أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-08-2015
![]()
التاريخ: 12-08-2015
![]()
التاريخ: 12-08-2015
![]()
التاريخ: 12-08-2015
![]() |
قال : ( وللعقل أن يعتبر النقيضين ، ويحكم بينهما بالتناقض ، ولا استحالة فيه ).
أقول : العقل يحكم بالمناقضة بين السلب والإيجاب ، فلا بدّ وأن
يعتبرهما معا ؛ لأنّ التناقض من قبيل النسب والإضافات لا يمكن تصوّره إلاّ بعد
تصوّر معروضه ، فيكون متصوّرا للسلب والإيجاب معا.
ولا استحالة في اجتماعهما في الذهن دفعة ؛ لأنّ التناقض ليس
بالقياس إلى الذهن ، بل بالقياس إلى ما في نفس الأمر ، فيتصوّر صورة ما [ ويحكم
عليها بأنّه ليس لها في الخارج ما يطابقها ، ثمّ يتصوّر صورة أخرى](1) ويحكم عليها بأنّ لها في
الخارج ما يطابقها ، ثمّ يحكم على إحداهما بمقابلة الأخرى لا من حيث إنّهما
حاضرتان في العقل ، بل من حيث إنّ إحداهما استندت إلى الخارج دون الأخرى.
وقد يتصوّر الذهن صورة ما ويتصوّر سلبها ؛ لأنّها مميّزة
على ما تقدّم ، ويحكم على الصورتين بالتناقض لا باعتبار حضورهما في الذهن ، بل
بالاعتبار الذي ذكرناه.
قال : (
وأن يتصوّر عدم جميع الأشياء حتّى عدم نفسه وعدم العدم بأن يتمثّل في الذهن ويرفعه
وهو ثابت باعتبار (2) ، قسيم باعتبار ، ويصحّ الحكم عليه
من حيث هو ثابت ولا تناقض ).
أقول : الذهن يمكنه أن يتصوّر جميع المعقولات وجوديّة كانت أو
عدميّة ، ويمكنه أن يلحظ عدم جميع الأشياء ؛ لأنّه يتصوّر العدم المطلق ، ويمكنه
أن يقيسه إلى جميع الماهيّات ، فيمكنه أن يلحظه باعتبار نفسه ، فيتصوّر الذهن عدم
نفسه ، وكذلك يمكنه أن يلحظ نفس العدم ، بمعنى أنّ الذهن يمثّل للعدم صورة ما
معقولة متميّزة عن صورة الوجود ويتصوّر رفعها ويكون ثابتا باعتبار تصوّره ؛ لأنّ
رفع الثبوت ـ الشامل للثبوت الخارجي والذهني ـ تصوّر لما ليس بثابت ولا متصوّر
أصلا ، وهو ثابت باعتبار تصوّره ، وقسيم لمطلق الثابت باعتبار أنّه سلبه ، ولا
استبعاد في ذلك ؛ فإنّا نقول : الموجود إمّا ثابت في الذهن أو غير ثابت في الذهن ،
فبالاعتبار الأخير قسيم للوجود ، ومن حيث إنّه له مفهوم قسم من الثابت.
والحكم على رفع الثبوت المطلق من حيث إنّه متصوّر لا من حيث
إنّه ليس بثابت ، ولا يكون متناقضا ؛ لاختلاف الموضوعين ؛ فإنّ موضوع قولنا : «
المعدوم المطلق يمتنع الحكم عليه » هو مفهوم « المعدوم المطلق » المتصوّر باعتبار
أنّه ثابت في الذهن ، وما له امتناع الحكم هو مصداق ذلك المفهوم ، فترتفع الشبهة
المشهورة باشتمال ما ذكر على التناقض حيث حكم على المعدوم المطلق بامتناع الحكم المطلق
، فاتّصف بالامتناع والصحّة.
