أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2021
2735
التاريخ: 11-9-2016
2177
التاريخ: 18-1-2016
1921
التاريخ: 15-1-2016
2279
|
لقد تأثرت الدول الإسلامية بأوضاعها الاقتصادية المتأخرة من جهة، ورزوحها تحت الاستعمار الأوروبي على ترابها من جهة ثانية، ولذلك تأخر انتشار أدب الأطفال فيها، بل كان في بعضها صورة من صور الأدب الغربي لاعتمادها على الترجمات، ولكن ذلك لم يمنع نشوء أدب خاص يحمل طابع هذه الشعوب الإسلامية هنا وهناك.
ففي باكستان: بذلت جهود لمواجهة النقص في كتب الأطفال فتكونت لجنة وطنية للكتاب عام 1965م، وبدأت تصدر فهارس وإحصاءات عن الكتب عامة وعن كتب الأطفال خاصة، حتى تجاوزت كتب الأطفال أربعة آلاف كتاب، وزاد عدد دور النشر النشيطة في هذا المضمار عن عشرين، ولكن عدد النسخ المطبوعة من الكتب قليل إذا قيس بعدد السكان، وهذا ناتج عن الفقر والأمية المنتشرين في هذا البلد الإسلامي.
ومع ذلك فإن تاريخ أدب الأطفال في باكستان ليس حديثاً، لأنه عندما كتب (لويس كارول)، في أوروبا روايته الثانية (إليس في المرآة)، كتب (مولاي نزار أحمد)، روايته (مرآة للعروس)، التي تعتبر أول عمل روائي للأطفال في باكستان باللغة الأوردية، وكذلك كان (مولاي محمد حسين أزاد)، يكتب سلسلة من كتب الأطفال، وقد جاء في رسالة عن أدب الأطفال ما يلي:
(إن كاتب الأطفال يجب أن يرتدّ طفلاً، يشطب ويصحح، ويمسح ويعيد الكتابة كما يفعل الأطفال.. نعم إن كتبهم ابتدائية، لكنها تحتاج إلى جهد جهيد، فصاحبها في نومه وصحوه، في غدوه ورواحه، شهراً بعد شهر وعاماً بعد عام، لا بد وأن يعايش أفكاراً طفلية).
ومثل هذه الكتابة تدل على تفهم واضح لخصائص أدب الأطفال. وهي كتابة مبكرة لأنها نشرت في منتصف هذا القرن.
وكدلك نشر (مولاي محمد إسماعيل)، مجموعة من كتب الأطفال من بينها أشعار وقصص.
ثم نشأت دور نشر خاصة بكتب الأطفال وأصدرت بعض المجلات الخاصة لهم.
في تركيا: يبدو أن أدب الأطفال في تركيا قديم في هذا العصر، إذ بدأ في الظهور كما يقول (كمال ديميراي)، في دراسة له عن أدب الأطفال هناك، في القرن الثامن عشر حيث صدر ديوان الشاعر (نابي)، ثم ديوان الشاعر (سمبولزا دمنهمبي)(1)، وكان طابع شعرهما هو الطابع الإسلامي التربوي، ثم ظهرت في القرن التاسع عشر عدة مجلات، ولكن في أواخر الدولة العثمانية، بدأت تظهر الهجمة التغريبية العلمانية باسم التحديث والتنظيم، وبدأت الترجمات تغزو هذا البلد المسلم حيث قدم الناشر (أجاها أفندي)، ترجمات لكتب الأطفال عن الفرنسية ولا سيما عن (لافونتين)، وكان الشاعر (سيناسي)، قد عاد من فرنسا متأثراً بالغرب فانعكس هذا التأثر فيما كتبه للأطفال.
