أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-16
1094
التاريخ: 18-6-2022
1649
التاريخ: 24-5-2022
1949
التاريخ: 2024-05-19
767
|
إن محل الالتزام هو الأداء الذي يجب على المدين أن يقوم به لصالح الدائن وهو أما القيام بعمل أو الامتناع عنهُ أو تسليم شيء معين , ولكل التزام محل أيا كان مصدر هذا الالتزام (1)
وقد , اتضح لنا , أن الالتزام بتقديم معلومات الائتمان المالي من الالتزامات الايجابية , وذلك بأن محل هذا الالتزام هو تقديم المعلومات التي يجب على المصرف إعطاءها لطالب المعلومة . فهو التزام يتمثل بقيام بعمل , أي إن محل هذا الالتزام هو تقديم المعلومات من قبل المصرف إلا أن التساؤل الهام الذي ينقدح بالذهن هو :- حول المعلومات التي يمكن أن يحوزها المصرف وطبيعتها أو بمعنى آخر هل لهذهِ المعلومات الواجب على المصرف إعلام طالب المعلومة بها وصفاً خاصاً وطبيعة معينة أم أنها عامة غير محددة الوصف والمعالم ؟
للإجابة عن هذهِ التساؤلات , لابد أن نوضح في بداية الأمر أنواع المعلومات التي يمكن للمصرف أن يحوزها. ذلك أن المصارف تتوافر لديها الكثير من المعلومات سواء أكانت ذات طبيعة اقتصادية أم مالية.
حيث تلعب المعلومات الاقتصادية دوراً كبيراً في نشاط الشركات خاصة في النظم الرأسمالية مثلاً حيث تصل استفادتها من تلك المعلومات إلى اكبر قدر ممكن لخدمة الأنشطة الاقتصادية, كما تستعمل أيضا في البحث عن التكنولوجيا والتنبؤ بالأوضاع المستقبلية للسوق (2).
ومن المعلومات التي يمكن أن يحصل عليها المصرف هي المعلومات الشخصية, ويقصد بها المعلومات المرتبطة بشخص المخاطب بها مثل اسمهُ وحالتهُ الاجتماعية وموطنهِ وصحيفة حالتهِ الجنائية . وتخضع هذه المعلومات رغم أنها ليست من صنع صاحبها لسلطانهِ فلا يجوز للغير الاطلاع عليها الا بموافقتهِ الشخصية , أو بأمر من السلطة العامة المختصة ويؤكد الفقيه (Catala) على ثبوت هذا الحق لصاحبها عليها بنصوص القانون الفرنسي رقم 17لسنة 1978 الخاص بالمعلوماتية والحريات(3).
في حين صدر في بريطانيا عن جمعية المصرفين البريطانية ما أطلق عليهِ تقنين الصيرفة (The Banking Code) الذي دخل حيز النفاذ اعتباراً من 31/3/2008وقضت الفقرة (1) من المادة (11) على أن تعامل المصارف المعلومات الشخصية الخاصة بعملائها على نحو سري بحيث لا تعطي مثل هذه المعلومات إلى أي شخص حتى بعد انتهاء العلاقة مع العميل . والمعلومات الشخصية تشمل اسم العميل وعنوانهِ والتفاصيل المتعلقة بحساباتهِ (4).
وهذا الأمر أيضا تضمنهُ قانون البنك المركزي العراقي رقم (64) لسنة 1976( الملغى )(5) وذلك في المادة (54) عندما نصت على انهُ " تعتبر كافة المعلومات المتعلقة بأسماء المودعين ومبالغ ودائعهم وأية معلومات تتعلق بها وكذلك مبالغ الائتمان والالتزامات غير المباشرة وأسماء العملاء الممنوحة لهم ......"(6) .
هذا ومن المعلومات التي يمكن أن يحوزها المصرف هي المعلومات التجارية والمعلومات المالية. والمعلومات التجارية :- هي المعلومات التي تتجه إلى الأمانة والاعتبار والسمعة واليسار والقدرة على الوفاء بالديون وهذهِ المعلومات تنصب على صفات ذاتية شخصية .
أما المعلومات المالية :- هي المعلومات التي تشمل على وصف مالي للمشروعات والشركات . وهذا النوع من المعلومات يؤسس في جملتهِ على المستندات والوثائق مثل ميزانية المشروع وحساب الأرباح والخسائر وهذهِ المعلومات تنصب على الصفات الموضوعية (7).
وقد تتضمن المعلومات المالية على دخل الفرد الشهري والاتفاقات التي أجراها والديون ووضعهُ وسمعتهُ المالية لدى المصارف وشركات التامين أو وضعهُ وسمعتهُ لدى السوق التجاري والمحلي كل ذلك يدخل في مجال الذمة المالية للشخص , وهي بدورها ترتكز على الرصيد الشخصي المالي والتزاماتهِ (8).
