أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-11-2017
1849
التاريخ: 2-3-2019
2639
التاريخ: 6-12-2016
2051
التاريخ: 23-10-2017
3032
|
تجارة الرقيق الأسود
تمثل تجارة الرقيق الأسود أو نظام الرق أو العبيد Slave System مثالاً مهماً لحركة الهجرة القسرية (الإجبارية) التي شهدها العالم، وقد تعددت الآثار والنتائج الاجتماعية لهذه الهجرة وأرخت بظلالها على المجتمع الأمريكي والإفريقي على حد سواء، إذ تعد عملية نقل الأفارقة الزنوج Negroes من السواحل الإفريقية إلى العالم الجديد من أكبر عمليات الهجرة ذات التأثير الاجتماعي والديموغرافي والاقتصادي الكبير التي شهدها العالم للمدة 1870-1526، حيث جلب الأوربيون في القرن الخامس عشر المهاجرين الأفارقة ليكونوا قوة عمل مساندة للأمريكيين للعمل في مزارع القمح والقطن والذرة.
لقد نشأ ما يسمى بمثلث الرقيق الأسود عندما نقل الأوربيين المئات من الأفارقة من السواحل الإفريقية الغربية إلى الدول الأوربية. وبعد عام 1630 بدأ الرجل الأوربي بنقل الأفارقة إلى قارة أمريكا الشمالية للعمل في المزارع الأمريكية، ونشأ بذلك نظام اقتصادي فريد من نوعه يقوم على أساس خطف الأفارقة واسترقاقهم وترحيلهم قسراً إلى العالم الجديد، للعمل في المناطق المدارية الرطبة مقابل أموال طائلة يكسبها التاجر الأوربي، لقد تجاوز عدد العبيد الأفارقة العشرة ملايين نسمة في بدايات القرن الخامس عشر، وفي عام 1750 صدر قانون امتلاك الزنوج واعتبارهم جزءاً من الممتلكات الشخصية للفرد الأمريكي(1)، ويقدر النقص السكاني الحاصل في القارة الإفريقية خلال أربعة قرون بين 30-40 مليون نسمة، وهؤلاء يشملون الذين وصلوا العالم الجديد، فضلاً . عن الذين فارقوا الحياة بسبب صعوبات النقل والأوبئة والذين قتلوا في أفريقيا بسبب الغارات والقنص البشري(2)
لقد كانت البداية على يد الإسبان والبرتغاليين الذين أقاموا مراكز تجارية في القرن السادس عشر على السواحل الإفريقية، لتكون منطلقاً لاستعمار القارة الإفريقية. وكانت تلك المراكز تتاجر بالرقيق ويتم بيعهم في أسواق لشبونة وإشبيلة، ثم تنبهت أنكلترا وفرنسا إلى مايمكن أن تجنيه من أرباح هذه التجارة، لذا أنشأت لها مراكز تجارية على السواحل الإفريقية لمنافسة الإسبان والبرتغاليين، وطريقة الأوربيين في القبض على الأفارقة تتمثل بإثارة العداوة والبغضاء بين رؤساء القبائل الإفريقية، فتنشب الحروب والغارات وينجم عنها السبي والأسر، وحصيلة ذلك حصول الأوربيين على الأرقاء بأثمان بخسة. وكان الرجال يعرضون على شكل دائرة ووجوههم نحو المركز، حيث يقف نخاسو الشركات لاختيار بضاعتهم البشرية. في حين تصطف النساء بشكل صفوف ويتقدم النخاسون ليتحسسوا بضاعتهم بشكل مهين، ومن تعترض تقرع بالسياط. ثم ينقل الزنوج إلى سفن مخصصة لاستيعاب أكبر عدد ممكن وهم مقيدون بالأصفاد والسلاسل، ويمددون في صفوف مرصوفة ومن يعتل يرمي في البحر. وفي حالة ازدياد حمولة السفينة كان يهلك من الحمولة 20-30٪ من إجمالي الأفارقة المنقولين، وإذا أراد قائد السفينة أو ملاحوها الترفيه عن أنفسهم دعوا الزنوج إلى الغناء والرقص(3).
لقد قام الأمريكيون بنقل الأرقاء الأفارقة إلى المناطق الجنوبية الحارة، في لويزيانا وجنوب السهل الأطلسي، وهاجر أعقابهم تدريجياً إلى الولايات الشمالية للتخلص من عنصرية السكان البيض في الجنوب، لذا فإن نصف الأفارقة الآن مقيمون خارج الولايات الجنوبية التي نقل لها أجدادهم(4).
ولم تنته حركة الاسترقاق إلا عام 1870 عندها تحرر الرجل الأوربي وانتشر في أجزاء متعددة من الولايات المتحدة، وساعدهم في ذلك الحاجة المضطردة للأيدي العاملة في المجال الصناعي. لتبدأ مرحلة جديدة من حياة الرجل الإفريقي وهي مرحلة التمييز العنصري.
