أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-6-2022
2664
التاريخ: 2024-10-01
231
التاريخ: 4-3-2022
2535
التاريخ: 2-1-2023
1199
|
إشبيلية وإقليمها
ومن أعظم مدن الأندلس إشبيلية - قال الشقندي: من محاسنها اعتدال
(156)
الهواء، وحسن المباني، ونهرها الأعظم الذي يصعد المد فيه اثنين وسبعين ميلا ثم يحسر، وفيه يقول ابن سفر (1) :
شق النسيم عليه جيب قميصه ... فانساب من شطيه يطلب ثاره
فتضاحكت ورق الحمام بدوحها ... هزءا فضم من الحياء إزاره وقيل لأحد من رأى مصر والشام: أيهما رأيت أحسن؟ أهذان أم إشبيلية؟ فقال بعد تفضيل إشبيلية: شرفها غابة بلا أسد، ونهرها نيل بلا تمساح، انتهى.
ويقال : إن الذي بنى إشبيلية اسمه يوليش (2) ، وإنه أول من سمي قيصر، وإنه لما دخل الأندلس أعجب بساحاتها وطيب أرضها وجبلها المعروف بالشرف (3) فردم على النهر الأعظم مكانا، وأقام فيه المدينة، وأحدق عليها بأسوار من صخر صلد، وبنى في وسط المدينة قصبتين بديعتي الشأن تعرفان بالأخوين، وجعلها أم قواعد الأندلس، واشتق لها اسما من رومية، ومن اسمه، فسماها رومية يوليش، انتهى.
وقد تقدم شيء من هذا.
وكان الأولون من ملوك الأعاجم يتداولون بسكناهم أربعة (4) من بلاد الأندلس: إشبيلية، وقرطبة، وقرمونة (5) ، وطليطلة، ويقسمون أزمانهم على الكينونة بها.
(157)
وأما شرف إشبيلية فهو شريف البقعة، كريم التربة، دائم الخضرة، فرسخ في فرسخ طولا وعرضا، لا تكاد تشمس فيه بقعة لالتفاف زيتونه.
واعلم أن إشبيلية لها كور جليلة، ومدن كثيرة، وحصون شريفة، وهي من الكور المجندة، نزلها جند حمص ولواؤهم في الميمنة بعد لواء جند دمشق. وانتهت جباية إشبيلية أيام الحكم بن هشام إلى (6) خمسة وثلاثين ألف دينار ومائة دينار.
وفي إقليم طالقة من أقاليم إشبيلية وجدت صورة جارية من مرمر معها صبي، وكأن حية تريده، لم يسمع في الأخبار ولا رثي في الآثار صورة أبدع منها، جعلت في بعض الحمامات وتعشقها جماعة من العوام (7) .
وقي كورة ماردة (8) حصن شنت أفرج في غاية الارتفاع، لا يعلوه طائر البتة لا نسر ولا غيره.
ومن عجائب الأندلس البلاط الأوسط من مسجد جامع أقليش (9) ، فإن طول كل جائزة (10) منه مائة شبر وأحد عشر شبرا، وهي مربعة منحوتة مستوية الأطراف.
وقال بعض من وصف إشبيلية (11) : إنها مدينة عامرة على ضفة النهر الكبير المعروف بنهر قرطبة، وعليه جسر مربوط بالسفن، وبها أسواق قائمة، وتجارات رابحة، وأهلها ذوو أموال عظيمة، وأكثر متاجرهم الزيت، وهو
(158)
يشتمل على كثير من إقليم الشرف، وإقليم الشرف على تل عال من تراب أحمر مسافته أربعون ميلا في مثلها، يمشي بها (12) السائر في ظل الزيتون والتين، ولها - فيما ذكر بعض الناس - قرى كثيرة، وكل قرية عامرة بالأسواق والديار الحسنة والحمامات وغيرها من المرافق.
وقال صاحب مناهج الفكر (13) ، عند ذكر إشبيلية: وهذه المدينة من أحسن مدن الدنيا، وبأهلها يضرب المثل في الخلاعة، وانتهاز فرصة الزمان الساعة بعد الساعة، ويعينهم على ذلك واديها الفرج، وناديها البهج، وهذا الوادي يأتيها من قرطبة، ويجزر في كل يوم، ولها جبل الشرف، وهو تراب أحمر طوله من الشمال إلى الجنوب أربعون ميلا، وعرضه من المشرق إلى المغرب اثنا عشر ميلا، نشتمل على مائتين وعشرين قرية، قد التحفت بأشجار الزيتون واشتملت.
__________
(1) ابن سفر: أبو عبد الله محمد بن سفر الأديب (ويكتب اسمه أيضا بالصاد) وهو من ناحية المرية وسكن إشبيلية، وسيترجم له المقري. (انظر تحفة القادم: 101 والوافي 3: 114 والمغرب 2: 212). وبيتاه في التحفة. وفي ج: ابن سعيد.
(2) ق ك ط: توليس، ج: يولوس؛ وهو يوليس قيصر (Julius Caesar)،
(3) سيأتي وصف " شرف إشبيلية " في النصوص التالية، وانظر أيضا الروض المعطار: 19.
(4) ك: أربعة بلاد.
(5) قرمونة (Carmona) مدينة إلى الشمال الشرقي من إشبيلية على عد 35 كيلومترا وكانت كورة واسعة تضم عدة مدن وحصون. (راجع الروض المعطار: 158).
(6) إلى: سقطت من ق ط ج، وكتب فيها " خمسة وثلاثون " .
(7) انظر الروض المعطار: 122 في وصف طالقة، ونصا تفصيليا عن الصورة المذكورة:
123.
(8) ماردة: مدينة بينها وبين بطليوس عشرون ميلا، قال الرازي: كانت قاعدة الأندلس وقرارة الملك، بنيت في زمن قيصر اكتيبان (Octavian) وهي على نهر آنة، وفي عملها كثير من المدن، وكان لها من القرى والحصون ما يزيد على ثلاثة آلاف قرية كلها متصلة بعضها ببعض بالغروسات والأشجار والزيتون واعنب (مخطوط الرباط: 48).
(9) اقليش: (Ucles) قاعدة كورة شنتبرية.
(10) لجائزة: الخشبة التي تحمل خشب البيت، اي الدعامة، وفي اللسان " الجائز " دون تاء التأنيث.
(11) انظر الروض المعطار: 19 ومخطوطة الرباط: 53.
(12) ك: به.
(13) هنالك كتاب باسم " مباهج الفكر ومناهج العبر " لمحمد بن عبد الله الأنصاري، عاد فذكره حاجي خليفة باسم " مناهج الفكر " وقال إن الاسم الصحيح بالنون، ومؤلفه جمال الدين محمد ابن إبراهيم الوطواط ( - 718) ويقول الأستاذ خير الدين الزركلي إنه في الكيمياء والطبيعة وهو في ستة مجلدات، قلت: وقد اطلعت على المجلدين الثالث والرابع منه بالخزانة العامة بالرباط وهما يشملان البات والحيوان (وفي ك: منهاج الفكر).
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|