وزاد الاهتمام بأدب الطفل بعد إلغاء الخلافة، خاصة وأن ذلك مرتبط بتغيير الكتابة بالحرف العربي للكتابة بالحرف اللاتيني، لإبعاد تركيا عن الإسلام، ولتربية الأجيال تربية غربية محضة، ولذلك كانت العناية بالأطفال أكثر من أي بلد آخر خارج نطاق العالم الغربي، وصدرت مجلات كثيرة، وعملت برامج عديدة في الإذاعة (والتلفزيون)، ونشط دعاة التغريب نشاطاً كبيراً، ولقوا دعماً هائلا من البلدان الأوروبية. ولذلك أصبح في استانبول وحدها أكثر من مائة دار نشر لكتب الأطفال، وتقول بعض الإحصائيات: إن في تركيا أكثر من (2100)، دار للنشر، وإن كتب الأطفال التي صدرت في عام واحد أكثر من (600)، كتاب، وهناك حوالي (300)، مكتبة للأطفال فيها حوالي (700)، ألف كتاب(2).
ومع ذلك فلقد بدأت الصحوة الإسلامية في هذا البلد تهتم بالأطفال والشباب، وصدر كثير من الكتب الإسلامية الخاصة بالأطفال، وظهر عدد من كتاب أدب الطفل هناك، وظهرت (مجلة الأدب الإسلامي)، التي بدأت العناية بالأدب الإسلامي عامة، وأدب الطفل بصورة خاصة... وعقدت رابطة الأدب الإسلامي مؤتمرها العام، الثاني في المحرم من سنة 1410هـ، في مدينة استانبول بتركيا، وكانت الندوة الأدبية التي رافقت هذا المؤتمر عن أدب الطفل في الإسلام. وسوف تثمر هذه الجهود - بإذن الله - ويصبح أدب الطفل أدباً إنسانياً يأخذ روحه من معين التصور الإسلامي.
في الهند: ليس غريباً أن ينحو أدب الأطفال في الهند منحى غربياً، ومع ذلك فقد نشأ أدب للأطفال له طابع تربوي إسلامي، ومن أبرز الذين كتبوا للأطفال سماحة (الشيخ أبي الحسن الندوي)، حيث أصدر عدداً من الكتب الخاصة بالأطفال، وكانت تعرض لقصص الأنبياء وللسيرة النبوية الشريفة، وبعضها يتكلم عن موضوعات علمية تربوية مثل (كسرة من الخبز)، وكذلك كتب إسماعيل (ميرتي)، عدداً من الكتب الخاصة بالأطفال ومنها دواوين شعرية، وقصص وحكايات، ولقد ترجمت من الأوردية إلى عدد من اللغات ومنها (أول قطرة للمطر)، و (براعة الطفل)، و (الخاتم المزيف)، وهي قصائد شعرية.
وكذلك ترك الشاعر المبدع (محمد إقبال)، عدداً من القصائد الخاصة بالأطفال ومن أهمها: (عنكبوت وذباب)، و (جبل وسنجاب)، و (بقرة وغنم)، و (دعاء الطفل)، و (التعاطف) و (طائر ويراعة)، و (استغاثة الطير)، و (نشيد الأطفال الهنود)، وقصيدته (دعاء الطفل)، نالت شهرة واسعة لأسلوبها ومعانيها الرائعة، وروحها الإنسانية وترجمتها: (تتردد أمنيتي على شفتي بأسلوب الدعاء، والتضرع إلى الله أن يجعل حياتي سراجاً منيراً، وشمعة لامعة وضاءة، تزيل الظلام الحالك الذي يسود العالم، وأن يستنير كل مكان من ضيائي، وأن يزدان وطني بوجودي فيه، كما يزدان البستان ويزهو بالورود والأزاهير والرياحين، ويكون جل همي مساعدة الفقراء وحب الضعفاء، وأنقذني يا ربي من كل شر، واهدني سواء السبيل والصراط المستقيم(3)، وكذلك أسهمت (ندوة العلماء)، في لكنو بالهند، ومدارسها ومعاهدها المنتشرة بالمدن الهندية المختلفة بنشر عدد من كتب الأطفال، وكان للعلامة (سليمان الندوي) - رحمه الله - دور بارز في هذا المجال.
