المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24

مبيدات الادغال العضوية الجهازية
25-5-2022
دايود الإخماد damping diode
25-7-2018
Jan Lukasiewicz
3-5-2017
المخرج التليفزيوني والمؤثرات- عمليات مسح المؤثرات الخاصة
28/9/2022
ميسر بن عبد العزيز
14-8-2016
موازنة بين الموظفين ورجال الجيش.
2024-06-20


الأعمال السياسية النبويّة وخصائصها  
  
6164   07:03 مساءً   التاريخ: 7-3-2022
المؤلف : مركز المعارف للمناهج والمتون التعليميّة
الكتاب أو المصدر : النبي محمد صلى الله عليه وآله قدوة للعالمين
الجزء والصفحة : 253- 259
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / قضايا عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-4-2017 3135
التاريخ: 7-11-2017 3190
التاريخ: 13-5-2016 2985
التاريخ: 22-3-2022 2234

1- أعماله السياسيّة:

لقد كان لرسول الله صلى الله عليه وآله أعمال سياسية كثيرة، ويمكن تصنيفها كما يأتي:

  • تنظيم العلاقات في المجتمع المدنيّ، مجتمع المدينة المنورة (الدولة الإسلاميّة).
  • تنظيم علاقة المسلمين بغيرهم من القبائل الأخرى المجاورة للمدينة المنورة من اليهود.
  • بيانه صلى الله عليه وآله لقواعد نظام الحكم في الإسلام، وبيانه لأجهزة الدولة الجديدة.
  • رعاية شؤون المسلمين في الداخل بأحكام الإسلام.
  • العلاقات الدوليّة من معاهدات ومفاوضات، وجهاد لنشر دعوة الإسلام، ومناورات سياسيّة، والارتقاء بدولة الإسلام من دولة ناشئة فتيّة، إلى كيان سياسيّ تعترف به الجزيرة العربيّة، ويعترف به أكبر كيان سياسيّ في الجزيرة آنذاك، وهو كيان مكّة، ثم الارتقاء بهذا الكيان السياسيّ ليكون في مصاف الدول العظمى، فيزاحم الدولتين العظميين: الروم والفرس، ليأخذ منهما بعد ذلك مقعد الصدارة، ومكانة الدولة الأولى في العالم.

2- خصائص السياسة النبويّة:

  • انبثاق سياسته صلى الله عليه وآله من العقيدة الإسلاميّة، حيث ظهر أن أعماله السياسيّة كافّة هي أحكام شرعيّة، يتقرّب بها إلى الله تعالى.
  • تميّزت سياسته صلى الله عليه وآله بالوعي السياسيّ، أي الإحاطة بالواقع السياسيّ للكيانات السياسيّة الموجودة في زمنه صلى الله عليه وآله .
  • رعاية شؤون كافة المسلمين، وهذه ميزة اتصفت بها سياسته صلى الله عليه وآله ، حيث إن أعماله السياسيّة عادت نتائجها على الأمة الإسلاميّة بالخير والازدهار في الداخل والخارج، ولم يتحيّز صلى الله عليه وآله لنفسه أو لقرابته مثلاً، بل إن عائد أعماله كان يصب في مصلحة المسلمين كافّة.
  •  البعد عن تحقيق المصالح النابعة عن الهوى والمزاجيّة، حيث إنّ المصلحة المتحقّقة من أعماله السياسيّة مصلحة شرعيّة يقرّها الشرع، حيث رُوي عنه صلى الله عليه وآله أنّه قال: "أنا عبد الله ورسوله، لا أخالف أمره، ولن يضيعني" 1.
  • تميّزت سياسته صلى الله عليه وآله بإظهار الأعمال السياسيّة، وإخفاء الأهداف من ورائها، فاستعان صلى الله عليه وآله بالكتمان في أكثر أعماله، وخاصّة حينما كان يلزم ذلك، كما فعل في فتح مكّة، واستعان بالإعلان حين لزومه كما فعل في صلح الحديبيّة.

السياسة الداخليّة في مكّة المكرّمة

تميّز العهد المكيّ بمراحل سياسيّة ثلاث مرّت بها دعوة رسول الله صلى الله عليه وآله :

1- أوّلها مرحلة الدعوة السرّيّة، حيث أنشأ فيها صلى الله عليه وآله كتلة تألّفت من المسلمين الأوائل، رعى رسول الله صلى الله عليه وآله شؤونها على خير ما يرعى مسؤول شؤون رعيته، فقد ثقفهم بالعقيدة الجديدة، وكوّن شخصياتهم تكويناً خاصّاً، وأعدهم عن طريقته لخوض غمار المرحلة التالية.

