المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
سبب نزول الآية 122 من سورة ال عمران
2024-11-24
أقسام الغزاة
2024-11-24
سبب نزول الآية 86-89 ال عمران
2024-11-24
الموطن الاصلي للفجل
2024-11-24
التربة المناسبة لزراعة الفجل
2024-11-24
مقبرة (انحور خعوي) مقدم رب الأرضين في مكان الصدق في جبانة في دير المدينة
2024-11-24



زواج أمير المؤمنين من الزهراء ( عليهما السّلام )  
  
5532   04:46 مساءً   التاريخ: 12-5-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 3، ص77-90
القسم : سيرة الرسول وآله / السيدة فاطمة الزهراء / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-5-2016 4179
التاريخ: 16-12-2014 3646
التاريخ: 17-5-2017 4067
التاريخ: 16-12-2014 3535

عليّ ( عليه السّلام ) يتقدّم لخطبة الزهراء ( عليها السّلام ) :

كان الإمام عليّ ( عليه السّلام ) يفكّر في خطبة الزهراء ، ولكنّه بقي ( عليه السّلام ) بين الحالة التي يعيشها هو والمجتمع الإسلامي من فقر وفاقة وضيق في المعيشة ، يصرفه عن التفكير في الزواج ويشغله عن نفسه وهواجسها في بناء الأسرة ، وبين واقعه الشخصي وقد تجاوز الواحد والعشرين من العمر[1] ، وآن له أن يتزوّج من فاطمة التي لاكفؤ له سواها ، وهي نسيج لا يتكرّر .

ذات يوم وما أن أكمل الإمام ( عليه السّلام ) عمله حتى حلّ عن ناضحه وأقبل يقوده إلى منزله فشدّه فيه ، وتوجّه نحو منزل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وكان في بيت السيدة امّ سلمة ، وبينما كان الإمام في الطريق هبط ملك من السماء بأمر إلهي هو أن يزوّج النور من النور ، أي فاطمة من عليّ[2].

فدقّ عليّ ( عليه السّلام ) الباب ، فقالت أمّ سلمة : من بالباب ؟ فقال لها رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « قومي يا امّ سلمة فافتحي له الباب ومريه بالدخول ، فهذا رجل يحبّه اللّه ورسوله ويحبّهما » فقالت امّ سلمة : فداك أبي وأمي ، من هذا الذي تذكر فيه هذا وأنت لم تره ؟ فقال : « مه يا امّ سلمة ، فهذا رجل ليس بالخرق ولا بالنزق ، هذا أخي وابن عمّي وأحبّ الخلق إليّ » قالت امّ سلمة : فقمت مبادرة أكاد أعثر بمرطي ، ففتحت الباب فإذا أنا بعليّ بن أبي طالب ( عليه السّلام ) فدخل على رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فقال : « السلام عليك يا رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته » فقال له النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) :

« وعليك السلام يا أبا الحسن ، اجلس » فجلس عليّ ( عليه السّلام ) بين يدي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وجعل ينظر إلى الأرض كأنّه قصد لحاجة وهو يستحي أن يبيّنها ، فهو مطرق إلى الأرض حياء من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فكأنّ النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) علم ما في نفس عليّ ( عليه السّلام ) فقال له : « يا أبا الحسن ، إنّي أرى أنّك أتيت لحاجة ، فقل حاجتك وابد ما في نفسك ، فكلّ حاجة لك عندي مقضية » قال عليّ ( عليه السّلام ) : « فداك أبي وأمي إنّك أخذتني عن عمّك أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد وأنا صبي ، فغذّيتني بغذائك ، وأدّبتني بأدبك ، فكنت إليّ أفضل من أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد في البرّ والشفقة ، وإنّ اللّه تعالى هداني بك وعلى يديك ، وإنّك واللّه ذخري وذخيرتي في الدنيا والآخرة يا رسول اللّه فقد أحببت مع ما شدّ اللّه من عضدي بك أن يكون لي بيت وأن تكون لي زوجة أسكن إليها ، وقد أتيتك خاطبا راغبا ، أخطب إليك ابنتك فاطمة ، فهل أنت مزوّجي يا رسول اللّه ؟ » فتهلّل وجه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فرحا وسرورا ، وأتى فاطمة فقال : « إنّ عليّا قد ذكرك وهو من قد عرفت » فسكتت ( عليها السّلام ) ، فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « اللّه أكبر ، سكوتها رضاها » فخرج فزوّجها[3].