وقد نشأت سلالات بشرية جديدة نتيجة تزاوج الرجل الإفريقي من سكان البلاد الأصليين، أو زواجه من الأوربيين، على الرغم من أن هذا الزواج كان على نطاق محدود ولا توجد له مغريات. وأطلق اسم الأمريكيين الأفارقة أو السود على ذوي الأصول الإفريقية، الذين يشكلون الآن ما يقارب 35 مليون نسمة، أو 12% من إجمالي السكان بحسب إحصاءات عام 2000، ونتيجة لسياسة التمييز العنصري كون الأفارقة لهم أماكن تركز داخل المدن، وتباينت الهجرة الداخلية للأفارقة داخل الولايات المتحدة تبعاً لعوامل سياسية واقتصادية واجتماعية، إذ بقيت بعض المناطق حكراً على الرجل الأوربي.
أظهرت نتائج أول تعداد أجري في الولايات المتحدة عام 1790 أن عدد الأفارقة كان ثلاثة أرباع مليون نسمة، وفي تعداد 1850 أي بعد 60 سنة تبين أن عددهم بلغ 3.5 مليون نسمة وفي عام 1970 بلغ عدد الأفارقة نحو 20 مليون نسمة(5) أما في تعداد عام 2000 فقد بلغ حجمهم السكاني ما يقارب 34.5 مليون نسمة، أو ما نسبته 12.5% من إجمالي سكان الولايات المتحدة(6).
وقد أخذ المهاجرون الأفارقة بالهجرة نحو المناطق الشمالية منذ عام 1878، لاسيما بعد نشوب الحرب العالمية الأولى وما صاحبها من نقص شديد في اليد العاملة في المراكز الصناعية الشمالية، وعلى الرغم من هجرة الأفارقة نحو الغرب والتي امتدت خلال المدة 1901-1910، إلا أن هجرتهم باتجاه الشمال كانت أعلى، على الرغم من أن هذه الهجرة توقفت خلال عقد الثلاثينيات من القرن العشرين بسبب الأزمة الاقتصادية.
واستمرت الهجرة القسرية وعملية قنص الأفارقة لثلاثة قرون، وكان الإسبان أول من مارسها وتلاهم البرتغاليون ثم الإنجليز والفرنسيون، وليس هناك إحصاءات دقيقة عن أعداد الأفارقة المهجرين إلى القارة الأمريكية خصوصا وأن عدداً كبيراً منهم كان يفارق الحياة في الطريق بسبب الجوع والمعاملة السيئة، ومع ذلك تقدر بعض الدراسات أن 15 مليون إفريقي قد اقتيدوا بالقوة قبل عام 1850 تم ترحيل ما يزيد على 30 مليون نسمة منهم للقيام بأعمال شاقة وإجبارية.
وبعد استقلال الولايات المتحدة وإلغاء مبدأ العبيد والتمييز على أساس اللون والجنس والعرق، ظهرت مشكلة جديدة وهي مشكلة التفرقة العنصرية، الأمر الذي شجع بعض الزنوج على استعمال العنف والتوجه لحمل السلاح للحصول على حقوقهم المدنية, وتعد تجارة الرقيق الأسود أسوأ صفحة عرفتها الإنسانية، وتتجلى فيها البشاعة اللامتناهية للإنسان وقسوته على أبناء جلدته، إذ كانت قوى الرجل الإفريقي تستنزف في العمل حتى الموت.
إن الثالث من آب عام 1619 هو تاريخ أول سفينة هولندية تحمل الشحنة الأولى من الزنوج إلى أمريكا الشمالية لترسو في ميناء جيمس تاون James Town بولاية فرجينيا. وكان ذلك بداية الطالع المخيف لشعب بائس لاحول له ولا قوة، وقع في رق جماعي وأصبح جسده لأربعة قرون من الزمن هدفاً يتصيده الغزاة والطامعون. ومازالت رواسب الماضي الأليم وذكرياته القاسية عالقة في الأذهان تئن بين الحين والآخر في ذاكرة أبنائه وأدبائه خاصة. وفي كتاب الجذور (The roots) الذي وضعه الكاتب الزنجي (أليكس هيلي Alex Haley) صور مؤلمة لما لقيه جده مع أ أبناء قومه من بؤس وشقاء في رحلة العذاب، وما عاناه من آلام في حياة رقه، كما يروي المؤلفون الذين كتبوا عن حياة الزنوج قصصاً مؤلمة بسبب معاملة مالكيهم(7).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) J, H. Paterson, (1965), A geography of Canada and the United States of North America, Oxford Univercity press.
(2) محمد عبد الغني سعودي، قضايا أفريقيا، سلسلة علم المعرفة (34)، الكويت، 1980، ص80.
(3) عبد السلام الترمايني، الرق- ماضيه وحاضره، سلسلة عالم المعرفة (23)، ا 1979، ص141 - 144.
(4) بیار جورج، جغرافية السكان، ترجمة سموحي فوق العادة، منشورات عويدات، بيروت، 1985، ص18.
(5) عبد الفتاح محمد وهيبة، دراسات في جغرافية السكان، دار النهضة العربية، بيروت، 1979، ص301.
(6) Jesse Mckinnon, (2001), The black population, United States census, Bureau, p.2.
(7) للمزيد ينظر:
عبد السلام الترمانيني، مصدر سابق، ص157-158.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|