أهداف الاستراتيجية:

كما ذكرنا فإن الاستراتيجية تهدف إلى تحقيق الغايات التي ترسمها السياسة مستخدمة في سبيل ذلك كل إمكاناتها. والأهداف التي تحددها السياسة وتطلب من الاستراتيجية تحقيقها متنوعة. فقد يكون الهدف من الاستراتيجية هجوميا مثل الاستيلاء على مناطق أو أقاليم معينة مثل ألمانيا في حربيها العالميتين الأولى والثانية، ومثل إسرائيل في عدوانها المتكرر على الدول العربية المجاورة لها. وقد يكون الهدف دفاعيا مثل بريطانيا في دفاعها عن نفسها في الحرب العالمية الثانية، ومثل الدول العربية المحيطة بإسرائيل بعد توقيعها لاتفاقيات السلام مع إسرائيل. وقد يكون الهدف إرغام العدو على أن يتفاوض دون ضرورة لفرض الهزيمة العسكرية عليه، إما لعدم وجود مصلحة في هذه الهزيمة، أو بهدف الإبقاء على العلاقات الطيبة في المستقبل، مثل موقف الحلفاء من إيطاليا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، ومثل ما حدث من إسرائيل في عدوانها الأخير (أبريل ١٩٩٦ )على لبنان.

مما سبق نرى ن هدف الاستراتيجية ليس دائما لفرض الهزيمة العسكرية على العدو، بل لفرض إرادة الانتصار على هذا العدو سواء أكان هذا الانتصار عسكريا أم اقتصاديا أم نفسيا، فالاستراتيجية تبحث أساسا عن النصر السياسي الذى يعد النصر العسكري أحد وسائله. فقد يحدث نصر عسكري، لكنه قد لا يحقق نصرا سياسيا، مثل العدوان الثلاثي (فرنسا وبريطانيا وإسرائيل) على مصر في عام ١٩٥٦ نظرا لعدم تكافؤ القوى، لكنه لم يحقق غايته في الاستيلاء على سيناء الذى كانت تسعى إليه إسرائيل بالدرجة الأولى، أو استرجاع قناة السويس بعد تأميمها، وهو السبب المباشر في هذا العدوان من قبل بريطانيا وفرنسا، وبذلك تعد هذه هزيمة سياسية رغم النصر العسكري.