قالت امّ سلمة : فرأيت وجه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يتهلّل فرحا وسرورا ، ثم تبسّم في وجه عليّ ( عليه السّلام ) فقال : « يا عليّ فهل معك شيء أزوّجك به ؟ » فقال عليّ ( عليه السّلام ) : « فداك أبي وامّي ، واللّه ما يخفى عليك من أمري شيء ، أملك سيفي ودرعي وناضحي ، وما أملك شيئا غير هذا » فقال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « يا عليّ أمّا سيفك فلا غنى بك عنه ، تجاهد في سبيل اللّه ، وتقاتل به أعداء اللّه ، وناضحك تنضح به على نخلك وأهلك ، وتحمل عليه رحلك في سفرك ، ولكني قد زوّجتك بالدرع ورضيت بها منك » .

« يا أبا الحسن ، أأبشّرك ؟ ! » قال عليّ ( عليه السّلام ) قلت : « نعم فداك أبي وامّي بشّرني ، فإنّك لم تزل ميمون النقيبة ، مبارك الطائر ، رشيد الأمر ، صلّى اللّه عليك » .

فقال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « أبشّرك يا عليّ فإنّ اللّه - عز وجل - قد زوّجكها في السماء من قبل أن أزوّجكها في الأرض ، ولقد هبط عليّ في موضعي من قبل أن تأتيني ملك من السماء فقال : يا محمّد ! إنّ اللّه - عز وجل - اطلع إلى الأرض اطلاعة فاختارك من خلقه فبعثك برسالته ، ثم اطلع إلى الأرض ثانية فاختار لك منها أخا ووزيرا وصاحبا وختنا فزوّجه ابنتك فاطمة ( عليها السّلام ) ، وقد احتفلت بذلك ملائكة السماء ، يا محمّد ! إن اللّه - عز وجل - أمرني أن آمرك أن تزوّج عليّا في الأرض فاطمة ، وتبشّرهما بغلامين زكيين نجيبين طاهرين خيّرين فاضلين في الدنيا والآخرة ، يا عليّ ! فو اللّه ما عرج الملك من عندي حتى دققت الباب »[4].

أمر زواجها من السماء :

قال ابن أبي الحديد : وإنّ إنكاحه عليّا إيّاها ما كان إلّا بعد أن أنكحه اللّه تعالى إيّاها في السماء بشهادة الملائكة[5].

وعن جابر بن عبد اللّه قال : لمّا زوّج رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فاطمة من عليّ ( عليه السّلام ) كان اللّه مزوّجه من فوق عرشه[6].

وعن أبي جعفر ( عليه السّلام ) قال : « قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : إنّما أنا بشر مثلكم ، أتزّوج فيكم وأزوّجكم إلّا فاطمة ، فإنّ تزويجها نزل من السماء »[7].

