الاتجاهات الفقهية حول القانون المقترح تطبيقه بدلا من القانون الأجنبي المستبعد |
1798
01:24 صباحاً
التاريخ: 4-2-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-29
1143
التاريخ: 30-11-2021
2024
التاريخ: 30-11-2021
2015
التاريخ: 5-4-2016
4742
|
لقد استقر الرأى الراجح فقها على أن إعمال الدفع بالنظام العام واستبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق كليا أو جزئية يتطلب بالضرورة البحث عن قانون آخر ليتم تطبيقه بدلا منه حتى يتمكن القاضي من الفصل في النزاع المعروض عليه، ولكن ما هي ماهية القانون الآخر ؟ وما هي أفضل المقترحات بشأنه ؟.
الاتجاه الأول: تطبيق القانون الأصلح للطرف الضعيف.
ويرى أنصاره أن أفضل الحلول وأنسبها لسد الفراغ التشريعي بسبب استبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق هو البحث عن أصلح القوانين بالنسبة للطرف الضعيف في العلاقة محل النزاع ليحل محل القانون الأجنبي المستبعد(1).
نقده: ولكن انتقد هذا الاتجاه لأن تطبيقه سيدخلنا في مسائل أكثر تعقيدة أبرزها ماهية الطرف الضعيف، وكيفية تحديد هذا الطرف الضعيف في العلاقة محل النزاع، كما أنه يطالب بالبحث في ماهية الطرف الضعيف وهي مسألة يتم البحث عنها في مرحلة تالية لمرحلة تحديد القانون الواجب التطبيق على العلاقة، حيث إنه يجب تحديد القانون الواجب التطبيق أصلا على العلاقة وتطبيق قواعده وأحكامه للوصول إلى المراكز الحقيقية لأطراف العلاقة القانونية(2) .
الاتجاه الثاني: الإبقاء على القانون الأجنبي صاحب الاختصاص الأصيل.
ويقترح هذا الاتجاه أن يدور القاضي في نفس دائرة القانون الأجنبي الواجب التطبيق صاحب الاختصاص الأصيل والمستبعد نتيجة مخالفته للنظام العام في دولة القاضي، وأن يهتم القاضي بالبحث عن نص بديل في ذات القانون الأجنبي يكون متوافقة مع النظام العام في دولة القاضي تعويضا عن النص المتعارض مع النظام العام (3)
ويرى أنصار هذا الاتجاه أن من شأنه الحفاظ على قيمة قاعدة الإسناد ووظيفتها الأساسية وعدم اهدارها بإحلال قانون آخر غير القانون الذي أشارت إليه، كما أنه يقوم بدور الموفق بين الاستجابة لمقتضيات النظام العام التي تستوجب استبعاد القانون الأجنبي المخالف لها وبين الحماية الواجبة لقواعد الاسناد وما أشارت إليه من حل بوجوب تطبيق هذا القانون الأجنبي(4)، كما يستندون إلى أن تطبيق قانون آخر غير القانون الأجنبي الواجب التطبيق كقانون دولة القاضي مثلا يجعل مسألة تحديد القانون الواجب التطبيق على النزاع رهن بالمحكمة التي قد يطرح عليها النزاع مما يجعله خاضعة للصدفة البحتة (5)، كما أنه ينبئ عن حرصه الشديد على تطبيق القانون الذي أشارت إليه قاعدة الإسناد ورغبته في القضاء على اتجاه القاضي إلى تطبيق الحل الأسهل واستبعاد القانون الأجنبي برمته ويعرض عليه أن يبذل مزيدا من الجهد في البحث في القانون الأجنبي عن القواعد الأكثر ملاءمة للتطبيق على النزاع بدلا من القاعدة المستبعدة بناء على إعمال الدفع بالنظام العام. نقده: ولكن على الجانب الآخر تكالب الفقه على نقد ما أشار إليه هذا الاتجاه واقتراحه الحل الوسط، وتمثلت أهم انتقاداتهم في:
أولا: أنه بهذا الحل سيصبح القاضي ذات سلطتين: سلطة تشريعية تقديرية وسلطة قضائية تطبيقية، ونتيجة لذلك يصبح للقاضی الحق في تحديد ما يجب تطبيقه من قواعد وأحكام القانون الأجنبي ومالا يمكن تطبيقه ويتعين استبعاده(6)
ثانيا: أنه كيف يمكن أن يشتمل القانون الأجنبي على نصين متعارضين: أحدهما يكون صالحة للتطبيق ومتوافق مع مقتضيات النظام العام في دولة القاضي، والآخر غير صالح ومتعارض مع النظام العام، وهو أمر صعب الحدوث.
ثالثا: أنه من شأن هذا الحل أن يجبر القاضي على تطبيق نص غير ملائم وغير مختص ولا علاقة له بالمسألة محل النزاع، وذلك كبديل للنص الذي وضع خصيصا لحكم هذه المسألة(7).
رابعا: أن هذا الاتجاه قدم الحل في حالة اشتمال القانون الأجنبي على نص بديل للنص المعارض للنظام العام، ولكن لم يضع حلا لحالة عدم وجود نص بديل وخلو هذا القانون الأجنبي من قاعدة أخرى يمكن تطبيقها على النزاع.