2- المرحلة الثانية: كانت المرحلة الجهريّة التي تمثلت بالصراع الفكريّ والكفاح السياسيّ، حيث اصطدم رسول الله صلى الله عليه وآله مع مجتمع مكّة، فاصطدم بعقائدهم الفاسدة موجهّاً لها ضربات قاسمة، واصطدم بقادة الكفر في مكّة، وكل ذلك ليجعل عقيدة الإسلام تحلّ محلّ الكفر وتعاليمه.

3- ثم جاءت المرحلة المكّيّة الثالثة، وهي مرحلة الاتصال بالقبائل، أو مرحلة طلب النصرة، ليوجد للإسلام قوة تحميه وتحمله.

السياسة الداخليّة في المدينة المنورة

إن السياسة الداخليّة التي اتخذها الرسول صلى الله عليه وآله في المدينة قادت إلى إيجاد دولة واكبت التطوّر باستمرار حتى تفوّقت على جميع الدول التي عاصرتها في جميع الميادين، ومن نتائج هذه السياسة:

أوّلاً: المؤاخاة:

كان أول ما قام به الرسول صلى الله عليه وآله هو تنظيم صفوف المهاجرين والأنصار عبر المؤاخاة.

وأبرز الدوافع التي تقف وراء طرح الرسول لمشروع التآخي هو أن المسلمين كانوا - وقتها - يواجهون كثيراً من المصاعب التي تتطلّب التعاون والتعاضد لتذليلها، وهكذا أراد النبيّ صلى الله عليه وآله بهذا المشروع أن يسمو بعلاقات هذا الإنسان عن المستوى المصلحيّ، وجعلها علاقة إلهيّة تصل إلى درجة الأخوة. وقد كرس الرسول من خلال هذا المفهوم الوحدة السياسيّة والمعنويّة بين المسلمين، كما قوّى أسسها ودعائمها.

ومن الطبيعيّ أن يهتمّ الرسول صلى الله عليه وآله بالواقع الشعبيّ لأمّته آنذاك، فللدولة - كما هو معلوم - ثلاثة أركان، وأحد أهم أركان هذه الدولة هو الشعب، أما الركنان الآخران فهما الأرض والسلطة.

ولهذا بدأ الرسول صلى الله عليه وآله بالركن الأول، وهو إعداد المسلمين عقائديّاً ونفسيّاً وعسكريّاً، فأيّ دولة لا تقوم على قاعدة شعبية تجعل من المواطنين مجموعة من اللامبالين الذين يتراجعون بالدولة إلى الوراء.

وقد استمر مشروع التآخي الذي طرحه الرسول صلى الله عليه وآله في المدينة حتى عزّ الإسلام، واجتمع الشمل بعد أن ذهبت آثار الغربة المملوءة بالوحشة.

ثانياً: ميثاق تأسيس الدولة (صحيفة المدينة):

أ- ظروف الوثيقة:

يمكن القول إن صحيفة المدينة تعدّ من أكبر الانتصارات السياسيّة التي أحرزتها الحكومة الإسلاميّة الفتيّة بقيادة الرسول صلى الله عليه وآله ، وهي عبارة عن الصحيفة التي أعدّها الرسول صلى الله عليه وآله عندما وصل إلى يثرب. وتضمّنت هذه الوثيقة سبعة وأربعين بنداً من البنود ذات الطابع الإسلاميّ السياسيّ القانونيّ 2، في وقت لم تكن في الجزيرة حكومة مركزيّة أو قوّة معنويّة. تضمّنت هذه الوثيقة معاهدة للتعايش والدفاع المشترك بين الأنصار والمهاجرين، وقد وقّع عليها يهود المدينة من الأوس والخزرج، أما يهود بني النضير وبني قينقاع وقريظة، فقد عقد الرسول معهم معاهدة مستقلّة.