خطبة العقد :

قال أنس : بينما أنا قاعد عند النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) إذ غشيه الوحي ، فلمّا سري عنه قال : « يا أنس ! تدري ما جاءني به جبرئيل من صاحب العرش ؟ » قلت : اللّه ورسوله أعلم ، بأبي وامّي ما جاء به جبرئيل ؟ قال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « إنّ اللّه تعالى أمرني أن أزوّج فاطمة عليا ، انطلق فادع لي المهاجرين والأنصار » قال : فدعوتهم ، فلمّا أخذوا مقاعدهم قال النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) : « الحمد للّه المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع بسلطانه ، المرغوب اليه فيما عنده ، المرهوب عذابه ، النافذ أمره في أرضه وسمائه ، الذي خلق الخلق بقدرته ، وميّزهم بأحكامه ، وأعزّهم بدينه ، وأكرمهم بنبيّه محمّد ، ثم إنّ اللّه تعالى جعل المصاهرة نسبا وصهرا ، فأمر اللّه يجري إلى قضائه ، وقضاؤه يجري إلى قدره ، فلكلّ قدر أجل ، ولكلّ أجل كتاب يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ، ثم إنّ اللّه أمرني أن أزوّج فاطمة بعليّ ، فأشهدكم أنّي قد زوّجته على أربعمائة مثقال من فضة إن رضي بذلك عليّ » .

وكان عليّ غائبا قد بعثه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في حاجته ، ثم إنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) أمر بطبق فيه بسر فوضع بين أيدينا ، ثم قال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « انتهبوا » ، فبينا نحن ننتهب إذ أقبل علي ( عليه السّلام ) ، فتبسّم اليه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ثم قال : « يا عليّ ! إنّ اللّه أمرني أن أزوّجك فاطمة ، فقد زوّجتكها على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت » فقال عليّ ( عليه السّلام ) : « قد رضيت يا رسول اللّه » ثم إنّ عليّا مال فخرّ ساجدا شكرا للّه تعالى وقال : « الحمد للّه الذي حبّبني إلى خير البرية محمد رسول اللّه » ، فقال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « بارك اللّه عليكما ، وبارك فيكما وأسعدكما ، وأخرج منكما الكثير الطيب » .

قال أنس : فو اللّه لقد أخرج منهما الكثير الطيب[8].

مهرها وجهازها :

وجاء عليّ بالمهر بعد أن باع درعه لعثمان ، وكان أربعمائة درهم سود هجرية ، فقبض الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) الدراهم وأعطاها لبعض أصحابه ونسائه ليشتروا متاعا للبيت الجديد ، فكان الجهاز :

« 1 - قميصا بسبعه دراهم . 2 - خمارا بأربعة دراهم . 3 - قطيفة سوداء خيبرية . 4 - سريرا مزمّلا بشريط . 5 - فراشين من خيش مصر حشو أحدهما ليف ، وحشو الآخر من جزّ الغنم ( صوف ) . 6 - أربعة مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر . 7 - سترا من صوف . 8 - حصيرا هجري . 9 - رحاء اليد .

10 - سقاء من أدم . 11 - مخضبا من نحاس . 12 - قعبا للّبن . 13 - شنّا للماء .

14 - مطهرة مزفّتة . 15 - جرّة خضراء . 16 - كيزان خزف . 17 - نطعا من أدم .

18 - عباء قطراني . 19 - قربة ماء » .

قالوا : وحملناه جميعا حتى وضعناه بين يدي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فلمّا نظر إليه بكى وجرت دموعه ، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : « اللهمّ بارك لقوم جلّ آنيتهم الخزف »[9].

جهّز علي ( عليه السّلام ) داره ، وفرش ( عليه السّلام ) بيته بالرمل الليّن ونصب خشبة من حائط إلى الحائط لتعليق الثياب عليها وبسط على الأرض إهاب كبش ومخدّة ليف .

وعن أبي يزيد المديني قال : لمّا أهديت فاطمة إلى عليّ ( عليه السّلام ) لم تجد عنده إلّا رملا مبسوطا ووسادة وجرّة وكوزا[10].

