أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-1-2016
3936
التاريخ: 29-11-2021
1758
التاريخ: 11-9-2021
1577
التاريخ: 11-1-2022
2438
|
الفرق بين الجغرافيا السياسية والجيوبولتيكا
تشكل الجغرافيا السياسية واحدة من الموضوعات الشائكة في الدراسات الجغرافية ذلك أنها تعنى بربط وتحليل تفاعلات بشرية سريعة الإيقاع - الاتجاهات السياسية الداخلية والخارجية والعسكرية- مع العوامل الجغرافية الأرضية شبه الثابتة وتكون الدولة هي وحدة الدراسة في الجغرافيا السياسية وهي في حد ذاتها اصطناع بشري موقوت الثبات نتيجة تغيرات سريعة داخلية أو خارجية.
إذا كانت هذه صعوبة الجغرافيا السياسية؛ فالجيوبولتيك أكثر صعوبة لأنها تقوم برسم تصورات سياسية مستقبلية على ضوء تفاعلات البشر والجغرافيا. وبرغم قدم الفكر الجيوبوليتيكي فإنه أصبح أكثر تبلورا ووضوحا في القرن الماضي.
تجيب الجغرافيا السياسية عن سؤال: أببن نحن الآن ؟ في حين تجيب الجيوبوليتيك عن سؤال المستقبل وكيفية الوصول إليه. والحقيقية أن الجيوبوليتيك أكثر متعة من الجغرافيا الصماء حيث أنها تتعامل مع الدولة ككائن حي له طموحه وأهدافه الغني يسعى إلى تحقيقها موازنا بينها وبين محيطه الإقليمي والعالمي مستعينا بالجيوبوليتيك من أجل ذلك، وهي بالتالي مفتاح السياسات القومية للدول ولا غنى عنها لأي مخطط استراتيجي أو متخذ قرار أو مهتم بالشأن العام.
ولفهم الجيوبولتيك أكثر لابد من معرفة الغرق بينها و بين الجغرافية السياسية و معرفة معايير التفرقة بينهما و هذا ما سنحاول معالجته في الفقرات الموالية.
في الوقت الذي كان فيه راتزل وسبنسر يتحدثان عن الجغرافيا السياسية كان بعض الجغرافيين الألمان يتحدثون عن علم السياسات الأرضية أو ما اصطلح على تسميته بالجيوبوليتيك.
وقد بدا أنه إذا كانت الجغرافيا السياسية تنظر إلى الدولة كوحدة إستاتيكية فإن الجيوبولتيك تعدها كائنا عضويا في حركة متطورة.
في هذه الأثناء كانت ألمانيا تعيش بعد الهزيمة التي منيت بها في الحرب العالمية الأولى، في انتكاسة قومية بسبب ما اقتطع منها من أراض كإجراءات عقابية لها من قبل المنتصرين، وتقسيم مستعمراتها بين إنجلترا وفرنسا، كما فرض عليها حصار عسكري ومالي.
وفيما بين الحربين كرس الجغرافيون والسياسيون الألمان جهودهم للخروج بوطنهم من محنته، وخرجت لأول مرة دورية علمية تحمل عنوان "المجلة الجيوبولتيكية" وضمت هجينا من الفكر الجغرافي والتاريخي والسياسي والقومي والاستعماري.
وقد صيغ هذا الفكر في قوالب علمية رفعت شعار: "لا بد أن يفكر رجل الشارع جغرافيا وأن يفكر الساسة جيوبولتيكيا" وقد جاء هذا الشعار ليبرر الكم الهائل من المعلومات الجغرافية "المغلوطة" التي قدمت للشعب الألماني عن دول شرق أوربا والاتحاد السوفيتي.
كما تم توظيف نتائج بحت الجغرافيا التاريخية والآثار لتقديم معلومات عن أحقية ألمانيا في أراض وبلدان تبعد عنها مئات الأميال شرق أوربا. وبالرغم مما قد نظنه من مهام علمية بريئة للجمعيات الجغرافية فإن دورها في خدمة التوسع الألماني كان جليا واضحا.
وتحت رعاية الجمعية الجغرافية الألمانية أنشئت في ميونخ عام 1924 المدرسة الجيوبولتيكية التي رأسها الجغرافي السياسي كارل هوسهوفر. وبجهود هذه المدرسة وبالأعداد المتواترة للدورية الجيوبولتيكية جهز الجغرافيون والسياسيون الفكر الألماني بعضوية الدولة وضرورة زحزحة حدودها لتشمل أراضي تتناسب مع متطلباتها الجغرافية وتحقق ضم الأراضي التي يقطنها الجنس الآري. وقد جاء ذلك في ظل تنامي أفكار القومية الشيفونية الممزوجة بأغراض التوسع العسكري للحزب النازي.
وقد تلقف هتلر أفكار هوسهوفر وزملائه، كما استعان بأفكار الجغرافي الإنجليزي الشهير ماكندر (الذي كانت مقالاته تترجم إلى الدورية الجيوبولتيكية)، خاصة تلك الأفكار التي صاغ من خلالها نظريته عن "قلب الأرض"، والتي تقول فحواها: إن من يسيطر على شرق أوربا يسيطر على العالم. وتنبأ فيها بانتقال السيطرة على العالم من القوى البحرية (إنجلترا وفرنسا) إلى القوى البرية (ألمانيا والاتحاد السوفيتي).
وجاءت أفكار هتلر بدءا من كتاب "حياتي"، ومرورا بخطبه الحماسية، لتكرس مفهوم المجال الحيوي لألمانيا، أي مساحتها الجغرافية اللائقة بها وبالجنس الآري، ولتمثل أبرز مقومات القومية الاشتراكية (النازية) التي تبناها.
وهكذا زاد التداخل في المفاهيم وصار الفصل صعبا بين الجغرافيا السياسية والجيوبوليتك والإمبريالية.
وصعدت الجيوبولتيك إلى مصاف العلوم الكبرى خلال الحرب العالمية الثانية، حتى كتبت هزيمة ألمانيا نهاية لهذه المكانة. وصار مفهوم الجيوبولتيك بعد الحرب العالمية الثانية قرين التوظيف السيئ للجغرافيا السياسية، وهو ما أضر بتطوير الجيوبولتيك والجغرافيا السياسية معا.
ووصل الأمر في بعض الدول إلى منع تدريس الجغرافيا السياسية والجيوبوليتك في جامعاتها؛ باعتبارهما علمين مشبوهين يسعيان إلى زرع العداء ويكرسان الأطماع القومية.
وهناك معايير التفرقة بين الجغرافية السياسية و الجيوبولتيك:
1- تدرس الجغرافيا السياسية الإمكانات الجغرافية المتاحة للدولة، بينما الجيوبوليتيك تعنى بالبحث عن الاحتياجات التي تتطلبها هذه الدولة لتنمو حتى ولو كان وراء الحدود.
2- تشغل الجغرافيا السياسية نفسها بالواقع بينما تكرس الجيوبوليتيك أهدافها للمستقبل. من زحزحة الحدود إلى تزييف الخرائط.
3- تنظر الجغرافيا السياسية إلى الدولة كوحدة إستاتيكية, بينما تعدها الجيوبولتيك كائنا عضويا في حركة متطورة.
4- الجيوبولتيك تجعل الجغرافيا في خدمة الدولة، بينما ترى الجغرافيا السياسية أنها صورة للدولة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|