إن تقديم معلومات مالية وتجارية عن العميل لا تشكل مخالفة للالتزام المصرف بسر المهنة وان تقديم تلك المعلومات تعد ممارسة عادية تمارس من اغلب المهن المصرفية.
ولكن إذا كانت الأعراف المصرفية تسمح للمصرف بتقديم معلومات عن عملائهِ ,إلا انهُ يشترط إلا تدخل في نطاق الالتزام المصرف بسر المهنة حيث توجد بعض القيود على تقديم معلومات عن عميل المصرف (9).
أي انهُ لا يقصد بالإدلاء بالمعلومات عن العميل أن يفضي المصرف بشيء من أسرار العميل لديهِ. إذ أن الإجابة عن الاستعلام يجب ان تكون وفق قواعد يجب على المصرف مراعاتها وهي كما يلي :-
1- أن يتصرف بحيطة وتبصر بحيث يبذل في ذلك عناية الرجل المعتاد .
2- أن تكون الإجابة بشكل عبارات عامة مجملة.
3- أن تكون العبارات المعطاة صحيحة فإذا كانت غير صحيحة كان المصرف مسؤولاً عن الإضرار التي تلحق بالعميل(10). أي انهُ لا ينتظر من المصرف أن يقدم معلومات إلا بالنواحي المالية والاقتصادية دون النواحي الخلقية التي تفلت بطبيعتها وغالباً من نشاط المصارف .
أي ان المصرف لا يلتزم إلا بتقديم معلومات مالية ومصرفية متصلة بالمركز المالي للعملاء في المصرف دون أي معلومات أخرى كأمانته أو أخلاقه . ولا يعد العرف الذي يسمح للمصرف بإعطاء معلومات مالية عن عملائهِ سوى استثناء من ضرورة المحافظة على إسرار العملاء التي تظل القاعدة الأساسية في المهنة المصرفية (11).
بناء على ما سبق ذكرهُ, يمكن القول , بان طبيعة المعلومات التي يلتزم المصرف بإعطائها لطالب المعلومة تكون معلومات عامة أي لا تدخل في نطاق السر المصرفي إلا في حالة الإذن الذي يعطى للمصرف من قبل صاحب المعلومة الذي يسمح لهُ بإعطاء تلك المعلومة , أو في حالة وجود نص قانوني أو حكم قضائي يجيز للمصرف إعطاء هذه المعلومات السرية . وقد اجتهد الفقه في تحديد المعلومات ذات الصفة السرية وقرر أنها المعلومات التي لها طابع محدد أو التي تحتوي على " رقم " مثل محتوى الميزانية أو مضمونها أو العجز في احد بنودها أو رصيد أو حركة حساب أو مبلغ الائتمان أو طلب تأجيل الوفاء أو تفاصيل العمليات التي قام بها العميل .(12)فمثل هذهِ المعلومات لا يجوز للمصرف إعطائها لأي شخص إلا بإجازة صاحبها أو وجود نص قانوني يقضي بعطاءها.
بينما لا تعد سرية المعلومات ذات الطابع العمومي والشائعة والتي تتمثل بالآراء المحلية الصادرة عن المصارف. أي إن الأصل لا يمكن للمصرف أن ينقل لطالب المعلومة سوى المعلومات العامة المتعلقة بالعميل, فلا يمكن أن تتضمن الإجابة أية تعليمات مرقمة أو معلومة دقيقة فيجب أن يصاغ رأي المصرف بعبارات موضوعية (13).
وفضلاً عن المعلومات التي تنصب على بيانات اقتصادية وتجارية ذات الطابع العام ,فان جانباً من الفقه يرى انهُ لا يوجد سر عندما يستشعر المصرف أن عميلهِ يضع نفسه في موقف متعذر إصلاحه بسبب مديونيتهِ لان هذا العميل لم يعد جديراً بحماية أسرار معاملاته فإبقاء هذه الحماية يضر بالغير المتعاملين معهُ (14).
كذلك لا يكون المصرف منتهكاً للسر المصرفي إذ أعطي بعض المعلومات المعلنة للجمهور كما هو الحال مثلاً إذا كان عميل المصرف عبارة عن شركة تجارية وقام المصرف بإعطاء معلومات للغير تتعلق باسم الشركة ورأس مالها بأوصافه كافة , وذلك أن المادة ( 210) من قانون الشركات العراقي رقم 21لسنة 1997 قد ألزمت الشركات بان تثبت اسمها كاملاً ورأس مالها بأوصافه كافة على محل إدارتها الرئيس وفروعها ومحلات نشاطها وعلى جميع إداراتها وشهاداتها ووثائقها وكل ما يصدر عنها (15).