مقدّمات الزفاف ووليمة العرس :

قال عليّ ( عليه السّلام ) : « ومكثت بعد ذلك شهرا لا أعاود رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في أمر فاطمة بشيء ، استحياء من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) غير أنّي كنت إذا خلوت برسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يقول لي : « يا عليّ ما أحسن زوجتك وأجملها ! أبشر يا عليّ فقد زوّجتك سيّدة نساء العالمين » فقال عليّ ( عليه السّلام ) : « فلمّا كان بعد شهر دخل عليّ أخي عقيل فقال : يا أخي ما فرحت بشيء كفرحي بتزوجك فاطمة بنت محمّد ( صلّى اللّه عليه واله ) ، يا أخي فما بالك لا تسأل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يدخلها عليك ؟ فتقرّ عينا باجتماع شملكما » .

قال عليّ ( عليه السّلام ) : « واللّه يا أخي إنّي لاحبّ ذلك وما يمنعني من مسألته إلّا الحياء منه » فقال : أقسمت عليك إلّا قمت معي ، فقمنا نريد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، فلقيتنا

في طريقنا بركة « امّ أيمن » - مولاة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) - فذكرنا ذلك لها ، فقالت : لا تفعل ودعنا نحن نكلّمه ، فإنّ كلام النساء في هذا الأمر أحسن وأوقع بقلوب الرجال .

ثم انثنت راجعة فدخلت إلى امّ سلمة فأعلمتها بذلك وأعلمت نساء النبي فاجتمعن عند رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فأحدقن به وقلن - والكلام لا يزال لامّ سلمة ( امّ المؤمنين ) - فديناك بآبائنا وأمهاتنا يا رسول اللّه قد اجتمعنا لأمر لو أنّ خديجة في الأحياء لقرّت بذلك عينها ، قالت امّ سلمة : فلمّا ذكرنا خديجة بكى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ثم قال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « خديجة وأين مثل خديجة ؟ صدّقتني حين كذّبني الناس ووازرتني على دين اللّه وأعانتني عليه بما لها » .

قالت امّ سلمة : فقلنا : فديناك بآبائنا وامّهاتنا ، يا رسول اللّه إنّك لم تذكر من خديجة أمرا إلّا وقد كانت كذلك ، غير أنّها قد مضت إلى ربّها ، فهنأها اللّه بذلك ، وجمع بيننا وبينها في درجات جنّته ورضوانه ورحمته ، يا رسول اللّه هذا أخوك في الدين وابن عمك في النسب عليّ بن أبي طالب ، يحب أن تدخل عليه زوجته فاطمة وتجمع بها شمله ، فقال : « يا امّ سلمة ، فما بال عليّ لا يسألني ذلك ؟ » .

فقلت : يمنعه الحياء منك يا رسول اللّه ، قالت امّ أيمن : فقال لي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « انطلقي إلى عليّ فآتيني به » ، فخرجت من عند رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فإذا عليّ ينتظرني ليسألني عن جواب رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، فلمّا رآني قال : « ما وراءك يا امّ أيمن ؟ » .

قلت : أجب رسول اللّه ، قال عليّ ( عليه السّلام ) : « فدخلت وقمن أزواجه فدخلن البيت وجلست بين يديه مطرقا نحو الأرض حياء منه » ، فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « أتحبّ أن تدخل عليك زوجتك ؟ » ، فقلت وأنا مطرق : « نعم ، فداك أبي وامّي » .

فقال : « نعم وكرامة ، يا عليّ ، أدخلها عليك في ليلتنا هذه أو في ليلة غد إن شاء اللّه » ، فالتفت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) إلى النساء وقال : « من هاهنا » ؟ فقالت امّ سلمة :

أنا امّ سلمة وهذه زينب وهذه فلانة وفلانة ، فقال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « هيّئوا لابنتي وابن عمّي في حجري بيتا » فقالت امّ سلمة : في أيّ حجرة يا رسول اللّه ؟

فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « في حجرتك » ، وأمر نساءه أن يزيّنّ فاطمة ويصلحن من شأنها .

