أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-1-2023
1274
التاريخ: 2023-03-16
1166
التاريخ: 2023-05-10
1035
التاريخ: 2-4-2022
1845
|
جندب بن جنادة، وهو مشهور بكنيتهِ، صوت الحق المدوي، وصيحة الفضيلة والعدالة المتعالية، أحد أجلاء الصحابةِ، والسابقين إلى الإيمان، والثابتين على الصراط المستقيم. كان موحداً قبل الاسلام، وترفع عن عبادة الأصنام، جاءَ إلى مكة قادماً من الباديةِ، واعتنق دين الحق بكل وجوده، وسمع القرآنَ.
عُد رابع من أسلم أو خامسهم، واشتهر بإعلانه إسلامه، واعتقاده بالدين الجديد، وتقصيه الحق منذ يومه الأول.
وكان فريداً فذاً في صدقه وصراحة لهجتهِ، حتى قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، كلمته الخالدة فيه تكريماً لهذه الصفة المحمودة العالية: (ما أظلت الخضراء، وما أقلت الغبراء أصدق لهجةٍ من أبي ذر).
وكان من الثلة المعدودة التي رعت حرمة الحق في خضم التغيرات التي طرأت بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، وتفانى في الدفاعِ عن موقعِ الولاية العلوية الرفيعةِ، وجعل نفسه مجنّاً للذبّ عنه، وكان أحد الثلاثةِ الذين لم يفارقوا علياً (عليه السلام)، قط.
ولنا أن نعد من فضائله ومناقبه صلاته على الجثمان الطاهر لسيدة نساء العالمين فاطمة (عليها السلام)، فقد كان في عدادِ من صلى عليها في تلك الليلة المشوبة بالألمِ والغم والمحنةِ.
وصرخاته بوجه الظلم ملأت الآفاق، واشتهرت في التاريخ فهو لم يصبر على إسرافِ الخليفة الثالثِ وتبذيره وعطاياه الشاذة، وانتفض ثائراً صارخاً ضِدها، ولم يتحمل التحريف الذي افتعلوه لدعم تلك المكرمات المصطنعة، وقدح في الخليفة وتوجيه كعب الأحبار لأعماله وممارساته، فقام الخليفة بنفي صوت العدالة هذا إلى الشام التي كانت حديثة عهدٍ بالإسلام، غير ملمة بثقافتهِ.
ولم يُطقه معاوية أيضاً: إذ كان يعيش في الشام كالملوك، ويفعل ما يفعله القياصرة، ضارباً بأحكام الإسلام عرض الجدار، فأقضت صيحات أبي ذر مضجعهُ. فكتب إلى عثمان يخبره باضطراب الشام عليه إذا بقي فيها أبو ذر، فامر برده إلى المدينة، وأرجعوه إليها على أسوأ حالٍ.
وقدم أبو ذر المدينة، لكن لا سياسةُ عثمان تغيرت، ولا موقف أبي ذر منهُ، فالإحتجاج كان قائماً، والصيحات مستمرة، وقول الحق متواصلاً، وكشف المساوئ لم يتوقف. ولما لم يجدِ الترغيب والترهيب معه، غيرت الحكومة أسلوبها منه، وما هو إلا الإبعاد، لكنه هذه المرة إلى الربذةِ، وهي صحراء قاحلة حارقة، وأصدر عثمان تعاليمه بمنع مشايعتهِ. ولم يتحمل أمير المؤمنين (عليه السلام) هذه التعاليم الجائِرة، فخرج مع أبنائه وعددٍ من الصحابةِ لتوديعهِ.
وله كلام عظيم خاطبه به وبين فيه ظلامتهُ، وتكلم من كان معه أيضاً ليعلم الناس أن الذي أبعد هذا الصحابي الجليل إلى الربذة هو قول الحق ومقارعة الظلم لا غيرها.
وكان إبعاد أبي ذر أحد ممهدات الثورةِ على عثمان، وذهب هذا الرجل العظيم إلى الربذةِ رضي الضميرِ، لأنه لم يتنصل عن مسؤوليته في قول الحق، لكن قلبه كان مليئاً بالألمِ؛ إذ ترك وحده، وفصل عن مرقد حبيبه رسول الله (صلى الله عليه وآله).
يقول عبد الله بن حواش الكعبي: رأيت أبا ذر في الربذة وهو جالس وحده في ظِل سقيفةٍ. فقلتُ: يا أبا ذر، وحدك!
فقال: كان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعاري، وقول الحق سيرتي، وهذا ما ترك لي رفيقاً.
توفي أبو ذر سنة 32هـ، وتحقق ما كان يراه النبي (صلى الله عليه وآله)، في مرآةِ الزمانِ، وما كان يقوله فيهِ، وكان قد قال (صلى الله عليه وآله): (يرحم الله أبا ذر، يعيش وحده، ويموت وحده، ويحشر يوم القيامة وحده).
ووصل جماعةٌ من المؤمنين فيهم مالك الأشتر بعد وفاةِ ذلك الصحابي الكبير القائِلِ الحق في زمانهِ، ووسدوا جسده النحيف الثرى باحترام وتبجيلٍ.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|