وفي بعض النسخ « ولا يصحّ الحكم عليه من حيث هو ليس بثابت ،
وإلاّ تناقض » يعني أنّ المعدوم متّصف بامتناع الحكم عليه وليس ذلك من حيث إنّه
ليس بثابت ، بل من حيث هو ثابت، وإلاّ لزم التناقض ؛ لاتّحاد الجهة ، فمؤدّى
العبارتين واحد.
قال : (
ولهذا يقسّم الموجود إلى ثابت في الذهن وغير ثابت فيه ، ويحكم بينهما بالتمايز ،
وهو لا يستدعي الهويّة لكلّ من المتمايزين ، ولو فرض له هويّة ، لكان حكمها حكم
الثابت ).
أقول : هذا استدلال على أنّ للذهن أن يتصوّر عدم جميع الأشياء.
وبيانه : أنّا نقسّم الموجود إلى ثابت في الذهن وغير ثابت
فيه ، ونحكم بامتياز أحدهما عن الآخر ومقابلته له ، والحكم على الشيء يستدعي
تصوّره وثبوته في الذهن ، فيجب أن يكون ما ليس بثابت في الذهن ثابتا فيه ، فقد
تصوّر الذهن سلب ما وجد فيه ، ولا محذور فيه ؛ فإنّ ما ليس بثابت في الذهن ثابت
فيه من حيث إنّه متصوّر ، وغير ثابت فيه من حيث إنّه سلب لما في الذهن.
لا يقال : امتياز أحد الشيئين عن الآخر يستدعي أن يكون لكلّ من
المتمايزين هويّة مغايرة لهويّة الآخر حتّى يحكم بينهما بالامتياز ، فلو كان العدم
ممتازا عن الوجود ، لكان له هويّة متميّزة عنه ، لكن ذلك محال ، لأنّ العقل يمكنه
رفع كلّ هويّة فيكون رفع هويّة قسيما للعدم وقسما منه، وهذا محال.
لأنّا نقول : لا نسلّم وجوب الهويّة لكلّ من المتمايزين ، وإنّا نحكم
بامتياز الهويّة عن اللاّهويّة ، وليس للاّهويّة هويّة.
سلّمنا ثبوت الهويّة لكلّ [ من المتمايزين ] (3) ، لكن هويّة العدم داخلة
باعتبارالهويّة في قسم الهويّة ، وباعتبار فرض أنّها اللاّهويّة تكون مقابلة
للهويّة وقسيما لها ، ولا امتناع في كون الشيء قسما من الشيء وقسيما له باعتبارين ...
قال : (
وإذا حكم الذهن على الأمور الخارجيّة بمثلها ، وجب التطابق في صحيحه ، وإلاّ فلا ،
ويكون صحيحه باعتبار مطابقته لما في نفس الأمر ؛ لإمكان تصوّر الكواذب ).
أقول : الأحكام الذهنيّة قد تؤخذ بالقياس إلى ما في الخارج ، وقد
تؤخذ لا بهذا الاعتبار ، فإذا حكم الذهن على الأشياء الخارجيّة بأشياء خارجيّة
مثلها ، كقولنا :
« الإنسان حيوان في الخارج » وجب أن يكون مطابقا لما في
الخارج حتّى يكون حكم الذهن صحيحا ، وألاّ يحكم بالموجودات الخارجيّة على مثلها كأن
حكم على الأمور العقليّة بالأمور العقليّة ، فلا يجب في صحّة الحكم مطابقته للخارج
لعدم اعتباره ، كما في النسبة السلبيّة ، فإنّها لا تتوقّف على وجود الطرفين ، بل
لو تطابق فيها النسبة الحكميّة والخارجيّة كان الحكم صحيحا، وإلاّ لكان باطلا. فإن
حكم على أشياء خارجيّة بأمور معقولة ، كقولنا : « الإنسان ممكن » ، أو حكم على
الأمور الذهنيّة بأحكام ذهنيّة ، كقولنا : « الإمكان مقابل للامتناع » لم تجب
مطابقته لما في الخارج ؛ إذ ليس في الخارج إمكان وامتناع متقابلان ولا في الخارج
إنسان ممكن.
