أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-4-2016
2942
التاريخ: 25-8-2022
1587
التاريخ: 25-11-2020
1998
التاريخ: 18-4-2016
1961
|
تعريف الصحة النفسية
المؤلف: د. محمد أيوب شحيمي
الكتاب: مشاكل الاطفال...! كيف نفهمها؟ (ص263 ـ 266)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يرتبط مفهوم الصحة النفسية في أذهان الناس، بأنه الخلو من الأمراض النفسية والعقلية، والانحرافات السلوكية الشاذة. وهذا في الواقع تحديد ضيق وغير كافٍ للصحة النفسية، فهي بالمعنى المطلق أمر نادر، وكما أن الخلو من المرض الجسدي لا يعني تمتع الشخص بالصحة التامة، مئة بالمئة، فكذلك لا يمكن أن يعتبر الخلو من بعض الأمراض النفسية والعقلية والسلوكية دليلاً كافياً على الصحة النفسية السليمة.
هناك معايير يجب أن تؤخذ بالاعتبار عند حكمنا على الصحة النفسية، وهي: مدى النضج الانفعالي، والاجتماعي للفرد، ومدى توافقه مع نفسه ومع المجتمع، ومعرفته التامة لنفسه، ما يستطيعه وما لا يستطيعه، وتقدير نفسه حق قدرها، دون المبالغة في ذلك، أو الشعور بالدونية والنقص. كذلك النجاح في الحياة الاجتماعية والأسرية، والمقدرة على تحمل المسؤولية، والتحلي بالشجاعة الأدبية ومواجهة الظروف بحكمة ورباطة جأش دون اضطراب أو خوف أو انهزام مع الصلابة والثبات في الموقف. وأن يكون له وجهات نظر ثابتة يؤمن بها هذا الشخص ويدافع عنها، ويحاور بروح رياضية وبموضوعية.
(والصحة النفسية في جوهرها مسألة نسبية وليست مطلقة، فالفرد السوي يخاف ويشك ويثور، ويغضب وينفعل ويفرح ويحزن، والتكيف المطلق أمر لا يمكن تحقيقه)(1)، والانسان الممتع بالصحة النفسية هو الإنسان المتكيف مع الواقع، وعملية التكيف عملية مستمرة. وهي ضرورية للمحافظة على الصحة النفسية وتقوية الوظائف الفعلية ليستطيع الفرد مجابهة مصاعب الحياة.
أما معنى الصحة النفسية فيمكن أن يشار إليه (بأنه التوافق التام والتكامل بين الوظائف النفسية المختلفة مع القدرة على مواجهة الأزمات النفسية العادية التي تطرأ عادة على الإنسان مع الإحساس الإيجابي بالسعادة)(2)، فالصحة النفسية لا تعني الخلو من الأمراض فقط بل هي في مواجهة الأزمات الشديدة والصعبة مع الشعور الإيجابي الواعي بالكفاية. ويتداخل مفهوم الصحة النفسية مع التوافق إذ ليس هناك فاصل يفصل بينهما، والفرق بينهما ليس سوى الفرق بالدرجة.
ويرى علماء آخرون أن الصحة النفسية: (حالة دينامية تبدو في قدرة الفرد على التوافق المرن الذي يناسب الموقف الذي يمر به أو يخبره)(3).
ويمكن القول أن الصحة النفسية هي التوافق التام مع الذات، ومع المجتمع، وهذا في نظرنا أمر على درجة من الصعوبة، لأنه ليس هناك من إنسان يستطيع تجنب الوقوع في الخطأ مع الآخرين، وحتى مع ذاته، فكم مرة من المرات نسيء فيها تقدير ذواتنا أو نتصرف تماماً كالمصابين بأمراض نفسية أو عقلية، وذلك تحت تأثير الانفعال الشديد. هذا كله يطرح مسألة نسبية الصحة النفسية، ثم إن اختلافات السلوك من مجتمع إلى آخر، تجعل من السلوك السوي في بلد ما سلوكاً شاذاً في بلد آخر، وذلك يعود بنا إلى ارتباط الصحة النفسية بالزمان والمكان أو البيئة الاجتماعية، أو لم تكن هناك عادات
وتقاليد محترمة ومرموقة، وذات دلالة على القيم الرفيعة الممتازة وأصحابها يوسمون بأنهم من نخبة وأفاضل القوم، يوصفون اليوم بالرجعيين والتقليديين والمتأخرين، وما شابه من النعوت الظالمة القاسية.
والمشتغلين في علم النفس الإكلينيكي (كثيراً ما يطلقون المصطلحين، صحة عقلية، وصحة نفسية للدلالة على قدرة الفرد على التكيف مع نفسه ومع البيئة التي يعيش فيها)(4).
وسلوك الإنسان مرتبط كل الارتباط بتكوينه النفسي، من أجل ذلك تلعب المعرفة السيكولوجية دوراً هاماً في تفهم شتى نواحي النشاط الإنساني. وبهذه المعرفة يتوصل الإنسان إلى فهم نفسه وفهم الآخرين مما يسهل عملية التفاعل الاجتماعي معهم. والحقيقة أن كل شخص يتميز بالقدرة على السيطرة على العوامل المؤدية إلى الإحباط أو اليأس أو الهزيمة، ويصمد أمام الصراع العنيف، يمكن وصفه بأنه إنسان سوي ويتمتع بصحة نفسية ممتازة. فالتكيف والتوافق النفسي يهدف دائماً إلى تماسك الشخصية ووحدتها، وتقبل الفرد لذاته، وتقبل الآخرين له، بحيث يترتب على هذا كله شعور بالسعادة والراحة النفسية.
ومن طريف ما كتب حول هذا الموضوع خاطرة حول مفهوم الصحة النفسية يقول فيها كاتبها: (أوليس من الأولى أن ينصب الاهتمام على الرغيف وإيجاد فرص العمل، والاهتمام بفتح مدارس للأطفال، بدل البحث في هذه الأمور الكمالية المسماة في علم النفس بالصحة النفسية!، ثم يسترسل الكاتب إلى الحد الذي يظهر فيه عدم اقتناعه بهذه التحليلات وبعلم النفس عامة جملة وتفصيلاً)، وبالتعليق على هذه الخاطرة نشير إلى أن صاحبها محق في مطالبته بأن ترتفع الأصوات من أجل المسألة الاقتصادية ومن أجل الرغيف وفرص العمل، لكن لا يمكن بحال من الأحوال الاستخفاف بالمسائل النفسية.
وما يجب أن يعرفه الجميع، أن الجيل السليم نفسياً، هو القادر على العطاء والإنتاج ولا يمكن أن يقال العكس، فلو وفرت جميع الإمكانيات وخسرنا الصحة النفسية لضاع كل شيء، فالعناية بالصحة النفسية أمر وطني واجتماعي وإنساني، بالإضافة إلى كونه عملاً اقتصادياً وإنتاجياً وتنموياً. والجيل المتمتع بالصحة النفسية التامة هو الجيل القادر على التعاطي مع التكنولوجيا، ومع وسائل الإنتاج المعقدة، والصناعات الحديثة والمتطورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ عبد الرحمن العيسوي، علم النفس ومشكلات الفرد، ص 333.
2ـ المصدر السابق، ص 332.
3ـ د. عباس محمود عوض، الموجز في الصحة النفسية، ص 3.
4ـ د. مصطفى فهمي، الإنسان وصحته النفسية، ص 9.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|