وتجدر الإشارة أن الأمثلة الأخرى للمعلومات ذات الطابع العام التي يجوز للمصرف إعطاءها هو القول بان العميل ائتمانهِ جيد أو ضعيف الائتمان أو لا يتعامل معهُ بدون ضمانات أو القول بان الاستحقاقات صعبة أو الدفعات غير منتظمة.
ورغم إن المصرف لا يقدم إلا المعلومات ذات الطابع العام فانهُ يقدم خدمة جليلة لطالب المعلومات ذلك انهُ يقوم بتجميع المعلومات المجزأة في عدة أماكن وتحليل المعلومات الإجمالية لتكوين تصور عام يعطي رؤية الائتمان وجدية المشروع المزمع التعاقد معهُ . وإذا تضمنت المستندات محل الاطلاع معلومات سرية ومعلومات عامة فانهُ يتم الكشف عن المعلومات العامة دون المعلومات السرية, فقد حدث إن وجه احد المصارف إلى مساهمي إحدى الشركات الذين يحفظون أسهمهم لديه ويدير لهم حافظة أوراقهم المالية عرضاً عاماً بشراء تلك الأسهم وإتمام هذهِ العملية وفقاً لنظام العرض العام ( اكتتاب الجمهور ) بالشراء تقتضي الحصول على معلومات اقتصادية عن هذهِ الأسهم والقيام بفحص مستندات محاسبة الأمر الذي يكشف عن شخصية مالك الأسهم وهذا يتعارض مع واجب حماية السر المصرفي المفروض على المصرف لصالح عملائهِ .
لهذا يتجه القضاء في مثل هكذا فروض إلى الموقف الواضح والحاسم إلا وهو :- أن نتائج فحص المستندات والرقابة على العملية هي فقط التي تذكر دون الإشارة إلى أسماء العملاء التي اطلع عليها المندوب المكلف بعملية البحث(16).
وفي إطار تحديد درجة العناية التي يجب على المصرف أن يبذلها عند تقديم المعلومات, يقرر بعض الشراح الفرنسيين انهُ عندما تكون المعلومات المطلوبة تخص عميل المصرف ففي هذهِ الحالة ونتيجة التزام المصرف بالسر المهني يكتفي بالإجابة على طلب المعلومات أن يقدم المعلومات في عبارات عامة ويعطي رأيا عاماً عن حالة العميل (17) .
ولاشك أن تقديم المعلومات في عبارات عامة يتطلب من المصرف عناية اقل , حيث يمكن للمصرف في هذهِ الحالة أن يعتمد على مصادر عامة ولكن مع ملاحظة التزام المصرف بالسر المهني , ولا يبرر لهُ أن يقدم معلومات غير صحيحة عن حالة العملاء, ذلك أن هناك حداً أدنى من العناية يجب على المصرف أن يبذلها لكي يقدم معلومات صحيحة , فعلى سبيل المثال أذا لم تكن لدى المصارف معلومات كافية عن حالة العميل فيجب عليهِ أن يستعلم من المصارف الأخرى حتى يقدم معلومات صحيحة.
والسماح للمصرف بتقديم معلومات عامة عن عملائهِ ليس مطلقاً من كل قيد ,إذ يجب أن يكون لهُ ما يبررهُ وان يتم ذلك باحتياط وموضوعية وعند الخلاف فان المصرف عليهِ عبء إثبات الدوافع التي حملتهُ على تقديم معلومات عن الموقف المالي والتجاري لعميلهِ (18) .
وبناء على ما سبق ذكرهُ يمكن القول بان المعلومات التي يكون محل الالتزام بأدائها تعد في الأصل معلومات عامة أي تلك التي لا تحتوي على أية بيانات أو سرد لوقائع الخصوصية مثل أن العميل يسدد ديونهِ بانتظام وان هناك صعوبات تواجه المصرف عند استحقاق ديونهِ على العميل , كذلك أن المصرف ليس هو المكان الذي يقدم معلومات شخصية بل فقط معلومات التجارية وهي تتعلق حتماً بحسابات العملاء أو ودائعهم , أي أن المعلومات التي يعطيها المصرف تتعلق عادة بالموقف المصرفي وليس بأخلاقهم أو طبيعة تصرفاتهم , فعلى سبيل المثال عند التقديم لصرف قيمة الصك ويكون الرصيد غير كافٍ أو غير موجود, فهنا يحرر المصرف خطاب ببعض المعلومات عن الصك المقدم إليه عما أذا كان الرصيد غير كافٍ لسداد قيمة الصك المقدم إليه من عدمهِ, أو ان هناك رصيد موجود أصلا أو لا أو التوقيع مطابق أو لا.