قالت امّ سلمة : فسألت فاطمة : هل عندك طيب ادّخرتيه لنفسك ؟

قالت ( عليها السّلام ) : « نعم » فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي فشممت منها رائحة ما شممت مثله قطّ ، فقلت : ما هذا ؟ قالت ( عليها السّلام ) : « كان دحية الكلبي يدخل على رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فيقول لي ( صلّى اللّه عليه واله ) : يا فاطمة هات الوسادة فاطرحيها لعمّك ، فأطرح له الوسادة فيجلس عليها ، فإذا نهض سقط من بين ثيابه شيء فيأمرني بجمعه [ فسأل عليّ ( عليه السّلام ) رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) عن ذلك فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل ] » .

قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « يا علي ، لا بدّ للعرس من وليمة » .

فقال سعد : عندي كبش ، وجمع رهط من الأنصار أصواعا من ذرة ، وأخذ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) من الدراهم التي سلّمها إلى أم سلمة عشرة دراهم فدفعها إليّ وقال : « اشتر سمنا وتمرا وإقطا » ، فاشتريت وأقبلت به إلى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، تحسر عن ذراعيه ودعا بسفرة من أدم ، وجعل يشدخ[11]  التمر والسمن ويخلطهما بالأقط حتى اتخذه حيسا[12] ، ثم قال : « يا علي ادع من أحببت » .

فخرجت إلى المسجد وهو مشحن بالصحابة ، فاستحييت أن اشخص قوما وأدع قوما ، ثم صعدت على ربوة هناك وناديت : أجيبوا إلى وليمة فاطمة ، فأقبل الناس أرسالا[13] فاستحييت من كثرة الناس وقلّة الطعام ، فعلم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ما تداخلني ، فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) : « يا عليّ إنّي سأدعو اللّه بالبركة ، فجلّل السفرة بمنديل ، وقال : أدخل عليّ عشرة بعد عشرة ففعلت ، وجعلوا يأكلون ويخرجون لا ينقص الطعام » وكان النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) يصبّ الطعام بيده ، والعبّاس وحمزة وعليّ وعقيل يستقبلون الناس ، قال عليّ : « فأكل القوم عن آخرهم طعامي وشربوا شرابي ، ودعوا لي بالبركة وصدروا وهم أكثر من أربعة ألاف رجل » .

ثم دعا رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) بالصحاف فملئت ووجه بها إلى منازل أزواجه ، ثم أخذ صحيفة وجعل فيها طعاما ، وقال : « هذه لفاطمة وبعلها »[14].

مراسم ليلة الزفاف :

فلمّا انصرفت الشمس للغروب قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « يا امّ سلمة هلمّي فاطمة » ، فانطلقت فأتت بها تسحب أذيالها وقد تصببت عرقا حياء من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فعثرت ، فقال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « أقالك اللّه العثرة في الدنيا والآخرة » ، فلمّا وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها حتى رآها عليّ ( عليه السّلام ) .

وأمر النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) بنات عبد المطّلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة ، وأن يفرحن ويرجزن ويكبّرن ويحمدن ، ولا يقلن ما لا يرضي اللّه ، قال جابر : فأركبها على ناقته أو على بغلته الشهباء ، وأخذ سلمان زمامها ، وحولها سبعون ألف حوراء ، والنبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) وحمزة وعقيل وجعفر وبنو هاشم يمشون خلفها مشهرين سيوفهم ، ونساء النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) قدّامها يرجزن .

وكانت النّسوة يرجّعن أول بيت من كلّ رجز ثم يكبّرن ، ودخلن الدار ، ثم أنفذ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) إلى عليّ ودعاه ، ثم دعا فاطمة فأخذ بيدها ووضعها في يد عليّ ، وقال : « بارك اللّه في ابنة رسول اللّه ، يا علي نعم الزوج فاطمة ، ويا فاطمة نعم البعل عليّ » .

ثم قال : « يا عليّ هذه فاطمة وديعة اللّه ووديعة رسوله عندك ، فاحفظ اللّه واحفظني في وديعتي »[15].

