أقرأ أيضاً
التاريخ: 3/11/2022
1328
التاريخ: 2-5-2022
2311
التاريخ: 28-11-2017
2611
التاريخ: 27-4-2022
1870
|
ارتباط علم الجغرافيا السياحية بالبيئة:
لفـظ كلمـة الجغرافيـا Geography لفـظ إغريقـي هـو في الأصـل geographica، مؤلف من شقين: أولها Geo ويعني الأرض، وثانيهما Graphica ويعني الوصف أو الصورة. ويرى الكثير من الباحثين بأن الجغرافيا السياحية كأحـد فروع الجغرافيا العامة هي " وصف الأرض أو صـورتها " شـأنها في ذلـك شـان علـم الجغرافيا. ومثل هذا المدلول قد يكون مقبولا عند التأريخ للإرهاصات الأولى لبـزوغ العلم، ثم انبعثت منه عدة فروع صارت الآن علوما مستقلة، فعندما نقرأ في كتـب بعض الرحالة والجغرافيين العرب -مثل المقدسي وابن حوقل وغيرهـم - عبـارة تفيـد بأنه زار مصر ووجد بها "نهرا عظيم الفيضان، وهضابا عالية الارتفاع، وبقاعا سحيقة الانخفاض" ونحو ذلك.. كل هذا يمكن أن نتقبله من رجال ذلك الزمان، ولكن طبيعة ما يقوم به المشتغل بعلم الجغرافيا السياحية حاليا، ومنذ فترة غير قصيرة جعلته ينتقـل من مرحلة الوصف البحتة السابقة إلى مرحلة البحث عن السبب فيما تقع عليه عيناه، وترصده يداه، وتسجله خرائطه؛ بمعنى آخـر جعلتـه ينتقـل مـن مرحلـة الوصـفية Descriptive Stage إلى مرحلة السببية Causal Stage ومع هذه النقلة النوعية كان لا بد أن ينتقل علم الجغرافية السياحية شأنه في ذلك شأن علم الجغرافيا، بعلمائه وأدواته إلى هذه المرحلة التي جعلته بالفعل يستحق أن ينسحب عليـه لفظة " علـم - Science " ، فضلا عن اشتراكه مع العلوم الأخرى التي تتناول علـم السياحة والتي تهتم بقضايا متعددة .
لقد ظل الطابع الوصفي مفروضا على الجغرافية السياحية حتى بدأت ثـورة السببية تجتاح فروع علم الجغرافيا ، فالدراسات الأولى كانت في بدايات القرن الماضي على يد كـل مـن بـروجير (1901 Brougier، وشتراندر 1905 Strander شبتر 1919 Sputz ) ، وكان يطلق على الجغرافيا السياحية باسم جغرافيـة وقـت الفراغ ، أما مصطلح الجغرافيا السياحية استخدم عـام 1905 مـن قبـل شـتراندر ، كأحد فروع الجغرافيا الاقتصادية ،وكانت الجغرافيا ضـمـن فـروع الجغرافيا الاقتصادية تارة، أو كموضوع في دراسات الجغرافيا البشرية والاجتماعية تارة أخرى.
ويمكن القول: إن القرن العشرين هو قرن التحولات في مفاهيم علم الجغرافيا السياحية سواء ما اختص العلم ذاته من قبل رجاله ومنظريه، أو مـا أصـاب العلـوم وضروب المعرفة البشرية جميعها فنال علم الجغرافيا السياحية نصيبه من هذا كله.
ومن غير شك نالت الجغرافيا السياحية الكثير من التطورات وربما التغيرات في ظل حركة التغير في الفكر الفلسفي على مدى زمن المعرفة البشرية. وفي هذا شهدت الجغرافيـا الـسياحية تطـوراً كبيراً في منهاجيتها علـى يـد كـرسـتالر (1955) Christaller، الذي قام بتحليل نمط التوزيع المكـاني للمواقع السياحية ، وأدخـل مفهوم الموقع السياحي في الجغرافيا السياحية ، كما اعتبر أن للسياحة سمة جغرافية عامـة تتلخص بالموقع الهامشي للأماكن والمناطق السياحية بالنسبة للمراكـز والتجمعات السكنية والمظاهر العمرانية ، ويعتبر أن تصنيف المواقع السياحية حسب النمط السياحي غير كاف، لأن العوامل المحددة للموقع السياحي تشمل :
1. العوامل المناخية.
2. العوامل الطبيعية المتمثلة بأشكال سطح الأرض وتنوعها .
3. العوامل التاريخية والحضارية
4. النقل والمواصلات العامة .
وعلى هذا فليس مستغربا أن نجد مناهج فكر الجغرافيا السياحية الحديثة تعتمـد على الاتجاه التجريبي أو الوضعي أو حتى الوجودي، بل وتتبنى أفكارا وأيدولوجيات مقابل تصورات جغرافية ،فالحتمية البيئية من الناحية الجغرافية تعني ضرورة تكيـف الإنسان مع محيطه الطبيعي حتى يكتب له البقاء. ويمكن القول إن للحتمية البيئية من الوجهة الجغرافية أصولا أقدم تعود للحضارة الإغريقية، حيث وصف أبيقراط 420ق.م سكان الجبال بأنهم ذوي قامات طويلة فارعة، وشجاعة وبأس، على عكس سكان الأراضي السهلية الذين يتسمون بالخنوع والضعف. وقد تأثر العرب بالتراث الإغريقي، فنجد بعض الجغرافيين العرب، يربط بين المناخ وخصائص السكان مـن الناحية البدنية والطباع والسلوك، وهو ما يمكن أخذه بحذر، لكـن كـثيرا مـن ذلك الربط تغير مع تحولات الاقتصاد وتطورات العلم الحديث.
