أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-3-2021
1700
التاريخ: 3-2-2021
2864
التاريخ: 22-3-2021
2554
التاريخ: 7-3-2021
3170
|
رسالة الله إلى خلقه واحدة على طول تاريخ الانبياء والمرسلين من ادم إلى خاتم الرسل صلى الله عليه وعليهم اجمعين في اهدافها الكلية، وهي سلسلة واحدة على طول مسار البشرية .
وكل رسول او نبي يمثل حلقة من الرتل الرسالي في هذا الخط المتصل الرابط بين الامم والاجيال بعضها ببعض على طول خطى التاريخ. (وأديان السماء كافة – في رأي الإسلام – دين إلهي واحد وضع بوضع الشريعة الاولى ، واكتمل باكتمال الشريعة الاخيرة.
ولم يختلف إلا بما تفرضه سنة التطور ، ولم يتبدل إلا بما يقتضيه سير الحكمة وحاجة المجتمع. فدين الله هذا الذي أرسل به رسوله الاكبر هو بذاته الذي أوصى به انبياءه السالفين ، وفرض على الناس ان يقيموه ونهاهم ان يتفرقوا فيه (1)
{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ} [الشورى: 13].
ومن خلال هذه الترابط بين المرسلين فإن عرض قصص الانبياء والرسل يهدف إلى تثبيت المؤمنين واستقامتهم في المسير الطويل إلى الله تعالى من خلال استلهام الدروس والعبر من حياتهم الزاخرة بالإيمان ، والعلم والجهاد يقول تعالى :
{ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } [هود: 120].
يقول الفخر الرازي في تفسيره الكبيرة : (واعلم انه تعالى لما ذكر القصص الكثيرة في هذه السورة ذكر في هذه الآية نوعين من الفائدة) – ونحن نذكر الأولى فقط – وهي : (تثبيت الفؤاد على اداء الرسالة ، وعلى الصبر واحتمال الاذى ، وذلك لأن الإنسان إذا ابتلى بمحنة وبلية فإذا رأى له فيه مشاركاً خف ذلك على قلبه كما يقال : المصيبة إذا عمت خفت ، فإذا سمع الرسول هذه القصص، وعلم ان حال جميع الانبياء صلوات الله عليهم مع اتباعهم هكذا، سهل عليه تحمل الاذى من قومه، وامكنته الصبر عليه )(2).
وفائدة ثانية نستفيدها من سياق الآيات الكريمة وهي ان وعي انباء الرسل يوقف المؤمن على سنن الله في التاريخ ، ويكشف له تلك السنن على طول التاريخ البشري، وبذلك يكون واضح الرؤية ، محدد الهدف، ثابت الخطى في مساره ومن خلال ذلك الوضوح يستلهم دروساً وعبراً قيمة تمنحه الصبر والصمود في طريق التضحية والفداء يقول تعالى :
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111].
ونقصد بالوعي هو النتيجة الحاصلة في الفهم، والحفظ والقبول لما يتلقى من أفكار ومفاهيم بحيث تمتزج في وجدانه، وعواطفه، وتتجسد في سلوكه ولذا قيل : (لا يعذب الله قلباً وعى القرآن) قال ابن الاثير : (اي عقلة ايماناً به وعملاً فأما من حفظ ألفاظه وضيع حدوده فإنه غير واع له)(3).
فالوعي إذن مرحلة متأخرة عن الحفظ ، والفهم فقد ورد عن رسول الله (صلى الله عليه واله) : (نظر الله امرء سمع مقالتي فوعاها، فرب مبلغ اوعى من سامع)(4).
إذن الهدف الأساسي من عرض قصص الانبياء والرسل ليس الترف الفكري او التسلية الادبية، وانما لتثبيت المؤمنين على دينهم في المواقف الحرجة التي يمرون بها ؛ لأن الارتباط بهم روحياً وفكرياً يمنح الانسان القوة في مواصلة الكدح إلى الله وتحمل المسؤولية الكبيرة أمامه تعالى . وكل ذلك بالنتيجة يمنح المؤمن الثبات والاستقامة على صراط الله القويم. ولعل من هذا المنطق امر الله تعالى رسوله الكريم (صلى الله عليه واله) ان يذكر الانبياء والرسل بصريح القرآن الكريم يقول تعالى :
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا } [مريم: 41]
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا } [مريم: 51]
{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} [مريم: 54] {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [مريم: 56]
{وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: 41]
{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ * وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ * هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ} [ص: 45 - 49].
{اصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 17]
إننا عندما نتأمل جيداً في الآيات المتقدمة نجد أنها تبرز الصفات المهمة والحساسة في شخصيات الانبياء والمرسلين، وهي إشارة عظيمة إلى وجوب الانصاف بها، والتمسك بمدلولاتها. انها صفات تدل على الاستقامة المبدئية وتكون عاملاً فعالاً في مواصلة السير والسلوك إلى الله، وبذلك نتعل منهم صلوات الله عليهم جميعاً : الصدق مع الله ، والصبر على تحميل مشاق الطريق إليه والإخلاص له في السراء والضراء، والخشوع والضراعة إليه والوفاء بالوعد والنصيحة لخلقه تعالى.
ومن الملفت للنظر ان ذكرهم (عليه السلام) ورد بصيغة الامر اي وجوب ذكرهم للتأسي والاقتدار بسيرتهم العطرة.
{قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [الممتحنة: 4].
{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } [الممتحنة: 6]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الشيخ محمد امين زين الدين ، الإسلام ينابيعه مناهجه غاياته : 141- 142 .
(2) الرازي التفسير الكبير : 18/79.
(3) ابن منظور ، لسان العرب : 15/396.
(4) المصدر نفسه : 396.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|