وهذه الشمولية التي احتوتها الصحيفة كانت تعبّر عن مدى بعد النظر الذي يتحلّى به الرسول، وهو يدوّن بنود الصحيفة التي تعتبر نظاماً داخليّاً متكاملاً لحكومته صلى الله عليه وآله آنذاك، فقد رتّب أحوال المهاجرين والأنصار، مستعرضاً احتمالات الغزو على المدينة، وما يجب أن يحتمله المسلمون والقبائل الأخرى، وكذلك إنصافه ليهود المدينة في الحقوق والامتيازات والواجبات، إلى غيرها من الأمور العامة التي تضمّنتها الوثيقة.

وفضلاً عن هذا كله، فقد تضمّنت الصحيفة مبادئ عامة، درجت دساتير الدول الحديثة على تبنّيها، وفي طليعة هذه المبادئ تكوين الأمّة وتعريفها، وبيان الحقوق والواجبات المترتبة على الجميع، وكان هذا بالطبع - آنذاك - جديداً كل الجدة في تاريخ الحياة السياسيّة في جزيرة العرب, إذ نقل الرسول صلى الله عليه وآله قومه من شعار القبيلة والتبعيّة إلى شعار الأمّة التي تضمّ كلّ من اعتنق الدين الجديد، فقد قالت الصحيفة: (إنهم أمّة واحدة).

وفي تلك الصحيفة أيضاً استكمل الرسول صلى الله عليه وآله أركان دولته، فقد أصبح لديه أناس مؤمنون برسالته، وأرض يقيم عليها أولئك الناس، وباتوا يخضعون لسلطة سياسيّة واحدة هو رئيسها والمرجع الأعلى فيها.

ب- الأحكام الدستوريّة في وثيقة المدينة:

1- تحديد مفهوم الأمّة:

إن الأمّة التي حدّدت الصحيفة مفهومها، هي الأمة الإسلاميّة التي تضمّ المسلمين جميعاً مهاجريهم وأنصارهم ومن تبعهم ممن لحق بهم وآمن بالإسلام، فهم أمّة واحدة من دون الناس 3. وتُعتبر هذا الأمور من الأمور الجديدة على التاريخ السياسيّ في الجزيرة العربيّة، فقد نقل الرسول صلى الله عليه وآله قومه من شعار القبيلة إلى شعار الأمّة، وهذا ما جاء في الصحيفة، التي نصّت على أن المدينة تضمّ: "أمّة واحدة"، وقال الله - تعالى - في كتابه الكريم: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92].

وقد اندمج المسلمون على اختلاف قبائلهم في جماعة واحدة، وكان الرابط فيما بينهم هو رابطة الإسلام.

2- المرجعيّة العليا (الله ورسوله):

نصّت الصحيفة على أنّ الفصل في كل الأمور بالمدينة المنورة يعود إلى الله - تعالى - ورسوله صلى الله عليه وآله، حيث جاء في نصها: "وإنّكم مهما اختلفتم فيه من شيء، فإنّ مردّه إلى الله وإلى محمّد صلى الله عليه وآله".

وهذا يؤكّد على ضرورة وجود سلطة دينيّة عليا تتولى شؤون المدينة، وتفصل في الخلافات، وذلك منعاً من قيام اضطرابات في الداخل من جراء تعدّد السلطات، ويتضمّن ذلك في الوقت نفسه تأكيداً ضمنيّاً على رئاسة النبيّ صلى الله عليه وآله على الدولة الإسلاميّة.

ولهذه السلطة قوّة تنفيذيّة, لأنّ أوامر الله واجبة الطاعة، وملزمة التنفيذ، كما أنّ أوامر الرسول صلى الله عليه وآله هي من الله، وطاعته واجبة 4، وبذلك أصبح الرسول صلى الله عليه وآله رئيس الدولة، ورئيس كل السلطات فيها.

ثم إنّ هذه الحاكميّة والسلطة تجري على جميع سكان المدينة المنوّرة، سواء أكانوا من المسلمين، أو اليهود أو المشركين.

3- إقليم الدولة:

أكدت الوثيقة على أن مدينة يثرب هي إقليم الدولة الإسلاميّة الصاعدة, لذا فقد أكد النبيّ صلى الله عليه وآله على حدود حرم المدينة من جميع الجهات، وحدود المدينة بين لابتيها شرقاً وغرباً، وبين جبل ثور في الشمال وجبل عَيْر في الجنوب 5، فأصبحت المدينة بداية إقليم الدولة الإسلاميّة ونقطة الانطلاق إلى توسعة دائرة هذا الإقليم، وتأمينه من كل الاضطرابات السياسيّة والأمنيّة.

