فكرية، وإذا حرم منها فإنه سيبقى في حضيض المادية والتعاسة والبؤس والشقاء).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ نهج الفصاحة: ص549.
2ـ نفس المصدر: ص81.
3ـ عن الفارسية: روانكاوي.
4ـ نهج الفصاحة: ص81.
5ـ المصدر السابق: ص8.
6ـ غرر الحكم: ص497.
7ـ عن الترجمة الفارسية: درآغوش خوشبختي.
8ـ غرر الحكم: ص368.
9ـ المصدر السابق: ص488.
10ـ عن الفارسية: راز خوشبختي.
11ـ الفروع من الكافي: ج4، ص38.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يصدرُ مجموعةَ أبحاثٍ علميَّةٍ محكَّمةٍ في مجلَّة الذِّكرِ
|
|
|