ومن الأمور الجديرة بالذكر والتنويه اعتماد (ندوة العلماء)، في تعليم الأطفال الهنود اللغة العربية على الأسلوب الأدبي، ففي كتاب (القراءة الراشدة)(4)، كثير من القصص الجميلة المعبرة ذات الأسلوب السهل والمعنى الجليل، والطريقة المشوقة للأطفال، ومنها على سبيل المثال قصة (سفينة على البر)، و (الضيف الجائع)، و (من دون أحد)، و (على الخشبة)، و (شهامة اليتيم)، وقصة (عمير في الحنين للشهادة في معركة بدر)(5).
وهناك كتّاب آخرون مثل (شفيع الدين نير) و (حسين حسان ندوي) ممن أسهموا في أدب الأطفال(6).
في بنغلاديش: كان أدب الأطفال في الهند بشكل عام، وفي المناطق الإسلامية منها مثل (بنغلاديش) - فيما بعد - رهناً لنشاطات الهندوس - والذين تدعمهم الحكومات الغربية ولا سيما بريطانيا؛ ولذلك أنشؤوا صفحة يومية في جريدة (الأنباء)، (شنباد)، الشيوعية عام 1952م، تحت اسم (مجلس اللهو واللعب)، (خيلها خر عصر)، في مدينة (داكا)، واستطاع هذا المجلس الانتشار والتأثير على مختلف النشاطات الأدبية الخاصة بالأطفال في طول البلاد وعرضها.
ثم بدأت صحيفة (اتفاق)، اليومية نشر صفحات للصغار عام 1956م، تحت اسم (مجلس الصغار)، بهدف تربية الأطفال، وفي عام1940م، أنشئت منظمة الأولاد التاريخية تحت اسم (جند البراعم)، لتربية الأطفال على حب الحرية والشعور بالاعتزاز القومي ضد الاستعمار البريطاني، والعنصرية الهندوسية، وبدأ المحرر الصحفي في جريدة (أزاد)، اليومية (محمد مدبر)، بتخصيص ورقتين أسبوعياً في الجريدة لأدب الأطفال تحت عنوان (حفلة البراعم)، لإثارة مواهب الأطفال المسلمين، ونشرت في عددها الأول لهذا الباب قصيدة بديعة للشاعر البنجالي القاضي (نذر الإسلام)، يقول فيها باسم الأطفال: (نحن أزهار ورياحين، أنتم أنوار غير متفتحة، تعالوا إلى حفلة الزهور وقبل أن نتهافت على الأرض ننضم إليكم ونمشي معكم مبتسمين. نحن فرقة من الزهور أكلها الدود، ولكن أمنية أنفسنا تزيين هذا العالم كالفردوس.
فتعالوا أيها الصغار والصغيرات متكاتفين، وحققوا أحلامنا التي لم نحظ بتأويلها، وهاتوا بالجنة في محافل هذا الكون. واسألوا الله أيها الأنوار قبل تفتحكم ألا يمس أجسادكم مسيس عبودية الخلق في الحياة.
واعلموا أن درجة الشهادة في سبيل الله أرفع المراتب من العبودية، وأيقنوا أن سيف المجاهد أفضل من وسام الخادم، ولا تسألوا الله أبداً أشياء تافهة، ولا تنكسوا رؤوسكم أمام أحد إلا الله، وقولوا: لا نرضى بأن نكون عباداً لأحد إلا لله الواحد، فسترون هذا الكون يهتز ويتزلزل بمهابتكم)، صحيفة (أزاد)، اليومية 7 / 8 / 1940م(7).
وأسهم الشاعر الأديب (سيد علي أحسن)، والشاعر (جسيم الدين)، في تحرير هذه الصفحة الخاصة بأدب الأطفال التي مر ذكرها.
وقامت (المؤسسة الإسلامية)، بإصدار مجلة شهرية باسم (الورقة الخضراء) للأطفال، ورأس تحريرها الأديب القصاص الأستاذ (شاهد علي)، وظلت تصدر ربع قرن.
