المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9100 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الروايات الفقهيّة من كتاب علي (عليه السلام) / حرمة الربا.
2024-11-06
تربية الماشية في ألمانيا
2024-11-06
أنواع الشهادة
2024-11-06
كيفية تقسم الخمس
2024-11-06
إجراءات الاستعانة بالخبير
2024-11-06
آثار رأي الخبير
2024-11-06



الجهاد الفكري والعلمي للإمام السجاد "عليه السّلام"  
  
1276   06:47 مساءً   التاريخ: 12/10/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 6، ص113-117
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن الحسين السجّاد / التراث السجّاديّ الشريف /

من المعلوم أنّ الفكر السليم هو أحد مقوّمات كلّ حركة سياسية صحيحة ، فتثقيف الجماهير وتوعيتها لتكون على علم بما يجري عليها وحواليها وما يجب لها وعليها من حقوق وواجبات هو الركيزة الأولى لصدّ الأنظمة الحاكمة الفاسدة التي تسعى على طول التأريخ في إبعاد الناس عن الحقّ والتعاليم الأصيلة .

وقد قام الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) بأداء دور مهمّ في هذا الميدان ، حيث تصدّى للوقوف بوجه المنع السلطوي لرواية الحديث[1] فأمر برواية الحديث وحثّ على ذلك ، وكان يطبّق السنّة ويدعو إلى تطبيقها والعمل بها ، وقد روي عنه قوله ( عليه السّلام ) : إنّ أفضل الأعمال ما عمل بالسنّة وإن قلّ[2].

وفي الظروف التي عاشها الإمام ( عليه السّلام ) - حيث كان الحكّام بصدد اجتثاث الحقّ من جذوره وأصوله والذي تمثّل في حفظة القرآن ومفسّريه - كانت الدعوة إلى الاعتصام بالقرآن من أهم الواجبات آنذاك ، ولقد قام الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) بجهد وافر في هذا المجال .

قال ( عليه السّلام ) : « عليك بالقرآن ، فإنّ اللّه خلق الجنّة بيده لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وجعل ملاطها المسك وترابها الزعفران وحصاها اللؤلؤ ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن ، فمن قرأ منها قال له : إقرأ وارق ، ومن دخل الجنّة لم يكن في الجنّة أعلى درجة منه ، ما خلا النبيّين والصدّيقين »[3]. وكان يقول : « لو مات من بين المشرق والمغرب ما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي »[4].

كما كان يسعى في تمجيد القرآن عمليا وبأشكال مختلفة ، وكان أحسن الناس صوتا بالقرآن[5] ، كما كان يرشد الامّة من خلال تفسيره للقرآن الكريم[6].

وبذل الإمام ( عليه السّلام ) جهودا جبّارة لتثبيت قواعد التوحيد الإلهي وتشييد أركانه عبر الاستدلال على ذلك بما يوافق الفطرة والعقل السليمين ، والردّ على الأفكار المنحرفة التي غذّاها الحكّام - مثل فكرة الجبر الإلهي - بهدف التمكّن من السلطة والسيطرة التامة على مصير الناس والهيمنة على الأفكار بعد السيطرة على الأفواه والأجسام ، وقد ذكرنا أنّ الإمام ( عليه السّلام ) قال لابن زياد الذي أراد أن ينسب قتل عليّ بن الحسين إلى اللّه : « إنّ اللّه يتوفّى الأنفس حين موتها » ، فالإمام تحدّى الحاكم في مجلسه حين ردّ على الانحراف العقائدي بتلك الصراحة ، وبيّن الفرق بين التوفّي للأنفس واسترجاعها - الذي نسبه القرآن إلى اللّه تعالى حين حلول الأجل والموت حتف الأنف - وبين القتل الذي هو إزهاق الروح من قبل القاتل قبل حلول الموت المذكور .

وفي جوابه ( عليه السّلام ) عن سؤال : أبقدر يصيب الناس ما أصابهم أم بعمل ؟

قال ( عليه السّلام ) : « إنّ القدر والعمل بمنزلة الروح والجسد . . . وللّه فيه العون لعباده الصالحين » ، ثمّ قال ( عليه السّلام ) : « ألا من أجور الناس من رأى جوره عدلا ، وعدل المهتدي جورا »[7].

وهكذا تصدّى الإمام ( عليه السّلام ) لعقيدة التشبيه والتجسيم[8] ، وفكرة الإرجاء[9].

