المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تنفيذ وتقييم خطة إعادة الهيكلة (إعداد خطة إعادة الهيكلة1)
2024-11-05
مـعاييـر تحـسيـن الإنـتاجـيـة
2024-11-05
نـسـب الإنـتاجـيـة والغـرض مـنها
2024-11-05
المـقيـاس الكـلـي للإنتاجـيـة
2024-11-05
الإدارة بـمؤشـرات الإنـتاجـيـة (مـبادئ الإنـتـاجـيـة)
2024-11-05
زكاة الفطرة
2024-11-05



موسى الكاظم (عليه السلام) اسوة الشباب من اهل البيت  
  
1594   11:54 صباحاً   التاريخ: 8/9/2022
المؤلف : محَّمد الرّيشَهُريٌ
الكتاب أو المصدر : جَواهُر الحِكمَةِ لِلشَّبابِ
الجزء والصفحة : ص249 ـ 251
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /

ـ إحقاق الحق عن شقيقٍ البلخيّ: خرجتُ حاجاً في سنةِ تسعٍ وأربعين ومئةٍ فنزلت القادسية، فبينما أنا أنظر إلى الناس وزينتهم وكثرتهم نظرتُ فتى حسن الوجه فوق ثيابه ثوب صوفٍ مشتملاً بشملةٍ وفي رجليه نعلان، وقد جلس منفرداً، فقلت في نفسي: هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلّاً على الناس في طريقهم والله لأمضين إليهِ ولأوبخنه، فدنوت منه فلما رآني مقبلاً قال: يا شقيقُ، {اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ} [الحجرات: 12].

 وتركني ومضى فقلت في نفسي: إن هذا الأمر عظيم قد تكلم على ما في نفسي ونطق باسمي، ما هذا إلا عبدٌ صالحٌ لألحقنه ولأسئلنه أن يحللني، فأسرعت في أثره فلم ألحقه وغاب عن عيني، فلما نزلنا واقِصةَ إذا به يصلي وأعضاؤه تضطرب ودموعه تجري، فقلتُ: هذا صاحبي أمضي إليه وأستحله فصبرت حتى جلس وأقبلت نحوه، فلما رآني مقبلاً.

 قال: يا شقيقُ اقرَأ: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}[طه: 82]، ثم تركني ومضى، فقلتُ: إن هذا الفتى لمن الأبدالِ قد تكلم على سري مرتين فلما نزلنا إلى مِنى إذا بالفتى قائم على البئر، وبيدهِ ركوةٌ يريدُ أن يستقي فسقطت الركوةُ من يده في البئر وأنا أنظر إليه فرأيته قد رمق السماء وسمعته يقول:

أنت ربي إذا ظمئتُ إلى الماءِ          وقوتي إذا أردتُ الطَّعاما

اللهم أنت تعلم يا إلهي وسيدي مالي سواها فلا تعدمنِي إياها.

قال شقيقٌ: فوالله لقد رأيت البئر قد ارتفع ماؤها فمد يده وأخذ الركوة وملأها ماءً، وتوضأ وصلى أربع ركعاتٍ، ثم مال إلى كثيبٍ من رملٍ فجعل يقبض بيده ويطرحه في الركوةِ ويحركه ويشرب فأقبلت إليه وسلمتُ عليه فردَّ عليَّ السَّلامَ، فقلتُ: أطعِمني من فضل ما أنعم الله به عليك.

فقال: يا شقيقُ لم تزل نعمة الله تعالى علينا ظاهرةً وباطنةً فأحسن ظنك بربك، ثم ناولني الركوةَ فشربتُ منها فإذا سويقٌ وسكر فوالله ما شربت قط ألذ منه ولا أطيب منه ريحاً، فشبعتُ ورويتُ وأقمتُ أياماً لا أشتهي طعاماً ولا شراباً، ثم لم أره حتى دخلنا مكة فرأيتهُ ليلةً في جنبِ قُبةِ الشرابِ في نصفِ الليل يُصلي بخشوعٍ وانينٍ وبكاءٍ، فلم يزل كذلك حتى ذهب الليل فلما رأى الفجر جلس في مُصلّاه يُسبحُ، ثم قام فصلى فلما سلم من صلاةِ الصبحِ طاف بالبيت سبعاً، وخرج فتبعته فإذا له حاشيةٌ وموالٍ وهو على خلافِ ما رأيته في الطريقِ ودار به الناس من حوله يسلمون عليه، فقلت لبعضِ من رأيتهُ بالقرب منه: من هذا الفتى؟

فقال: هذا موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام).

فقلتُ: قد عجبت يكونُ هذهِ العجائبُ والشواهدُ إلا لمثلِ هذا السيدِ(1).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ إحقاق الحق: ج12، ص315. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.