وكذلك كانت صحيفة (الكفاح)، اليومية تنشر صفحة أسبوعية باسم (مخيم الصقور)، من عام 1969م، للعناية بأدب الأطفال الصغار، وأنشأت الجماعة الإسلامية في بنجلاديش منظمة خاصة بالصغار تحت اسم (فول كوري عصر)، أي (مجلس الزهور)، وأصدر هذا المجلس مجلة شهرية للصغار باسم المجلس.
وقامت المنظمة الطلابية للجماعة بإصدار مجلة فصلية تعنى بأدب الأطفال تحت اسم (صوت الصغار).
وهناك صحف أخرى خصصت أبواباً يومية أو أسبوعية للعناية بأدب الأطفال.
هذه لمحة بسيطة عن أدب الأطفال في بعض البلدان الإسلامية، وإذا كانت هذه اللمحة مقتصرة على بعض البلدان، فإن ذلك يدعو الأدباء والباحثين للتشمير عن ساعد الجد في سبيل التعرف على هذا اللون من الأدب في بقية البلدان الإسلامية، ليتمكن الباحث من رسم خريطة متكاملة يتعرف فيها على الواقع، ويستفيد من المعطيات ويستخلص النتائج المبنية على الدراسة الميدانية.
ومهما يكن الأمر، فإن الحاجة ماسة لرسم المنهج الخاص بأدب الطفل على أسس واضحة تهدف لتربية هؤلاء الصغار على القيم الإنسانية الحقيقية، القيم التي لا يعرفها ولا يصونها غير الإسلام، التي تحرر الأجيال من عقدة النقص، والتبعية للغرب المادي؛ في شرقه وغربه.
والعجيب أن نلمس آثار الأفكار الغربية، والمدنية المادية في كل مكان، من التمييز العنصري، والاستغلال، والتكالب على المادة وإثارة النزعات العرقية، والخلافات المذهبية، وإشعال الحروب والنزاعات المحلية، وبذر بذور الشقاق والتناحر في البلد الواحد، واستنزاف طاقات الأمم والشعوب وسرقة خيراتها لصالح الرجل الأوروبي، وتسخير العلم والتقدم التقني لرفاهية أوروبا، ولصناعة آلة الحرب المدمرة لاستعمار الشعوب وإذلالها.
مع كل هذا من العجيب أن يظل المنهزمون داخلياً ينظرون في مجالات الفكر والأدب والفنون إلى الغرب، ينقلون عنه ويقتبسون منه، ويتتلمذون على فلسفته ومبادئه!.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ كتب الأطفال في عالمنا المعاصر: عبد التواب يوسف، دار الكتاب المصرية / 47.
2ـ المصدر السابق.
3ـ بحث مقدم لندوة الطفل المسلم، كتبه الدكتور محسن عثمان الندوي، من جامعة جواهر لال نهرو - نيودلهي - الهند بعنوان: (أدب الأطفال في الهند بين النظرية والتطبيق)، وانظر مجلة البعث الإسلامي العدد الثاني المجلد / 35، شهر شوال 1410هـ، مايو 1990م، ص85.
4ـ من تأليف سماحة الشيخ أبي الحسن الندوي.
5ـ بحث عن أدب الأطفال: لسماحة الشيخ أبي الحسن الندوي مقدم لرابطة الأدب الإسلامي العالمية.
6ـ ادب الأطفال في الهند - بين النظرية والتطبيق، بحث بقلم: د / محسن عثمان الندوي، والأستاذ الشيخ أبو الحسن الندوي كرائد الأدب الإسلامي للأطفال: للأستاذ سعيد الأعظمي الندوي، وهما من البحوث التي قدمت في ندوة أدب الطفل المسلم في تركيا عام 1410هـ.
7ـ الاتجاهات الأدبية لمستوى الطفل في بنغلاديش: للأستاذ محمد سلطان ذوق، بحث مقدم لندوة أدب الطفل الذي أقامته رابطة الأدب الإسلامي العالمية في إستانبول عام 1410هـ، الموافق 1989م.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|