وفي واقع الأمر فإن صياغة تعريف للجغرافيا السياحية ليس بالأمر اليسير، فيصفها فيغنر بأنها جميع أشكال السفر والإقامة من قبل السكان غير المحليين وبأنهـا حركة الغرباء ، بينما يرى جرينتال 1934 بأن الجغرافيا السياحية هي فرعاً من فـروع جغرافية المواصلات اشتمال السياحة على عنصر الحركة المكانية ،إلا أن الأمر في النهاية يمكن إجماله في أن الجغرافيا السياحية تخصص مميز يدرس قضايا تقع اليـوم في المنطقة البينية أو منطقـة التـداخل بين حقـول الدراسة الاجتماعية والطبيعية Interdisciplinary فإن كان البعض لا يروقه أن يستخدم الجغرافي المتخصص في السياحة أدوات أصحاب التخصصات الأخرى فإن ذلك قد يعني - لقـاء هـذا أن يحتكر الجغرافي استخدام الخريطة السياحية على تخصصه ليحرم على كل فروع العلم (الطبيعية والإنسانية) توظيف هذه الأداة الهامة، وفي نفس الوقت لا يتعجب البعض حينئذ أن تصبح " نظم المعلومات الجغرافية" Geographical Information Systems حكراً على الجغرافيين فتحرم بقية التخصصات من وسيلة وتقنيـة علميـة دقيقة ذات نتائج دقيقة تحسب للجغرافيين، ويفيد منها غيرهم من أصحاب العديد التخصصات الأخرى.
توازی تطور علم الجغرافيا السياحية مع تطور الفكر والممارسة في مجال قضايا البيئة والضغط البيئي على المواقع السياحية ، وتحديد الطاقة الاستيعابية للحركة السياحية في المواقع الأثرية والتراثية، مع الاستفادة من علوم حيوية مختلفة، فظهـر مـا يعرف بالنظم البيئية Ecosystems التي تعبر بالدرجة الأولى عن حالـة مـن التميـز لمجموعة مكونات إيكولوجية في حالة من الترابط والتفاعل بدرجة تميزها عمـا عـداها من النظم الأخرى.
هذا عن إن النظام البيئي السياحي أكبر من أن يكون مجرد تجميع لمفردات معينة إذ إنـه عادة ما يعبر عن نسق لمكونات متنوعة ومتصلة مع بعضها البعض بروابط، وأن هناك اتساقا وتنظيما ثم تفاعلا . بين هذه الظواهر، رغم احتفاظ كل منها بخواصه المميزة له غيره. لذلك فمعالجة المواقع السياحية من وجهة نظر جغرافية ليست جديدة ، إذ إن الإنسان منذ نشأته وهو في حالة تعامل وتفاعل مع ما يحيط به من مكونات حية وغير حية ،ويجتهد في سبيل تحقيق أقصى استفادة من هذه المكونات.
واشتقت لفظة إيكولوجي Ecology من التعبير اليوناني Oikos الذي يعني البيت أو المكان الذي يصلح للسكني، ومن نفس الأصـل اللغـوي اشتقت كذلك كلمتا Economic & Economy. فعلم البيئة في أبسط معانيه هو كما عرفه العالم الألماني هايكل Haikel Ernust في سنة 1870: " إننـا بكلمة Ecology نعـني الإطار المعرفي الذي يهتم باقتصاد الطبيعة، والبحث في مجموعة العلاقات الصادرة من جانب الحيوانات تجاه عناصر البيئة الحية وغير الحية " ؛ لذا فإن البيئة ليست مفهوما ساكناً أو نمطياً، بل هناك –بحكم تعدد السياقات المكانية ومحيطه - أنظمة بيئيـة مختلفـة ومتعددة، ومتجددة.
النظام الإيكولوجي إذا هو تجمع حيوي من النباتات والحيوانات في إطـار بيئـة طبيعية أو مكان للحياة والعيش Habitat يمثل جزءاً من الطبيعة، في حين أن كلا مـن عناصر التربة والمناخ تمثل المكونات الخلفية الطبيعية لهذه البيئة. والجغرافيا السياحية تنظر إلى المواقع السياحية بمنظار إيكولوجي لذلك فإنه يمكن أن نتصور أن ما نحيـا فيـه وما يحيط بنا هو مجموعات من النظم تنشأ بينها علاقات نتيجة تدفق مواد أو طاقة في صورة مدخلات Inputs ثم حدوث تفاعل بين هذه المدخلات مع المكونات الأصلية التي دخلت عليها وخروج نتاج هذا التفاعل في صورة مخرجات Outputs.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|