خامسا: أنه سيترتب على الأخذ بهذا الحل حتما إطالة أمد النزاع، لأن القاضي سيبذل جهدة إضافية وسيستغرق وقتا أطول في البحث عن النص البديل، كما أنه يحتاج إلى تملك القاضی ثقافة قانونية واسعة تقوم على التعمق في القانون الأجنبي وأحكامه وقواعده (8).
الاتجاه الثالث: تطبيق قانون القاضی۔
وهو الاتجاه الغالب فقهية وقضائية، ويسلم بضرورة تطبيق قانون دولة القاضي محل القانون الأجنبي المستبعد، ويرى أنصاره أن قانون القاضي هو قانون ذو اختصاص عام وله الأولوية في التطبيق على أي قانون آخر في كل حالة يتعذر فيها تطبيق القانون الأجنبي الواجب التطبيق، ويدعمون نظرتهم بأنه لما كان القانون الأجنبي تم استبعاده لكونه مخالفة للنظام العام في دولة القاضي، وهو ما يمثل عندهم اعتداء على قانون القاضي، فإن رد الاعتبار له يكون بتطبيقه على النزاع المعروض (9) .
ولكن عارض البعض تطبيق قانون القاضي محل القانون الأجنبي المستبعد على أساس أنه يحل بتوقعات الأطراف ويضر بالطرف الضعيف في العلاقات القانونية، وذلك في حالة ما إذا كان قانون القاضي لا يوفر حماية فعالة للطرف الضعيف في مثل هذه العلاقات، وقد يكون قانون القاضي غير ملائم للطبيعة الخاصة للعلاقة الدولية محل النزاع والا لم يقم المشرع بإسناد المسألة محل النزاع إلى قانون أجنبی آخر قانون القاضي (10)
الرأي الخاص:
ومن جانبنا نؤيد الاتجاه الداعي إلى تطبيق قانون القاضي، حيث إنه يجب النظر للمسألة نظرة واقعية، وتنحية أي نظرة سطحية ونظرية، فيجب الاعتراف بوجود فراغ تشريعي يحتم سده بسبب استبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق، ويجب علينا أن نعتبر قانون القاضي في هذه الحالة قانون استثنائية يطبق في ظروف استثنائية، ويسبقه تطبيق قانون أجنبي اكتشف مخالفته للنظام العام في دولة القاضي، أما ما قيل من اتجاهات أخرى؛ فهي عبارة عن أشياه حلول تدور في حلقة مفرغة (11)، وأن الغاية من استبعاد القانون الأجنبي الواجب التطبيق تجعل من الضروري تطبيق قانون القاضي حتى تتحقق الغاية من الاستبعاد وسد ذريعة الوقوع في ذات المشكلة في حالة ما إذا تم تطبيق قانون أجنبي أخر.
_______
1- د. فؤاد ریاض ، د. سامية راشد: الوسيط في القانون الدولي الخاص، الجزء الثانی، 1979م ، دار النهضة العربية، القاهرة ، ص 155.
2- راجع حول النقد الموجه لهذا الرأى: د. فؤاد ریاض، د.سامية راشد، المرجع السابق، ص 156.
3- د. جمال محمود الكردي: النظام العام الدولي العربي ، الطبعة الاولى ، دار النهضة العربية القاهرة 2010 ، ص 136 .
4- د. فؤاد ریاض، د. سامية راشد: المرجع السابق، ص 154، راجع حول الحجج المؤيدة لهذا الرأي د. أحمد عبد الكريم سلامة: فقه المرافعات المدنية الدولية، الطبعة الأولى، 2000م، دار النهضة العربية، القاهرة ، ص 610
5- د. جمال محمود الكردي: المرجع السابق، ص 137.
6-د. حسن الهداوى: القانون الدولي الخاص، تنازع القوانين، 2001م، دار الثقافة، عمان، ص190 .
7- د. محمد المصري: محاولة لرسم معالم النظام العام الدولي العربي بمفهوم القانون الدولي الخاص، بحث منشور بمجلة الحقوق جامعة الكويت، العدد الرابع، السنة السابعة والعشرون، ديسمبر 2003م، ص 169.
8-د. عبد المنعم زمزم: الوسيط في القانون الدولي الخاص، 2009م، دار النهضة العربية القاهرة، فقرة 290
9- د.جمال محمود الكردي: المرجع السابق، ص 142، 143.
10- د. حفيظة الحداد: الموجز في القانون الدولي الخاص، الكتاب الأول، 2007م، منشورات 2 الحلبي الحقوقية، بيروت، لبنان ، ص 3070
11-هذا وقد أيدت العديد من الأنظمة القانونية تطبيق قانون القاضي ومنها المادة 6/2من مجموعة القانون الدولي الخاص النمساوي لعام 1979م والتي نصت على أنه يجب أن يطبق مكانه الحكم المقابل في القانون النمساوي"، وذلك بعد استبعاد القانون الأجنبي بناء على النظام العام في الفقرة الأولى من ذات المادة، وكذلك المادة 5 من القانون التركي لعام 1983م.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يجري اختبارات مسابقة حفظ دعاء أهل الثغور
|
|
|