ثم دعا وقال : « اللهمّ اجمع شملهما ، وألّف بين قلبيهما ، واجعلهما وذرّيتهما من ورثة جنّة النعيم ، وارزقهما ذرّية طاهرة طيبة مباركة ، واجعل في ذرّيتهما البركة ، واجعلهم أئمة يهدون بأمرك إلى طاعتك ويأمرون بما رضيت » ثم قال : « انطلقا إلى منزلكما ولا تحدثا أمرا حتى آتيكما » .

قال عليّ ( عليه السّلام ) : « فأخذت بيد فاطمة وانطلقت بها حتى جلست في جانب الصفة وجلست في جانبها وهي مطرقة إلى الأرض حياء منّي وأنا مطرق إلى الأرض حياء منها » .

فما كان إلّا أن دخل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وبيده مصباح ، فوضعه في ناحية المنزل ، وقال لي : « يا عليّ خذ في ذلك القعب ماء من تلك الشكوة ، ففعلت ثم أتيته به فتفل فيه تفلات ، ثم ناولني القعب وقال : اشرب منه ، فشربت ثم رددته إلى رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فناوله فاطمة وقال : اشربي حبيبتي فشربت منه ثلاث جرعات ثم ردّته إليه ، فأخذ ما بقي من الماء فنضحه على صدري وصدرها وقال : إنّما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا ، ثم رفع يديه وقال : يا ربّ إنّك لم تبعث نبيّا إلّا وقد جعلت له عترة ، اللهمّ فاجعل عترتي الهادية من عليّ وفاطمة ، ثم خرج من عندهما فأخذ بعضادتي الباب وقال : طهّركما اللّه وطهّر نسلكما ، أنا سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم ، أستودعكما اللّه وأستخلفه عليكما » وأغلق الباب وأمر النساء فخرجن .

فلمّا أراد الخروج رأى امرأة فقال : من أنت ؟ ، قالت : أسماء ، فقال :

« ألم آمرك أن تخرجي ؟ » قالت أسماء : بلى يا رسول اللّه - فداك أبي وأمي - وما قصدت خلافك ، ولكنّي أعطيت خديجة عهدا ، حينما حضرت خديجة الوفاة بكت ، فقلت : أتبكين وأنت سيدة نساء العالمين ؟ وأنت زوجة النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) ومبشّرة على لسانه بالجنة ؟

فقالت : ما لهذا بكيت ، ولكن المرأة ليلة زفافها لا بدّ لها من امرأة تفضي إليها بسرّها ، وتستعين بها على حوائجها ، وفاطمة حديثة عهد بصبا ، وأخاف أن لا يكون لها من يتولّى أمرها حينئذ .

فقلت : يا سيدتي لك عليّ عهد اللّه إن بقيت إلى ذلك الوقت أن أقوم مقامك في هذا الأمر ، فبكى رسول اللّه وقال : « باللّه لهذا وقفت ؟ » . فقلت : نعم واللّه ، فدعا لي [16].

زيارة النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) للزهراء في صبيحة عرسها :

دخل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) على فاطمة ( عليها السّلام ) في صبيحة عرسها بقدح فيه لبن فقال : « اشربي فداك أبوك » ، ثم قال لعلي ( عليه السّلام ) : « اشرب فداك ابن عمّك »[17].

ثم سأل عليّا : « كيف وجدت أهلك ؟ قال ( عليه السّلام ) : نعم العون على طاعة اللّه » .

وسأل فاطمة فقالت : « خير بعل »[18].

قال عليّ ( عليه السّلام ) : « ومكث رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) بعد ذلك ثلاثا لا يدخل علينا ، فلمّا كان في صبيحة اليوم الرابع جاءنا ( صلّى اللّه عليه واله ) ليدخل علينا . . . » فلمّا دخل عليهما أمر عليّا بالخروج ، وخلا بابنته فاطمة ( عليها السّلام ) وقال : « كيف أنت يا بنيّة ؟ وكيف رأيت زوجك ؟ » .

