إن من أثار النشأة الخاصة لعلم الأجرام هي ظهور هذا العلم مقسم إلى عدة فروع يتميز كل منها بتوجيه اهتمامه نحو البحث في أسباب الظاهرة الاجرامية في ناحية معينة منها بالنظر لأتساع مجال علم الأجرام، وتعد هذه الفروع جزء مكملا له، وأهمها ما يأتي:

1- علم الأنثروبولوجيا الجنائية (علم الطبائع الجنائي): ان هذا العلم يهتم بدراسة المجرم من حيث صفاته العضوية والنفسية وأثر العوامل البيئية أو الخارجية على تلك الصفات، وذلك بغية تفسير الدوافع والأسباب للأفعال الإجرامية الفردية، وهذا يعني أن هذا العلم لا يعطى تفسير الظاهرة الإجرام بوجه عام، وانا يفسر لنا الأسباب التي تدفع المجرم في حالة بعينها إلى ارتكاب جريمة معينه. ان هذا العلم يتناول بالدراسة المظاهر العضوية للمجرم وأجهزة الجسم الداخلية ووظائف الأعضاء وخاصة افرازات الغدد الصماء(1) والغرائز والعواطف وعادات المجرم وطباعه وأخلاقه وتأثير الوراثة و تطوير شخصية المجرم في حياته المختلفة، ويدخل ضمن هذا العلم علم النفس الجنائي وذلك أن هذا العلم يتناول موضوعات تدخل أساسا في علم الانثروبولوجيا الجنائية، حيث يبحث في الظواهر النفسية المختلفة لدى المتهم الشعوري منها وغير الشعوري، وجمع وتنظيم ما يتم الحصول عليه من معلومات عنها سواء عن طريق المشاهدة أو التجربة أو التحليل ورد هذه الظواهر إلى قوانين نفسيه عامه (2) .

2- علم النفس الجنائي: وهو العلم الذي يهتم بدراسة الأحوال النفسية للمجرمين كمستوى ذكاؤهم وغرائزهم وانفعالاتهم لغرض تحديد العوامل النفسية التي يعزى اليها سبب حدوث الجريمة... والوقع آن هذا العلم هو جزء من علم الانثروبولوجيا الجنائية، وذلك أن التغيرات العضوية يمكن أن توثر على الجوانب النفسية مما يقتضي عدم تجاهل شخصية الفرد في أي مظهر من مظاهرها(3) فالجسم والنفس هما وجهان لعملة واحده هي الإنسان، فأي مرض عضوي يؤثر على نفسية الإنسان واي حاله نفسية تعطي اعراضا عضويه، لذلك ذهب العلماء إلى ايجاد فرع جديد للأمراض أطلقوا عليه اسم ( فرع الامراض العضوي نفسيه). ويذهب العلماء إلى إن علاج هذه الأمراض الجسمية لوحدها لن تؤدي إلى النتيجة المرجوة، وإنما يجب الأخذ بالعلاج النفسي إضافة إلى العلاج البدني لذا فان العوامل النفسية ألبيولوجية التي تكشف عن وجودها الطرق المناسبة لتحديد كل نوع من أنواع العلاج من شانه إن يساهم في تقدم الدراسات الخاصة بعلم الأجرام (4).

3- علم الاجتماع الجنائي: يتناول هذا العلم بالدراسة الظاهرة الاجتماعية للأجرام، فهو يدرس الظاهرة الإجرامية في مجموعها بوصفها ظاهرة اجتماعية تتولد من مجموع الافعال الإجرامية الفردية. فهو اذا يدرس الإجرام بصفه عامه بوصفه واقعه اجتماعيه مستقله عن مجموع الأفعال الإجرامية الفردية، بمعنى أنه يبحث الجريمة باعتبارها حدث في حياة المجتمع فيبحث ظروفها الاجتماعية والاقتصادية والمهنية وتوزيعها طبقا لأعمار المجرمين (5)، ويهتم هذا العلم بيان الرابطة أو العلاقة بين الظروف الاجتماعية المختلفة وبين ظاهرة الإجرام في المجتمع، فهو اذا يتناول أثر الظروف الاجتماعية على ظاهرة الإجرام بوجه عام، ويدخل ضمن هذا العلم فرع الجغرافيا الجنائية الذي يبحث نواحي الإجرام المقارن للمناطق الجغرافية المختلف وتقصي أسبابها. وتبرز اهمية علم الاجتماع الجنائي للقانون الجنائي بشكل واضح ومتميز، وذلك أن الاعتداد بالظروف الاجتماعية السائدة عند بناء النظام القانوني لا يمكن أن يكون الا بالاعتداد بظاهرة الإجرام لدى مجتمع معين في فترة زمنية معينة، والقواعد العامة التي تحكم هذه الظاهرة (3).

___________

1- بيير دينيكر - تطبيقات للمناهج الطبية النفسية في علم الإجرام - تقرير مقدم إلى المؤتمر الدولي الرابع العلم الإجرام. وينظر: اعمال المؤتمر الدولي الرابع لعلم الإجرام - لاهاي 5 - 12 - ايلول - 1990/ المجلة الجنائية القومية - ع 2- تموز - 1991 - المجلد الرابع - ص 157- 158 .

 2 - محمود التوني القاضي علم الأجرام الحديث _ المطبعة العالمية القاهرة  - ص 54 – 55 .

3- د. يسر انور على وأمال عبد الرحيم عثمان - علم الإجرام والعقاب - دار النهضة العربية – القاهرة 1980 -   ص 54 - 55 .