وعلى صعيد الإمامة والولاية أعلن الإمام ( عليه السّلام ) عن إمامته بنفسه بكلّ وضوح وصراحة ومن دون أيّة تقيّة أو سريّة ، وقد تعدّدت الأحاديث المصرّحة بهذا الإعلان ، منها قوله ( عليه السّلام ) : « نحن أئمّة المسلمين ، وحجج اللّه على العالمين ، وسادة المؤمنين وقادة الغرّ المحجّلين وموالي المؤمنين ، ونحن أمان أهل الأرض ، كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء . . . ولولا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها ، ولم تخل الأرض منذ خلق اللّه آدم من حجّة للّه فيها ، ظاهر مشهور أو غائب مستور ، ولا تخلو إلى أن تقوم الساعة من حجّة للّه فيها ، ولولا ذلك لم يعبد اللّه »[10].

وقال أبو المنهال نصر بن أوس الطائي : قال لي عليّ بن الحسين ( عليه السّلام ) :

« إلى من يذهب الناس ؟ » قال : قلت : يذهبون هاهنا وهاهنا ، قال : « قل لهم يجيئون إليّ »[11].

وقال له أبو خالد الكابلي : يا مولاي ، أخبرني كم يكون الأئمّة بعدك ؟

قال : « ثمانية لأنّ الأئمّة بعد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) اثنا عشر إماما ، عدد الأسباط ، ثلاثة من الماضين ، وأنا الرابع ، وثمانية من ولدي . . . »[12] .

والانحراف الذي حصل عن أئمّة أهل البيت ( عليهم السّلام ) لم ينحصر في إقصائهم عن الحكم والولاية فقط ، بل انتهى إلى الجهل بأحكام الشريعة التي كان الأئمّة هم المرجع الواقعي والصحيح للتعرّف عليها .

فالإمام ليس وليّا للأمر وحاكما على البلاد والعباد فحسب ، وإنّما هو مصدر يرجع اليه لفهم الشريعة وتبيين أحكامها ، باعتبار معرفته التامة بالشريعة الخاتمة وارتباطه الوثيق بمصادرها الحقيقيّة .

وكما أقصى الحكّام أئمّة أهل البيت ( عليهم السّلام ) عن الحكم والولاية ؛ حاولوا كذلك نفي مرجعيتهم الدينية والعلميّة وإبعاد الناس عنهم ، لذلك اهتمّ الأئمّة وأتباعهم بإرشاد الناس إلى هذا المعين الصافي للشريعة الإسلامية كي ينهلوا منه ، وكان اهتمام الإمام السجاد ( عليه السّلام ) بليغا بهذا الأمر حتى قال ( عليه السّلام ) لرجل شاجره في مسألة شرعية فقهية : « يا هذا ، لو صرت إلى منازلنا لأريناك آثار جبرئيل في رحالنا ، أيكون أحد أعلم بالسنّة منّا »[13].

وقال ( عليه السّلام ) : « إنّ دين اللّه لا يصاب بالعقول الناقصة والآراء الباطلة والمقاييس الفاسدة ، لا يصاب إلّا بالتسليم ، فمن سلّم لنا سلم ، ومن اقتدى بنا هدي ، ومن كان يعمل بالقياس والرأي هلك ، ومن وجد في نفسه - ممّا نقوله أو نقضي به - حرجا كفر بالّذي أنزل السبع المثاني والقرآن العظيم وهو لا يعلم »[14].

 

[1] كانت عملية منع الحديث - تدوينا ورواية - قد بدأت بعد وفاة الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) مباشرة .

[2] المحاسن : 221 ح 133 .

[3] تفسير البرهان : 3 / 156 .

[4] بحار الأنوار : 46 / 107 .

[5] المصدر السابق : 70 ، ب 5 ، ح 45 .

[6] الاحتجاج : 312 - 319 .

[7] التوحيد للصدوق : 366 .

[8] كشف الغمة : 2 / 89 .

[9] جهاد الإمام السجاد : 107 .

[10] أمالي الصدوق : 112 ، الاحتجاج : 317 .

[11] تأريخ دمشق : الحديث 21 .

[12] كفاية الأثر : 236 - 237 .

[13] نزهة الناظر : 45 .

[14] إكمال الدين : 324 ، الباب 31 ، الحديث 9 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.