قالت : « يا أبه خير زوج ، إلّا أنّه دخل عليّ نساء من قريش وقلن لي زوّجك رسول اللّه من فقير لا مال له » ، فقال ( صلّى اللّه عليه واله ) لها : « يا بنية ما أبوك ولا بعلك بفقير ، ولقد عرضت عليّ خزائن الأرض ، فاخترت ما عند ربّي ، واللّه يا بنية ما ألوتك نصحا أنّ زوّجتك أقدمهم سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما » .

« يا بنية إنّ اللّه - عز وجل - اطلع إلى الأرض فاختار من أهلها رجلين فجعل أحدهما أباك والآخر بعلك ، يا بنية نعم الزوج زوجك ، لا تعصي له أمرا » .

ثم صاح رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) بعليّ : « يا عليّ » ، فقال : « لبيك يا رسول اللّه » ، قال : ادخل بيتك والطف بزوجتك وارفق بها ، فإنّ فاطمة بضعة منّي ، يؤلمني ما يؤلمها ويسرّني ما يسرّها ، أستودعكما اللّه وأستخلفه عليكم »[19] .

وفي رواية : لمّا زوّج رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ابنته فاطمة ( عليها السّلام ) قال لها :

« زوّجتك سيّدا في الدنيا والآخرة ، وإنّه أول أصحابي إسلاما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما »[20].

تأريخ الزواج :

الروايات التي وردت عن أهل البيت ( عليهم السّلام ) تنصّ كلّها على وقوع الزواج بعد عودة المسلمين من معركة بدر منتصرين .

فعن الإمام الصادق ( عليه السّلام ) قال : « تزوّج علي فاطمة ( عليها السّلام ) في شهر رمضان وبنى بها في ذي الحجة من العام نفسه بعد معركة بدر »[21].

وروي أيضا أنّ أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) دخل بفاطمة ( عليها السّلام ) بعد رجوعه من معركة بدر لأيام خلت من شوال السنة الثانية من الهجرة النبويّة المباركة [22].

وروي في أوّل يوم من ذي الحجة ( السنة الثانية من الهجرة ) زوّج رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فاطمة عليّا ( عليه السّلام )[23].

مميّزات زواج الزهراء ( عليها السّلام ) بعليّ ( عليه السّلام )

لقد امتاز زواج السيّدة فاطمة سلام اللّه عليها بما يلي :

1 - إنّه زواج من السماء وبأمر من اللّه تعالى قبل أن يكون نسبا أرضيا ، ومجرد ارتباط عاطفي ، ويكفينا في ذلك ما روي عن عمر بن الخطاب إذ قال : نزل جبرئيل فقال : « يا محمّد إنّ اللّه يأمرك أن تزوّج فاطمة ابنتك من عليّ »[24].

2 - إنّ اللّه تعالى قد جعل الذرّيّة النبويّة الطاهرة محصورة بهذا الزواج المبارك ، ومن طريق هذين الزوجين ، وفي ذلك يقول عمر بن الخطاب :

سمعت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يقول : « كلّ نسب وسبب ينقطع يوم القيامة ما خلا سببي ونسبي ، وكلّ بني أنثى فعصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة ، فإنّي أبوهم وأنا عصبتهم »[25].

3 - إنّ الزهراء ( عليها السّلام ) وحيدة محمّد ( صلّى اللّه عليه واله ) التي لم يكن لها أخت في النسب الأبوي ، أمّا زينب ورقية وامّ كلثوم - وإن اشتهرن بكونهنّ بنات محمّد ( صلّى اللّه عليه واله ) - فهنّ بنات هالة أخت خديجة ، وقد كنّ في بيت خديجة حينما اقترنت بالنبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) ، ولم يؤيّد التحقيق التأريخي بنوّتهنّ لمحمّد ( صلّى اللّه عليه واله )[26].

