أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-18
569
التاريخ: 2023-03-23
1497
التاريخ: 19-7-2016
1664
التاريخ: 19-7-2016
1997
|
اليقين أن يرى (الإنسان) الأشياء كلها بقضها وقضيضها من مسبب الأسباب ومالك الرقاب، ولا يلتفت إلى الوسائط بل يرى الوسائط كلها مسخرة لأمر الله وحكمه، وإذا علم ذلك وتحقق ما هنالك حصل له الوثوق بضمان الله للرزق فيقطع طمع قلبه عما في أيدي الناس، ويعلم أن ما قدر له سيساق إليه ثم أن يغلب على قلبه أن {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } [الزلزلة: 7، 8]، ثم المعرفة بأنّ الله مطلع عليه في كل حال عالم بسرائره وخبير بضمائره، ومشاهد لهواجس (1) ضميره وخفايا خواطره، فيكون متأدباً في جميع أحواله وأعماله مع الله تعالى، ويعبد الله كأنه يراه ويعلم بأنه يراه (2)، وتكون مبالغته في عمارة باطنه وتطهيره وتزيينه لعين الله الكالئة (3) اشد من مبالغته في تزيين ظاهره لسائر الناس (4).
وفي مصباح الشريعة: قال الصادق عليه السلام: اليقين يوصل العبد إلى كل حال سنيٍّ ومقام عجيب، كذلك أخبر رسول الله عن عظم شأن اليقين حين ذكر عنده أن عيسى بن مريم عليه السلام كان يمشي على الماء، فقال: لو زاد يقينه لمشى في الهواء، فدل بهذا على أن الأنبياء مع جلالة محلهم من الله كانوا يتفاضلون على حقيقة اليقين لا غير، ولا نهاية لزيادة اليقين على الأبد.
والمؤمنون أيضاً متفاوتون في قوة اليقين وضعفه: فمن قوي منهم يقينه فعلامته التبري من الحول والقوة إلا بالله، والاستقامة على أمر الله، وعبادته ظاهراً وباطناً، قد استوت عنده حالتا العدم والوجود والزيادة والنقصان والمدح والذم والعز والذل، لأنه يرى كلها من عين واحدة.
ومن ضعف يقينه تعلق بالأسباب، ورخص لنفسه بذلك، واتبع العادات وأقاويل الناس لغير حقيقة، والسعي في أمور الدنيا وجمعها وإمساكها مقراً باللسان أنه لا مانع ولا معطي إلا الله، وأن العبد لا يصيبه إلا ما رزق وقسم له، والجهد لا يزيد في الرزق وينكر ذلك بفعله وقلبه (5)، قال الله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} [آل عمران: 167].
وإنما عطف الله لعباده حيث أذن لهم في الكسب والحركات في باب العيش ما لم يتعدوا حدوده ولا يتركوا من فرائضه وسنن نبيه في جميع حركاتهم ولا يعدلوا عن محجة التوكل ولا يقفوا في ميدان الحرص، وأما إذا أبوا ذلك فارتبطوا بخلاف ما حدّ لهم كانوا من الهالكين الذين ليس معهم في الحاصل إلا الدعاوى الكاذبة.
وكل مكتسب لا يكون متوكلاً فلا يستجلب من كسبه إلى نفسه إلا حراماً وشبهة، وعلامته أن يؤثر ما يحصل من كسبه ويجوع وينفق في سبيل الدين ولا يمسك، والمأذون بالكسب من كان بنفسه مكتسباً وبقلبه متوكلاً، وإن كثر المال عنده قام فيه كالأمين عالماً بأن كون ذلك وفوته سواء، وإن أمسك أمسك لله وإن أنفق أنفق فيما أمره الله عزّ وجل، ويكون منعه وعطاؤه في الله (6).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الهجس: أن يحدث نفسه في صدره مثل الوسواس. وهجس في صدري شيء يهجس، أي: حدس.
تاج العروس، الزبيدي: 4/271، مادة "الهجس".
(2) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في وصية له لأبي ذر: ((يا أبا ذر أعبد الله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه عزّ وجل يراك)).
الأمالي، الطوسي: 526، المجلس 19.
(3) كلأه يكلؤه كلأ وكلاء وكلاءة، بالكسر: حرسه وحفظه
لسان العرب، ابن منظور: 1/ 146، مادة "كلأ".
(4) انظر: الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 193، الباب الخامس في اليقين والتوكل، الفصل الأول عظم شأن اليقين ودرجاته.
(5) انظر: الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 193 ــ 194، الباب الخامس في اليقين والتوكل، الفصل الأول عظم شأن اليقين ودرجاته.
(6) انظر: مصباح الشريعة، الإمام الصادق عليه السلام: 177 ــ 179، الباب الرابع والثمانون في اليقين.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|