4- الحريّات وحقوق الإنسان:

تدل الصحيفة بشكل واضح على العبقريّة السياسيّة للشخصيّة النبويّة في صياغة موادّها، وتحديد علاقات الأطراف في ما بينها، فقد كانت موادّها مترابطة وشاملة، وتصلح لعلاج الأوضاع في المدينة آنذاك، وفيها من القواعد والمبادئ ما يُحقق العدالة المطلقة بين أبناء المدينة.

وتميّزت بتمتع الناس على اختلاف ألوانهم، ولغاتهم، وأديانهم بالحقوق والحريّات بأنواعها، كحرية العقيدة، والعبادة، وحق الأمن، وغيرها، فقد نصّت الوثيقة على تحقيق العدالة بين الناس 6.

ج- نتائج وثيقة المدينة:

  1. قامت التجربة التأسيسيّة للدولة في الإسلام على أساس أنّ التعاقد الاجتماعيّ هو أساس بناء المجتمع المدنيّ، وأنّ هذا العقد الاجتماعيّ تمثّل بالدستور الذي يحدّد الحقوق والواجبات للأفراد والسلطات.
  2. ينبغي توزيع مسؤوليات البناء والدفاع على أعضاء المجتمع السياسيّ بصرف النظر عن دياناتهم ومعتقداتهم.
  3. أقرّت وثيقة المدينة العقائد والثقافات والعادات والتقاليد والأعراف، وجمعتها في وجهة بناء الدولة، أي اعتمدت على العناصر الإحيائيّة لمشروع الدولة.
  4. اهتمّت الوثيقة بتأسيس جهاز مركزيّ مستقلّ للقضاء والفصل بين الخصومات كعامل ردعيّ، ومنظومة لحماية الحقوق العامة والخاصةّ، وعلاج المشاكل الجنائية الاجتماعيّة.
  5. أسّست الوثيقة حدود إقليم الدولة لكي يكون هو النطاق القانونيّ لسيادة الدولة.
  6. أسّست لشرعيّة السلطة والاعتراف المجتمعي بها اختياريّاً، مضافاً إلى تحديد وظيفتها وطريقة التداول فيها.
  7. اتسمت الحقوق والواجبات في الوثيقة بمزايا العدل والمساواة وعدم التمييز.
  8. جمعت هذه الوثيقة بين متطلبات الحياة المدنيّة، وبين استعدادات الدفاع عن المدينة (الدولة).
  9. جمع النبيّ صلى الله عليه وآله، كحالة استثنائيّة، السلطات الثلاث (التشريعية، والقضائية، والتنفيذية)، وذلك لخصوصيّة النبوّة المعصومة التي توفرت عنده 7.

 

_____________

  1. الطبريّ، محمد بن جرير بن رستم، المسترشد في إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، تحقيق الشيخ أحمد المحموديّ، مؤسّسة الثقافة الإسلاميّة لكوشانبور، مطبعة سلمان الفارسي، إيران - قم، 1415هـ، ط1، ص583.
  2. راجع: ابن هشام الحميريّ، السيرة النبويّة، مصدر سابق، ج2، ص147، الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص666، الشيخ الطوسيّ، تهذيب الأحكام، مصدر سابق، ج2، ص47.
  3.   معطي، علي، التاريخ السياسيّ والعسكريّ لدولة المدينة في عهد الرسول صلى الله عليه وآله - إستراتيجيّة الرسول السياسيّة والعسكريّة، مؤسّسة المعارف، لبنان - بيروت، لا. ت، لا. ط، ص169.
  4. الدقس، كامل سلامة، دولة الرسول صلى الله عليه وآله من التكوين إلى التمكين، دار عمار، عمان، 1994م، ط1، ص418.
  5. الصالحيّ الشاميّ، سبل الهدى والرشاد، مصدر سابق، ج3، ص318.
  6. راجع: مجموعة مؤلفين، وثيقة المدينة (دراسات في التأصيل الدستوريّ في الإسلام)، مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلاميّ (سلسلة الدراسات الحضاريّة)، لبنان - بيروت، 2014م، ط1، ص37.
  7. راجع: مجموعة مؤلفين، وثيقة المدينة (دراسات في التأصيل الدستوريّ في الإسلام)، مصدر سابق، ص11.

 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.