إذا تقرّر هذا ، فنقول : الحكم الصحيح في هذين القسمين لا
يمكن أن يكون باعتبار مطابقته لما في الخارج ؛ لما تقدّم من أنّ الحكم ليس مأخوذا
بالقياس إلى الخارج ، ولا باعتبار مطابقته لما في الذهن ؛ لأنّ الذهن قد يتصوّر
الكواذب ؛ فإنّا قد نتصوّر كون الإنسان واجبا مع أنّه ممكن ، فلو كان صدق الحكم
باعتبار مطابقته لما في الذهن ، لكان الحكم بوجوب الإنسان صادقا ، لأنّ له صورة
مطابقة لهذا الحكم ، بل يكون باعتبار مطابقته لما في نفس الأمر.
قال العلاّمة ; : « وقد كان في بعض أوقات استفادتي منه ; جرت هذه النكتة وسألته عن
معنى قولهم : إنّ الصادق في الأحكام الذهنيّة هو باعتبار مطابقته لما في نفس الأمر
، والمعقول من نفس الأمر إمّا الثبوت الذهني أو الخارجي ، وقد منع كلّ منهما
هاهنا.
فقال ; : المراد بنفس الأمر هو العقل الفعّال ، فكلّ صورة أو حكم
ثابت في الذهن مطابق للصور المنتقشة في العقل الفعّال ، فهو صادق ، وإلاّ فهو
كاذب.
فأوردت عليه أنّ الحكماء يلزمهم القول بانتقاش الصور
الكاذبة في العقل الفعّال ؛ لأنّهم قالوا بالفرق بين السهو والنسيان ، فإنّ السهو
هو زوال الصورة المعقولة عن الجوهر العاقل وارتسامها في الحافظ لها ، والنسيان هو
زوالها عنهما معا ، وهذا يتأتّى في الصورة المحسوسة، أمّا المعقولة فإنّ سبب
النسيان هو زوال الاستعداد بزوال المفيد للعلم في باب التصوّرات والتصديقات ،
وهاتان الحالتان قد تعرضان في الأحكام الكاذبة. فلم يأت فيه بمقنع.
وهذا البحث ليس من هذا المقام وإنّما انجرّ إليه الكلام ، وهو
بحث شريف لا يوجد في الكتب»(4).
أقول : الأولى أن يقال : إنّ « الأمر » عبارة عن المحكوم عليه ،
فمعنى قولنا : « ذلك في نفس الأمر كذا» أنّه باعتبار نفسه وذاته مع قطع النظر عن
اعتبار المعتبر كذا ، أو عبارة عن علّته بناء على أنّ كلّ معلول له وجود إجماليّ
في مقام اعتبار علّته ، فالمراد أنّ كلّ حكم طابقت فيه النسبة الحكميّة النسبة
الخارجيّة كان صحيحا ، وغيره باطل.
__________________
(1)
الزيادة أضفناها من « كشف المراد » : 67 لتستقيم العبارة ويتّضح المعنى.
(2)
أي : باعتبار فرض العقل وتصوّره. ( منه ; ).
(3)
في النسخ الخطّيّة : « متمايزين ». والظاهر ما أثبتناه.
(4)
« كشف المراد » : 70 ، وصحّحنا النقل على المصدر.
|
|
التوتر والسرطان.. علماء يحذرون من "صلة خطيرة"
|
|
|
|
|
تضاريس شبيهة بـ"الجبنة السويسرية".. حفرة غامضة على المريخ
|
|
|
|
|
نحو شراكة وطنية متكاملة.. الأمين العام للعتبة الحسينية يبحث مع وكيل وزارة الخارجية آفاق التعاون المؤسسي
|
|
|