 

[1] ذخائر العقبى : 36 .

[2] راجع معاني الأخبار : 103 ، والخصال : 640 ، وأمالي الصدوق : 474 ، وبحار الأنوار : 43 / 111 .

[3] راجع بحار الأنوار : 43 / 93 ، وذخائر العقبى : 39 .

[4] بحار الأنوار : 43 / 127 .

[5] شرح نهج البلاغة : 9 / 193 ، وبنص آخر في ذخائر العقبى : 40 - 41 .

[6] بحار الأنوار : 43 / 142 .

[7] بحار الأنوار : 43 / 145 .

[8] كفاية الطالب : الباب 78 ص 298 ، والمناقب : 3 / 351 فصل تزويجها ( عليها السّلام ) ، وكشف الغمة : 1 / 348 - 349 ، وذخائر العقبى : 41 .

[9] المناقب ابن شهرآشوب : 3 / 353 ، وكشف الغمة : 1 / 359 .

الشريط : ورق مفتول يشترط به السرير . الخيش : نسيج خشن من الكتان . والإذخر ، حشيش طيب الريح . والمخضب : وعاء لغسل الثياب أو خضبها . والقعب : القدح العظيم الغليظ . والشن : القربة الصغيرة والزفت . نوع من القير تطلى به الآنية كي لا يترشح منها الماء .

[10] فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى : 477 نقلا عن المناقب لأحمد بن حنبل .

[11] الشدخ : كسر الشيء الرطب أو الأجوف .

الأقط : الجبن المتخذ من اللبن الحامض ، راجع كشف الغمة : 1 / 361 .

[12] الحيس : تمر بدق ويعجن بالسمن عجنا شديدا حتى يندر النوى منه .

[13] أرسال : جمع ( رسل ) وهو القطيع من كل شيء ، الجماعة .

[14] بحار الأنوار : 43 / 106 ، 114 ، 132 ، 137 .

[15] شجرة طوبى : 254 .

[16] ورد في الروايات أنّ أسماء بنت عميس حضرت زفاف فاطمة ، وأسماء كانت مهاجرة بأرض الحبشة مع زوجها جعفر ابن أبي طالب ( عليه السّلام ) ولم تعد هي ولا زوجها إلّا يوم فتح خيبر ، ولم تشهد زفاف فاطمة والتي حضرت الوفاة لعلّها ( سلمى بنت عميس ) أختها زوجة حمزة بن عبد المطلب ، وكانت أسماء أشهر من أختها فرووا عنها أو أنّ راويا واحدا سها وتبعه الآخرون . ( كشف الغمة : 1 / 368 ) .

[17] ( 1 ) كشف الغمة : 1 / 368 .

[18] ( 2 ) بحار الأنوار : 43 / 117 .

[19] بحار الأنوار : 43 / 132 .

[20] بحار الأنوار : 43 / 133 ، وكنز العمال : 11 / ح 32926 مثله ، ومسند الإمام أحمد : 5 / 26 مثله ، مختصر تاريخ دمشق : 17 / 337 .

[21] كشف الغمة : 1 / 364 ، بحار الأنوار : 43 / 134 .

[22] أمالي الطوسي : 43 مجلس 2 حديث 47 .

[23] مصباح المتهجد للطوسي : 613 ( ط . حجرية ) .

[24] ذخائر العقبى : 41 ، وراجع شرح نهج البلاغة : 9 / 193 .

[25] كنز العمال : ج 13 / 37586 ، وقريب منه ما في شرح نهج البلاغة : 12 / 106 .

[26] الإمام علي بن أبي طالب سيرة وتاريخ : ص 27 ، الشيخ محمد حسن آل ياسين ، وراجع الاستغاثة لأبي القاسم الكوفي المتوفى 352 : الصفحة 80 - 82 طبعة دار الكتب العلمية - قم .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.