كل هذهِ الأمثلة للمعلومات التي يقدمها المصرف والتي لا تعد إفشاء للسر(19). وكل ما يشترط في المعلومة المقدمة أن تكون هذهِ المعلومة موجودة لدى المصرف وان تكون دقيقة ومحددة في مضمونها ومؤكدة من حيث تحققها وأيضا مجهولة من الجمهور وبحسب الأحوال. وكلما كان الإعلام الصادر من المصرف في عباراتهِ سهل وألفاظه بسيطة كلما كان سهل الفهم ميسور الإدراك بعكس الحال إذا جاءت عبارات الإعلام وألفاظه في أسلوب مركب وصياغة فنية معقدة حيث يصعب على طالب المعلومة فهم مدلولاتها وأدراك مضامينها .
______________
1- انظر د. الفصايلي الطيب , النظرية العامة للالتزام ,ج1, الطبعة الثانية, مطبعة نشر البديع , مراكش , 1997, ص 107.
2- انظر د. أحمد بركات مصطفى , مسؤولية البنك عن تقديم المعلومات والاستشارات المصرفية – دراسة مقارنة , دار النهضة العربية , القاهرة , 2006 , ص 48.
3- أنظر Catala, op.cit, p. 102
4- يمكن الحصول على نسخة من هذا التقنين من خلال الاطلاع على الموقع الالكتروني لجمعية المصارف البريطانية :-
www.bba.org.uk
5- الغي قانون البنك المركزي العراقي رقم (64) لسنة 1976 بصدور القانون المرقم (56) لسنة 2004 اذ جاء في المادة (73) منهُ " يلغى العمل بقانون البنك المركزي العراقي المرقم (64) لسنة 1976 بصيغتهِ المعدلة اعتباراً من تاريخ العمل بهذا القانون ".
6- أنظر كذلك أيضا ما نصت عليهِ المادة (49) من قانون المصارف العراقي رقم (94) لسنة 2004.
7- أنظر د. أحمد بركات مصطفى , مسؤولية البنك عن تقديم المعلومات والاستشارات المصرفية – دراسة مقارنة , دار النهضة العربية , القاهرة , 2006 , ص 12-13.
8- أنظر د. محمد عبد المحسن المقاطع , حماية الحياة الخاصة للإفراد وضماناتها في مواجهة استخدام الحساب الآلي , ذات السلاسل للطباعة والنشر , الكويت , 1992, ص 79.
9- أنظر د. أحمد بركات مصطفى , مسؤولية البنك عن تقديم المعلومات والاستشارات المصرفية – دراسة مقارنة , دار النهضة العربية , القاهرة , 2006 , ص 48.
10- أنظر د. محمود الكيلاني , دورة سرية أعمال المصارف وتنظيف الأموال الملوثة , معهد الدراسات المصرفية ,عمان , 2001 , ص 39.
11- أنظر د. علي جمال الدين عوض , عمليات البنوك من الوجهة القانونية, الطبعة الرابعة, دار النهضة العربية, 2008 , ص 1168.
12- انظر
Gavald et Stoufflet , Droit de la banque , Paris ,1974 ,P.57 .
13- أنظر د. عبده جميل غصوب , الاستعلام المصرفي – الجديد في أعمال المصارف من الوجهتين القانونية والاقتصادية - أعمال المؤتمر العلمي السنوي لكلية الحقوق بجامعة بيروت – الجديد في التقنيات المصرفية ,ج 1, الطبعة الاولى, منشورات الحلبي الحقوقية , لبنان ,2007 , ص 441.
14- أنظر د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , دور البنك في خدمة تقديم المعلومات , دار النهضة العربية , القاهرة , 2008 , ص152.
15- انظر المادة (210) من قانون الشركات العراقي رقم (21) لسنة 1997.
16- انظر د. عاشور عبد الجواد عبد الحميد , دور البنك في خدمة تقديم المعلومات , دار النهضة العربية , القاهرة , 2008 , ص 154.
17- أنظر
Jack vezian,La responsabilite du banquier en droit prive francais, paris ,1983 ,p.301 .
18- انظر د. احمد بركات مصطفى , مصدر السابق , ص 49.
19- انظر المحامي فتح الله محمد هلال , الوجيز في سرية الحسابات بالبنوك , دار الفكر الكتب للطباعة , 2003 , ص 17.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يصدرُ مجموعةَ أبحاثٍ علميَّةٍ محكَّمةٍ في مجلَّة الذِّكرِ
|
|
|