أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-5-2020
1921
التاريخ: 10-6-2021
2338
التاريخ: 25/12/2022
1746
التاريخ: 2024-08-07
437
|
{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23].
{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3].
{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } [الأنفال: 49].
التوكل هو الاعتماد على الله في تنجيز الاعمال، ومواجهة الاحداث، واستمداد العون منه تبارك وتعالى ؛ لتحصيل القوة والعزم والتصميم لمواصلة المسير في طريق ذات الشوكة ... فهو حركة لا سكون، وصمود لا خمود .
إن الإنسان الذي يسعى لتحقيق اهدافه المشروعة، وانجاز اعماله يحتاج إلى قوتين : قوة مادية وفق الأسباب الطبيعية ، وقوة روحية معنوية، وبدون تظافر هاتين القوتين لا يستطيع ان ينجز عمله ويبلغ مراده.
فالتوكل هو القوة الروحية التي يستمدها الإنسان من إيمانه بالله تعالى، ويقينه بأنه مسبب الأسباب ولا سبب فوق ذلك، فالمتوكل هو الذي يجري في حركة الأسباب التي وضعها الله تعالى في سننه التي لا تقبل التحويل والتبديل ، ولذلك لا يخاف احداً إلا الله تعالى ...
وهذا المعنى هو الذي أكد عليه ائمة الحق (عليهم السلام) فعن الحسن بن الجهم قال: (سالت الرضا (عليه السلام) فقلت : جعلت فداك ما حد التوكل؟
فقال لي : ألا تخاف احداً إلا الله)(1).
وروي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) انه قال : (من اراد ان يكون اقوى الناس فليتوكل على الله، وسأل عن حد التوكل ما هو ؟
قال : لا تخاف سواه)(2).
وروي عنه (عليه السلام) : (الغنى والعز يجولان فإذا ظفرا بمواضع التوكل أوطأ)(3).
وعن علي بن سويد عن ابي الحسن الأول (عليه السلام) قال سألته : عن قول الله عز وجل {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] .
فقال : (التوكل على الله عز وجل درجات : ان تتوكل على الله في امورك كلها، فما فعل بك كنت عنه راضياً ، تعلم انه لا يألوك خيراً وفضلاً ، وتعلم ان الحكم في ذلك له، فتوكل على الله بتفويض ذلك إليه ، وثق به فيها وفي غيرها)(4).
إذن التوكل معنى إيجابي ولا موقف سلبي، فلا بد فيه من تفكير أولاً وتخطيط ثانياً ، وتنفيذ ثالثاً، في كل هذا يبذل جهده وطاقته، ثم يعتمد في إنجاح حركته ومواصلة مسيرته على الله تعالى، ولعل هذا ما تفيده الآية الكريمة {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } [آل عمران: 159].
فالعزم عملية يسبقها تفكير وتخطيط ويعتمد على الله في انجاح التنفيذ على يده، يقول العلامة الطباطبائي : (والتوكل عليه اعتماده والاطمئنان إليه في أمر، وتوكيله تعالى ، والتوكل عليه في الامور ليس بعناية أنه خالق كل شيء ومالكه ومدبره، بل بعناية انه اذن في نسبة الامور إلى مصادرها والأفعال إلى فواعلها وملكها إياها بنحو من التمليك، وهي فاقدة للإصالة والاستقلال في التأثير والله سبحانه هو السبب المستقل القاهر لكل سبب، الغالب عليه فمن الرشد إذا أراد الإنسان أمراً وتوصل إليه بالأسباب العادية التي بين يديه ان يرى الله سبحانه هو السبب الوحيد المستقل بتدبير الأمر، وينفي الاستقلال والأصالة عن نفسه، وعن الاسباب التي استعملها في طريق الوصول إليه، فيتوكل عليه سبحانه، فليس التوكل هو قطع الإنسان، او نفيه نسبة الامور إلى نفسه، أو إلى الأسباب، بل هو نفيه دعوى الاستقلال عن نفسه وعن الأسباب، وإرجاع الاستقلال والأصالة إليه تعالى مع إبقاء أصل النسبة غير المستقلة إلى نفسه وإلى الأسباب)(5).
ويقول (قدس سره) : (ولازم اتخاذه تعالى رباً ولياً من جهة التكوين إرجاع أمر التدبير إليه بالانقطاع عن الأسباب الظاهرية والركون إليه من حيث إنه سبب غير مغلوب ينتهي إليه كل سبب وهذا هو التوكل)(6).
فالتوكل إذن عملية اعتصام بالله تعالى؛ لأنه الكافي ولا كافي سواه {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] .
وجاء في الحديث الشريف عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (اوحى الله عز وجل إلى داود (عليه السلام) : ما اعتصم بي عبد من عبادي دون احد من خلقي، عرفت ذلك من نيته، ثم تكيده السماوات والأرض ومن فيهن إلا جعلت له المخرج من بينهن، وما اعتصم عبد من عبادي بأحد من خلقي عرفت ذلك في نيته إلا قطعت أسباب السماوات والأرض من يديه وأسخت الأرض من تحته ولم أبال بأي واد هلك)(7).
وبهذا يتضح ان التوكل معنى روحي عقائدي يترسخ في نفس الإنسان من خلال يقينه ان لا مؤثر في الوجود إلا الله تعالى ، وهو معنى عملي لا نظري مجرد عن الواقع ، هذا الاعتقاد إذا وصل حد القطع واليقين يمنح الإنسان القوة، والعزم والتصميم ...
ثم ان التوكل لا يبطل الأسباب ، ولا يقعد الإنسان ، ولا يعطل قواه بل يمنحه الصبر والصمود والأمل البناء في تحقيق ما يروم ، يقول العلامة المجلسي في تفسير الحديث: إن الغنى والعز يجولان فإذا ظفراً بموضع التوكل اوطناً : (ثم ان التوكل ليس معناه ترك السعي في الامور الضرورية ، وعدم الحذر عن الامور المحذورة بالكلية ، بل لابد من التوسل بالوسائط والأسباب على ما ورد في الشريعة من غير حرص ومبالغة فيه، ومع ذلك لا يعتمد على سعيه ، وما يحصله من الأسباب ، بل يعتمد على مسبب الأسباب.
قال المحقق الطوسي (رحمه الله) في أوصاف الاشراف: المراد بالتوكل ان يكل العبد جميع ما يصدر عنه، ويرد عليه إلى الله تعالى، لعلمه بأنه أقوى وأقدر ويضع اقدر عليه على أحسن وجه واكمل ثم يرضى بما فعل، وهو مع ذلك يسعى ويجتهد فيما وكله إليه، ويعد نفسه وعمله وقدرته وإرادته من الأسباب والشروط المخصصة ؛ لتعلق قدرته وإرادته بما صنعه بالنسبة إليه ، ومن ذلك يظهر معنى لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين)(8).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المحدث المجلسي ، بحار الانوار : 71/134.
(2) المصدر نفسه : 143 .
(3) المصدر نفسه .
(4) ثقة الإسلام الكليني ، الاصول من الكافي : 2/65.
(5) العلامة الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن : 11/216-217 .
(6) المصدر نفسه : 18/25 .
(7) ثقة الاسلام الكليني ، الاصول من الكافي : 2/63.
(8) المحدث المجلسي، بحار الانوار : 71/127 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|